الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا لكل كرزايٍ، نعم لفلسطين مقاربات نقدية للمشاهد في فلسطيننا المحتلة

سمير محمد ايوب

2023 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


كتب سمير محمد ايوب
لا لكل كرزايٍ، نعم لفلسطين
مقاربات نقدية للمشاهد في فلسطيننا المحتلة
أبا العلاء، أحمد قريع يا صديقي، لحظة الاحتضان على باب مكتبك في المجلس التشريعي في رام الله، حين وصلتك عبر نهر الاردن من عمان، في المنتصف من عام 2003، قابلا دعوتك للتشاور، من موقعك كرئيس لأول مجلس تشريعي فلسطيني، كنتَ تبدو مزهوا بدورك في إنجازاوسلو، التي كُنتُ اراها مُلوثة بدم الكثير من رفاقك الخُلَّصِ، واخص منهم الشهيد ماجد ابو شرار. لحظات كانت مشحونة بتفاصيل علاقة أخُوَّةٍ جمعتنا معا، دون أن تتلعثم او تأتأ طيلة سنين طوال، علاقة توشك أن تتحول إلى أخرى، نرتطم فيها وقد نصطدم.
ما ان أغلق باب مكتبك دون ثلاثتنا، أنت وأنا وصديقنا المشترك سمير الاعرج سفيركم في فيتنام، اتخذنا مجلسا لنا في زاوية من أركان مكتبك، وقبل ان تصل قهوة الترحيب، أذكر أني سألتك: أواثق أنت من جنس ما اخترت يا صديقي؟!!!
كان الشاهد الأول على تفاصيل تلك اللحظات الاول للقائنا، الذي يتم بعد خمس عشر عاما من قطيعة بيننا ( أنت وأنا فقط نعرف حقيقة أسبابها )، هو ما رأيت على صفحات وجهك، تظرات تطلب مني توخي الحذر فيما أقول وفيما أسأل، فلِلْحيطان آذان ترى وتسمع، تلفتَّ كثيرا حولك، وحركات عينيك ولغة جسدك كانت كلها تشي بأن حيطان مكتبك قد تكون مزروعة بما لا تعلم، من تقنيات التنصت والتجسس.
وأنا أقبل دعوتك، كنت أعرف أن التحرير في حساباتك، مسألة معقدة لا ينفع السلاح وحده في تحقيقه، اوهكذا كان يخيل إلي. وأنا كما كنت تعلم، كنتُ مِمن يَضعون القوة المادية شرطا للحكم على أيِّ قوة أخرى.
كنت أعرف ما كنتَ تُفكر فيه وأنت تقدم لي فنجال القهوة، وأتحسب له. أظن أن الفارق بيننا يتجاوز موضوع النوايا. نحن مختلفان في مرجعياتنا وفي انحيازاتنا، وأعتقد أن لهذا الاختلاف فضل على إبقاء العلاقة التي تجمعنا حيوية، لحوالي نصف قرن من الزمن. كُنتَ تُعيب علي، ما كُنتَ تسميه قيدَ المبادئ، وتذهب بعيدا في التنكر لأهميتها.
وأنا أعرف مناعتَك الوطنية غير المُحصنة بالمبادئ، أشفقتُ عليك من ثقل امانة التفاوض السري وجنون اغواءاته. أصدقك القول بأني قلقتُ كثيرا على مستقبل أخلاقك الوطنية يا صديقي، ومع ذلك حصَّنْتُ صداقتَنا بكلِّ التجارب المجنونة التي خُضناها معا.
كُنتَ تَعيب عليّ أنني من الحالمين نضاليا، تَذْكُر أنني كنتُ أكرِّرُ على مسامعك اعترافي بانني في كل معارجي العربية الفلسطينية، مولع بأحلام اليقظة التي كنت افضلها كثيرا على أحلام النوم.
وحين كنتَ تسأل عن أسبابي في هذا التفضيل، أظنك تذكر بأني كنتُ أجيبك: لأني استنسخ أحلامي وفق طموحاتي، وأهندس تضاريسها وفق امكاناتي، أشذبها وأهذبها بارادتي الواعية، وحين أشتبك مع معوقاتها، كنت أتكئ بثقة على عناقيد من المبادئ والثوابت، وأستخدم في مواجهة اي من ضجيجها بالعزم المستدام.
يا ابا علاء وانت الآن بين يدي قاض عادل ، لا أنكر عليك انحيازك للواقعية كأسلوب حياة. فأنا نفسي أستعين بها أحيانا، لأخفف من غلواء عقلي. بعد مرافعتك غير المقنعة عن جُرْمِ أوسلو، رجوتك أن لا تطلب مني تغيير قناعاتي، لوهمٍ عابثٍ ألمس مخاطرة الساحقة. وقلتُ لك ناصحا، أن ثوابت الوطن، في عوالم تضج بالمصالح والشهوات الجامحة، حتى لبساط احمر بقروش، لا تخضع لمغامرات غير محسوبة. فأنت وأنا، ندرك أن هذا النوع من المغامرات يشترط لمقاربته، توفر مؤهلات بعينها، من أهمها: نُبل النوايا ودقتها، اعتماد القوة المادية الطاهرة ، وبوصلة لا تَضلُّ ولا تُضَلَّلُ، مصدرا رئيسا متكاملا للالهام والابتكار.
يا ابا العلاء، وقد أفضيت لما فعلت، دون أن تعتذرعن مشاركاتك في جريمة أوسلو، أو حتى القبول بمراجعتها مراجعة نقدية، أكرر قولي لك مرة أخرى، لثقتي في صحة ما أقول: أنا كما تعلم لست مع واقعية الكيفما كان أو الهمبكه أو الألَبَنْدا السياسية الرعناء، في المبدأية نشأتُ وهناك تلقيت أهم دروس حياتي. أنا لستُ مِثلك مُثقلاً بغوايات الوهم، ولا الصخب المتعجل. أنا محكوم بالمبادئ، وكل ما هو غير قابل ببساطة للتغيير المجاني. نعم أنا مختلف عنك، وانت في اول سلم النضال وبعد ان اعتليت كرسي رئاسة الوزراء، ولا أريد أن أكون مثلك.
وعدتك ونحن نختم ارتطامنا الحواري ذاك، ان اهنؤك إن وهبتك واقعيتك الساذجه أو المُفرطة حدَّ التواطؤ، وطنا أو شبه وطن، يرتاح له بالُك وأمن أهلك ومصالحهم وحقوقهم في تراب الأجداد. وأنا أودعك همست لعينيك حقيقةً تمسُّ شيئا من ثوابت قرآنك، أوردها سبحانه وتعالى في المصحف الشريف، عن حكاية البقرة واليهود.
يا صديقي هناك، قد لا تكون المبادئ أو الثوابت ضرورية أحيانا لاطلاق علاقة سياسية مؤقتة، ولكنها بالتأكيد ضرورية لتحصين النفس وحساباتها، من اغواءات أبالسة اللحظات العابرة. أذكرُ وأنت، أن آخر ما قلت لك وانا اودعك، سأبقى يا ابا علاء مشتاقا لمسقط رأسي في حيفا، مهما باعدت بيننا جريمة اوسلو، التي أنت أحد كبار أراملها للأسف الشديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب