الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اما زال الشعب مصدر السلطات...كما يُقال ؟

محمد حمد

2023 / 8 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


منذ الصغر حشروا في ادمغتنا البريئة، إضافة إلى أمور أخرى مماثلة، هذه الجملة السحرية "الشعب مصدر السلطات" وهمنا على وجوهنا "نناضل" ونسعى جاهدين لتحقيق القليل القليل من هذا المبدأ، الجميل في مظهره والبعيد عن الحقيقة في معناه. وبحكم عملية خداع "ناعمة" تستخدمها معظم الأنظمة وكذلك الأحزاب السياسية بغية الضحك على عقول الآخرين. تمّ استعباد دول وشعوب كثيرة وخضعتْ لعدة عقود لحكّام قلّ نظيرهم في الاستبداد والديكتاتورية والفساد، يتمترسون خلف ستار "الشعب مصدر السلطات" ومعظمهم، في الشرق على سبيل المثال، وصلوا إلى السلطة أما بالوراثة واما بانقلاب عسكري او بتمرد شعبي (يتم تسويقه لاحقا تحت اسم ثورة شعبية) مدعومة عادة من قبل دولة أجنبية، هي أول من ينتهك حقوق ذلك الشعب وينهب خيراته ويمزّق لحمته الاجتماعية، عن طريق بعض العملاء الذين يرددون كالببغاوات في كل محفل بأن الشعب هو مصدر السلطات". وان الشعب انتخبهم واختارهم ليكونوا قادة له. ولكن في واقع الحال، لا سلطة للشعب عليهم. وفي كثير من دول العالم، كالعراق مثلا، يكون الشعب في خدمة النظام الحاكم وليس العكس !
وحتى في الدول التي تتمتع بهامش من الديمقراطية وتجري فيها انتخابات حرّة ونزيهة يتم خداع الشعب بالشعارات البراقة وبالوعود المعسولة والبرامج الوردية التي لا ينفذ منها إلا ما يخدم النخبة الحاكمة. لان الشعب بكل بساطة استُخدم كوسيلة أو "واسطة نقل" للوصول إلى سدّة الحكم. وفي أحيان كثيرة ليس من حق هذا الشعب أن يعترض على ما اختاره بنفسه، اي على حكامه. بدليل أن الحكومات، في امريكا ودول الغرب، تقوم بشن حروب عدوانية ضد الدول الأخرى دون أن يمنحها "الشعب" الحق أو التفويص بذالك. كما تفرض عقوبات لا شرعية ولا أخلاقية على دول وشعوب أخرى، كالعقوبات ضد روسيا التي أثرت بشكل سلبي جدا على شعوب أوروبا.
وكان غزو واحتلال العراق عام ٢٠٠٣ وتدميره المنظم دليلا على كون الشعب لا صوت له، ولا يملك سلطة في منع ذلك العدوان. ونتذكر جميعا أن ملايين الناس في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا وامريكا نفسها خرجوا في تظاهرات عارمة ضد غزو واحتلال العراق. وكانوا يشكلون الجزء الأكبر من "الشعب" في بلدانهم. والنتيجة ان الغزو حصل رغم انف الجميع. وحلّ في العراق الدمار والفساد محل "الديمقراطية" وعمّت سياسة المحاصصة العرقية والطائفية المقيتة بدل المساواة والعدالة. ولم يبق أمام الشعب، الذي هو مصدر السلطات على الورق فقط، غير تقبّل الأمر الواقع، ولو على مضض.
ولم يجد نفعا خرزج آلاف المواطنين ولعدة اسابيع من "شعب" دويلة اسرائيل "الديمقراطية جدا" في تظاهرات عارمة ضد التعديلات القضائية التي اقترحتها واصرّت عليها حكومة المجرم نتنياهو. وكان المتظاهرون، حسب وسائل الإعلام العبرية، يمثلون الغالبية العظمى من "الشعب" اليهودي. ومع ذلك لم يأخذ بالحسبان لا تظاهراتهم ولا أصواتهم ولا حتى عدد وحجم المشاركين فيها. كل هذا ضُرب بعرض الحائط ! وبعد ذلك يأتيك واحد بطران فيقول لك:"الشعب هو مصدر السلطات".
طيب، على عيني وعلى راسي. ولكن على الورق فقط.
أما الحديث عن التظاهرات في فرنسا والتي خلّفت دمارا هائلا وحرائق في أكثر من مدينة، واعتقالات بالجملة فليست بعيدة عن مخيلة المتابع. ومازالت أضرارها وتبعاتها ماثلة للعيان. والشعب عندما يتظاهر لا احد يسمع صوته أو يأخذ برأيه. وعندما تقترب الانتخابات فالجميع يتملّق للشعب. لانه مصدر السلطات. كما يُقال !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة العربية: حزب الله أسقط مسيرة إسرائيلية فوق المناطق ال


.. مشاهد تظهر حجم الدمار في مقر قيادة إسرائيلي.. وحزب الله يعلن




.. لقطات جديدة لإسقاط طائرة مسيرة إسرائيلية في أجواء بلدة القصي


.. كواليس موافقة بايدن على ضرب كييف لأهداف داخل روسيا بأسلحة أم




.. واشنطن تمدد بقاء 4 سفن في البحر الأحمر لمواجهة هجمات الحوثيي