الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتصار القهر وخسارة الكرامة لسلعة الانسان

ناهض الرفاتى

2023 / 8 / 7
الادارة و الاقتصاد


كتب المختص بالاقتصاد السياسي: ناهض الرفاتي
يطلق أهل اللغة على القهر" الغلبة والأخذ من فوق وبدون رضى" واصطلاحا المقهور هو المغلوب على أمره الذي لا يستطيع ان يصنع مصيره ويفقد كيانه ويتم استباحته من الأخر، أي كان هذا الاخر خارجي أو داخلي.
فيما يطلق عن الانسان المهدور "ممن لا حرمه له "، واصطلاحا من زالت حرمته، وهو مصطلح أوسع من القهر حيث يضم اهدار الدم والكرامة والفكر والحصانة وبالمعنى المجتمعي اهدار المواطنة حيث يصبح الانسان المهدور لا شيء له ولا حقوق له ولا قيمة لطاقاته وبناء عليه يتم استبعاده واهماله لأنه ببساطة لا قيمة له ولا حرمه.
وبالتالي يمكن القول بوضوح أن النسخة المفضلة للاستبداد هي توفير الانسان المقهور والمهدور, وهذا الأنسان يتم صناعتة واعاده تدويله وانتاجه في المجتمعات التي تقوم على العصبيات لأنه ببساطة يسهل تحويله وتوظيفه الى أداه تحقق أغراض المستبد والطاغية والمتسلط الذى يهيمن على رقاب الناس ولا يدع لهم أي أمل في الخلاص , أما في تلك المجتمعات التي تؤمن بتحرير الانسان من الغيب تتسلط علي الأنسان بقهر واهدار أخر مرتبط بقوانين المادة التي تتعامل مع الإنسان كمادة تجرى عليه قوانين الطبيعة وبالتالي لا تمانع في تحرر الإنسان من كل شيء حتى يخضع لنظام السوق الذى تديره نظريات الرأسمالية والعلمنة والعولمة بهدف تحقيق الربح فيما يسحق الانسان ويستلب من اخلاقه ويتخلى عن روحه وفطرته التي توصله الى الله والى الأمان الحقيقي .
ونموذج المجتمعات التي تؤمن بقدرة الانسان قد انتقلت من المرحلة التي تهتم بالرفاه الإنساني الى مرحلة أوسع تتمثل في إشاعة مفهوم الامن الإنساني الذي يدعو الى التحرر من الخوف ومقاومة مصادرة الحقوق والقضاء على ثقافة الخوف هي مجتمعات تحاول معالجة الأضرار التي خلفها التخلي عن الغيب والدين ومع ذلك هي تعيش الخواء والاكتئاب لان الانسان فيها سلعة مستهلكة ومنتجة وتدار كما تدار الألة حتى مع البحث عن الأمان والأمن المعيشي.
والعجيب ان نرى بعض المجتمعات التي تعيش مرحلة تحرر وطني , يكثر فيها ويتكاثر الانسان المقهور والمهدور ويعاد انتاجه من خلال خليط من الثنائية التي تدعو الى الطاعة والولاء للحزب مقابل الرعاية والحماية والنصيب من الغنيمة , وبهذه الوصفة يمكن خدمة برامج العصبية والحزب الحاكم أو المعارض في تلك المجتمعات التي تمثل حالة تحرر , وبقاء هذه الوصفة هي عوامل مرض خطيرة تهدد أمنه وسلامته وأهدافه هذا الواقع لن يصمد بحال أمام العدو الخارجي الذى يحاصر الثورة لان عوامل انطفاء هذه الثورة وانحرافها كامنة في خلق الانسان المقهور والمهدور الذى يسهل السيطرة عليه من اجل ان يتمتع 1 % من المجتمع بحياة الملوك والسلاطين التي لا يتمكن أحد فيه من المساس من كرسي السلطة أو الاقتراب وتهديد أصحاب المغانم لكن تهمة التآمر جاهزة وأدوات الاستبداد حاضرة .
وفى هذا المجتمع يمكن أن نلاحظ أداء من يحكمون المجتمع ويتحكمون فيه لا محاسبة للأداء الرديء بل الولاء، فالفساد المالي والإداري أمر لا يتحدث حوله سوى الخونة وأصحاب النوايا السيئة، أما أولئك أصحاب الولاء فيغفر لهم ما قد سبق والولاء يجب الذنوب من قبل ومن بعد.
وفي المجتمع الذي تكون التهم جاهزة يفضل المستبد مصطلح الرعية بمعناه السلبي الذي يعنى ان المجتمع مجموعة من الأغنام التي تحتاج الى الرعاية والحماية ولا يمكن لها ان تؤمن حياتها الا من خلاله والا سوف تهلك وبالتالي هو صاحب القطيع، ومن علامات هذا المجتمع البطالة المتفشية والفقر المدقع والكرامة الضائعة، وصولا الى مرحلة الطغيان على المجتمع واستلاب كل شيء جميل واهانته بكل أنواع المهانة حتى لو قدم له طبق الطعام من فم كلب يلهث.
وصدق الله وكذب العباد:
۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) الاسراء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صندوق النقد يتوقع ارتفاع حجم الناتج المحلى لمصر إلى 32 تريلي


.. أرقام تهمك فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2




.. بين نيلين - حرب السودان تهدد إنتاج النفط في جنوب السودان


.. كيف هي العلاقة بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية؟




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة