الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبول الحرب العالمية الثالثة تُدق من كردستان إلى أوكرانيا والنيجر

أحمد شيخو
كاتب وباحث سياسي

(Ahmed Shekho)

2023 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن أزمة النظام العالمي النيوليبرالي، أو الأصح أزمة نظام الحداثة الرأسمالية تستفحل بشكل أكثر، وتتوسع لتنتشر في معظم بقاع العالم، ماعدا القارة الأمريكية التي نعتقد أنها لن تكون بمعزل عنها، في حال كانت الحلول غير ديمقراطية وبعيدة عن المجتمعات والشعوب.
من كردستان قلب ومركز الشرق الأوسط، التي تم تقسيمها باتفاقيات دولية، وحرمان شعبها من حقوقه الطبيعية في إدارة وحماية نفسه، والعيش بثقافته، لضمان هيمنة النظام العالمي بعد الحرب العالمية الأولى على الدول الأربعة وعبرها على الشرق الأوسط، إلى أوكرانيا والبحر الأسود، التي تتصارع على ساحتها والتحكم بها القوى المركزية العالمية، ومعها مراكز القوى في النظام العالمي الواحد.
وقبل أيام وفي إحدى أهم بلدان إفريقيا النيجر، التي لها حدود مع سبعة بلدان، والتي تشكل إحدى دول الساحل الخمسة المتواجدة في غرب القارة الأفريقية، ظهرت ملامح صراع جديد من صراعات وحروب مراكز القوى في النظام العالمي المهيمن، وهذا الصراع بالإضافة للتراكمات التاريخية الاستعمارية في إفريقيا فهو امتداد للحروب الموجودة في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا.
ما يجمع هذه الحروب والجغرافيات، أن الأزمات العميقة ذات الأبعاد الثقافية والسياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، موجودة فيها منذ عشرات السنين دول أن يكون هناك نقاش جاد، وبحث وفهم وتوجه نحو الطرق الصحيحة وبناء الحلول الديمقراطية، بل أن السائد هو سرقة الموارد الطبيعية، والقيم المادية والمعنوية للمجتمعات والشعوب وفرض نظم سياسية واقتصادية، وسلطات وظيفية وقيم فكرية بعيدة عن أصحاب الأرض، وأهل الدار الحقيقيين، وسد الطريق أمام أية انطلاقات أو سياقات مجتمعية ديمقراطية أخلاقية.
إن السياسية والأمن اللذين تمَّا، وتتم ممارستهما من قبل نظام الهيمنة العالمي وأدواتها الإقليميين والمحليين، في المناطق والبلدان الثلاثة، باتا متضخمين بالسلطوية وبالعقم والفساد والتوتر والتبعية، وكما أن هيكل الدولة القومية المفروض، ودساتيره، ومؤسساته، اللاديمقراطية ذات اللون الواحد، والتي عبرها تحكم فئة ضيقة وطبقة سياسية فاسدة، لا تناسب أي من المجتمعات المتعددة والمتنوعة في المناطق الثلاثة، ولا تلائم الاستقرار أو السلام، ولا يمكنها تحقيق ذلك. ولعل فشل معظم هذه الدول والسلطات في مواجهة التحديات وتأمين احتياجات المجتمعات، والشعوب وخلق مساحة عمل مشتركة واعتراف متبادل، عدا عن عدم قدرتهم على إفساح المجال للحياة المتكاملة، والعيش المشترك والتحالفات الديمقراطية بين الشعوب جعلتنا نكون أمام مسمع طبول الحرب، التي لن تتوقف لحين وزمن مرتبط بالتفاعلات الموجودة في الإقليم والعالم.
في كردستان، وأوكرانيا، والنيجر، وغيرها، تتنازع القوى المركزية في نظام الحداثة الرأسمالية المهيمن ذي القطب الواحد، وقدرة التأثير والمصالح المادية والزخم الإقليمي، فمن جهة نجد الصين وروسيا، ومعهم من دار في فلكهم، وتعاطف معهم، ومن جهة أخرى نجد أوروبا وأمريكا، ومن التحف بهم، ولكننا لا نستطيع تميزهم من حيث وحدة الأهداف، وسلوكيات الوصول لتلك الأهداف.
في أوكرانيا، العملية الخاصة، التي كانت مرسومة كأسبوع تحولت لسنوات، وتداعياتها باتت عالمية على الاستقرار في الغذاء، والطاقة، والأمن، والمال، وكل الجغرافيات المحيطة، ومنها تركيا، والسويد، وفنلندا، مهمة لطرفي الصراع، على حساب المجتمعات والشعوب في أوكرانيا، وروسيا، وأوروبا، والشرق الأوسط.
في كردستان، مازالت القوى المركزية في النظام العالمي بشرقه، وغربه على مواقفها الاستراتيجية السلبية السابقة، وهذا يظهر من حالة العزلة المطلقة على المفكر والقائد عبد الله أوجلان، والصمت العالمي والإقليمي على ذلك، وعلى ما يتعرض له الكرد في الدول الأربعة، وقد ذهبت أمريكا لخطوة تكتيكية لمصالحها، ولكنها خطوة غير معروفة النتائج، أو المستقبل مع الكرد في شمال سوريا.
أما النيجر، فاليورانيوم فيها، وموقعها الجغرافي ودورها في غرب أفريقيا لمحاربة التنظيمات الإرهابية مع القوى الغربية، وحدودها مع الجزائر، وليبيا، ومالي وبوركينا فاسو ذات العلاقة القوية مع روسيا، إضافة الى تداعيات الاستعمار الفرنسي على شعب النيجر وعلى معظم دول غرب أفريقيا، يحتمل أنها ستكون كردستان ثانية، أو أوكرانيا ثانية، لتتصارع عليها قوى إقليمية ودولية.
لا يمكن فصل بين ما هو موجود في كردستان، أوفي أوكرانيا أو في النيجر، فهي باعتقادنا فصول وأبواب مختلفة لحروب الهيمنة، وهي الحرب العالمية الثالثة، التي يريد عبرها نظام الحداثة الرأسمالية حل أزماته وتجديد نفسه، ومصالحه الاستراتيجية، وهذه الحرب تختلف عن الأولى، والثانية حتى الآن بمعطياتها، وأدواتها، وتفاعلاتها وتداعياتها، وتوسعها لمساحات وقارات أكبر من الأولى والثانية.
تشكل ثنائيات، المجتمع والسلطة، الداخل والخارج، الحق والباطل، المعرفة والجهل، الاستقلالية والتبعية، تفاصيل الحياة المشتركة بين المواضع الثلاثة المركزية من الشرق الأوسط وأوروبا وغرب أفريقيا، فمأكل الانسان ومأمنه وتزايده الطبيعي أي حياته الكاملة، لا بد أن يكون فيه استقرار وأمان وسلام، ويتمثل ذلك في هوية الإنسان، وإرادته الحرة وكرامته، وهذا الإنسان يمكن أن يكون كردياً أي شرق أوسطي، أو أوروبياً، أو أفريقياً، وإذا لم يكن كذلك، فطبول الحرب سوف تظل تدق إلا أن يرهق الطرفان المتحاربان، ولكن هنا ليس هناك طرفان بل أطراف، وأدوات كثيرة معقدة ولذلك، فالطبول سوف تظل تدق إلا أن تقول الشعوب والمجتمعات كلمتها، وتظهر موقفها، وتبني الحياة الحرة، التي نعتقد أنها يمكن أن تكون عبر الكونفدراليات الديمقرطية للشعوب، والمجتمعات، التي تستطيع ضمان مصالح الشعوب والمجتمعات أولاً، وليس عبر الانقلابات على السلطات أو التغيرات الشكلية فيها في دول تكون وظيفية وتابعة أصلا للنظام العالمي، إما لهذا الطرف أو ذاك، ولكل الطرفين قوتان مركزيتان في النظام العالمي الرأسمالي النيوليبرالي، فالحل يكمن في مجتمعات، وشعوب هذه الدول، وليس في القوى الاستبدادية والقمعية، وليس في قوى الهيمنة العالمية، التي تريد الاستفادة قدر الإمكان من خلق الثنائيات المتحاربة والصراعات ودوام استمرارها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جنرال أميركي في لبنان للإشراف على الهدنة والجيش الإسرائيلي ي


.. ما هي السردية التاريخية للقضية الفلسطينية؟ | #حديث_العرب




.. ما أبرز ما ورد في الإعلام الإسرائيلي؟


.. شبكات | بعد سيطرتها على حلب.. هل تصل المعارضة السورية إلى حم




.. شبكات | الاتفاق على حافة الانهيار.. 52 خرقا إسرائيليا لوقف إ