الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رئيس باكستان يحل البرلمان تمهيدا للانتخابات..و لكن !

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2023 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أكثر من عام من التجاذبات السياسية التي أعقبت إسقاط حكومة حزب إنصاف الباكستاني الذي يتزعمه رئيس الوزراء الذي تآمروا عليه ، عمران خان ، تتهيأ باكستان لإجراء الانتخابات العامة، حيث أعلن مكتب الرئيس الباكستاني عارف علوي حل البرلمان والحكومة تمهيدا لإجراء الانتخابات.

كانت هذه الخطوة مطلبا رئيسيا لحزب إنصاف وزعيمه عمران خان على مدار أكثر من عام، حيث طالب خان بحل البرلمان الوطني والحكومة وعقد انتخابات مبكرة بعد إسقاط حكومته في أبريل/نيسان من العام الماضي، ونظم عددا من المظاهرات في مناطق مختلفة من البلاد للضغط على الحكومة والجهات السيادية لعقد انتخابات مبكرة.

لم يقف الأمر عند المظاهرات فحسب، حيث اتخذت قيادة حزب إنصاف في يناير/كانون الثاني الماضي قرارا بحل البرلمانات الإقليمية في اثنين من أكبر أقاليم باكستان، وهي البنجاب (شرق) وخيبر بختونخوا (شمال غرب)، وهما أقليمان كان حزب إنصاف يسيطر على حكومتيهما.

وتأتي خطوة حل البرلمان الوطني والحكومة الفدرالية في ظل اعتقال عمران خان والحكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات والحرمان من ممارسة السياسة أو شغل أي منصب حكومي لمدة 5 سنوات، مما يؤكد خشية الاطراف التي تآمرت عليه ،من قدرة حزب إنصاف على المنافسة في الانتخابات المقبلة.

ففي خطوة تعكس قوته وشعبيته الجارفة في باكستان التي تشهد تطورات سياسية مثيرة، تم منع زعيم حركة الإنصاف ورئيس الوزراء الذي أطيح به في انقلاب غير دستوري قادته أمريكا، عمران خان، من المشاركة في الانتخابات المقبلة.

وفيما يبدو أن الساحة السياسية تشهد تصاعداً في التوتر بين الحكومة والقضاء، يستعرض الزعيم المحبوس في زنزانته خياراته ورهاناته على النجاح في هذا السياق، مدعوماً بنزاهته، ومبادئه ، ودفاعه عن قضايا المسلمين العادلة ورفضه التطبيع مع الكيان الصهيوني.

في تسريب يبدو أنه جاء من داخل سجنه، أكد عمران خان على ثقته المطلقة بفوز حزبه في الانتخابات المقبلة، مشدداً على أن شعبية حزبه لا تزال تتزايد وتتعزز رغم التحديات . ويرى خان أن مستقبله يعتمد على عاملين رئيسيين: شعبية حزبه بين الجماهير والقوى المؤثرة، والقرارات القضائية التي يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في مستقبله السياسي.

وفي هذا السياق، تشير المؤشرات إلى سعي حثيث من الأطراف التي تخشاه ، الى تفكيك داخلي في حزب عمران خان، لايجاد انشقاق بعض الأجنحة بعد توزيع القيادة الهامة على مجموعات مختلفة. كما أثرت عمليات القمع التي تنتهك مباديء الديمقراطية وتتجاهلها واشنطن عمداً بحجة أن مايجري في باكستان شأن داخلي، على الكثير من القادة البارزين في الحزب، مما أدى إلى اندفاع بعضهم لتأسيس جماعات جديدة أو الانضمام إلى أحزاب سياسية أخرى بهدف البقاء خارج أروقة السجون.

في هذا السياق، تسعى الحكومة ومن ورائها المؤسسة العسكرية المدعومة من واشنطن، إلى ضرب حزب عمران خان من خلال اعتقال قادته وتعريضهم للمحاكمات العسكرية بتهم زائفة قبل موعد الانتخابات. ويعتمد هذا السيناريو على استغلال التدهور الأمني في بعض مناطق البلاد، وبالأخص في المناطق التي يحظى عمران خان بدعم قوي من السكان. وتسعى المؤسسة العسكرية أيضاً لجذب علماء الدين والقبائل لدعمها في ظل الأزمة الأمنية التي تعصف بالبلاد.

استراتيجية عمران خان
على الجانب الآخر، يلجأ حزب عمران خان إلى استراتيجية جديدة تتمثل في تجنب الخروج إلى الشارع وتجنب أي ردود فعل قوية على اعتقاله. تهدف هذه الاستراتيجية إلى إجهاض محاولات الحكومة افتعال أزمات أمنية حادة وتحميل عمران خانه وحزبه المسؤولية ، والحفاظ بالتالي على شعبية الحزب وقيادته حتى موعد الانتخابات.
ورغم أنه قد يبدو أن شعبية خان تزايدت أكثر ولم تتراجع رغم التحديات ، رغم أن ردود الفعل على اعتقاله في الخامس من الشهر الحالي بخلاف ما حدث في التاسع من شهر مايو/أيار الماضي، إلا أنه ما زال يحظى بدعم واسع من الشباب والجماهير، حيث تمثل ذلك في نجاح حزبه في الانتخابات الفرعية في منطقة ميترا.

يؤكد المحللون المستقلون في باكستان ممن لم يتأثر بحجم الدعاية المضادة والعدد الهائل من الاتهامات والملفات أمام المحاكم ضد عمران خان ، أن شعبية عمران خان، ما زالت قوية ومتزايدة. على الرغم من وجود انتقادات واستياء في الأوساط الشعبية تجاه الصعوبات التي يواجهها الزعيم، إلا أنه لم يقم بالخروج إلى الشارع لسببين رئيسيين . الأول هو توجيه حزبه توصيات لأنصاره بتجنب التجمعات العامة لتجنب تصاعد المضايقات والتوترات. الثاني هو تدهور الوضع الأمني في البلاد، خاصة في مناطق شمال غرب باكستان التي تعتبر معقلاً لشعبية عمران خان، وحيث تقوم المؤسسة العسكرية بجهود لتحريك القبائل وعلماء الدين ضده بسبب الأزمة الأمنية .

ويشير الخبراء العارفون بتضاريس الوضع المعقد في باكستان الى أن هناك تفاعلاً ضمنياً بين حزب عمران خان وأنصاره، حيث يمتنع الشباب الذين يؤيدونه بشدة عن المشاركة في التجمعات العامة أو التعبير علناً عن دعمهم له. هذا السكون يرتبط بتوصيات الحزب لهم لتجنب الاعتقال قبل موعد الانتخابات، خوفًا من تداعياتها. وعلى الجانب الآخر، تؤجل الحكومة الانتخابات بشكل متكرر بذرائع متعددة، وهو ما يشير إلى تخوفها من نجاح حزب عمران خان حتى في حال كان زعيمه خلف القضبان.

دعم متزايد
مع استمرار المضايقات الحكومية وتصعيدها ، يصرح الكثيرون لوسائل الاعلام المحلية والدولية عن دعمهم القوي لعمران خان، بسبب ما يقولون إنها قناعتهم بصدقية خطابه وأهدافه وزيف الاتهامات ضده .تكشف استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد الشباب لعمران خان تبلغ 90%، ولكنهم يبقون خلف الكواليس حالياً ، بعيدين عن التظاهرات العلنية والتفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي . هذا الصمت ليس نتيجة تراجع في الدعم، وإنما توجيهات من حزب عمران خان نفسه ، الذي نصح شبابه بتجنب التصعيد العلني لتجنب المشاكل القانونية قبيل موعد الانتخابات، ذلك أن الحكومة تلجأ إلى تأجيل مواعيد الانتخابات بشكل متكرر، في محاولة واضحة للحيلولة دون انتصار حزب إنصاف، حتى في حال كان زعيمه خلف القضبان.
أما في ما يخص المؤسسة القضائية ، فهي تواجه تحديات تحكمها السياسة والتدخل الحكومي . حيث تمت تغييرات في مناصب القضاة في المحاكم المحلية، مما أثر على استقلالية القضاء. من بين هؤلاء القضاة، قاضي محكمة اسلام آباد، همايون دلاور، الذي أصدر حكماً بسجن عمران خان لمدة ثلاث سنوات. هذا الحكم التعسفي يعكس تدخل المؤسسة العسكرية، حيث أظهر دلاور إصراراً على الحكم حتى بعد التغييرات في جداول المحاكم. وبينما أن دلاور لم يكن ضمن القضاة المعنيين بالمشاركة في مؤتمر قضائي في جامعة هال في لندن، إلا أن اسمه تم إضافته في وقت لاحق وسافر مع عائلته إلى بريطانيا.

أفاد الخبير القانوني الباكستاني، محمد زاهد بأن الحكومة حاولت على مدى الأشهر الماضية إقناع المؤسسة القضائية، وتحديداً رئيس المحكمة العليا، القاضي عمر عطا بنديال، بعدم دعم عمران خان، ولكنها فشلت في ذلك. تبنت الحكومة سياسة التقسيم كاستراتيجية جديدة، ورغم فشلها في التأثير على المحكمة العليا، نجحت في تأثيرها على المحاكم المحلية ومحكمة إسلام آباد. 
مع ذلك، لا تزال المحكمة العليا حرة من تأثيرات تلك السياسة، ويتوقع الخبير القانوني أنه عندما تصل قضية عمران خان إلى المحكمة العليا، ستظهر صورة جديدة تماماً. من الناحية القانونية، يجب إعادة النظر في قرار المحكمة المحلية من قبل محكمة إسلام آباد، وإذا قررت المحكمة نفس القرار، فإن الأمور ستنتقل إلى المحكمة العليا، وسيأخذ الملف منحى جديداً.
ويوضح محمد زاهد أن القاضي همايون دلاور من بين هؤلاء القضاة الذين تأثرت قراراتهم بهذه السياسة. ومع ذلك، لا تزال المحكمة العليا حرة من هذه التأثيرات. 
خطوات دستورية
وفقا للدستور الباكستاني، فإنه يتوجب تشكيل حكومة تسيير أعمال للعمل لمدة 3 أشهر وتنظيم ومراقبة الانتخابات لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، حيث يتم التشاور بين رئيس البلاد ورئيس الوزراء ورئيس المعارضة في البرلمان للاتفاق على رئيس وزراء جديد.
ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن الحكومة المؤقتة اليوم السبت، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء السابق شهباز شريف التي بثتها إذاعة باكستان الحكومية.

وفي حال لم يتم التوافق على رئيس وزراء جديد فإنه يجب على رئيس الوزراء ورئيس المعارضة ترشيح أسماء للجنة يشكلها رئيس البرلمان في غضون 3 أيام. وفي حال لم يتم التوافق أيضا، فإن مسؤولية الإعلان عن رئيس وزراء جديد تقع على عاتق لجنة الانتخابات الباكستانية خلال يومين.
وسوف تكون حكومات الأقاليم مجبرة على حل البرلمانات والحكومات الإقليمية بعد حل البرلمان الوطني، وبما أن إقليمي البنجاب وخيبر بختونخوا بالفعل يخضعان لحكومتين مؤقتتين فإنه يجب فقط على إقليمي السند (جنوب) وبلوشستان (جنوب غرب) حل حكومتيهما وبرلمانيهما وتعيين حكومتين مؤقتتين.
ووفقا للنظام الانتخابي في باكستان، يجب على لجنة الانتخابات الباكستانية تحديد موعد لعقد الانتخابات في مدة لا تتجاوز 60 يوما، لأن البرلمان تم حله بعد انتهاء المدة القانونية له، لكن في حال الحل المبكر للبرلمان تصبح المدة 90 يوما للإعلان عن انتخابات جديدة.

ويعتقد على نطاق واسع في باكستان ،أن قادة المؤسسة العسكرية تلعب دورا رئيسيا في هذه المرحلة، وهم يحاولون تعيين أشخاص مقربين منهم في هذه الحكومة المؤقتة. لكن هناك تنبؤات بتأجيل الانتخابات ، وفقا لتصريحات من وزير الدفاع خواجا آصف ووزير الداخلية رانا صنع الله، وفقا لصحيفة “دون” الباكستانية.
وفي هذا السياق، يقول عبد الكريم شاه إن تأجيل الانتخابات أمر وارد جدا، ويمكن أن تُؤجل لمدة 6 أشهر أو أكثر من ذلك، بسبب الوضع السياسي والاقتصادي المضطرب في البلاد، أو بنية مبيتة من الجهات الفاعلة في البلاد.
من جهته يقول جاويد صديقي إن تأجيل الانتخابات يمكن أن يتراوح بين 6 أشهر إلى سنة، لأن الإحصائيات الأخيرة من لجنة الانتخابات والهيئات الأخرى تقول إن 6 أشهر على الأقل مطلوبة لاستكمال إجراءات ما قبل الانتخابات.
ويضيف صديقي أن رئيس الوزراء المؤقت يتوقع أن يكون لديه خبرة في الاقتصاد لإدارة شؤون البلاد الاقتصادية خلال تلك الفترة.
ويختم صديقي قوله بأنه مع اقتراب الانتخابات وفي ظل الوضع الحالي فإن الناس لديهم شكوك حول نزاهة وشفافية هذه الانتخابات. وتشهد الساحة الباكستانية منافسة قوية بين عدة أحزاب سياسية كانت تشكل المشهد السياسي في البلاد على مدار عقود من تاريخها المليء بالصراعات السياسية والانقلابات العسكرية التي شهدتها 3 مرات منذ تأسيسها على يد محمد علي جناح.


لمتابعته على تويتر @najahmalii








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز