الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسن حامي: الجزائر مهووسة بالاحتفاظ بأراض انتزعتها ظلما من جيرانها بمساعدة فرنسا (الجزء الأول)

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2023 / 8 / 6
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


كتب حديثا الدبلوماسي المغربي والشاعر والروائي حسن حامي مقالا بالإنجليزية في جزئين عن الخصومة الثابتة بين المغرب والجزائر ونشرهما في موقع "MOROCCO WORLD NEWS".
في الجزء الأول، يطرح الكاتب سلسلة من الأسئلة ويجيب عليها لأجل فهم التحولات في المشهد الجيوسياسي لشمال إفريقيا. السؤال الأول: لماذا لم يذكر مؤرخو شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أن موريتانيا كانت، مثل المغرب، حصنا ضد هيمنة الإمبراطورية العثمانية في جميع أنحاء المنطقة؟
بعيدا عن إحياء النزعة الوحدوية أو الاستسلام للمزايدة، الجواب هو أن موريتانيا كانت جزء من الإمبراطورية المغربية. لدرجة أنه عندما ينبري عدد قليل من الصحفيين أو المثقفين، أو يتم تسخينهم قليلاً، ليلعبوا بأصول المرابطين، يتلاشون في مهب الريح.
أهم شيء يجب أخذه في الاعتبار، يتابع حامي، هو أن سلالة المرابطين حكمت المغرب وموريتانيا الحالية، وسيطرت كذلك على جزء كبير من الجزائر، وأجزاء من مالي وشبه الجزيرة الأيبيرية من 1040م إلى 1147م.
ومن هنا السؤال الثاني: لماذا تسعى الجزائر بكل الوسائل لاختراع رموز تاريخية وثقافية وهويتية؟ هنا أيضا، دون الانغماس في الأنانية والمفارقة، الجواب هو أن الجزائر لم تكن موجودة قبل عام 1962، تاريخ استقلالها التفاوضي عن فرنسا بعد سنوات من حرب التحرير الدموية. تبع ذلك استفتاء مصمم خصيصا لإبقاء البلاد تحت رحمة القوة الاستعمارية السابقة.
يلي ذلك السؤال الثالث: لماذا عشية وبعد استقلال المغرب (الذي بدأت مفاوضاته أيضا مع فرنسا في إيكس لي بان ولاسيل سان كلو عام 1955، ومع إسبانيا في أبريل 1956)، فعلت باريس ومدريد كل شيء لضمان ألا تجد البلاد نفسها داخل حدودها التاريخية؟
مرة أخرى، دون الوقوع في الانزلاق إلى الوحدوية وحتى في جلد الذات، الجواب هو أن المستعمرين، بالتعاون مع القوى الأخرى، كانوا يخشون أن مثل هذه النتيجة ستكون بمثابة قوة دافعة وإحياء للمطالبات الإقليمية التي لا نهاية لها في جميع البلدان المستعمرة السابقة.
كان من شأن مثل هذه العملية أن تثير التساؤل حول المعاهدات التي قدمت حججا قانونية افتراضية للقوى الاستعمارية، لا سيما في أعقاب مؤتمر برلين (1884-1855) بشأن تقسيم إفريقيا ومؤتمر الجزيرة الخضراء (1906) بشأن تقسيم المغرب.
وتجنبا لخطر إثارة السخط في فهم مؤيدي الصفحة النظيفة الجيوسياسية، ذكر الكاتب بأن المغرب قد استعاد تدريجياً أجزاء من أراضيه منذ عام 1958. لم يكن أمامه أي خيار، حيث تم فرض ذلك جزئياً من قبل القوى الاستعمارية واقتضته بشكل حتمي داخل المغرب طموحات سياسية وطنية بسبب تكاثر المحاورين المغاربة عشية استقلال البلاد.
ومع ذلك، فإن قضية الصحراء ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد . لقد كانت جزءً من نفس النمط من العرقلة من أجل القضاء في المهد على المطالبات المغربية الإقليمية التي تم التعبير عنها بالفعل في ما يتعلق بموريتانيا والصحراء الشرقية.
في السنوات الأخيرة، خرجت أصوات مستقلة في فرنسا وإسبانيا من تحفظاتها للكشف عن التسويات والمؤامرات التي شابت كفاح المغرب لاستكمال وحدته الترابية، يقول حسن حامي.
ومع ذلك، يواصل المغرب كفاحه من أجل حقوقه رغم المحن، العداوات والعقبات الناجمة عن التبعيات الجيوسياسية في المنطقة، وتتصدر الجزائر القائمة.
من ذلك، ينتقل الكاتب إلى السؤال الرابع: كيف نفسر إمعان صانعي القرار الجزائريين من أعلى مستوى في الدولة منذ عام 2019 في تشويه سمعة المغرب وإظهار افتقارهم إلى الأخلاق وضبط النفس في ما يُطلق عليه "الجائز سياسياً ودبلوماسياً"؟
على مدى العقود الأربعة الماضية، استندت الحملة الإعلامية الجزائرية ضد المغرب إلى التضليل والافتراء والأكاذيب. لكن قبل كل شيء، ترقى حملة النظام الجزائري التي لا هوادة فيها ضد المغرب إلى حد القيام بأعمال سياسية مؤداها الاستفزاز الخالص لجر المغرب إلى الانخراط في حرب ضد الجزائر. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك محاولة لإعادة تشكيل المحاور الاستراتيجية في 2020-2021، كما حدث خلال الثمانينيات مع تونس وموريتانيا (بإشراك ليبيا هذه المرة).
على هذا النحو، كان قطع الجزائر من جانب واحد للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب في غشت 2021 مجرد بداية لسيناريو يهدف إلى إغراق منطقة المغرب الكبير في حالة من الفوضى. وأصبحت الاستفزازات والترهيبات على الحدود من الروتين اليومي الذي تمارسه المؤسسة العسكرية الجزائرية.
ومن آخرها الإعلان، وللمرة الألف، عن بدء استغلال مناجم الحديد في "غار جبيلات" دون مراعاة مقتضيات اتفاقية 1972 الخاصة بالحدود.
في كل مرة يطرح الجزائريون اسم مستثمر أجنبي. هذه المرة، ولمدة عام في جوقة مليئة بالملاحظات الكاذبة، ستكون الصين "الفائز المحظوظ". لا يقتصر الأمر على أن المغرب لا يصدر رد فعل رسمي على مثل هذا الإعلان، ولكنه يفكر الصينيين أنفسهم: إنه يراهن على الزمن.
يقول الصينيون، مثلا، إن تايوان أرض صينية وسيتعين عليها العودة إلى الوطن الأم بأي ثمن. سيستغرق الأمر وقتا طويلاً، لكن إعادة الاندماج أمر لا مفر منه.
إن المغرب، الذي لم يصدر بيانا رسميا بعد بشأن السلوك الاستفزازي للجزائر، يتبنى موقفا حكيمل ويتركه للوقت. وبعد ذلك، وفي وقت مناسب، سيقدم الحجج القانونية المناسبة للدفاع عن حقوقه المتجذرة في ممارسة عدم الامتثال لبنود المعاهدات الموقعة بين الدول ذات السيادة.
ومن هنا يستخلص الكاتب السؤال الخامس: ماذا سيكون رد فعل الجزائر إذا قرر المغرب تقديم استئناف إلى محكمة العدل الدولية لتصحيح الأمور؟ هل ستعلن الجزائر الحرب على المغرب؟ ربما. لكن أولاً، يجب أن تحصل على الضوء الأخضر من أولئك الذين اسندوا بلجزائر استراتيجية متقطعة لتنفيذ سيناريوهات مصوغة في العواصم الغربية والشرقية منذ نصف قرن بالفعل.
تعرف الجزائر أنها خسرت الحرب الهادفة إلى تمزيق المغرب. وبالفعل، منذ مواجهات "أمغالا" (1976)، المحاولة اليائسة لاختراق الجدار الدفاعي المغربي (1984)، وفشل رهانها على معسكرات "أكديم إزيك" (2010) ، وكذلك سعيها لمحاصرة "الكركرات" عام 2020. لم تحصد الجزائر من عناصر بالوكالة من حركة البوليساريو الانفصالية، سوى الريح.
الجزائر لا تعرف ماذا تفعل مع البوليساريو، التي استقرت في تندوف وتعمل الآن هناك كـ "كيان مستقل". تدرك الجزائر أنه عاجلاً أم آجلاً، سيغرق كيان البوليساريو الملحق في "رطوبة سياسية ودبلوماسية" وسيضطر إلى مغادرة الاتحاد الأفريقي.
إن إصلاح ميثاق الاتحاد الأفريقي مسألة وقت، ليس فقط في ما يتعلق بمسألة قبول الدول الأعضاء واستبعادها، ولكن أيضا بشأن مسألة إضفاء الطابع الديمقراطي على قواعد صنع القرار.
أثناء عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي في عام 2017 تحدث كثيرا عن قراره الجديد بعدم السماح للجزائر وحلفائها بالتحكم والتلاعب بالرأي العام الأفريقي لأغراض متحيزة وغير أخلاقية.
إن وجود الكيان الملحق هو أحد التفاصيل التي ليس لها أهمية دبلوماسية أو جيوسياسية فعالة. إن قضية الصحراء في يد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. سيستغرق الأمر وقتا طويلاً، لكن مقترح الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية سينتصر.
منذ استقلالها، يقول حامي، كانت الجزائر تطاردها فكرة اختلاق تاريخ لم يكن بإمكانها المطالبة به في ذلك الوقت. شنت الجزائر حرب الرمال عام 1963 لتتراجع عن الالتزامات التي قطعتها في طنجة عام 1958 في اجتماع أحزاب "الاستقلال" (المغرب) و"الدستور الجديد" (تونس) و"جبهة التحرير الوطني" (الجزائر). وعلى نفس المنوال، نأت الجزائر بنفسها عن الوعود التي قدمتها الحكومة الجزائرية المؤقتة للملك محمد الخامس بشأن مستقبل الصحراء الشرقية.
وبالفعل، ورد أن بن بلة (رئيس المكتب السياسي) وهواري بومدين (قائد الأركان العامة لجيش التحرير الوطني) كانت لهما خلافات مع بن خدة وفرحات عباس حول ضرورة الالتزام بالالتزامات التي تعهدت بها الجزائر أمام المغرب قبل الاستقلال عن فرنسا عام 1962 وفي السنوات الأولى للدولة الجزائرية حديثة التأسيس.
كان مصير الصحراء الشرقية سيحدد لولا تدخل فرنسا لإقناع (أو إجبار) المغرب على مغادرة الأراضي المستعادة. تدخلت فرنسا لأن مثل هذا الانفراج من شأنه أن يفتح الطريق أمام المغرب لاستعادة موريتانيا.
لكن قبل كل شيء، كانت فرنسا حريصة على حماية مصالحها النفطية وكانت على استعداد لمواصلة تجاربها النووية في الصحراء بموجب الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع الممثلين الجزائريين على هامش المفاوضات التي أجريت في إيفيان. بالفعل، أجريت هذه التجارب النووية عامي 1960 و1966.
تبنت فرنسا وإسبانيا قضية مشتركة، كما فعل البلدان خلال عملية "إكوفيون" عام 1958 ضد قوات لجيش التحرير المغربي.
أشارت فرنسا إلى مبدإ حق العودة لتحرير القوات الإسبانية المحاصرة في الصحراء. في الواقع، أرادت فرنسا إجهاض الخطة التي كانت تنوي تلك القوات المغربية تنفيذها من أجل نشر القتال في جميع أنحاء الجنوب، والوصول في نهاية المطاف إلى موريتانيا وتحريرها.
وهكذا، يستنتج الكاتب، تم تنفيذ مخطط العرقلة المناهض للمغرب بالتناوب، مع مراعاة القيود الجيوسياسية منذ عام 1956، تاريخ استقلال المغرب.
وفي نفس السياق، يجب علينا إدخال هوس الجزائر (والمصالح الخفية الأخرى) لإنشاء كيان وكيل مصطنع في الصحراء المغربية.
والدليل على صحة هذا الحكم هو اقتراح هواري بومدين للمختار ولد داداه بالانسحاب من المفاوضات الثلاثية لعام 1975 بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا بشأن الصحراء مقابل التحقيق اللاحق لاتحاد كونفدرالي بين الجزائر وموريتانيا. وسينضم إليه لاحقا "كيان صحراوي" إذا تم تأسيسه.
تم تسجيل هذا الحلم في مذكرات الرئيس الموريتاني السابق، التي نشرت عام 2003. وفي الوقت نفسه، كان بومدين يتفاوض مع إسبانيا لمنح الإقليم استقلالا رسميا في إطار المؤسسات الإسبانية مقابل ممر على المحيط الأطلسي.
في الوقت نفسه، كان بومدين يحاول تعبئة قبيلة "الركيبات"، الذين تم إغواء (أو إرشاء) العديد منهم للاستقرار في تندوف.
إن هوس الجزائر بالحفاظ على الأراضي التي انتزعتها من جيرانها ظلماً بأي ثمن بمساعدة فرنسا نشأ على أساس مبدإ "الوعظ الباطل من أجل الحصول على الحقيقة".
وغني عن القول أنه من الصعب التمييز بين الصواب والخطأ في معادلة إستراتيجية بها العديد من المجهولات على أساس لعبة "إمسك بي إن استطعت".
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات