الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول نظرية الدولة في الفكر الماركسي (الجزء الثالث) / ترجمة مرتضى العبيدي

مرتضى العبيدي

2023 / 8 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ملاحظات حول نظرية الدولة في الفكر الماركسي (الجزء الثالث)

3 ـ ثورة أم إصلاح؟
إن الأشكال التي تتخذها الدولة الرأسمالية متنوعة، لكنها لا تتوقف بأي حال عن كونها أداة للقمع في خدمة البرجوازية. هذه الأشكال هي نتيجة وتعبير عن ظروف مختلفة، مثل موازين القوى الاجتماعية القائمة في هذا الظرف أو ذاك وخاصة، المفهوم الحاصل لدى البرجوازية عن كيفية تنظيم وممارسة سلطتها.
في سياق الصراع الطبقي، أي في المواجهة بين المستغَلين والمستغِلين، فإن مسألة الدولة -باختصار -هي المحدد للسياسات التي تمارسها الطبقات، وتتعلق بكيفية استعمال هذه الأداة بأكثر الأشكال نجاعة، من أجل الاستمرار في ممارسة الهيمنة الطبقية، بالنسبة للبرجوازية، وما يجب القيام به للظفر بالسلطة من أجل تحقيق الهدف الاستراتيجي للتحرر الاجتماعي، بالنسبة الطبقة العاملة والشعب.
حتى لو تحدثنا، في هذه الحالة، بشكل عام، عن رؤية للبرجوازية كطبقة، فإن هذا لا يعني أن داخلها يوجد مفهوم أو رؤية واحدة لهيكلة الدولة ومؤسساتها. وهو ما يفسر أن الفصائل البرجوازية تنتمي الى كيانات سياسية مختلفة، مع وجهات نظر مختلفة حول ممارسة السلطة. لكن ذلك لا يعني أنّ لديهم مواقف متناقضة حدّ التناحر، لأنه بخلاف سياساتهم المتعلقة بكيفية إدارة الدولة، فجميعهم يتقاسمون الهوية المشتركة والمصالح الطبقية.
فالليبراليون، والنيوليبراليون، والمحافظون، والفاشيون، والديمقراطيون الاجتماعيون، جميعهم - دون استثناء - مدافعون متحمسون عن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وعن النظام الرأسمالي الذي يستغل ويضطهد العمال والشعوب، وهم أيضًا أعداء حدّ الموت للثورة و الاشتراكية. لتأكيد ذلك، يكفي أن نرى سلوك الأحزاب التي تتبناها البرجوازية في اللحظات السياسية الحرجة، أي عندما يكون هناك ذروة في نضال الجماهير ويكون الاستقرار و "الحكم" البرجوازي مهددًا.
هناك قطاع من البرجوازية يعرض للمجتمع خطابا "تقدميا" بل بمسحة "يسارية". يتحدث عن الحاجة إلى إصلاحات اجتماعية من أجل "تحسين الظروف المعيشية للشعب"، ويقترح إعطاء السكان دورًا رائدًا في صنع القرار في الحكومات المحلية، ويقول إنه من الضروري الانتقال من الديمقراطية التمثيلية إلى " الديمقراطية التشاركية "، من أجل رأسمالية "إدماجية" (capitalisme inclusif)، ومن أجل وضع حد لعدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية، فإن "إعادة توزيع الثروة " ضرورية. إنهم لا يتحدثون أبدًا عن دحر الرأسمالية، بل يتحدثون عن "تحسينها". إنهم يدينون "الرأسمالية الوحشية" لكنهم لا يدينون النظام الرأسمالي في حد ذاته.
نشير هنا إلى البرجوازية الاشتراكية الديموقراطية. في حالة بلدنا، عندما ظهر اليسار الديمقراطي في السبعينيات من القرن الماضي، كان جزءًا من هذا التيار. لكنه عندما شارك في الحكومة (مع رودريجو بورجا) تخلى عن كل هذه الشعارات، واتخذ برنامجًا ليبراليًا وحتى في العديد من الجوانب نيوليبراليا. كانت التجربة الأخرى للتيار الاشتراكي-الديموقراطي البرجوازي في الحكومة هي "ثورة المواطنة". كانت نتيجة عقد أو أكثر من الحكم مجرّد تحديث للدولة الرأسمالية. بعبارة أخرى، أعاد تشكيل مؤسسات الدولة الرأسمالية من أجل ممارسة البرجوازية للسلطة بشكل أكثر نجاعة.
في الحركة الثورية العالمية، منذ نهاية القرن التاسع عشر، أثير السؤال عما إذا كان الطريق لتحقيق تحرر البروليتاريا هو الإصلاح أو النضال الثوري للاستيلاء على السلطة وبناء الاشتراكية - الشيوعية. إذا أرادت البروليتاريا الدفاع عن مصالحها وتحقيق تحررها، فعليها الكفاح من أجل الظفر بالسلطة واستخدامها لخلق مجتمع لا طبقي، وهذا هو المبدأ الأساسي للماركسية اللينينية. يقول ماركس وإنجلز في بيان الحزب الشيوعي إن "البروليتاريا ... لا يمكنها أن تنهض دون تفجير كامل البنية الفوقية التي شكلتها طبقات المجتمع الرسمي".
في وقت ما كانت الاشتراكية الديمقراطية هي حاملة لواء الأفكار الثورية في أوروبا، كان العمال الاشتراكيون والشيوعيون منظمون في أحزاب تحمل هذا الاسم، ولكن بعد فترة استمر هذا التيار في الدفاع عن مصالح البرجوازية، مما أدى إلى ظهور الأحزاب الشيوعية بعد سنوات.
كشف إدوارد برنشتاين، عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني (SPD)، عند وفاة فريدريك إنجلز (1895)، عن وجهات نظره المضادة للثورة التي تجعله مؤسس التحريفية. من بين الجوانب التي تتعارض مع الماركسية، اقترح التخلي عن النضال من أجل الثورة الاجتماعية وتحويل الإصلاحات الاجتماعية من وسائل للصراع الطبقي إلى ضرورة إنهاء الصراع الطبقي. ولخص وجهة نظره في العبارة المشهورة: "الهدف النهائي، مهما كان، لا شيء. الحركة هي كل شيء.»
ويتم نفض الغبار على مثل هذه المفاهيم من وقت لآخر، لإشباع رغبة البورجوازية في نزع سلاح الطبقة العاملة أيديولوجيًا في نضالها ضد هيمنتها. حاليًا، على سبيل المثال، يروج الماركسي الزائف جون هولواي (John Holloway) لفرضية "تغيير العالم دون الاستيلاء على السلطة"، فيما يقول إنه "معنى الثورة اليوم". فالانتهازية تجد لها من يصفق لمثل لهذا الهراء.
لا تستتبع "الدمقرطة" أو "إصلاح الدولة" بأي حال من الأحوال تغيير طبيعة المجتمع. هنا يظهر الفرق بين السياسة الثورية للحزب الشيوعي ومقترحات الاشتراكية الديموقراطية وغيرها من التيارات التحريفية والانتهازية البرجوازية والبرجوازية الصغيرة. نحن الثوريون لا نعارض النضال من أجل الإصلاحات، لكننا نفهمها ونستخدمها كعناصر يمكن أن تعمل على تحفيز نضال الجماهير من أجل مطالبها وحقوقها، لقيادتها إلى النضال الثوري من أجل الاستيلاء على السلطة.
"إن المسألة الأساسية لأي ثورة هي بلا شك مشكلة سلطة الدولة. فالشيء الحاسم هو معرفة الطبقة التي تمتلك السلطة"، يؤكد لينين في نص كتب قبل أسابيع قليلة من انتصار الثورة البلشفية: "على الطبقة العاملة أن تستولي على السلطة لتحقيق تحررها وتحرير بقية الطبقات الكادحة". ونعود إلى بيان الحزب الشيوعي لاستخراج هذه الجملة التي تستجيب لهذه الحاجة: "ستستخدم البروليتاريا هيمنتها السياسية لانتزاع كل رأس المال تدريجياً من البرجوازية، ولمركزة جميع وسائل الإنتاج في أيدي الدولة، أي في يد البروليتاريا المنظمة كطبقة حاكمة، ولزيادة مجموع القوى المنتجة في أسرع وقت ممكن ".
من "الدولة والثورة"، الذي كتبه لينين، نأخذ الكلمات التالية لإكمال الإجابة: "تحتاج البروليتاريا إلى سلطة دولة، منظمة وممركزة، منظمة للعنف، لسحق مقاومة المستغِلين ولتوجيه القوة الهائلة لجماهير الفلاحين والبرجوازيين الصغار وأشباه البروليتاريين نحو الشروع في بناء الاقتصاد الاشتراكي ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم


.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.




.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا