الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى اختطافه:الحركة الإسلامية الأصيلة لا تعين على دم الشهيد المهدي بن بركة

عبد الله لعماري

2006 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تحل الذكرى الواحدة والأربعين لاختطاف وتغييب واغتيال الزعيم الوطني الكبير المهدي بن بركة، ومع حلولها يستشعر الوطنيون والمناضلون الشرفاء مع اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، غصة المظلمة التي راح ضحيتها الشهيد غيلة وغدرا، وهو يقود حركة الكفاح وطنيا ودوليا، من أجل تحرر الشعوب من ربقة الاستعمار والاستبداد والاستغلال، والذي كانت تمثله آنذاك ولازالت، قوى الشر، المجسدة في الصهيونية العالمية، والاستعمار، والاستكبار الإمبريالي العالمي بشقيه الأمريكي والأوروبي. والطبقات السائدة المتعاونة معهما، والمسلطة على رقاب شعوب العالم الثالث المستضعف، والمنصبة قسرا وقهرا على كراسي الحكم والنفوذ.
وتقديرا لجهود هذا المناضل الأممي في إسناد حركات التحرر، عبر موقعه القيادي في حركة مؤتمر القارات الثلاث، لازالت تصطف خلف المطالبة بالكشف عن تفاصيل جريمة اختطافه واغتياله، جحافل من الحقوقيين والمناضلين، عبر شبكات عابرة للحدود والقارات.
إلا أنه، وفي مقابل هذه المناصرة، الوطنية والدولية، اعتاد المشهد السياسي والفكري في بلادنا، وعلى مدار هذه الأربعين سنة، أن تخرج فيه على الإجماع بعض الأصوات النشاز إمعانا في ذم المناضل الأممي، والطعن في تاريخه وتشويه مقامه، وحقيقة نضاله التي لا تشوبها الشوائب.
أصوات نشاز لأشخاص معروفين بتاريخهم وماضيهم في مخادنة وممالأة أولئك القتلة المجرمين الذين تلطخت أيديهم بدماء الشهيد، وانفضحت جهارا ونهارا جريمة سفكهم لهذا الدم البريء والولوغ منه، ونعني بذلك أولئك المقبورين، من أوفقير ودليمي ومن معهما ومن خلفهما ومن لف لفهما.
إلا أن هذه الأصوات تظل نشازا لغربان تحلق بعيدا عن السرب.
لكنه وإذا كان مفهوما ومكشوفا، ما يرومه هؤلاء من ذوي الصوت النشاز وهم يقومون بما أوكل إليهم مما تبقى من أدوار قميئة لإكمال ما تبقى من فصول المؤامرة على المهدي بن بركة التي ابتدأت بالاغتيال والتغييب الجسدي ويراد لها أن تكتمل بالاغتيال التاريخي والسياسي، لتغييب الأدوار الوطنية الكبرى التي اضطلع بها المهدي، في قيادة الحركة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، وفي تدبير المفاوضات من أجل إجلاء هذا الاستعمار، وفي المساهمة الفعالة في وضع اللبنات الأولى لمغرب الاستقلال الحديث، وفي المراجعات النقدية والتصحيحية لإنقاذ البلاد وتقويم مسارها، وإشراك القوات الشعبية في البناء تصديا لتهميشها والتلاعب بمصائرها.
فإنه ليس مفهوما وليس واضحا، ما يصدر عن بعض الأصوات الإسلامية، أو المحسوبة على التيار الإسلامي، حينما تنخرط بوعي أو بغير وعي، فيما لا يمكن اعتباره سوى تحاملا لا أخلاقيا على مظلوم أريق دمه بغدر أرعن مقيت، ولا يمكن حسبانه سوى إعانة للظالمين الخونة الغادرين على سفكهم وإهدارهم للدم البريء، إعانة يجد فيها هؤلاء الظالمون القتلة، ومن تبقى من فلولهم ومن يسير على دربهم الغطاء الإيديولوجي الذي يوفر لهم المتنفس والخلاص من الخناق، الذي يلف رقابهم ويكتم أنفاسهم، جراء لعنة الدم البريء التي تطاردهم وتلاحق تاريخهم عبر الأجيال، ووصمة العار التي تجلل جباههم وتعفر وجوههم. أليس الضالعون في جريمة اختطاف واغتيال المهدي بن بركة، هم من الموساد الصهيونية، والمخابرات الأمريكية، والمخابرات الفرنسية وعملائهم من رؤوس المخابرات المغربية آنذاك؟.
وأي خندق قذر هذا التي ارتكست في حمأته كل هذه الأصناف اللئيمة والمرذولة من صهاينة وأمريكان وفرنسيين ومغاربة عملاء، فيختار السقوط فيه من يرضى لنفسه أن ينحشر بعمامته الإسلامية في جوقة الطاعنين في شرف المهدي بن بركة ولا يحترس فيصون قدميه المتوضئتين من أن تدوس جثة قتيل بريء، فتغرق في دمائه، التي لازالت تتضرج فيها ولم تجف بعد، فهل يرضى لنفسه إسلامي أيا كان، وهو بعقيدته الإسلامية، وتصوره الإسلامي المميز بين الحق والباطل أن يتهاوى ويسقط في خندق قذر تتخبط في لجته المخابرات الصهيونية والأمريكية والفرنسية وعملاءهم من بني جلدتنا.
ما يشكل جديدا في ذكرى هذه السنة، هو ما طفح به على السطح، أحد الأصوات الالكترونية الذي تتسمى بمكتب الإرشاد العام للحركة الإسلامية المغربية، والذي نشر إلكترونيا، بلاغا، يحمل آخر التخريجات والمنتجات المتعفنة في قدح الرمز الوطني المهدي بن بركة، حيث وصمته بدون مراعاة للكرامة الإنسانية، ولا للرمزية الوطنية، ولا لحرمة الموتى، وهي من عظائم الأمور عند الله في التصور الإسلامي السليم والسلوك الأخلاقي القويم حين وصمته- والتعبير لها- " بالمجرم الذي تزعم العصابة الشيوعية والملحدة التي قتلت العالم الوطني عبد العزيز بن ادريس وشدخت رأسه بالحجارة والفؤوس".
ويدعو هذا المكتب العام للإرشاد للمدعوة "الحركة الإسلامية المغربية" إلى اتخاذ يوم 25 شوال يوما وطنيا للشهيد، إكراما لذكرى اغتيال المرحوم عبد العزيز بن ادريس !!
وكلا الرجلين من الرعيل الأول الذي قاد الحركة الوطنية من أجل تحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي الغاشم، وكلا الرجلين عاشا مرارة الاعتقال والتعذيب والاضطهاد على يد الجلاد الفرنسي، وكلا الرجلين قتلا غيلة وغدرا وظلما، وبأبشع الطرق، لكن المكتب العام الإلكتروني للإرشاد للمدعوة "الحركة الإسلامية المغربية"، يعتبر المرحوم عبد العزيز بن ادريس شهيدا، بينما يعتبر المرحوم المهدي بنبركة مجرما قاتلا وزعيم عصابة شيوعية إجرامية، وقتل تحت راية عمية وضالة، يصفه بهذا الوصف، حتى وهو الذي تآلبت على اختطافه وسفك دمائه قوى من الشرق والغرب، من الموساد الصهيونية والمخابرات الأمريكية والمخابرات الفرنسية، وأزلامهم من المغرب ممن خدموا في جيش الاستعمار الفرنسي، وعادوا الحركة الوطنية المغربية، من أجل إسكات صوت تعلقت به الشعوب في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، كان يدعوها للتكتل ويخطط من أجل رص صفوفها في مجابهة قوى الاستعمار والامبريالية الناهبة للثروات والمبيدة للشعوب المستضعفة والمهينة لكرامة العرب والمسلمين، وكان يتصدى لإسرائيل الصهيونية ويطارد وجودها وتغلغلها في البلدان الأفريقية والأسيوية، أنى حلت فيها بمشاريعها ومخططاتها وعلاقاتها.
وحتى وإن كان هذا المكتب العام للإرشاد، واقعا أو وهما، أو كان يعتمره فرد أو اثنان أو أكثرا من ذلك، أو كان قناعا لجهة ما، لا علاقة لها بالإسلام أو بالحركة الإسلامية، أو كان مداه يقف فقط عند الموجات الإلكترونية، أو يتجاوزه إلى ما أوسع من ذلك، فإن هذا التفنن -المحسوب على الحركة الإسلامية - في ابتكار صيغ القدح والطعن والقذف بالباطل في حق رجل مات تحت التعذيب فداءا لتضحياته من أجل تحرير الشعوب المضطهدة في القارات الثلاث ومن أجل نماءها ورفعتها، لا يمت بصلة إلى دين الإسلام الحنيف، ولا يوصف إلا بكونه سقوطا متعمدا في الخندق القذر الذي ركن في قعره من تآمر على حياة الرمز الوطني والأممي الكبير المهدي، من الموساد الصهيونية والمخابرات الأمريكية والفرنسية وعملاءهم وأذنابهم من القتلة.
والتفنن في القدح والقذف بالبهتان في حق الشهيد المهدي، هو مساس سافر برمزية النضال الوطني، واستفزاز لمشاعر السواد الأعظم من المواطنين المغاربة، سواء من الأجيال التي عايشت المهدي، أو الأجيال اللاحقة التي تشربت ذاكرتها رمزية المهدي كعلم من أعلام التاريخ الوطني الحديث، لا تنمحي بصماته على صفحته، ولا ينال التعتيم من حقيقة أنه كان يملك بعبقرية المهندس والرياضي، المخطط الدقيق المعالم للنهوض بالبلاد إلى مراقي التقدم والانعتاق.
وهو تهييج مقصود لبث الشنآن والشحناء والبغضاء بين التيار الإسلامي الذي تحسب عليه هذه الأصوات والتيارات الأخرى التي تتخذ من المهدي، شهيدها ومرجعها وقائدها وملهم حركتها.
وهو التهييج الذي يسقط في دعم مشروع أعداء الأمة الذين يمكرون بالليل والنهار، من أجل زرع الفتنة في أوساطها، وإشعال لهيب التقاتل والتطاحن بين مكوناتها، وتفتيت طاقاتها بإشغالها في صراعات داخلية تهمش مسارها نحو التحرر من الأغلال، تلك الأغلال التي لازالت تتحكم بها هاته القوى الإمبريالية من صهيونية عالمية واستعمار غربي عالمي تقوده أمريكا من جديد، تتحكم بها في رقاب الأمة وأعناقها وتشل أياديها. وما الواقع العراقي واللبناني والفلسطيني عن هذه الفتن ببعيد.
فهلا استحيت هذه الأصوات وارعوت، وأدركت مغبة ما تقترفه وما تسعى إليه، حتى تبرهن على أنها تحسب على الحركة الإسلامية الأصيلة، لا على "الإسلام"، الأمريكاني والصهيوني، الذي لا أصل له ولا جذر له ولا مستقبل له، كمثل شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسام زملط لشبكتنا عن هجوم رفح: نتنياهو تعلّم أن بإمكانه تجاو


.. من غزة إلى رفح إلى دير البلح.. نازحون ينصبون خيامهم الممزقة




.. -الحمدلله عالسلامة-.. مواساة لمراسل الجزيرة أنس الشريف بعد ق


.. حرب غزة.. استقالة المسؤول عن رسم الشؤون الاستراتيجية في مجلس




.. دكتور كويتي يحكي عن منشورات للاحتلال يهدد عبرها بتوسيع العدو