الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللبؤات الجميلات... فخرُ المَملكة

ادريس الواغيش

2023 / 8 / 5
الادب والفن


بقلم: ادريس الواغيش

لا ثقة في البدايات، غالبا ما تكون مُخادعة، وإلا ما كان للمغرب أن يتأهل وتغادر ألمانيا غير مأسوف عليها، قبل أن تترك وراءها دوائر من المؤامرة ورائحة الغدر والخيانة. الانتصار في محطة عالمية، مثل التي نعيش أحداثها هذا الصيف في أستراليا ونيوزيلاندا، أنسى المغاربة كثير من الأشياء: غلاء الكراء في شواطئ الشمال، أثمنة الخضر وغلائها في الأسواق كما المعيشة، وغيرها من الأشياء. تعودنا أن نسمع في المغرب «أول مرة في التاريخ»، حدث هذا مع الركيك والركراكي وآخرون في عدة مجالات، مثلما تعوّدنا أن نسمع «صنع في المغرب»، وبذلك تصح مقولة «مغرب اليوم، ليس هو مغرب الأمس»، لا مستحيل فيه بعد اليوم لو توفرت النية الصادقة في جميع القطاعات، وإلا ما كان لمنتخبنا المرتب 72 عالميا أن يمر إلى دور الـ 16 في أول مشاركة له في كأس العالم، وتغادر ألمانيا وهي تجر وراءها تاريخها الطويل.
أحيانا، يبدو لي أن الشمس بدأت تشرق من المغرب، وليس من المشرق كما درسنا سابقا في الجغرافيا. هشام الركيك سبق أن فعلها في كرة الصالات، ثم تبعه وليد الركراكي في كرة القدم بمونديال قطر، وآخرون في قطاعات مختلفة. لا أنكر أنني كنت أمنّي النفس كباقي المغاربة بمشاركة مشرفة، ولم أكن أنتظر تحقيق المستحيل من اللبؤات، كأن يتجاوزن مثلا دور المجموعات في نسخة أستراليا ونيوزيلاندا 2023، بالنظر إلى قلة التجربة وأشياء أخرى، وإذا به يحصل ما لم يكن في الحسبان، المغرب يمر في أول مشاركة إلى الدور الثاني، وهو ما لم يكن ينتظره أحد. ويكبر الحلم بعد ذلك، وقد أصابنا من الإحباط ما أصابنا مع أول هزيمة ثقيلة أمام منتخب ألمانيا للسيدات، ولكن ما ثبت بعد ذلك، هو أن الهزيمة كانت محفزة ولم تكن أبدا محبطة، وهنا يكمن سر المغرب والمغاربة وقوتهم إناثا في مونديال نيوزيلاندا وأستراليا وذكورا في مونديال قطر.
الحلم يبدأ عادة بفرح أو رؤية وحكاية صغيرة، كما قد يبدأ بهزيمة ثقيلة أو يأس وإحباط، كما حصل في البداية مع الماكينة الألمانية. عشنا فيها لحظات عصيبة سيظل التاريخ محتفظا بها، كادت الدموع في بعض اللحظات أن تنفلت من عقالها. لحظات تاريخية بالقوة والفعل، تلك التي عشناها، ولا يمكن أن تمر دون تدوينها بماء من ذهب.
تعود أول مشاركة مغربية في كأس العالم إلى 1970 بالمكسيك، حصد خلالها المغرب على هزيمتين وتعادل، كانت واحدة من هذه الهزائم، لغرابة الصُّدف، أمام نفس الماكينة الألمانية بهدفين مقابل هدف واحد. اليوم، التاريخ يعيد نفسه بشكل مختلف مع أول مشاركة نسوية في كأس العالم 2023 بخسارة ثقيلة أمام ذات الماكينة الألمانية. هزيمة أربكت حسابات الأكثر تفاؤلا بالذهاب بعيدا في هذه الدورة. ربما كان هنا للعامل النفسي، من دون شك، دور حاسم في النتيجة لعدة اعتبارات: دهشة المشاركة الأولى في كأس العالم، قلة التجربة، قوة المنتخب الألماني، وهو المرشح الأول على الورق للفوز بهذه الدورة...إلخ.
بعد الخسارة، بدأنا نقرأ ونسمع ونشاهد تنمرا واستهزاء من لاعبات المنتخب المغربي في وسائط التواصل الاجتماعي بشكل مبالغ فيه، وصلت إلى السخرية الجارحة: «كوزينتكم...». وبدأت مقارنة غير عادلة بين القوة الجسمانية والتقنية بين لاعبات المنتخبين، ذهبت البعض إلى أننا لعبنا أمام منتخب ألماني ذكوري وليس نسائي، بالنظر للبنية الجسمانية القوية للاعبات الألمانيات. انقسم المجتمع المغربي لأول مرة بين مدافع عن حظوظ بلاده في القدرة على تحقيق تأهل تاريخي في كأس العالم للسيدات 2023، واكتفى آخرون بأن انتصارا واحدا كاف في أول مشاركة رمزية، مهما كانت النتيجة.
في المقابلة الثانية صححت اللبؤات مسارهن بعد الانتصار الأول، انتصار سيقلب الموازين ويبدل نفسية المنهزمات، ويمنحهن ثقة وشحنة إيجابية أكبر، جعل المغاربة في كل أرجاء الكون يصطفون صوتا واحدا وراء نساء المملكة ولبؤاتها. ومع ذلك، بقي تأهل المنتخب المغربي إلى دور الـ 16 رهين بعدد الأهداف، وإما بتعادل ألمانيا أو انهزامها أمام كوريا الجنوبية، رغم انتصارنا على كولومبيا. وفي الأخير سيصبح الحلم حقيقة ويقينا، وقد آمنت اللبؤات الجميلات مع مدربهن بيدرو بكامل حظوظهن، وتفوقت عزيمتهن على كولومبيا المنتصرة على الألمانيات اللواتي غادرن المونديال النسائي وهن صغيرات، وتصبح لبؤات الأطلس حديث القنوات العالمية من أقصى الشرق إلى أقضى الغرب، وترفرف الراية المغربية في شوارع العالم.
وعلى خطى الأسود، تتجاوز سيدات الأطلس ولبؤاته دور المجموعات بتغلبهن على إناث كوريا الجنوبية وكولومبيا على التوالي، ويحققن المرور إلى دور 16 لمواجهة أخرى لا تقل سخونة وحدة وشراسة، مواجهة ستكون بطعم مختلف، وحسابات لا تقل تعقيدا. سيجدن أمامهن منتخب فرنسا التي هاجمت غطاء رأس اللاعبة بن زينة، واعتبرته صحافتها «عار» على الكرة العالمية (كذا)، وصرح أحد الصحافيين، دون حياء وبكل قذارة ووساحة، في إحدى القنوات الإعلامية الفرنسية وبوجه مكشوف، عكس ما رأته الفيفا، أن رؤية اللاعبة المحجبة فوق الملعب لا تعطي «صورة جيدة» عن المغرب، وطالب الحكومة المغربية بتفسيرات في الموضوع.
في الأخير لابد من الإشادة بما حققته اللبؤات المغربيات، هن جميلات المملكة المغربية بزئيرهن في الملعب وبأناقة لعبهن، وهن ظاهرة نسخة كأس العالم للسيدات في أستراليا ونيوزيلاندا 2023. دموع فرحكن كانت غالية أيتها الجميلات، شرفتن المغرب والعرب والعالم الإسلامي، إنما ينتظركن منازلة دجاجات فرنسا، ولنا دين ديكتها، هي التي أقصت أسود الأطلس في نصف نهاية مونديال قطر، نريد أن نرد دينا قديما، وفي نفس الوقت لا نريد أن تستمر عقدة فرنسا مع المغرب كرويا على الأقل. أخيرا، لا عزاء للشامتين والحاقدين والكارهين والمشككين، كانوا من جنسنا أو من غيرنا وجيراننا، ألف شكر للأم المغربية والأب المغربي. ألف مبروك لكن يا لبؤات، و«اللي جا، بعد الآن، فضل من الله». ما دون ذلك، حققتن إنجازا تاريخيا رائعا، وهذا هو الأهم. «ديما مَغريب»








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى