الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حميد عقبي والسينما الشعرية..

حكمت الحاج

2023 / 8 / 10
الادب والفن


تابعت وشاهدت بشغف، الأفلام القصيرة الأخيرة التي أنتجها مؤخرا، الشاعر والسينمائي اليمني الصديق حميد عقبي Hamid Oqabi، ونشرها على قناته في اليوتيوب، وقد بنيت في معظمها على قصائد شعرية منتخبة له ولغيره من الشعراء، حيث شكل الإلقاء المسرحي للنصوص العامل الرئيس الذي تدور حوله الأفلام المعنية.
ولقد شاهدت آخر فيلم له بعنوان "تشيخ المدن بعد رصاصة حرب واحدة"، فتأكد لدي إن حميد عقبي سائر بثبات نحو انتهاج خط السينما الشعرية (وليس الشاعرية، فثمة فرق كبير) وإنه لَواعٍ لما يفعل، ومدرك لحجم المغامرة الفنية الذي ينتظره.
الملاحظ على هذا الفيلم الأخير، ذلك التطور الواضح في كتابة السيناريو، وتسلسل اللقطات وحساب أطوالها وانتقالاتها. كما قد أصبحت الرسالة أكثر وصولا للمشاهد من تظافر كل عناصر الفيلم لتشكل معا مدلولا مدركا بسهولة يستطيع أي مشاهد التقاطه دون عناء. وإن كانت هذه الأفلام الشعرية قد ابتدات بدقائق قليلة عند انطلاق مشروع حميد، إلا ان الأفلام اللاحقة أخذت تزداد طولا شيئا فشيئا، لنصل مع هذا الفيلم الى مدة زمنية معقولة ومقبولة، فلم يعد قصيرا خاطفا، ولم يصل كذلك إلى درجة الملل عند مشاهدته.
ولا أدري لماذا ذكرني هذا الفيلم برائعة الروسي أندريه تاركوفسكي، "المرآة" (1975)، حيث استكشاف داخلي عميق للذاكرة والأحلام والزمن من خلال صوره الشعرية وبنائه السردي غير الخطي، ماحيا كل للحدود بين الواقع والخيال.
السينما الشعرية هي نوع من الأفلام (طويلة او قصيرة، روائية او وثائقية) التي تؤكد على السرد البصري والتعبير الشعري بدلا عن البناء السردي التقليدي، وتتميز بإستخدامها للصور المدهشة والرموز المعنوية والمنظور الشعري في الرؤية إلى العالم والأشياء. غالبًا ما تستكشف السينما الشعرية مواضيع الحب والمنفى والفقدان والطبيعة والوضع الإنساني، وأضاف حميد عقبي إليها الحديث عن الحرب والتهميش وأشكال العنف والفقر.
وهذه بضعة أمثلة على الأفلام التي تعتبر تحفاً من السينما الشعرية:
1. "شجرة الحياة" (2011) - من إخراج تيرانس مالك.
2. "باراكا" (1992) - من إخراج رون فريك، وهو وثائقي بدون كلمات.
3. "أجنحة الرغبة" (1987) - من إخراج الألماني فيم فيندرز.
4. "أيام السماء" (1978) - من إخراج تيرانس مالك.
كملحوظة عامة تتعلق بالجانب الفكري لصناعة هذه الأفلام القصيرة الشعرية، أرى أن على حميد عقبي كمخرج ومؤلف لها وممثل فيها، أن يحسم ويحزم أمره بخصوصها، فإما أن يعتني بالعالم الداخلي السيكولوجي للإنسان، وإما أن يهتم بالطبيعة والعالم الخارجي والأشياء، إذ أن اللجوء إليهما معا فهذا من شأنه أن يشتت ذهن المتفرج ويمنعه من المشاركة الفعالة في اللعبة البصرية.
هذه الأفلام القصيرة التي يقدمها لنا حميد عقبي، بين العديد من مشاريعه الأخرى، تعرض جمال وقوة السينما الشعرية من خلال لغتها البصرية الفريدة واعتماد القصائد في بناء السيناريو، وتدعونا كمشاهدين لتجربة عواطف وأفكار جديدة، بطريقة بسيطة للغاية وإمكانات متواضعة، لكنها عميقة وفنية.
إلى الأمام يا رفيق!

لمشاهدة الفيلم:








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا