الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطنيّة والمواطنة ومسؤوليّة الأقليّة: مشروع تدجين طوعي (11)

زاهر بولس

2023 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


يكتب أيمن في استهلال كتابه عن كتابه أنّه "يصبو إلى ايجاد قواسم مشتركة مع كل صاحب توجّه وطني وديمقراطي، الآن بالذات، في ظل لحظة أزمة سياسيّة فارقة، مثقلة بالإحباط، وحبلى بالمخاطر والفرص في آن معًا. وكما قال نلسون مانديلا: إنّ اكثر اللحظات إحباطًا هي التوقيت لشنّ مبادرة" صفحة 11
وهنا، ولاحقًا، ما بين التصريح والتبطين يعلن عودة عن وجهته: شنّ مبادرة.
فهل تكون هذه المبادرة على غرار " المؤتمر الوطني الأفريقي" وقِيَم أهم قادته، نلسون مانديلا؟ وهل يفهم عودة مضامين مشروع المؤتمر ومانديلا كما نفهمه، أم يستعملهما كدأبه في صياغة النّص، حيث يقوم باستعمال أمثلة بغير موضعها ليكسوها بغير جوهرها في خدمة أجندته؟ سنرى معًا من خلال نصوصه.
يتوجّه عودة إلى عرب الداخل الفلسطيني تحت مسمّى "العرب في اسرائيل" بخمسة محاور في الصفحة 20:
1- مواصلة تمكين المواطنين العرب الفلسطينيين في اسرائيل.
2- توسع الشراكة العربيّة اليهوديّة.
3- المؤتمر الوطني الفلسطيني، والتكامل الوظيفي الفلسطيني.
4- النسيج الإجتماعي والوحدة الوطنيّة.
5- المشروع الثقافي الوطني التقدمي.
ويحلو لمؤلّف الكتاب أن يستشهد في كتاباته ومقابلاته فقرة واحدة بعينها، بعكس مبغى مؤلّفها، ويُسقط ما تبقّى لأنّه لا يفي بخدمة مشروعه، والحديث عن مقدمة ابن خلدون.
كتب العلّامة عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون في مقدّمته النابضة دومّا بالحياة، في التفاوت بين مراتب السيف والقلم في الدول: "اعلَمْ أنّ السيف والقلم كلاهما آلة لصاحب الدولة يستعين بهما على أمره، إلّا أنّ الحاجة في أوّل الدولة إلى السيف ما دام أهلها في تمهيد أمرهم أشدّ من الحاجة إلى القلم، لأنّ القلم في تلك الحال خادم فقط منفّذ للحكم السلطاني، والسيف شريك في المعونة. وكذلك في آخر الدولة حيث تضعف عصبيّتها كما ذكرناه، ويقلّ أهلها بما ينالهم من الهَرَم الذي قدّمناه، فتحتاج الدولة إلى الاستظهار بأرباب السيوف وتقوى الحاجة إليهم في حماية الدولة، والمدافعة عنها، كما كان الشأن أول الأمر في تمهيدها. فيكون للسيف مزيّة على القلم في الحالتين... وأما في وسط الدولة فيستغني صاحبها بعض الشيءعن السيف لأنّه قد تمهّد أمره... والقلم هو المعين".
وإذا ما قرنّا هذا النّص الذي أسقطه عودة، فالأمر ليس دومًا فيما تقول بل فيما لا تقوله أيضًا، مع اقتراح عقد مؤتمر وطني فلسطيني رغم وجود منظمة التحرير الفلسطينيّة، على علّاتها، والتي نقشت شرعيّة الكفاح المسلّح على رايتها، وأسقطته عن راية السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، وهي نفس القيادة المتنفذة في الحالين، وبصراع مع حماس والجهاد الإسلامي اللتان لم تنضويا تحت راية السلطة والمنظمة رفضًا لمشروع التسوية، فعودة يترك السيف لفلسطينيي 67 والقلم لفلسطينيي 48، حتّى دون أن ينتقد، لا هو ولا باسم الجبهة التي يقودها، اسقاط السلطة الوطنيّة للسيف التزامًا باتفاقيات أوسلو مع عدو أسقط التزامه في لحظة التوقيع، ولا اسقاط رئيس السلطة محمود عبّاس بذاته لحق عودته إلى صفد. وكلّ هذا تحت عنوان "التكامل الوظيفي الفلسطيني" بين السيف الذي أُسقِط والقلم الذي ينوي أن يؤسرل، بين رئيس أسقط طوعًا حق العودة وقائد لا يرتكز كتابه على حق العودة تمهيدًا لدور تكاملي مع اليسار الصهيوني! ومن كل هذا نفهم معنى محور "مواصلة تمكين المواطنين العرب الفلسطينيين في اسرائيل".
يحاول الغرب تسويق القائد الجنوب أفريقي، نلسون مانديلا، على أنّه رجل سلام، ويحاول الغرب إعادة صياغة تاريخ هذا القائد وتاريخ المؤتمر الوطني الأفريقي على أنه نموذج عالمي يحتذى به لتحصيل الحقوق المشروعة من خلال التفاوض مع العدو ومن خلفه الاستعمار العالمي. وهذا ما يرنو إليه عودة بين دفّتي كتابه.
إنّ نلسون مانديلا رجل سلام فعلًا من أجل شعبه لا من أجل مشاريع الإستعمار، هو رجل سلام لأنّه قاد الذراع المسلّحة للمؤتمر الوطني الأفريقي، ونفّذ عمليّات عسكرية آلمت الإستعمار، وقبع عقودّا في السجون. فهل هذا هو النموذج الذي يطرحه عودة، أم الصيغة الغربيّة المحسّنة لمانديلا؟
طبعًا حتّى لا نحمّل الأمور أكثر مما تحتمل، فإن مقصد أيمن هو الصياغة الغربيّة لمانديلا، رجل المفاوضات بين أقلّية بيضاء وأكثريّة سوداء، متناسيًا الفوارق بين القضيّتين والتشابه بينهما، فيجعل الفوارق تشابهًا والتشابه فوارقًا ليخدم أجندته.
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة