الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأبعاد السياسية ل(مذبحة سميل الاشورية - العراق 7 آب 1933 )

سليمان يوسف يوسف

2023 / 8 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


الأبعاد السياسية لـ(مذبحة سميل الاشورية - العراق 7 آب 1933 )
بدلاً من أن تحترم حكومة (رشيد علي الكيلاني) حقوق الآشوريين العراقيين في (المواطنة الكاملة )، أوهمت العراقيين بأن الآشوريين ، مسيحيون كفرة هم أعداء العراق و العراقيين يجب إبادتهم والتخلص منهم. صورتهم على إنهم (أقلية وافدة و انفصالية) تعمل لصالح (الإنكليز) .اعتقلت رئيس كنيستهم(البطريرك مار إيشاي شمعون) ووضعته تحت الإقامة الجبرية ومن ثم جردته من جنسيته العراقية ونفته الى قبرص. حكومة الكيلاني ، استباحت دماء وأعراض وأملاك الآشوريين المسيحيين بدعوتها إلى (الجهاد الإسلامي)ضدهم.. دشنت عهد الاستقلال بذبح الآشوريين وتهجيرهم القسري من مناطقهم التاريخية. بطل المذبحة (بكر صدقي)، قائد الجيش العراقي ، كردي خريج المدارس العسكرية العثمانية، رفع شعار" إبادة الآشوريين وإلى الأبد"، ليخلو الشمال العراقي لأكراده الدخلاء . في السابع من آب عام 1933 أوعز لفرق الجيش والعشائر العربية والكردية ،بتمشيط المدن والبلدات والقرى الآشورية وإعدام كل من يُقبض عليه من الرجال. النساء والشيوخ والأطفال نُقلوا إلى بلدة سميل وتم قتلهم وحرقهم بوحشية قل نظيرها…الناجية من الإبادة، الأم (مريم ) تقول: "دخل الجنود دارنا وبدأوا بقتل زوجي (هورايا) ثم قتلوا ابني( داود) ذو السبع سنوات . حين بدأتُ أشتم واصرخ بوجههم بغضب وجنون، أراد أحدهم قتلي، فبادر الآخر قائلاً: لا تقتلها.. دعها تعيش تعيسة كلما تتذكر مقتل طفلها وزوجها أمام أعينها ". أحد ضباط الإنكليز (شاهد عيان) في تقرير سري له وصف بشاعة الجريمة ، بالقول: " أنني رأيت الكثير من الأعمال المريعة المرعبة في الحرب إلا أن ما رأيته في سميل فاق كل تصور بشري ". مذبحة سميل، شكلت نقطة تحول سلبية وخطيرة في مسيرة الحياة السياسية للعراق . يقول الأستاذ (عبد المجيد القيسي) في كتابه (تاريخ القضية الآشورية في العراق):"وما الرقص في برك الدم وسحل الجثث يوم 14 / تموز /1958 و 8 شباط/1963 وأحداث عام 1959 في الموصل وكركوك، ما هذا كله إلا أثرا من أثار (التنظير العقائدي) الذي وضع (رشيد عالي الكيلاني) بذرته الأولى عام 1933 - من خلال افتعال الاصطدام مع الآشوريين وسحق انتفاضتهم ". الفاشيون ذبحوا الاشوريين، سكان العراق الأصلاء، بتهمة التعاون مع سلطات الانتداب البريطاني واعتبروا ذبحهم "نصراً عظيماً على بريطانيا وعملاً وطنياً ودينياً مجيداً". لكن بعد سبعة عقود( 2003) أحفاد وأبناء قتلة الآشوريين ، جاءوا بالجيوش الأمريكية والبريطانية والأوروبية لتحتل العراق، خدمة لأجنداتهم الطائفية والمذهبية والعرقية ، احتفلوا مع المحتلين بحل الجيش العراقي وتفكيك الدولة العراقية وتمزيقها إلى دويلات و كانتونات (طائفية .. مذهبية .. عرقية) وعبثوا بها فساداً. العراق اليوم (من اقصى جنوبه الى اقصى شماله) محكوماً بذات العقلية( العربية - الكردية) الإسلامية الفاشية، عقلية (الغازي المحتل) ، الذي يعمل بكل الطرق والوسائل على إبادة الشعب الأصيل ومحو هويته وطمس كل معالم حضارته وتشويهها ، ليظهر هو (الغازي المحتل ) على أنه صاحب الأرض ولا من شعب آخر سكنها قبله.
بريطانيا كدولة (انتداب ) على العراق، تخلت عن واجباتها ومسؤولياتها القانونية والأخلاقية، تجاه الآشوريين وتركتهم عرضاً للإبادة من غير أن تحرك ساكناً.. سلطات اكتفت بمراقبة تطورات الحملة العسكرية على الآشوريين ورفع التقارير الى حكومتها في لندن. (أسقف ريبون) قال: " مذبحة سيميل مثلت ضربة أخرى لسمعة وهيبة بريطانيا العظمى". وقد عبر الكولونيل البريطاني (ويلسون) عن استيائه من المواقف السلبية لحكومة بلاده تجاه الآشوريين ، بالقول : "ما هو جدير بالرثاء حقاً، هو أن تسمح أعظم إمبراطورية بالاضطهاد المدروس والقتل الجماعي والتطهير العرقي لأنبل وأعظم أمة في الشرق الأوسط، (الأمة الآشورية) التي أعطت العالم أعظم حضارة إنسانية". المندوب السامي البريطاني قال "أن سياسة بريطانيا نحو الآشوريين لم تكن إلا وصمة عار على درع إنكلترا القومي، ويبدو أننا ضحينا بشرفنا الخاص حينما هجرنا الآشوريين". سبق لبريطانيا أن خذلت الآشوريين و تراجعت عن وعودها لهم بعد الحرب العالمية الأولى(1914- 1918).. بريطانيا لم تكتف بحرمان الآشوريين من حق إقامة دولتهم، وإنما حرمت المهجرين منهم من حق العودة إلى مناطقهم التي هجروا منها قبل الحرب، وعملت على تقويض (الوجود الآشوري) في الدولة العراقية المستحدثة عام 1921 ، ضاربة بعرض الحائط تضحيات الآشوريين في الحرب الى جانب بريطانيا وحلفائها. عن خيانة بريطانيا للآشوريين، قال السياسي والباحث الإنكليزي( و. ا. ويغرام) : "بعد أن خسرت تركيا الحرب العالمية الأولى, كان لا بد من أن تقبل تركيا بشروط بريطانيا لوقف الحرب فيما يخص المطالب الآشورية في مناطقهم التاريخية الخاضعة للسيطرة التركية. لكن بكل أسف عقدت بريطانيا الصلح مع تركيا وتركت الآشوريين هذا الحليف الصغير منسياً ، وتجاهلت حقوقه وقضيته التي كانت مطروحة على عصبة الأمم. حيث وردت الأوامر من الحكومة البريطانية بأن القضية الآشورية يجب أن تنتظر حتى يتم عقد الصلح الرسمي مع تركيا ، وكان التأخير في حل قضية الآشوريين عاملاً قاتلاً بالنسبة لهم."...
تتزامن الذكرى السنوية لمذبحة سميل مع الذكرى التاسعة لعمليات التطهير العرقي والديني التي تعرض لها الآشوريون المسيحيون في سهل نينوى صيف 2014 على يد (تنظيم الدولة الإسلامية- داعش) الإرهابي،بتواطؤ من أطراف محلية ( عربية - كردية) وإقليمية . بافل طالباني كشف بالوثائق لفضائية فرانس 24 الفرنسية " احتلال داعش للموصل تم بتنسيق من مسعود البرزاني واسرائيل لاستكمال السيطرة على كركوك وإعلان الانفصال ". كذلك الأيزيديون يُحملون (البشمركة الكردية) التابعة لحزب الديمقراطي الكردستاني،الذي يتزعمه (مسعود البرزاني)، مسؤولية المجزرة التي تعرضوا لها في سنجار على أيدي تنظيم الدولة الإسلامية. النائبة الفرنسية (فاليري بوير) كانت قد انتقدت غاضبة الموقف الفرنسي العام إزاء عمليات العنف و الإرهاب التي تعرض لها المسيحيون على يد المسلحين في الموصل و بلدات أخرى صيف 2014 و تساءلت النائبة بوير: " كيف يستمر هذا الصمت مستعينة بقول لإنجيل لوقا (إذا سكت هؤلاء فالحجر سوف يصرخ) و تساءلت من سيتكلم (اللغة الآرامية) لغة السيد المسيح بعد أن يتم تدمير هوية المسيحيين العراقيين ، هل هو الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) و الذي اكتفى بوصف ما يجري انه جريمة ضد الإنسانية "؟؟؟… الإعلامية العراقية ( داليا العقيدي) عبر قناة السومرية يوم 22 تموز 2014 زينت صدرها بالصليب تضامنا مع المسيحيين العراقيين في الموصل و في مدن و بلدات أخرى. داليا العقيدي قالت في حديث مع صحيفة النهار اللبنانية إن ارتداءها للصليب لا يعني سوى انتفاضة ضد الدوائر و المجموعات التي تحاول طمس الحضارة العراقية..و تساءلت في حديثها: "إذا كنت أنا و الآخرون لا نتكلم و نبقى مجرد متفرجين فان المثل الشائع ينطبق علينا الساكت عن الحق شيطان اخرس" ؟؟. أضافت:" ما معناه أن يكون لنا تاريخ و حضارة عريقة في الوقت الذي نعاني منه ألان توجهات بإرجاعنا إلى الوراء و تطويقنا بالجهل و التخلف و كيف يجوز لنا أن ننسى أو نتناسى العراقيين المسيحيين الذين أسسوا لحضارة بلادنا منذ أقدم العصور.."؟؟؟.. لتذكير العالم بمآسي الآشوريين والمسيحيين العراقيين والأخطار التي تهدد وجودهم ، شهدت مدينة( بغديدا) الآشورية وقفات احتجاجية على تخاذل وتماطل الحكومات العراقية في تأمين الخدمات ومقومات الحياة في المدن والقرى والبلدات في سهل نينوى التي عاد اليها ساكنيها المهجرين. المحتجون طالبوا بوقف (التغيير الديمغرافي) في سهل نينوى ،الذي يهدد ما تبقى من وجود آشوري ومسيحي في هذه المنطقة الحيوية من العراق. كذلك آشوريو ومسيحيو البصرة نظموا وقفات احتجاجية على أوضاعهم المزرية، وطالبوا بأن " لا يبقى التعايش مجرد ديكور وحقوق المواطنة يجب ألا تبقى وعودا".
أخيراً: مذبحة سميل هي "جريمة ضد الإنسانية ". على (الدولة العراقية) الاعتراف بها ، والاعتذار للشعب الآشوري والتعويض المادي والمعنوي لجميع أهالي الضحايا وإعادة الجنسية لمن تم تهجيره خارج العراق، واعتبار يوم السابع من آب يوم من كل عام عطلة رسمية في دولة العراق ،بمناسبة يوم الشهيد الآشوري ..(مذبحة سميل)، كما كل المذابح التي تعرض لها الشعب الآشوري(سرياني كلداني ) عبر التاريخ، ستبقى محفورة في "الذاكرة التاريخية الأليمة" للشعب الآشوري..
المجد والخلود لأرواح شهداء سميل ولجميع شهداء الأمة الآشورية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من