الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مولات وعرض بضائع فاسدة

حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر

(Hasan Atta Al Radee)

2023 / 8 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


بقعةً من الأرض، يقطنها قرابة مليوني وربع المليون إنسان، رغم بحثهم المستمر والمتواصل عن بضائع جيدة صالحة للاستعمال؛ خُيبت آمالهم طيلة 17 سنة من تجارة الوهم وبيع المنتجات وأغلبها غير صالح وغير آمن في آن واحد، بضاعة منها ما فسد كالملح هل يُصلحه الزمان، وبضاعةً أخرى انتهت صلاحيتها وأضحت غير فعالة، وأخرى في أيامها الأخيرة من صلاحية الاستعمال، نقترب رويداً رويداً لتصبح بضاعة مُنتهية الصلاحية، وبضاعة أخرى صالحة لكن في طريقها للفَسد بسبب ظروف البيئة والسلوك غير الرشيد للإنسان الذي لا يملئ عينه إلا التراب.
بُقعة من الأرض، كانت كريمة وتجود بما تستطيع لأهلها الذين لم يُهن كرامتهم وينتقص منها سوى هذه البضاعة الفاسدة، ورغم أنها فاسدة إلا أنها وبحكم السلطة والسيطرة تستطيع بسهولة الحصول على كافة التدابير والتراخيص التي يجعلها بضاعة من أفضل ما يكون، بضاعة حاصلة على علامة الجودة العالمية مثل الأيزو، فليس كل بضاعة حصلت على شهادات الجودة بأنها الأفضل، فالكثير يعرف أن هناك مؤسسات إنسانية وجامعات تتخذ من شهادات الجودة وسيلة للنهب واستلاب الثروات وسرقة الأموال وبشكل قانوني بحت وخصوصاً في مناطق النزاعات حيث لا يعمل القضاء بالشكل المطلوب.
هذه البقعة من الأرض يِكسوها الظُلم والجوع ومزيداً من الأمل حذاء الكثير من الفساد، فالأسباب التي أدت لذلك كثيرة، فالسبب الأهم والأبرز هي التنافس غير المشروع وغير الشريف بين التجار الذين نادراً إن لم يكن أن يُرضوا الرب، هناك مولين تجاريين كبيرين، كُبر حجمهم ليس بذكائهم أو بما يمتلكونه من حِكمة وصوابية قرار وإنما بِحكم استغلال الحاجة والتطفل والعمل في بيئة من التناقضات واستغلالها بشكل أمثل، فالصدفة أحياناً تلعب دوراً مهماً.
في تلك البقعة البائسة يبلغ عدد المولات أثنين فقط، رغم أنك ترى بعينك وتسمع بإذنك أن العدد يقترب من 15 مولاً بأحجام مختلفة ( بسطة ثابتة، بقالة صغيرة، ميني ماركت ، سوبر ماركت ، مول ، مُجمع تجاري ضخم(.
الحقيقة ومدعومة بالتجربة تقول أن العدد أثنان فقط، ولكل مول منها يتفرع عدد من الأقسام، هناك قسماً لبيع المواد الغذائية، وقسماً آخر للمجمدات واللحوم الطازجة، وآخر لبيع الخضار والفاكهة، وآخر لمواد التنظيف، وأخر لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، وكذلك قسماً للألعاب الأطفال والهدايا، وقسماً للكمبيوتر ومستلزمات الاتصال، وقسماً للأجهزة الكهربائية وأخر للأدوات المنزلية وغيرها من الأقسام.
في هذه الحالة فإن المشكلة الأساسية في تزامن تواجد الظلم والجوع مع مزيداً من الأمل حذاء الكثير من الفساد يرجع إلى أن الشركاء في الأزمة هم أثنان وبلغة السياسيين طرفي انقسام، طرفي أزمة ، طرفي مأساة .
لنفترض أن المول الأول هو حزب سياسي رمزه (x) والأقسام أعلاه هي تلك التي يسيطر عليها وتعمل تحت إدارته وتوجيهاته رغماً عنه فمن يعمل في تلك الأقسام يعمل براتب ولا يمتلك حُر قراره، وبالتالي فكل حزب صغير يُمثل قسماً من أقسام المول التجاري الضخم وبلغة أخرى الحزب السياسي الكبير، الكبير تأثيراً ونفوذاً.
أما المول الثاني فهو حزب سياسي رمزه (z) يضم بين ذراعيه عدد من التشكيلات والأحزاب الصغيرة يمثل كل واحد منها قسماً في المول , وبالتالي كل واحد يعمل في نشاط محدد لكنه لا يخرج عن إدارة المول، يمكن أن يختص في تجارة ما لكن في سياق إدارة المول نفسه، فالأسعار وكميات البضاعة جميعها تخضع للرقابة وأعلى كل قسم هناك كاميرات مراقبة يشاهدها بالعين إدارة المول.
عدد المولات الاستهلاكية مولان، أما عدد أقسام هذان المولان هم: 15 قسماً قابل للزيادة وفقاً للحاجة، لكل قسم تجارة رائجة تعتمد في نموها وتوسعها على العرض والطلب، فأثناء الأزمة وعلى غير العادة ينشط السوق، وأثناء حالة الرواج أيضاً تنشط بعض الفعاليات في السوق، لكن هناك أنشطة تضمحل ولا قيمة لها ، تتضرر من الرواج وتعمل جاهدة لأن يكون الركود سيد الموقف.
هناك تنافس بين مولي x و z وهناك من يكسب من هذا التنافس ولا يرغب بإنشاء مولات أخرى مستقلة، لكن يبقى الخاسر الأكبر المستهلكون فهم لا ناقة لهم ولا جمل من هذا التنافس الذي لا يستند لأساس من العقل، فاتفاق أصحاب المولان يعني استمرار في سرقة المستهلكين ومحاولة للمضاربة بين المولان يعني إمكانية الإضرار بمصالح البعض.
وختاماً فإن وراء كل أزمة تنافس غير شريف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح