الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إطار تفاهمات جديدة بين الولايات المتّحدة والنظام الايراني حول قضيّة - الملف النووي -- علاقات وسياقات وأهداف !!

نزار فجر بعريني

2023 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


دراسة في ثلاثة أجزاء.
الجزء الاوّل :
مقدّمة ، لابدّ منها !
في ظل حرص جميع الأطراف المرتبطة بقضية الصراع حول " الملف النووي الإيراني " على تغييب حقيقة الأهداف الخاصّة المنافسة ، والعامّة المشتركة ،تقتضي ضرورات البحث الموضوعي توضيح اهم قواعد "اللعبة "،المرتبطة بمصالح وسياسات اللاعبين الأساسيين ، الولايات المتحدّة والنظام الإيراني وحكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي!(١).
بدايةً، من وجهة نظر موازين قوى الصراع، يبدو جليّا أنّ امتلاك النظام الإيراني أو أنظمة إقليمية أخرى "قنبلة نووية" أو حتى "صواريخ بالستية" تحمل رؤوس نووية لا يشكّل خطرا استراتيجيا على قوى وأدوات السيطرة الإقليمية للولايات المتحدة في منطقة ضفتي الخليج ومحيطها الجيوسياسي ،وذلك لأسباب عديدة، أهمها ما يرتبط بموازين القوى العسكرية/النووية، وموزين السيطرة العاملية،وما تمتلكه الولايات المتّحدة من أوراق ردع "نووي" أو "تقليدي" على الصعيدين الإقليمي والدولي؛ وهي أكثر من كافية لمنع أي نظام إقليمي ( أو عالمي -وكانت نتيجة الغزو السوفياتي لإفغانستان في مطلع ثمانينات القرن الماضي، لمحاولته الاقتراب من مياه الخليج، أكثر من دليل قاطع )، مجرّد التفكير بمنافسة الولايات المتّحدة نوويّاً/تقليديّاً على السيطرة على منطقة مثلث النفط والطاقة الاستراتيجي العالمي ، الموقع الأكثر أهمية في المصالح الاستراتيجية العليا للولايات المتّحدة.
هي الحقيقة الأبرز في طبيعة الصراع، والقاعدة الأساسية التي تساعد القارئ على الوصول إلى رؤية موضوعية، بعيدة عن وسائل الدعاية، التي تعمل بالدرجة الأولى على تغييب الأهداف الحقيقة المرتبطة بموقع الملف النووي الإيراني في سياسات وخطط السيطرة الإقليمية الأمريكية!!
أوّلا ،
في أبرز قوانين " لعبة " الملف النووي الإيراني!!

بناءً عليه، يمكن استنتاج أبرز القوانين الحاكمة لسياسات دول " الترويكا"، المنخرطة في الصراع حول قضية "الملف النووي الإيراني"، بما يساعدنا على فهم طبيعة المصالح ، وحقيقة الأهداف والسياسات ! أعتقد انّ توضيح قواعد اللعبة ، ومصالح وسياسات اللاعبين الأساسيين يساعد في فهم الدوافع والتصرفات ويمكن أن يلقي الضوء على المشكلات المعقدة التي تؤثر على المنطقة والعلاقات الدولية :
١ إنّ ماراثون المفاوضات الإيرانية الأمريكية حول الملّف النووي لا يهدف من قبل كلا الفريقين إلى الوصول إلى "تسوية سياسية" رسمية ونهائية، تفتح الباب لقيام علاقات طبيعية بين البلدين - تمامًا كما كانت عليه حال "مفاوضات السلام" بين الحكومة السورية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال تسعينات القرن الماضي، بإدارة ورعاية أمريكية- وهو العامل الأساسي الذي يفسّر الطبيعة الماراثونية/اللانهائية للمفاوضات، وخطوة "انقلاب" إدارة ترامب على تسوية ٢٠١٥؛ بعد تحقيقها للأهداف التكتيكية/المرحلية الأمريكية، كما يفسّر عدم الوصول إلى تسوية سياسية نهائية بين سوريا وإسرائيل في أوسط تسعينات القرن الماضي، رغم اعتراف الجميع باستعداد وتعهد حكومة رابين بالانسحاب الكامل حتى حدود ١٩٦٧!!
٢ - إنّ مسعى واشنطن المُعلن لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي لا يرتبط وفقًا لمصالح وسياسات السيطرة الإقليمية للولايات المتّحدة بأهداف حماية أمن شركائها الإقليميين الرئيسيين، أنظمة السعودية و"إسرائيل"، بقدر ارتباطه بأدوات التحكّم بعلاقات الشركاء وضبطها، بما يعزّز شروط السيطرة الإقليمية الأمريكية.
٣ إنّ "قضيّة الملف النووي" وما ارتبط بها من مفاوضات ومساومات وصفقات، لم تكن في سياسات السيطرة الإقليمية للولايات المتّحدة سوى إحدى أدوات "إدارة" علاقاتها الجدلية/التشاركية مع شركائها، على الصعيدين الإقليمي - أنظمة السعودية وإيران وإسرائيل - وعلى المستوى العالمي، شركائها في الاتحاد الأوروبي واليابان والصين، على غرار قضية "محاربة الإرهاب" ومسألة "مواجهة تحدّيات الصعود القطبي، الصيني - الروسي!!!
٤ -لا تقتصر سياسات "إسرائيل" المقاومة "لجهود النظام الإيراني لامتلاك سلاح نووي" على الخشية المُعلنة مما يشكّله من تهديد عسكري وشيك ومباشر على أمنها القومي. علاوة على ذلك، تسعى "الإدارة الإسرائيلية"، وبما تمتلكه من أوراق ضغط في واشنطن، لتجيير القضايا اللوجستية والسياسية المرتبطة بعلاقات الولايات المتّحدة والنظام الإيراني من أجل الحصول على المزيد من الدعم الأمريكي، الاقتصادي والعسكري والتقني، لتأكيد استمرار تفوّقها الشامل على منافسيها في لعبة السيطرة الإقليمية؛ كما لاستغلال ما يشكّله الطموح النووي الإيراني من خطر على الأنظمة الإقليمية من أجل تطبيع علاقاتها مع الأنظمة العربية؛ الذي يُعطيها شرعية الوجود والديمومة، ويشكّل احد أعمدة مظلّة حماية أمنها القومي !!
٥ -لا ترتبط أهداف وجهود النظام الإيراني لامتلاك سلاح نووي بخطط وسياسات مهاجمة "إسرائيل" أو فرض شروط تحقيق قيام حل سياسي "عادل"، يتضمّن انسحابها من الأراضي المحتلّة بعد ١٩٦٧، بقدر ارتباطها بسعيها لتحقيق أهداف مشروع سيطرتها الإقليمية، في مواجهة منافسيها الإقليميين، خاصة أنظمة إسرائيل والسعودية؛ ومن موقع الشراكة الاستراتيجية الكاملة مع أدوات السيطرة الإقليمية للولايات المتحدة!
ثانيًا،
في خلفية المشهد الحالي !
إعلاميًا، على صعيد العلاقات السياسية بين طهران وواشنطن خلال ٢٠٢٢، تمحوّرت الاتصالات المباشرة أو عبر وسطاء حول ما بدا من مسعى لصنّاع القرار في واشنطن وطهران للوصول إلى صفقة "تسوية سياسية"، من أجل استعادة" الاتفاق النووي" الإيراني التاريخي الذي يقول عنه الاتحاد الأوروبي إنّه أفضل عرض ممكن لكلا الطرفين، بخلاف الموقف الإسرائيلي الذي لم يعتبره أفضل الخيارات لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
لمزيد من التفاصيل ، دعونا نتطلّع على آراء بعض المختصين :
كتبت" إليزابيث هاجدورن " يوم ٢٩ تموّز ، على موقع " Monitor ": "بعد أكثر من عام من الدبلوماسية الدقيقة، التي عمل فيها الاتحاد الأوروبي ( ومن ثمّ قطر ) كوسيط في المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، بهدف إحياء اتفاقية ٢٠١٥ الممزقة ، والمعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) ، تمّ التوصّل إلى مسودة نص قدمها مؤخرًا منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ،" جوزيب بوريل"، الذي وصف في صحيفة" فايننشال تايمز"، الاقتراح ، الذي يتضمن التنازلات التي تم الحصول عليها بشق الأنفس في الجولات السابقة من المحادثات ، بأنه " أفضل صفقة أرى أنها ممكنة ، بصفتي ميسرًا للمفاوضات". وقال:" إنّ نافذة التنازلات الجديدة المهمة قد أُغلقت"!
في نفس الإطار، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية " نيد برايس " للصحفيين " بأن واشنطن تراجع مسودة التفاهم وستتبادل ردود أفعالها مباشرة مع "الاتحاد الأوروبي" ،مضيفا : "سوف نتواصل بشكل خاص مع حلفائنا الأوروبيين ، لكن مرة أخرى ، كنا على استعداد لقبول الاتفاق المطروح على الطاولة منذ بعض الوقت ، ولم تفعل إيران ذلك". من الجدير بالذكر انّه كانت قد توقفت المفاوضات التي جرت في فيينا في منتصف آذار بوساطة أوروبية لاستعادة الاتفاق الأصلي ، الذي فرض قيودًا صارمة على برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات الأمريكية والدولية وانتهت المحادثات التي استمرت يومين في الدوحة في أواخر حزيران دون إحراز تقدم أو تحديد موعد لجولة أخرى من المناقشات. وقال مسؤولون أميركيون إن إيران تسببت في الانهيار من خلال المجيء إلى طاولة المفاوضات بمجموعة جديدة من المطالب. أخبارا لأتحاد الأوروبي أكثر تشاؤما ! فقد أكّدت إنّ "مساحة التفاوض قد استنفدت الآن"، و لا يوجد موعد نهائي للجانبين للرد على اقتراح "بوريل" ، كما تبدو الأمور أكثر صعوبة في طهران للحصول على اتفاق داخلي . من المعلوم أنّه من بين العثرات الرئيسية التي واجهتها الصفقة إصرار إيران على شطب الحرس الثوري الإسلامي من القائمة السوداء للإرهاب في الولايات المتحدة، مقابل رفض إدارة بايدن لهذا الطلب ، كما رفضت عرض بديل ب"تخفيف العقوبات" المتعلقة بالحرس الثوري الإيراني! علاوة على ذلك ، يريد الإيرانيون أيضًا تأكيدات بأن الإدارة الأمريكية المقبلة لن تنسحب من الاتفاق ، كما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب في عام ٢٠١٨؛ بينما تؤكّد " إدارة بايدن" بأنّ الضمان القانوني لبقاء الصفقة بعد عام ٢٠٢٤ ، عند نهاية ولاية "بايدن"،غير ممكن!!
من جهته ، يرى " علي واعظي" ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية ، " أنّ اقتراح الاتحاد الأوروبي لا يرقى إلى مستوى توقعات إيران ومن غير المرجح أن يسد الفجوات المتبقية بين الجانبين".
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
(١)-من المؤسف ملاحظة هامشية الدور السعودي ، بل وما واجهته السياسات السعودية من فشل ذريع في فهم طبيعة علاقات السيطرة التشاركية الإيرانية الأمريكية، وبالتالي ما أصاب دورها من تحجيم في العراق ولبنان وسوريا ...والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. يوضّح هذا الواقع السعودي الضعيف في موازين قوى الصراع الإقليمي سقف تصريحات بعض المسؤولين السعوديين التي تقول بحق وقدرة السعودية على القيام بنفس الفعل ، اذا تطوّرت إيران إمكانيات صناعة قنبلة نووية( "عادل الجبير" ، وزير الخارجية السابق !).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو