الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مالي تلغي 11 اتفاقية استعمارية فرضتها فرنسا على دول إفريقية منذ عام 1960

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2023 / 8 / 12
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


في ظروف تتسم بالتحدي الذي رفعته القوات العسكرية بالنيجر في وجه هيمنة فرنسا على مقدرات بلادها، ظهر مقال بقلم Grah Kossi-Kossi بالفرنسية على صفحات موقع "GhanaWeb" يوم سادس غشت الجاري متضمنا المقتضيات التفصيلية للاتفاقيات الاستعمارية الإحدى عشر المفروضة من قبل فرنسا الإمبريالية على البلدان الإفريقية، ضمنها النيجر، منذ عام 1960، والتي مزقها قادة الانقلاب في النيجر وألغوها من جانب واحد.
ويقول الكاتب إن 14 دولة إفريقية ناطقة بالفرنسية وقعت بعيد استقلالها إحدى عشر اتفاقية مع فرنسا.
تخص الاتفاقية الأولى الدين الاستعماري لسداد فوائد الاستعمار. وهذا يعني أن الدول المستقلة يجب أن تسدد تكلفة البنيات التحتية التي بنتها فرنسا خلال فترة الاستعمار. ولحد الساعة، ما زال المهتمون يبحثون عن تفاصيل التكاليف وتقييم الفوائد وشروط الدفع التي تفرضها فرنسا على البلدان الإفريقية.
وتهم الاتفاقية الثانية المصادرة التلقائية للاحتياطيات المالية الوطنية؛ ما يعني أن الدول الإفريقية يجب أن تودع احتياطياتها المالية في بنك فرنسا. وهكذا، قامت فرنسا "بحراسة" الاحتياطيات المالية لأربعة عشر دولة إفريقية منذ عام 1961.
هذه الدول هي بنين، بوركينا فاسو، غينيا بيساو، ساحل العاج، مالي، النيجر، السنغال، الطوغو، الكاميرون، جمهورية إفريقيا الوسطى، تشاد، الكونغو برازافيل، غينيا الاستوائية والغابون.
وبالتالي، تظل حوكمة السياسات النقدية غير متزامنة وغير مكتملة بسبب حقيقة أن الحكومة الفرنسية هي التي تديرها مباشرة، دون أي ارتباط بالسلطات المالية للبلدان الإفريقية مثل بنك دول وسط إفريقيا أو البنك المركزي لدول غرب إفريقيا.
هكذا، ونظرا للشروط التي تلزم بنوك 14 دولة في المناطق الاقتصادية والمالية التابعة لغرب إفريقيا الفرنسي، تكون الدولة الاستعمارية في وضع يسمح لها بالاحتفاظ بـ 65 ٪ من احتياطيات مستعمراتها من العملات الأجنبية في حساب جار تحتفظ به الخزينة الفرنسية، بالإضافة إلى 20 ٪ من أجل تغطية "المخاطر المالية".
بالإضافة إلى ذلك، تفرض البنوك في مناطق غرب إفريقيا الفرنسي
حدا ائتمانيا على كل دولة عضو، بما يعادل 20 ٪ من إيرادات الدولة في سنة الميزانية الجارية، على الرغم من أن بنك دول وسط إفريقيا أو البنك المركزي لدول غرب إفريقيا لديهما إمكانيات سحب أعلى لدى الخزينة الفرنسية. يجب أولاً الموافقة على عمليات السحب هذه من قبل الخزينة الفرنسية.
وبالتالي فإن القرار النهائي يقع على عاتق الخزينة الفرنسية، التي تستثمر هي نفسها احتياطيات البلدان الأفريقية في سوق البورصة الباريسية.
بعبارة أخرى، يتم إيداع 85٪ من الاحتياطيات المالية الإفريقية في حساب جار تسيطر عليه الإدارة الفرنسية.
المصرفان في منطقة غرب إفريقيا الفرنسي إفريقيان بالاسم فقط، لأنهما لا يقرران أي سياسات نقدية بمفردهما. والأسوأ هو أن البلدان نفسها لا تعرف حتى حصة الاحتياطيات المالية التي تملكها.
وتنص الاتفاقية الثالثة على حق الرفض الأول لأي مصدر خام أو طبيعي تم اكتشافه في الدولة؛ أي أن فرنسا لها الحق الأول في شراء الموارد الطبيعية التي مصدرها أرض مستعمراتها السابقة. فقط بعد أن تقول فرنسا "لست مهتمة"، يُسمح للدول الإفريقية بالبحث عن شركاء آخرين.
بينما تؤكد الاتفاقية الرابعة على أن الأولوية للمصالح والشركات الفرنسية في العقود العامة والصفقات العمومية.
أثناء فتح أظرفة الصفقات العمومية، تمنح الأولوية للشركات الفرنسية على طلبات العروض، رغم أن البلدان الإفريقية يمكن أن تحصل على أفضل نسبة السعر إلى الأداء في أماكن أخرى.
وفي المحصلة، تكون جميع الرافعات الاقتصادية، في معظم المستعمرات الفرنسية السابقة، في أيدي المعمرين الفرنسيين. في ساحل العاج، مثلا، تستحوذ الشركات الفرنسية وتتحكم في جميع الخدمات العمومية الأساسية بما فيها الماء الصالح للشرب والكهرباء والهاتف والنقل الجوي والموانئ والبنوك الكبرى، ونفس الشيء في قطاعات التجارة والبناء والزراعة.
اما الاتفاقية الخامسة فتنص على الحق الحصري لفرنسا في توفير المعدات العسكرية وتدريب ضباط الجيش في المستعمرات. وتقتضي هذه الاتفاقية انه، بفضل نظام متطور للمنح الدراسية والإعانات و"اتفاقيات الدفاع" الملحقة بالاتفاق الاستعماري، يجب على الأفارقة إرسال كبار ضباطهم للتدريب في فرنسا وهم ملزمون بأن يتزودوا بالمعدات العسكرية من فرنسا.
في حين، تقر الاتفاقية السادسة بحق فرنسا في نشر القوات والتدخل العسكري في البلد للدفاع عن مصالحها. وبموجب ما يسمى بـ "اتفاقيات الدفاع" الملحقة بالاتفاق الاستعماري، تعطي فرنسا لنفسها حق التدخل عسكريا في الدول الإفريقية، وأيضا في تمركز قواتها بشكل دائم في قواعد ومنشآت عسكرية، يدبر شؤونها بالكامل فرنسيون.
وصولا إلى الاتفاقية السابعة، نجد أن مناطها الالتزام بجعل اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية للبلد ولغة التدريس، في آن واحد. حتى أنه تم إنشاء منظمة للغة الفرنسية ونشر الثقافة الفرنسية تسمى ب"الفرنكوفونية" ولها العديد من الفروع التي تكون تابعة لسلطة وزير الخارجية الفرنسي.
كما تنص الاتفاقية الثامنة على الالتزام باستعمال فرنك المستعمرات الفرنسية في إفريقيا. ورغم عدم مشاركة هذا النظام من قبل الاتحاد الأوروبي، إلا أن المستعمرات الفرنسية تظل مجبرة على استعمال هذه العملة حصريا.
بالنسبة إلى الاتفاقية التاسعة، يمكن تلخيص مقتضاها في الالتزام بإرسال كشف حساب سنوي وتقرير عن حالة الاحتياطيات إلى فرنسا. ولا مال بدون تقرير؛ أي أن مدير البنوك المركزية للمستعمرات السابقة يعرض التقرير المذكور خلال الاجتماعات السنوية على وزراء المالية في المستعمرات السابقة. ثم يتم التحويل البرمجي لهذا التقرير من قبل بنك فرنسا والخزينة الفرنسية.
يظهر أن الاتفاقية العاشرة موغلة في العبودية، حيث تأمر الأفارقة برفض كل تحالف عسكري مع دول أخرى، ما لم ترخص به فرنسا. وهكذا لا يمكن لهذه الدول أن تقيم تحالفات عسكرية إلا مع مستعمريها السابقين لمجرد أن فرنسا منعتهم من أي تحالف عسكري آخر.
وأخيرا، تؤكد الاتفاقية الحادية عشر على واجب التحالف مع فرنسا في حالة الحرب أو أزمة عالمية. والحال أن أكثر من مليون جندي إفريقي حاربوا النازية والفاشية خلال الحرب العالمية الثانية وساهموا في دحرهما. والآن بعد أن أصبحت فرنسا مرتبطة عسكريا بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة، تكون إفريقيا ملزمة فعليا بالوقوف إلى جانب فرنسا في حالة نشوب الحرب العالمية الثالثة.
في الفقرات الأخيرة من مقاله، يشير الكاتب إلى أن إحدى عشرة اتفاقية ما زالت سارية بين فرنسا و 14 دولة في منطقة غرب إفريقيا الفرنسي، ولن تتحدث أي وسائل إعلام فرنسية أو ما يسمى بالمختصين في إفريقيا عن هذه الاتفاقيات المشؤومة التي تم فرضها على الدول الأفريقية المنتمية لهذه المنطقة.
ويرى الكاتب أنه يمكن لمالي التعاون بحرية مع جميع دول الكوكب دون طلب إذن من فرنس، إذا استمرت على موقفها لتلك الاتفاقات المشينة.
في ظل كل هذه الاحتيالات الأخلاقية والمادية والنفسية، يجب على الجيل الأفريقي الجديد أن يساهم في استعادة الثروات الوطنية لقارتنا من أجل ترك إرث جيد للأجيال القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد