الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 14

عبدالرحيم قروي

2023 / 8 / 12
الارشيف الماركسي


موجز رأس المال للرائد الشيوعي فريدريك انجلز

الحلقة الحادية عشر
الفصل الثاني: «تحوّل النقد إلى رأس مال»
1- الصيغة العامة لرأس المال:
إن تداول السلع هو نقطة البداية لرأس المال. وعليه فإن الإنتاج السلعي، والتداول السلعي، والشكل المتطور للتداول (أي التجارة) هي على الدوام أرضية العمل التاريخية التي ينبثق منها رأس المال. إن تاريخ رأس المال المعاصر يبدأ من خلق التجارة العالمية الحديثة والسوق العالمية في القرن السادس عشر (ص 106 «146»). وإذا ما حصرنا تفكيرنا في الأشكال الاقتصادية التي ينتجها تداول السلع لوجدنا أن منتوجها النهائي هو: النقد، وأن النقد هو الشكل الأول الذي يظهر به رأس المال. ومن ناحية تاريخية، يجابه رأس المال الملكية العقارية أول الأمر بصفته ثروة نقدية. فرأسمال التاجر والمرابي، وحتى الرأسمال الجديد اليوم، يدخل المسرح على هيئة نقد لا بد أن يجري تحويله إلى رأس مال بعملية معينة.
إن النقد كنقد يختلف عن النقد كرأسمال أول ما يختلف في شكل دورانه. فإلى جانب التداول البسيط س – ن – س (سلعة – نقد – سلعة) تحدث الصيغة: نقد – سلعة – نقد (ن- س – ن)، الشراء من أجل البيع. إن النقد الذي يرسم بحركته هذا الشكل من الدوران يصبح رأسمالا، وهو بالأصل رأسمال بذاته (أي بمصيره).
إن نتيجة ن – س – ن هي ن – ن، التبادل المباشر للنقد لقاء النقد. فأنا اشتري قطنا بمبلغ 100 جنيه وأبيعه بـ 110 جنيهات، وفي النهاية أكون قد بادلت 100 جنيه بـ 110 جنيهات أي نقدا لقاء نقد.
إذا أعطت هذه العملية في نهايتها نفس القيمة النقدية التي وضعت فيها أصلا، أي 100 جنيه من 100 جنيه، فإنها ستكون عبثا. ومع هذا، سواء حقق التاجر 100 جنيه أو 110 جنيهات أو مجرد 50 جنيها لقاء جنيهات المائة، فإن نقوده قد رسمت حركة خاصة تختلف تمام الاختلاف عن حركة التداول السلعي س – ن – س. ومن فحصنا للفروق في الشكل بين حركة ن – س – ن، و س- ن – س، فإننا سوف نكتشف الفرق في المحتوى أيضا.
إن وجهي العملية مأخوذا كل منهما على حدة هما كما في س – ن – س، إلا أن هناك اختلافا كبيرا في العملية ككل. ففي (س – ن – س) النقد هو الوسيط، والسلعة هي نقطة البداية والنهاية، أما في عملية (ن – س – ن) فالسلعة هي الوسيط، والنقد هو نقطة البداية والنهاية.
في (س – ن – س) ينفق النقد مرة واحدة وإلى الأبد، أما في (ن – س – ن) فإن النقد هو مجرد سلفة ستجري استعادتها من جديد. إنه يرجع ثانية إلى نقطة انطلاقه. هنا يوجد إذن فرق ملموس بين دوران النقد ودورانه كرأسمال.
في (س – ن – س) لا يمكن أن يعود النقد إلى نقطة البداية إلا عبر تكرار العملية بأكملها، من خلال بيع سلع جديدة. من هنا فإن رجوع النقد مستقل عن سير العملية ذاتها. ومن جهة ثانية فإن عودة النقد في ن – س – ن مشروطة منذ الابتداء بتركيب العملية نفسها التي تظل ناقصة إذا فشلت رحلة عودة النقد. (ص 110 «149»).
إن الهدف النهائي لـ (س- ن – س) هو القيمة الاستعمالية، أما هدف ن – س – ن فهو القيمة التبادلية ذاتها.
في س – ن – س يمتلك كلا القطبان نفس محدودية الشكل الاقتصادي: فكلاهما سلعة، ولكليهما قيمة متساوية. إلا أنهما، وفي ذات الوقت، قيمتان استعماليتان مختلفتان نوعيا، ومحتوى العملية هو تجديد الحياة الاجتماعية. في ن – س – ن تبدو العملية، من النظرة الأولى، تكرارا بلا معنى. فمبادلة 100 جنيه بمائة جنيه أخرى بطرق ملتوية، تبدو جهدا عابثا. إذ لا يتميز مبلغ من النقد عن مبلغ آخر إلا بالحجم، وعلى هذا فإن (ن – س – ن) لا تكتسب أي معنى إلا بالاختلاف الكمي لقطبيها. فيستخرج من التداول نقد أكثر مما وضع فيه. فالقطن الذي تم شراؤه بـ 100 جنيه يباع مثلا بـ 100 + 10 جنيهات، والعملية تتبع صيغة: ن – س – ن حيث: Ω = ن + ∆ن. إن (∆ن) هذه، هذه العلاوة، هي القيمة الزائدة. إن القيمة المدفوعة في الأصل لا تظل سليمة على حالها فقط في التداول، بل تضيف إلى نفسها قيمة زائدة، إنها توسع نفسها – وهذه الحركة تحول النقد إلى رأسمال.
في س – ن – س من الجائز أن يكون هناك اختلاف في قيمة القطبين. إلا أن ذلك عرضي محض في هذا الشكل من التداول، ولا تفقد س – ن – س معناها عندما يكون القطبان متعادلين، لأن هذا التعادل هو، بالأحرى، الشرط الضروري لسير العملية بشكل طبيعي. إن تكرار عملية س – ن – س ينظمه هدف نهائي يقع خارج العملية: الاستهلاك، إشباع حاجات معينة..
في عملية س – ن – س، من جهة أخرى، تشابه البداية والنهاية، وهما النقد، وهذا يجعل حركاتها لا نهاية سلفا. وإذا سلمنا جدلا بأن ن + ∆ن تختلف كميا عن ن، فإنها هي أيضا مجرد مبلغ محدود من النقد، إذا انفق فلن يعود رأسمالا، وإذا سحب من التداول تجمد على شكل كنز. وإذا حلت الرغبة في توسيع القيمة، فإنها تكون موجودة في Ω كما في ن، ويتحرك رأس المال بلا حدود، لأنه لا يحقق هدفه في نهاية العملية مثلما لا يحققه في بدايتها (ص 111 – 112 «149-151»). إن مالك النقد، كممثل لهذه العملي، يصبح رأسماليا.
إذا نالت القيمة التبادلية، في التبادل السلعي، شكلا مستقلا عن القيمة الاستعمالية، فإن هذه القيمة التبادلية تعلن عن نفسها، في الحال، كمادة في حالة صيرورة لها حركتها الخاصة، أما السلعة والنقد فليسا إلا محض شكلين من أشكالهما. وبالإضافة إلى ذلك فإنها كقيمة أصلية، تتميز عن نفسها كقيمة زائدة. إنها تصبح نقدا في حالة صيرورة وبهذا تكون رأسمالا (ص 116 «154»).
إن ن – س - Ω تبدو بالفعل شكلا خاصا بالرأسمال التجاري وحده. ولكن رأس المال الصناعي هو أيضا نقد يتم تحويله إلى سلع، ويبيع هذه الأخيرة يعاد تحويله إلى نقد أكثر. إن النشاطات التي تقع بين لحظة الشراء والبيع، خارج نطاق التداول لا تغير من الأمر شيئا. وأخيرا، تبدو العملية في الرأسمال الربوي ن - Ω بدون أية توسطات، أي تحقيق قيمة أكبر من نفسها (ص 117 «155»).
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم


.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة




.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.


.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة




.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال