الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعاً صدام... شكراً أميريكا!

جوزيف بشارة

2006 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في البداية أود الاعتراف بأنني لست أميريكياً ولن أكون. كما أنني لست من رواد أو مؤيدي أميريكا ولن أكون طالما بقيت السياسات الأمريكية قصيرة النظر، وعلى حماقتها في كثير من الجوانب. إذ لا يمكن لعاقل أن يغفر لأميريكا تبنيها للأرهابي أسامة بن لادن في إطار سياسة اعتبرت عدو العدو صديقاً، تلك السياية التي استخدمتها الولايات المتحدة لاحتواء الاتحاد السوفيتي السابق في حقبة الحرب الباردة. ولا يمكن لمنصف التسامح مع سياسة الهيمنة الاقتصادية التي تتبعها واشنطن منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. كما لا يمكن لحصيف القبول بسياسة التأييد الأعمى للحلفاء في الصواب والخطأ.

ولكن اليوم الخامس من نوفمبر من العام ألفين وستة علينا أن نشكر الولايات المتحدة لتخليص العالم من أحد أبشع الدكتاتورات عبر التاريخ. فلولا تدخل الولايات المتحدة بقيادة رئيسها جورج دبيليو بوش لبقي الدكتاتور العراقي السابق في الحكم حتى هذه اللحظة، بل وحتى أمد لا يغلم مداه أحد، فلم تكن هناك قوة عراقية بقادرة على تحدي جبروت هذا الطاغية ولم تكن هناك قوة عربية أو عالمية براغبة في مواجهة ظلم وفساد هذا النازي الجديد. ورغم إيماني بأن الولايات المتحدة لم تتحرك في العراق لتحرير العراقيين وإنما سعياً وراء حماية مصالحها الاقتصادية، إلا أنه يجب علينا اليوم، بعد اقتراب ساعة التخلص بصورة نهائية من صدام حسين، أن نشكر الولايات المتحدة والرئيس الغير محبوب محلياً وعالمياً جورج بوش على تحرير العراقيين من قبضة الطاغية.

غير أن هذا الشكر لا ينطوي على تبرئة كاملة للولايات المتحدة من مسئوليتها في التدهور الحالي الخطير في الوضع الأمني في العراق. فالولايات المتحدة مسئولة عن إعادة الاستقرار في العراق بالتعاون مع الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطياً. نعم تبدو المسئولية شاقة وباهظة التكاليف للعراقيين والأمريكيين على السواء، ولكن المسئولية الأدبية تفترض تحمل المصاعب والمشاق من أجل التخلص من الإرهاب الذي استشرى بتأييد ودعم من قوى محلية وإقليمية معادية للولايات المتحدة بغرض إزلالها في العراق.

يذكرني الوضع في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين بالوضع في المانيا بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وذلك من حيث سقوط النظامين الدكتاتوريين في البلدين وحاجة الشعبين الألماني والعراقي لإعادة بناء بلديهما. ولكن شتان الفرق بين المانيا والعراق. فألمانيا اتحدت ونهضت فوراً من مستنقع النازية واغتسلت من عار هتلر وارتدت أبهى ثيابها لتدشن مرحلة جديدة من النهضة الحضارية والمعمارية والصناعية التي وضعت المانيا في مصاف الدول الأكثر تقدماً في العالم بعد ما لا يزيد عن العقدين من انتهاء كبوتها النازية.

أما الوضع في العراق فهو مختلف كلياً فالعراق بدأ رحلة الغرق بعد أن انقسم العراقيون على أنفسهم، وبعد أن تمكن أسامة بن لادن، بدعم من حزب البعث الصدامي، وبتأييد من بعض دول الجوار، في تجنيد الألاف من العراقيين والعرب سعياً وراء تقسيم العراق وإغراق الولايات المتحدة في وحل جديد كوحل فيتنام. فالعراق يدفع حالياً ثمن الخلافات العرقية والإثنية والدينية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن الخلافات السياسية التي يحملها عداء البعض للولايات المتحدة، دون أن يبدو في الأفق وجود قوى محلية فعالة أو قوى إقليمية خيرة تساند العراق في النهوض من كبوته.

رغم الوضع الأمني السيئ الذي يشهده العراق والذي يتحمل العراقيون جزءاً من المسئولية عنه، إلا أن ذلك لا ولم ولن يمنعنا من الاحتفال بالانتهاء الفعلي لعصر صدام اليوم. ورغم معارضتي الشخصية لأحكام الإعدام بصفة عامة، إلا انني اجد نفسي في حيرة من أمري، إذ أريد نهاية سريعة لوجود صدام التي قد تحمل بارقة أمل للعراقيين. فضلاً عن ذلك فإنني أؤمن أن نهاية صدام حسين بهذه الصورة قد تكون درساً للدكتاتورات العرب المتبقين الذين يتعامون عن حقوق وحريات شعوبهم، والذين يحكمون مواطنيهم بالنار والحديد. نعم قد يكون الخلاص من صدام حسين بداية حقبة جديدة ليس فقط للعراق ولكن لدول المنطقة بأثرها. بعد إعطائنا بارقة أمل في مستقبل جديد لشعوبنا ألا يجب علينا اليوم أن نقول وداعاً صدام...شكراً أميريكا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة