الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاكل الفلسطيني في كتاب -الوطنية والمواطنة- أيمن عودة

رائد الحواري

2023 / 8 / 7
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


مشاكل الفلسطيني في كتاب
"الوطنية والمواطنة"
أيمن عودة
تشتت فلسطيني في أكثر من مكان فرض عليه أشكال متعددة من النضال، وطرق مختلفة لتثبيت الذات، إن كان على مستوى فردي أم على مستوى شعب تعرض للاحتلال وما تبعها من هجرة وقتل وتشتت، وبما أنه توزع على أكثر من مكان، فهذا فرض تعدد أشكال النضال، حسب المكان والظرف الذي يمر به، فلكل ساحة خصوصيتها، من هنا نجد ما يقوم به الفلسطيني في أراضي ال48، غير ما يقوم به في ال67، وهو في الأردن غير لبنان، وفي سورية غير الخليج، وفي أوروبا وأمريكيا يمارس دوره حسب الظروف التي يجدها مناسبه لكونه فلسطينيا.
وما يحسب للفلسطيني أنه استطاع التكيف مع كل الظروف التي مر بها ومع كل الأماكن التي تواجد فيها، "أيمن عودة" في كتابة "الوطنية والمواطنة" يتحدث عن فلسطينيي ال48 وكيف يرى دوره في وطنه ضمن دولة الاحتلال، يبدأ الكتاب بتناول الواقع السياسي للتنظيمات والأحزاب وكيف أنها تشيخ وتهرم إذا لم تقدر على: "تشخيص الأمور بشكل صحيح.. دون بناء برنامج يقود الناس إلى مرحلة متقدمة، فقد يتمكن دارس أكاديمي، أو محلل سياسي من تشخيص الأمور تشخيصا سليما، لكن وظيفة القائد إيجاد إجابة شافية وخلق خطة عملية تبني للمستقبل وتضع الخطوط الرئيسية للمرحلة القامة" ص13، هذه الفقرة تتوافق تماما مع طرح "مهدي عامل" الذي لخص أزمة ومشكلة حركة التحرر العربية بهذه الفقرة: "المشكلة تكمن في وجود برنامج واضح، ووجود من يطبق هذا البرنامج" وهذا التوافق ينم على معرفة "أيمن عودة" الدقيقة للواقع السياسي للأحزاب والحركات في ال48، وما تعانيه من مشاكل وما يجب أن تكون عليه.
إذن الكاتب يبدأ مشروعة النهضوي من النواة/ من الأحزاب والحركات والمؤسسات، أداة التغيير التي ستأخذ الناس إلى بر الأمان، من هنا نجده يركز على تشخيص المشاكل التي تجعل هذه الأداة غير قادرة على الفعل والعمل: "في ظل غياب المشروع فإن التنظيم سيدخل في مرحلة ركود، وقد يصاب بالسبات حد التحجر، مما لا يشجع الطاقات المتجددة كي ترفده بالجديد، ولا يساهم إلى جانب الكوادر الأصيلة، في بث روح التحدي والتجديد في التنظيم ذاته، وبالتالي يصبح الفرع المحلي والهيئة القطرية عبارة عن مجموعة من المناضلين الذين يعرفون بعضهم حق المعرفة منذ عشرات السنين، ليس فقط على مستوى التاريخ النضالي، وإنما أيضا في تشابه الطبائع الشخصية، لدرجة يصبح فيها من العسير على أي شخص جديد أن ينظم إلى صفوف التنظيم، وأن يتأقلم مع كوادره وقواعده البشرية الراسخة.
يتحول التنظيم في هذه الحالة إلى ما يشبه النادي المغلق على ذاته، ويقتصر على جماعة من الناس دون غيرهم، هذا الواقع يتسبب في نشوء حالة اغتراب مضاعفة، تحول دون انضمام أناس جدد، أو رفد الهيئة بكوادر شابة تنحدر من مشارب اجتماعية مختلفة، مما يؤدي إلى انفصال وابتعاد وتعميق الفجوة بين التنظيم والكوادر من جهة، وبين عامة الناس من جهة أخرى" ص14، أحببت أقتبس هذا التشخيص المهم والضروري لكل ما هو منظم، الأحزاب، التنظيمات، المؤسسات، المجمعيات، فالكاتب أستطاع أن يبين أسباب حالة السبات والموت التي تلازم أي تنظيم اجتماعي وفي كل مكان، وهو بهذا التركيز على التنظيم أكد أهميته ودوره في عملية بناء المجتمع والوطن، ونحن في المنطقة العربية نعاني كثيرا بسبب وصول الأحزاب إلى هذه المرحلة من الشيخوخة، بحيث لم تعد قادرة على جذب أو جلب الآخرين إلى صفوفها، بعد أن تحولت إلى (شركات/تجمعات) خاصة أكثر منها عامة، فها هي تعيش في سبات (أهل الكهف) تتغنى بما حققته في الماضي دون أن يكون لها أي أثر/فعل/عمل حقيقة الآن.
ويتقدم من دور القيادة التي يجب أن تكون بهذه الصفات: "ليس من واجب القيادة أن تكون قنوعة بالحالة الراهنة، وإلا أصبح وجودها فائضا عن الحاجة... إذا كان الجواب أنا راض ولا يوجد ما تضيفه، هنا تنتهي حاجتك كتنظيم سياسي، ثم تنتهي كتنظيم سياسي" ص16، أجزم أن هذه الحالة لا تقتصر على واقع التنظيمات في ال48 بل هي مشكلة حركة التحرر العربية كاملة، فأحد أسباب وجود فجوة بين التنظيمات والناس تكمن في عدم وجود قيادة قادرة على /جمع/توحيد الناس وأخذهم إلى ما هو جديد.
بعدها يدخل إلى واقع الفلسطيني في ال48 مبينا هذه الحقيقة: "فالمواطنون العرب ليسوا أقلية قومية أصيلة فحسب، وإنما هم جزء من الشعب الفلسطيني الذي ما زالت الدولة التي يعيش فيها، دولة مواطنته، تحتل جزءا كبيرا منه، وهي ذاتها المسؤولة عن تشريد الجزء الأكبر من أبناء شعبه وتفريقهم في أصقاع الأرض" ص38، اللافت في هذا التشخيص أنه موضوعي، واقعي، لا يغالي ولا ينقص من الحقيقة، فالفلسطيني ليس غريبا في وعلى وطنه، والغريب تلك الدولة التي جاءت واحتلت وطنه وشتت شعبه، ضمن هذا الواقع سيكون العمل لتثبيت الفلسطيني في وطنه، وأيضا لحصوله على حقوقه وافية غير منقوصة.
ويأخذنا إلى واقع التعليم وكيف أن هناك تشويه للثقافة فلسطينية من خلال مناهج التعليم: "يتعلم الطلاب الفلسطينيون عن بنيامين زئيف هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية أكثر مما يتعلمون عن أي قائد فلسطيني وطني، ويتعلمون أسماء المواقع العبرية لا العربية" ص46، هذه مشكلة الفلسطيني في ال48، لكنها أيضا مشكلته في باقي مواقع تواجده، فهو لا يتعلم عن القادة الفلسطينيين والجغرافيا الفلسطينية وإنما عن قادة أخرين وعن جغرافيا عربية.
وعن مشكلة السكن والتضيق على الفلسطيني يعطي هذه الحقيقة: أقامن دولة إسرائيل ألف تجمع سكني جديد لليهود فقط، مقابل صفر للمواطنين العرب" ص83، وهذا ما يجعل الفلسطيني محاصرا في وطنه، ويبحث عن مكان يستطيع الإقامة فيه.
وعن التعامل مع اليهود والأحزاب الإسرائيلية، يقدم هذا الواقع: "هناك حركات إسلامية تعارض دخول الكنيست، وأخرى شاركت في حكومة يمين استيطاني شرس، مما يوجب طرح السؤال بحدة: لماذا نحن مستعدون للتحالف مع ذلك التيار العربي البعيد جدا أيديولوجيا عنا، أما عندما نتحدث عن شراكة مع اليهود فنبتغي الاتفاق الدقيق حول كل القضايا؟" ص90، وهنا يدخلنا "أيمن عودة" إلى السياسة التي تعني البحث عن المصلحة لتحقيق الغاية، فبما أن هناك أحزاب فهذا يستوجب وجود التعامل بالسياسة حسب المصلحة العربية، ويقدمنا أكثر من نجاح العربي في اختراق اليهود من خلال هذا الحدث: "لقد تحدثت مرارا مع السيدين شولي ديختر مدير مدارس "يد بيد" و د. نافا زوننشاين مدير مدرسة السلام في واحة السلام، وسألتهما: بعد سنة أو أكثر من لقاء مواطنين عرب مع يهود من "اليسار الصهيوني" فمن يصبح أقرب إلى آراء الآخر سياسيا؟ كان الجواب مشتركا لكليهما بأن يهود "اليسار الصهيوني" يصبحون أقرب إلى المبادئ التي يحملها المسيسون الوطنيون العرب" صص96، وهذا يشير إلى أن الفلسطيني بعدالة قضيته يستطيع أن يقنع الآخرين بأنه صاحب حق في أرضه ووطنه، وأنه يتعرض لظلم واضطهاد من قبل دولة الاحتلال.
وهنا يتقدم "أيمن عودة" أكثر من التعامل سياسيا مع اليهود مسترشد بقول "توفيق زياد": "إللي فش عنده ثقة بنسائه فليمنعهن من المشاركة" وأقول بذات الحدة: "هل لدينا ثقة بثبات انتمائنا القومي؟ وهل لدينا ثقة بعدالة قضيتنا وطرحها؟ من لا ثقة له بثبات انتمائه القومي وبموقفه العادلة، فيمكن تفهم بقائه في "مواقعه المريحة" يعزز ويرمم انتماءه وثقته" ص97، قد يبدو هذا الموقف للبعض شاذ ولا ينتمي لفلسطين ولا يمثل الفلسطيني، لكن ضمن واقع الفلسطيني في ال48 يعتبر موقف طبيعي وحتى ضروري للبقاء وتحقيق الذات الجمعية.
وهنا يأتي مفهوم الهوية الفلسطينية وما تعانيه من ضغوطات، وكيف يطلب من الفلسطيني التخلي عن فلسطينيته في الدول التي تمنحه بعض الحقوق مثل الجنسية: "فإن تكون جزءا من مجتمع لا يعني أن لا تكون جزءا من شعب آخر، أو لأن تتخلى عن هويتك الوطنية وممارستها، أن تكون جزءا من مجتمع يعني أيضا أن تساهم بالقضايا الكبرى من أجل السلام، المساوة، الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وفي سائر القضايا الحياتية" ص111، وهذا الأمر لم يقتصر على فلسطينيي ال48 بل طال أيضا كل مكان تواجد فيه الفلسطيني، حيث يطالب بالطلاق من فلسطينيته، والتماهي الكلي مع الدولة التي منحته شيئا من حقوقه.
من هنا يبين "أيمن عودة" أهمية الثقافة الوطنية والقومية ودورها في تحقيق الذات للشعب/للأمة بقوله: "إن أية هزيمة بالقوة تبقى قابلة للتغيير ما دام الشعب لم يهزم ثقافيا" ص143، أعتقد أن هذا القول صحيح تماما، وما يؤكده أن بعد أكثر من سبعين عاما على احتلال فلسطين وتشتت الفلسطيني، ما زال ينشد وطنه الضائع ويحمل فكرة التقدم منه والبقاء فيه.
ويأخذنا إلى عام القراءة وأهميتها، من خلال هذه الإحصائية: " أن متوسط القراءة الحرة للطفل العربي هو بضع دقائق في السنة، مقابل 12 ألف دقيقة في العالم الغربي" ص159، وهو بهذا يثير القارئ ويحفزه على النهل من الثقافة الحرة بعيدا عن المناهج الأكاديمية الموضوعة من قبل وزارة التعليم التي لا تبلي طموح الفلسطيني في ثقافة وطنية وقومية، فعليه الحصول عليها من خلال القراءة الأخرى.
الكتاب من منشورات مكتبة كل شيء، حيفا، الطبعة الأولى2023.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف