الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطنيّة والمواطنة ومسؤوليّة الأقليّة: مشروع تدجين طوعي (9)

زاهر بولس

2023 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


وماذا يكتب أيمن عودة في كتابه "الوطنيّة والمواطنة" عن "الأسرلة"؟ في الصفحة 174 يكتب: "برزت في السنوات الأخيرة مصطلحات في بيانات الهيئات التمثيليّة للمواطنين العرب، نحو "الداخل الفلسطيني"، إحدى الإشكاليات المركزيّة بهذه اللغة أنها مواربة، وهي تُستعمل فقط في اللغة العربيّة، أما مستعملها فلا يقول للإعلام العبري "הפנים הפלסטיני" (الداخل الفلسطيني) أو أن تُحيّي الهيئات التمثيليّة الشباب لعدم رضوخهم لل"أسرلة". هذه ليست لغة مواطنة، وإنما لغة شعب واقع تحت احتلال دولة اسرائيل، شعب يريد عزل ذاته عن المواطنة، أو لغة داعمي الدولة الواحدة".
وكأن "قائد!" أحد أهم الأحزاب البرلمانيّة لدى فلسطينيّي الداخل يسلّم بشرعية قيام دولة الكيان، ولا يرى بها احتلالًا أملته علينا التوازنات الدوليّة ومنظومة الإستعمار الغربي بأدوات صهيونيّة مشيحيّة ابتكرتها وأدلجتها وموضعتها في فلسطين دون حتّى أدنى رابط تاريخي، ويهاجم من يهاجم الأسرلة، لا بل ويمتدحها بقوله في صفحة 175: "أمّا الأسرلة ففيها أبعاد مدنيّة مثل العمل، التعليم، الصحّة، المؤسسات الرسميّة، وأن تكون جزءًا من المجتمع في إسرائيل، مدنيًا بصفتك مواطنًا، والمساهمة في القضايا السياسية والاجتماعيّة والاقتصاديّة".
فهو ينظر إلى كل هذه القضايا وكأنها مكاسب من الإحتلال يجب شكره عليها، لا أنّها خدمات مفروضة على أي احتلال في العالم كحد أدنى عليه أن يقدّمها، من قبل المنظّمات الدّوليّة التي تسيطر عليها منظومة الإستعمار العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكيّة.
ويضيف عودة: "والصحيح أن يناهض المواطن العربي الفلسطيني هذه الأبعاد وأن يناهض صهينة الشباب وتشويه انتمائهم، لا الأسرلة برمّتها بأبعادها الحياتيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والإقتصلديّة والتعليميّة وغيرها كلها. أصلًا، المواطن العربي داخل إسرائيل لا يستطيع، حتّى لو أراد، الخروج السياسي عن الأسرلة (بخلاف الصهينة) لأنّها تعني الخروج عن المواطنة وعن المجتمع في اسرائيل، وهو أمر ليس صحيحًا سياسيًا (بالتأكيد في حالة حلّ دولة إلى جانب دولة). وهو غير صحيح واقعيًا أيضًا حيث هناك مكتسبات وتفاعل على مستوى المواطنة التي ما زالت منقوصة ومشوّهة". انظروا إلى هذا التماهي بمضامين النّصين، نقص أن يقول حرفيًا ما قاله مجلّي: "غير وارد بالحسبان"!.
ويعلّمنا عودة كيف نرى وكيف نسمع وكيف نكتب وكيف نتحدّث، وهو اسلوب خطابي استعلائي يُلجَأ إليه في السجال في حالة ضعف الذريعة، فيكتب صفحة 176: "وأحيانًا أسمع خطابًا حماسيًا لقائد سياسي يقول: نحن نواجه إسرائيل! ونقول لإسرائيل! وعلى إسرائيل أن تعلم! بينما لغة المواطنة هي: نحن نواجه المؤسّسة الحاكمة، وعلى المؤسّة الحاكمة أن تعلم. هذه اللغة التي ترى إسرائيل بكل بنيتها، بكل أكاديميّيها وبرلمانها وقضاتها والعلاقات الاقتصاديّة والاجتماعيّة كلّها فيها كتلة صمّاء واحدة ومعادية، ناهيك أنها ليست لغة مواطنة، فهي تعزل المواطنين العرب عن أي تفاعل وعن أي حليف سواءً كان حليفًا شاملًا أو لقضية عينية، وكذلك تعزل قوة المواطنين العرب الكميّة والنوعيّة الضروريّة لصالح القضايا الكبرى"!.
فنتساءل، عن أي حليف يتحدّث وعن اي قضايا كبرى؟ إذا كان حليفه الموعود هو اليسار الصهيوني بعينه الذي نفّذ نكبته، وإذا كان عودة قد أسقط قضيّة الأرض والعودة على مذبح التحالف؟ فيصبح التحالف من أجل التحالف هو الهدف! أما فيما يتعلّق بصياغة المصطلحات وهندستها، فهو يعمل بالوكالة عن "اليسار الإستعماري" المحلي والعالمي، طوعًا، حين يفرّق ويفاضل ما بين مصطلحين: المؤسّسة الحاكمة وإسرائيل، لنخلص إلى نتيجة مفادها شرعيّة إسرائيل كحق يجانبه "النضال!" ضد انحرافات فيها تقوم بها المؤسسة الحاكمة، والتصحيح يتم بالتحالف مع اليسار الصهيوني من أجل استبدال اليمين الصهيوني، فأنت أبدًا مغرم بقاتلك كما قال ابن خلدون.. بتصرّف. وبهذا يحدّد لنا عودة ما هي القضايا الكبرى بعيدّا عن حق عودة الّلاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين، كلٌ إلى دياره، وبعيدًا عن استعادة الأرض. وفوق هذا يريد إعادة بناء مصنع القيادات المستقبليّة! اتحاد الطلاب الجامعيين، وهو أمر مهم، لكن الأهم الاتحاد حول ماذا؟.
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام