الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أنت حر!!

احمد جمعة
روائي

(A.juma)

2023 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


الإعلام المظلّل الخفي، ورائه حكومات وشركات وعصابات، كما يتناهى لك في البداية إعلام برئ أو ربما تظن أنه في ركن ما يعود لأفراد وشخصيات عامة ذات نفوذ أو مغردين وذباب الكتروني هي كلها من أبرز صرعة وصرخة بذات الوقت، في عصر الميديا اليوم، أنه يبدو لك ذهبياً من الخارج ويغريك بركوب موجته الجذابة ولكن سرعان ما سيجرفك بطوفانه دون إرادة منك ويزج بك في فوضى عارمة، أشبه بزلزال يدمر شعبك ووطنك بيدك أنت وحدك، هذا الإعلام، المستتر، يهدم الأمم ولا تراه، يحرق الشعوب ولا تلمسه، لا توجد له دولة محددة بالذات، ولا وزارة ولا مبنى ولا موقع تلمسه، لا عنوان رسمي ولا تراه بالعين المجردة، ولذلك فهو أقوى من كل وزارات الإعلام الرسمية، وهو يتحدى محطات وقنوات وإذاعات البث الحكومية التي تهدر عليها سنوياً ملايين الدولارات والدنانير والريالات والدراهم، هذا الاعلام يتسلل إليك من بيتك ومكتبك ومقهاك وحتى فراشك، يغرس فيك فيروس التدمير ويشكك في نفسك وفي مجتمعك وفي شعبك، ويبدأ بتمزيق وحدتك ويثير فيك الحقد والكراهية، ويجعلك شريراً تصل بك عاطفة الشر لأن تفكر بقتل جارك. ورغم ذلك فأنك تروج لهذا الإعلام ويقودك دون إرادة منك، دون معرفة بمن يوجهك إلا حين تستيقظ وتبصر ماذا فعلت بنفسك وبجارك.
هذا الإعلام مثل حقنة السم، يتنقل بين صفوف البشرية، يزرع فيك بذور الفتن والشكوك والخوف ويجعل الإنسان غير واثق من خطواته، أنظر حولك إيها القارئ، وأنت تقرأ كل شيء يأتيك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف تتفاعل مع هذه الحقن المتتالية والجرعات غير المرئية من سموم بشكل أخبار وشائعات وأفكار وعواطف? جمل وعبارات وصور على هيئة مسيجات وستيكرات وغيرها تحقنك بها كل دقيقة وساعة من يومك، حتى وأنت تضع رأسك على وسادة آخر الليل، لا تكف عن تجرّع تلك السموم لتبدأ نهارك وقد تفاعلت تلك الجرعات بداخلك وبدأت تأتي مفعولها لتحويلك لكائن مسلوب الإرادة، لا فكرة لديك عن العالم، ولا حرية ولا وعي بنفسك، لا تستطيع أن تفكر بحرية وتختار بوعي وتفهم ما يدور حولك لأنك أضحيت أسير تلك الحقن ومقيد لوحشٍ أكبر منك، سلب حريتك وجعلك تتصرف بإرادته وأنت مصدق أنك تتصرف بحريتك. هذه نتيجة ما زرعه فيك الإعلام السري الذي لم تستطع أقوى الحكومات في العالم السيطرة عليه، لأنه ببساطة عدو غير مرئي لتحاربه.
والآن قد حان لك أن تعرف سر هذا الإعلام، المظلّل، أنك تحمله معك طوال يومك وربما ينام معك في فراشك وتبذل ما في وسعك لحمايته وأنت لا تفطن أنه من يدمرك، إنه يكمن في جهاز هاتفك ومن خلاله تبث الحكومات والشركات والأفراد فيروساتهم إليك فيما أنت تتغذى منها معتقداً أنك حر.
لا تأمن لأقرب الأصدقاء لأنك تحبه فقط وهو يخبرك بشيء ولا تؤمن لحكومة مهما اثبتّت لك أنها تسمح بالتفكير خارج صندوقها لأنه يتعارض مع أمنها، وتأكد أن كل ما له علاقة بالحرية والتعبير، يصدم بالحكومات والشركات والأفراد والعصابات إذا لم تنتبه لخطوط مسارك وفهم كيف يعمل العالم الآن خارج إطار القيود!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك