الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلوك شيطاني لجنود قوات الاحتلال على مفارق الطرق بقلم : تيسير خالد ‎

تيسير خالد

2023 / 8 / 6
القضية الفلسطينية


لدولة الاحتلال جيش يسمونه جيش الشعب ، ليس هذا فحسب بل هو في لغتهم الجيش الأكثر أخلاقية في العالم . هذا الجيش لا يكتفي باستسهال الضغط على الزناد في سلوكه مع الفلسطينيين وفق تعليمات إطلاق النار ، التي تصدرها له قيادته ، بل يذهب ابعد من ذلك بتوفير الحماية لممارسات قطعان المستوطنين الارهابية بشكل عام وبمشاركتهم ايضا في حالات تتكرر ، أمام وسائل الاعلام ، في تلك الممارست . هذا حدث مؤخرا في حوارة وفي ترمسعيا ، كما في أم صفا . هو جيش توفر له الدولة كل متطلبات الحماية بغطاء ليس من المستوى السياسي وحسب ، بل ومن سلطتها القضائية في المحاكم المحلية وفي المحكمة العليا الاسرائيلية ، كما في المحاكم الدولية وخاصة في المحكمة الجنائية الدولية .
على امداد الطرق في الضفة الغربية وعلى مفارقها ينتشر هذا الجيش في حواجز ثابتة وأخرى متحركة ، عددها لا يحصى ، وعلى هذه الطرق ومفارقها تمر وسائل الاعلام المحلية والدولية وتمر كذلك البعثات السياسية والديبلوماسية الدولية في تل ابيب كما في القدس ورام الله . هذه البعثات تشاهد هذه الحواجز ،وفي ظني أنها لن تجد مثيلا لها في أي بلد في العالم ، ليس فقط لكثرتها بل ولسلوك جنودها . جنود متحفزون وفوهات بنادقهم مصوبة باستمرار على حركة المركبات على الطرق في منظر يؤشر على مدى المعاناة ، التي يعيشها الفلسطينيون في مناطقهم المحتلة منذ عشرات السنين .
جديد ، بل قديم يتجدد ، على تقاطع ومفارق هذه الطرق تشاهد حركة المرور سلوكا شيطانيا لجنود الاحتلال على حواجزهم المتنقلة ، كنت يوم الجعة الماضي ليس شاهدا على هذا السلوك وحسب ، بل أحد ضحاياه . في ساعات ظهر يوم الجمعة كنت أقود سيارتي في طريق العودة من قريوت الى بيتي في مدينة نابلس . عند مخرج قرية يتما الى الشارع الرئيسي المتجه شرقا الى الأغوار وغربا الى ارئيل فكفر قاسم فتل ابيب يطالعك حاجز زعترة ، ثكنة عسكرية ، تحيط بها نقاط مراقبة يحتلها الجنود . ثكنة مفرق زعترة ونقاط مراقبتها تسيطر سيطة تامة على حركة المرور ، هي ممرات اجبارية لحركة المركبات وسيطرتها كاملة وغير منقوصة .
رغم ذلك كان جنود الاحتلال يقفون على حاجز متنقل ، حاجز طيار ، على مخرج قرية يتما الى الشارع الرئيسي ، حاجز لا وظيفة له ، على المستوى الاحتياط الامنية لا يقدم ولا يؤخر ، هو حاجز إضافي . على ذلك الحاجز وقف اربعة جنود ، لا يتدخلون في حركة المركبات ، يراقبنوها فقط ، فهو لا يبعد عن الثكنة والحواجز الأخرى المتشرة في المكان غير عشرات الأمتار . هم يقفون على طرف الشارع فقط ، بعد ان زرعوه من جهتية ، يمينا وبسارا بسلسلتين من المسامير الحادة غير المرئية وتركوا في الوسط ممرا ضيقا للمركبات . كثيرون يلفت انتباههم وجود الجنود ويغيب عن انتباهم ما زرعوه في الشارع ، وإذا ما أخطأت مركبة ما تقدير الموقف وقعت ضحية تلك السلسلة من المسامير الحادة . حظ هذه المركبات يكون جيدا ، إذا وقع العطل في المركبة في أحد إطاراتها لحظة المرور عليها ، والحظ يكون سيئا بالطبع ، إذا تمكنت تلك السلسلة من الاطارات كلها . حظي أنا في ساعات ظهيرة يوم الجمعة الفائت كان جيدا ، فقد تمكنت المسامير الحادة لتلك السلسلة من إطار وحد وقع ضحية لسلوك مشين ، لجنود وقفوا يتفرجون على الذي حدث .
مثل هذه الممارسات الشاذة والشيطانية ليست نادرة الحدوث على مفارق ومداخل الطرق في الضفة الغربية . هي تتكرر دائما وكأنها لعبة مسلية لجنود الاحتلال . العطب ، الذي أصاب سيارتي أثار غضبي ، ولكن الغضب سريعا ما تحول الى شعور بالراحة والطمأنينة وأنا اشاهد عددا غير قليل من الشباب الفلسطيني ، الذين يعبرون الشارع الرئيسي بمركباتهم ، يسرعون الى نجدتي ومساعدتي لإصلاح ما افسده جنود الاحتلال . لحظات ثقيلة مرت في تلك الساعة ، ولكنها ذكرتني بذلك اليهودي الرائع ، المولود في بولندا وأحد الناجين من الهولوكست النازي في الحرب العالمية الثانية ، الذي عمل محاضراً في الكيمياء في الجامعة العبرية في القدس وكان رئيسا لأحد الجمعيات الإسرائيلية المعنية بحقوق الإنسان والحقوق المدنية.
عرف عن اسرائيل شاحاك ، الكاره لنفسه كما يصفونه في دولة الاحتلال ، نقده الصريح لدولة اسرائيل وللمجتمع الإسرائيلي على وجه العموم . تذكرت كتابه ، الذي سلط فيه الضوء على موقف الديانة اليهودية من الأغيار ( غير اليهود ) . يسهب اسرائيل شاحاك في كتابه المعروف " الديانة اليهودية وموقفها من الأغيار " في شرح ما جاء في " الهالاكاه – الشرائع اليهودية " من قواعد سلوك يجري تدريسها في المدارس والمعاهد الدينية في اسرائيل . هي قواعد سلوك يجري تدريسها هذه الأيام للجنود وفي المعاهد والمدارس الدينية القائمة في المستوطنات ، التي بناها الاحتلال في طول الضفة الغربية وعرضها ، وهي تقوم في جوهرها بناء غير انساني في العلاقة مع الأغيار ، وفي حالتنا في العلاقة مع الفلسطينيين .
من قواعد السلوك التي يرويها اسرائيل شاحاك في كتابه عن الموقف من الأغيار قاعدة تقول : لا تدفع الأغيار للسقوط في البئر ، ولكن إذا سقط أحدهم في البئر ، فاتركه لمصيره ، وقاعدة أخرى تقول : من غير الجائز ان تلحق الأذى بالأغيار بطريقة مباشرة ، ولكن إذا حدث ذلك بطريقة غير مباشرة فذلك أفضل . ما حدث معي في ذلك اليوم ، الذي لم اكن المستهدف فيه بشكل مباشر ، بل كنت احد ضحاياه ، ينطبق عليه إلحاق الضرر بطريقة غير مباشرة ، وهي في ظني أخف وأقل الأضرار ، التي تتسبب بها ممارسات الجنود على حواجز الاحتلال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال