الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ينقذ بوش من مستنقع العراق ؟

ابراهيم الداقوقي

2006 / 11 / 6
الارهاب, الحرب والسلام


تحاول ادارة بوش منذ شهرين انقاذ ماء الوجه ، نتيجة فشلها في ادارة الصراع مع الارهاب المحلي والاقليمي والدولي الذي اتخذ من العراق ساحة لتصفية الحسابات المتراكمة : مع واشنطن ومع دول الجوار ومع بعضها البعض .واذا كان الجمهوريون وكذلك الديموقراطيون لا يرغبان في الانسحاب المبكر من العراق – رغم الضغوط الشعبية - فان تقاعس الديموقراطيين عن تقديم برنامج بديل للوضع الامريكي المتردي في العراق ، هو الذي يجعل بوش وزمرته الحاكمة تؤكد بان الاستراتيجية الامريكية في العراق سوف لن تتغير ، وانما ثمة تكتيكات متغيرة ضمن تلك الاستراتيجية لمعالجة الوضع القائم في العراق .
وقد تجسدت تلك المحاولة من خلال بالونات الاختبار التي اطلقتها واشنطن من بغداد من خلال سلسلة الاجتماعات والظهورالاعلامي المكثف للثلاثي المدني – العسكري الحاكم في العراق ، خلال الاسبوع الاخير من الشهر الماضي : السفير سلمان خليل زادة وقائد القوات العسكرية جورج كيسي من جهة ، وبين خليل زادة والمالكي من جهة اخرى . ثم ظهرت المقالات " الناصحة " في كبريات الصحف الامريكية حول الخطوات الواجب اتخاذها لتحقيق " استراتيجية الخروج المطمئن والمنظم من الازمة العراقية " ليس من خلال الهروب من العراق – كما اكد بعض المحللين السياسيين من دول الجوار - وانما لوضع الخطط الجديدة حول مستقبل العراق والتي يجري وضع اللمسات الأخيرة على سيناريوهاتها، بين بغداد وواشنطن الان لتنفيذها قبل الانتخابات التكميلية في امريكا ، حيث تؤكد الاستقصاءات الداخلية ... فوز الديموقراطيين فيها ، اذا لم يتخذ بوش الخطوات الضرورية لانقاد الموقف وارواح الجنود الامريكيين من القتل المجاني . وربما كانت زيارة ( نيغروبونتي ) الى بغداد واجتماعه بالمالكي ، الحلقة الاخيرة لتلك الاجتماعات ، التي سيتوجها الرئيس بوش بـ ( مفاجأة ) غير محسوبة من مفاجآته الاستثنائية حول الوضع العراقي .
فقد كتب ريتشارد هولبروك – المرشح لوزارة الخارجية الامريكية في حال فوز الديموقراطيين في الانتخابات العامة القابلة – رسالة مفتوحة الى الرئيس بوش الابن ، في صحيفة الواشنطن بوست ( الثلاثاء 23 / 10 / 2006 ) طالبه فيها " بضرورة سحب القوات العسكرية الى شمال العراق – كردستان العراق - انقاذا لارواح الجنود الامريكيين ، مع تسليم ملف الامن الى حكومة المالكي وتعضيده لاجراء المصالحة الوطنية " . كما صدر في اليوم نفسه مقال افتتاحي في صحيفة ( نيويورك تايمز ) طالبت فيه " بضرورة عزل وزير الدفاع رامسفيلد – مسؤول ورطة العراق - وتقوية وزارة المالكي مع اشراك دول الجوار في مؤتمر موسع ، للخروج من الازمة العراقية " .

واذا كان موقفا هولبروك وصحيفة نيويورك تايمز ، يدلان على مدي تعاون المعارضة مع الحكومة القائمة في واشنطن ، فان هذا التعاون الوثيق بينهما في القضايا العامة واثناء الملمات ، يشكل قوة ومتانة النظام واسلوب اتخاذ القرارت المصيرية في القوة العظمى المهيمنة على العالم ، اليوم . فقد حقق الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون - خلال فترتي رئاسته - العديد من المكاسب الكبيرة للولايات المتحدة ، رغم الاكثرية الجمهورية في الكونغرس الامريكي ، نتيجة هذا التعاون المثمر بين الحكومة والمعارضة ، وهو المبدأ الذي اخذت به الديموقراطيات الاجتماعية في اوروبا ، ومنها انتقلت الى الاحفاد الامريكيين ...... رغم خروج الرئيس بوش – احيانا – على هذه القاعدة بالانفراد باتخاذ القرارات " الاستثنائية "و / او بالاتفاق مع طاقمه السياسي من المحافظين الجدد .

واليوم – وقبل يومين من الانتخابات التكميلية - الذي قد يتقرر فيه مصير الجمهوريين ، المتأرجح بين التأييد والاحتجاج على سياساتهم الفاشلة في العراق – بفشل جميع استراتيجياتهم وتكتيكاتهم - ما هي المفاجأة ، او الحركة الاستثنائية المنتظرة التي يمكن ان يقوم بها لانقاذ الموقف داخليا في العراق والولايات المتحدة الامريكية معا ؟
يمكننا القول – بعد استقراء آراء معظم المحللين السياسيين الامريكيين انفسهم - ان بوش مضطر لاتخاذ الخطوة التالية الضرورية لذلك وقبل هذه الانتخابات ، باعفاء رامسفيلد من مهامه و / او سحب نصف القوات الامريكية العاملة في العراق ، او بسحبها خارج المدن العراقية ... مع ايداع اضبارة الامن الى الحكومة العراقية ودعمها لتحقيق التصالح الاجتماعي و لنزع سلاح المليشيات ، توطئة لتحقيق الاستقرار في العراق وتطمين الناخب الامريكي ، ان حكومته حريص على ارواح مواطنيها .... والا فان الديموقراطيين سيحققون الاكثرية في البرلمان . وعند ذلك يضطر الرئيس بوش ، للاذعان لمطاليبهم ، والتعاون مع المعارضة في تسيير دفة الحكم خلال الفترة المتبقية من رئاسته . وقد يكون بوش بحاجة الى مثل هذه الانتكاسة السياسية لكي تتأكد مقولة احد خبراء مراكز البحث الامريكية المعتمدة " ان كل شئ يعتقده بوش صحيحا .... هو خطأ بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية وتطلعات الشعب الامريكي " . ومن هنا لا احد ينقذ بوش من مستنقع العراق ... الا نفسه بالذات ، من خلال رؤية الحقائق الموضوعية في المنطقة ، والتخلي عن نظرته الاحادية للشؤون الدولية مع الاعتراف بدور المشروعية الدولية في تحقيق الامن والسلام في المنطقة والعالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النيابة الكويتية تعلن حبس مواطن وحجز وضبط وإحضار آخرين بعد ن


.. كيليان مبابي يودع باريس • فرانس 24 / FRANCE 24




.. ويليام بيرنز.. من مبعوث إلى لاعب رئيسي في ملف مفاوضات غزة


.. حرب السودان.. لماذا يستميت الخصمان للسيطرة على الفاشر؟




.. تهدد شبكات الطاقة و-GPS-.. أقوى عاصفة شمسية منذ عقدين تضرب ا