الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سراط القلوب

عباس مدحت محمد البياتي

2023 / 8 / 13
الادب والفن


صراط القلوب


منذ نعومة أظافره تربى على مبدأ العفة والفضيلة ونكران الذات، حتى أصبحت تلك السمات الرقيقة في حسها والقوية في بنيانها ركائز شخصيته، كان قد ادبه القرآن قبل أن يؤدبه أبوه والمدرسة، وجد به ثروة من الحِكَم والعِبَر، أكتنز منه ما شاء، غرف من بحره ما لذ وطاب، رفد فكره بالأسس والقواعد من منهل لن ينضب، رس به العقل وثبت به القلب.
منذ صغره كان قد حفظ أجزاء كاملة منه، تعلم أصول الفقه والتوحيد والسنة المحمدية، في تكوينه صار نابغا يقارع الجهل والجهلاء.
في خطواته المرحلية كان يعد ذاته بمثابة فارس همام جس تكوينه الشخصي، حقق حلم أبيه، أضحى مثاليا في قوام الحسن والسلوك والتصرف والتعامل مثلما تمنى والده وزيادة.
كان أبوه قد حرص على غرس مبادئ التربية الصحيحة وأسسها في ذهن ولده منذ الصغر، بذر في ذاته المثل والقيم الرفيعة، لتضفي عليه مراتب الكمال من حسن أدب وفقه وثقة بالنفس.
تلك المُثلٌ كانت بمثابة طاقة ثابتة في شخصه، قناديل نيرة تسطع بذهنه، تبرز هيبته بسلوكه وأدبه. لوالده الفضل الكبير في غرس تلك البذور من الفتنة في ذاته، له الأثر الواضح في تميزه بصفة الإيثار والوجاهة والعفة. أنصبت جل اهتماماته بتركيزه على مجال التربية الإيمانية، والخلقية، والعقلية، والبدنية والنفسية، كما أهتم بالجانب الاجتماعي والوطني، ليصونه من المخاطر الخارجية والداخلية وانزلاقاتها.
كان يدرك بأن الطفل هو ناتج أبوه.. أي بمعنى آخر؛ صور الأبن هي نسخة طبق الأصل من أخلاق وأدب والده، مع رتوش إضافية تلمع حدود الشخصية في مجال حياته.
كان قد أوصاه بالتقوى وحسن الأدب والمآب، فقال له كقول العالم الجليل الصالح رويم لابنه في بداية نشأته، حيث قال له:....
- [يا بني أجعل عملك ملحاً، وأدبك دقيقاً].
أي استكثر من الأدب حتى تكون نسبته قياسا إلى العمل كنسبة الدقيق إلى الملح في خلطة عجينة الخبز. كثير من الأدب مع قليل من العمل الصالح، خير من كثرة العمل مع قلة الأدب.
أراده أن يكون مثاليا في سلوكه ليفتخر به، فتحقق له ما أراد وما ظن به، تربى على ديدن أبيه مبتعدا عن الكذب والغش والتصنع والإباحية والتبذير، أشبع ذهنه بخصال المكرمين من الأولياء والصحابة، محصنا فكره بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وبكم هائل من العبر والقصص المستسقاة من وحي القرآن والتراث، لتكن بين يديه أسلحة يتفادى بها مهاوي الخطأ، وما إلى ذلك من أمور الدنيا المفاجئة التي حتما ستعتري طريقه...
على سبيل المثال لا الحصر، كلما أراد أن يكذب ولو كانت كذبة بيضاء، تذكر قصة عالمٍ جليلٍ للاحاديث الشريفة، حين أنتقل من مدينة الرسول (صلَّ الله عليه وسلم) إلى البصرة ليأخذ حديثاً عن رجل سمع بأنه قد سمعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... بعد أن قطع تلك المسافة الطويلة لإيام وليالٍ جاهدا بروحه وحصانه وفي نفسه عزم وإصرار على الوصول لمأربه، وحين دنى من غايته رأى الرجل يوهم فرسه الجائعة بأن في ثوبه طعامٌ حتى أقبلت عليه الفرس لاهثة.... حين رآه يكذب على فرسه؛ عاد من حيث أتى دون أن يسأله السؤال! فقال مع نفسه:..
- والذي بيده الملك، من يكذب على فرس بريئة، ليس أميناً على حفظ حديث الرسول صلَّ الله عليه وسلم.

المهم أكمل محمد دراسته الثانوية ومن ثم تقدم لأحدى الجامعات الأمريكية على غرار صديقه عادل الذي سبقه إليها قبل سنتين، مشجعا إياه على الالتحاق به.
تم قبوله كطالب في قسم الهندسة المعمارية، ليبدأ مشوار حياة جديدة وغريبة بأسلوبها وسلوكها وفكرها ورواقها...الخ. أراد بذلك تحقيق رغبته بدراسة جادة وبعلم يقين، يتوافق مع ميوله ليخدم نفسه ووطنه، إضافة لاختلاطه الذي سيكسبه مهارة في الثقافة والاطلاع والخوض في عمق اللغة الإنجليزية.
كما أنه أراد أن يخرج عن روتين الحياة، ويتعرف على معالم العالم الخارجي، الذي هو أشبه باللغز المحير بالنسبة له، فمعلوماته محصورة على ضوء الخبر الذي كان يتلقاه عبر شاشة التلفاز والصحف اليومية. ومن الطبيعي الدراسة في الجامعات تكون مختلطة بين الشباب والشابات، ومن الطبيعي أن تحدث عملية الاختلاط الأكيدة بين الجنسين.
كان محمد بطبيعته وتربيته يتجنب مسألة الاختلاط وما شابه ذلك من هذه الأمور، دائما ما يحاول أن يضع نفسه في قالبٍ خاص به، إطار يميزه عن أقرانه، يجنبه الانحراف، محيطا ذاته بسياج من العزلة، يحجبه عن مخالطة الجنس اللطيف، ليتجنب الهفوات والرعنات التي قد لا يسيطر بها على سلوكه وقد تزيحه عن خط هدفه بنيل شهادة تفوقه العلمية.
كان قد تجنب مصاحبة الفتيات بشكل عام في إطار الجامعة وخارجها؛ تجنب حتى اللاتي يصادفنّه في الطرق، يغض الطرف عنهن، لا يجلسهن، نادرا ما يكلمهن، يتجنب مناقشاتهن إلا ما ندر في ما يخص في أمور الدراسة إلا إذا تطلبت الحاجة، حتى لقب من قبل زملائه التلاميذ بالشخص المعقد أو المتخلف.
لم يبالي لتعليقاتهم إطلاقا، ثقته بنفسه حصنته عن الشك والخطأ، كان هادئا، ذكيا، متمكنا في دراسته، متمكنا من اللغة والعلم، يشغل فكره في المادة، يتمعن بشتى الأفِكار والغور بها والخوض بحل ألغازها وبالذات الألغاز العلمية منها.
أدرك أستاذه حدود شخصيته، فكال له الاحترام والتقدير المبجل في نفسه. كل المجتمعات لها تقاليدها الخاصة بها، كثيرة المرات اللاتي حاولن بها زميلاته من التقرب منه دون أن يفلحن، حتى يئسنَّ منه، لم يكن يصغي إلا لباطن عقله، تلك الدائرة الكهربائية المشبعة بمغناطيسية الأحاديث والقصص والعبر والآيات القرآنية.

قبل تخرجه من الجامعة بسنة؛ أغرم صديقه عادل بفتاة أمريكية شقراء، كان قد أقتنع بها تماما وأصر على الزواج منها، لكنه أصطدم بحاجز الأب الذي لم تروقه الفكرة إطلاقا.
حاول مرارا وتكرارا إقناع أبيه دون جدوى، كأنه يرطم هامته بجدار صلب، لم يفلح بمحاولاته قط.. الحكمة من وجهة نظر أبيه تقول: أنه أبن عادات وتقاليد لا تتطابق مع تلك العادات والتقاليد الغربية، إضافة لاختلاف التربية والدين، وهيَّ مسألة جوهرية يصعب التوافق بينها.
تلك الأسباب جعلت العقدة تتكور بين أعمدة الشواهد، تلك التي وضعت هذه الزيجة في زاوية ضيقة يحيط بها الفشل. في ظن أبيه أنه سيفتقد أبنه نهائيا إذا ما تم زواجه، وقد يتطبع بعادات الغرب وسلوكياتهم فينسى أدبه ودينه، ينسى أصله وجذوره، فيضيع في وسط المعية كإبرة في كومة قش.
هذا ما سطا على فكره وما لا يريده لأبنه، ولا يرضاه عن نفسه... كان يتأمل لأبنه زوجة من بنات جلدته، على الأقل تشبهه في الذات والعادات والسلوك والتقاليد والدين واللغة، فتختفي الفوارق بينهما.
لكنَّ عادل لشغفه وهيامه بجمالها تمسك بقراره، عطّل دائرة فكره، الحب أعماه، سلب إرادته، صيره لعبة بين أيادي القدر، الأجواء دحدحته بين أمواج الظرف، لم يصغي إلا لعقله الباطني، الذي جرده عن أصل واقعه، ليسكن خيمة شغفه هائما بها وحيد الفكر، حيث القلب وما هوى....
لقد تعلق بفتاة أحلامه تعلق الروح بالجسد، لم تغفل عيناه عن شبح خيالها قط، تلك التي غص بها دون حكمة، وولج بها في رؤاه وأحلامه، تعلق بها تعلق النغمة بالوتر لحسنها وجاذبيتها.
أينما تذهب؛ يتبع خطها، وأينما تحل، يحل كقدر بين يديها، لرقتها وسحرها وجاذبيتها وطيب حواراتها في جميع المجالات.
بعد أن تيقن من شعورها المتبادل رضخ لتأملات أحلامه التي رسمت له أقداره، هام في تلك الوردة الشفافة التي شغلت فكره وشغفت قلبه لرقتها وسحر جاذبيتها وعبق فتنتها....
بنفس الوقت كان قد تمسك برضا الوالدين، لن يستطع أن يحيد عن سراط تربيته، أو يغفل عن رغبة والده، فهو ينظر له بعين الاعتبار، لا يريد أن يفسد حلمه الذي راوده طويلا، ليفتخر به أمام أصدقائه ومجتمعه، لقد قدم له الغالي والنفيس، صرف عليه جل عمره في تعليمه وتهذيبه، لم يبخل عليه يوما قط، لم يقف عارضا أمام رغباته قط.
ولكن هذه الحالة تختلف، فهي حدا فاصلا بين رغبات النفس وأمنيات الأب. لن يستطيع أن يتنازل عن رغبات قلبه، في الوقت الذي به لن يستطيع أن يتجاوز والده ويبغضه.
كانت محاولاته كمن يتسلق جبلا شاهقا، ففي كل مرة يخفق في تجسيد محاولاته بالنجاح، لم يستطع أن يلين عقل والده، ليصل إلى تلك القمة الشاهقة التي تتلألأ فوقها غايته كنجمة ساطعة، ولا أن يتنازل عن قدره.
الرفض القاطع كان حاضرا من قبل الأب، مما جعله يعيش صراعا متعبا مع النفس، تلك الأجواء نقلته لحالة أنشداه البال، وقلة التركيز. الهم عصف بمشاعره، أحاله إلى ركام تذره الرياح، حتى كاد يختنق من دخان العطب المكنون في صدره.
الكلمات الأخيرة الرنانة التي نطق بها أبوه بقيت ترن في أذنيه كجرس الشاة.... "إن تزوجتها فأنت لست أبني"!....
شكا ذلك مرارا لصديقه محمد، فلم يجد من يصغي له ويسعفه ويرشده ويحسن من وضعه سواه، ترى إلى أين المسير؟ الغربة كورته أمامه....
بحث عن صديقه فوجده جالسا في ركن من أركان الجامعة، تقدم منه، سلم عليه، شكى له ما يعتريه..
قال له محمد:..
- يا أخي عادل.. أنت أكبر مني سنا وأكثر مني خبرة في مجال الحياة، يجب أن تتزوج من جلدتك، أنت بطبعك مسلم؛ زواجك من غير مسلمة سيكون زواجا فاشلا، مليء بالعقد، لاختلاف الأهداف والتربية. صدقني مع الزمن ستضمحل الوشائج، ستدعس على العلاقة، هذه نزوة شيطانية تحيط بك، تحرفك عن العادات والتقاليد، فلن تجد فيها سعادة تلين خشونة السرير.
ستكون العيشة مزريه، ستعيش غربة داخل غربتك، ومع الأيام ستكبر المشاكل، ستلطخ الثوب الأبيض بسواد العقد وتفاهة الفكر.. ثم كيف تود مخالفة شرع الله ((وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ )).
هنا لمحت له فكرة، ولا تنكحو المش........
- لمَ تنظر إلى الأمور من وجهة نظر سوداوية، من نافذة لا تعكس الحقيقة، أنا أحبها وهي تحبني، كلانا سنتحمل وزر البعض، سنجتاز خندق الصعاب بيسر - ألا توجد زيجات من هذا النوع نجحت وبنت أسرٌ ساهمت في تقدم المجتمع؟.
- بلا... كل له ظرفه، وأنا أعرف ظرفك جيدا، حالتك لا تتطابق مع ما ذكرت، ماركتك شرقية مزدانة بألوان الجذور الإسلامية لا تطابق أية ماركة أخرى.
يا أخي! الزواج لا يبنى بالحب فقط، أنما بالتوازن، لونك يختلف عن لونها، كل له سراطه الخاص، ولن تلتقيان أبدا. تذكر جيدا؛ للعقد أتراس مسننة حادة، تجرح، تترك أثرا بليغا في الجسد، لا يعالج بالحب أطلاقا، بل بتلاقي الذهني والروحي والعادات والرغبات.. يجب أن تدرك بأن العلاقة قبل الزوج تختلف عما عليه من بعده، كاختلاف الليل والنهار، فلن تجد من يؤازرك ويتحمل وزرك سوى بنت بلدك المسلمة.
- الظاهر كلانا غير متفقين، كثيرا ما تراودني الأحلام على أن أستقر هنا، ففي بلداننا الحرية مكبوتة، والسعادة ينقصها فضل الاستمتاع بها، وسائل الترفيه شبه معدومة، الم تعاني أنت من هذه الأمور؟ ألم تلتمس الفارق التقني بيننا وبينهم؟..
- أظن للسعادة ألوان مختلفة يا عادل، كطيف الشمس، ما تراه هنا سعادة، ربما تجد لها لون آخر في بلدك- دخولك السينما والبارات وشرب الخمر لا يعادل صوم رمضان وطقوسه في بلداننا، ولا بهرجة وأفراح أيام الأعياد (عيد الفطر والأضحى) عندنا، الاستمتاع بالعلاقات المزيفة والمبنية على المصالح والجنس والتعري والملذات والقمار ومداعبة النساء، لا تعادل الصدق والعفة والنية والنظافة والحشمة والحياء والألفة والجيرة وحب الخير والتصدق في بلداننا. نحن نحتفظ بالقمم والقيم وهم يحتفظون بالقمامة، يجب أن تفرق بين قيمنا وقيمهم.

عادل أعماه الحب، لم يقتنع بالشكل ولا بالجوهر لأفكار صاحبه، تفكيره منصب في جهة حبيبته، عقله يعتبر نافذة مغلقة، لا يرى من خلاله حدود العلاقة خارج مسارات القلب.
لكنه أمتنن لفكرة صديقه، لأنه فطنه على فكرة إسلامها، أنها فكرة جليلة استنبطها من خلال نقاشه-- بإسلامها ربما يغير رأي والده، أنه متيقن من حبيبته سوف لا تمانع مطلقا في مجاراته.
جمع بعض الكلمات في فكره ورنَّ على والده يهاتفه ...
- ألو .... كيف حالك يا أبي، كيف الوالدة العزيزة؟..
- الحمد لله يا بني، فكرنا منشغل بك، ننتظر عودتك بفارغ الصبر.
- أود أن أخذ رأيك في مسألة زواجي، فأنا لن أخالف رايك أبدا.... يا ترى؛ هل أكسب رضاك لو أنها أسلمت؟ أتسمح لي بالزواج منها؟
- نعم يا بني، سأفتخر بك أمام ربي، سأكون أسعد الخلق على أن تعيش معنا لتتعلم عاداتنا وتقاليدنا.
انفرجت أساريره وتكيف مع الوضع الجديد، المسألة حلت عقدتها، لن تكلفه سوى إسلام حبيبته....
لكن كيف ستسّلِمْ وتترك دينها؟ كيف سيقنعها ؟.....

وفي اليوم التالي أخبرها بواقع الأمر، أخبرها بالحقيقة!.... أن العقبة الوحيدة في الزواج منها هو إسلامها حسب رغبة الأب والدين الإسلامي. أنه لا يريد أن يبغض أبوه ويخسره، فعقوق الوالدين ليس لدائها دواء أبدا، رضا الله من رضا الوالدين والعاقبة للمتقين.
أخبرها بفكرة الإسلام وهذا هو شرط والده اللازم لجمعهما...
سألته الآنسة روز بشغف وكانت في قرارة نفسها تود التعرف عن الإسلام لأنها غير متدينة:....
- وكيف أسلم؟ علمني الإسلام أولاً.......
أقتنى لها كتباً باللغة الإنجليزية عن الإسلام والقرآن وأحاديث الرسول، والسيرة وما إلى ذلك من كتب الفقه العديدة، دفعها إليها دفعة واحدة، مع قراءة مجودة باللغة العربية للقرآن.. ثم قال لها: ...
- إقراءيها بتمعن وتركيز مع التفسير المرفق....
- أمهلني أربعة أشهر على أن لا ألتقيك بها، ولا تلتقيني. كي لا يُفسدَ الأمر، كي لا يكون لك تأثير سلبيٍ على أفكاري، أو تكون لي حجة ما عليك مستقبلا في حالة عدم قناعتي بدينك... أود أن تبزغ القناعة من بوتقة أحاسيسي وأفكاري، كي استطيع مجاراة الحالة بتغير ثوب الجسد والعقل، لأنظر لما حولي بقناعة ذاتية وليس بتأثير خارجي.
- وهو كذلك...

كان الحب كفيلا بأن يعقدا الاتفاق بهدوء، كما تعلق بها تعلقت به روز. حبها المتيم كان كفيلا بأن تنغمس في قراءة الكتب بتيقن وإمعان عميق؛ لتعرف امتداد حبيبها، لتعرف إرهاصاته الفكرية التي تكبل بها والتي ستتزوج منه برغبة، لتكن على دراية تامة بما يمنعه أو يتحكم به.
انقطعت خلال تلك المدة عن العالم تماما، حتى صارت تبحث في أمور الدين عبر الويب سايت (الأنترنت)، لتوسيع مداركها أكثر وأكثر.
في إبرامها الاتفاق معه أظهرت ذكاءً مفرطا في فرض شرطها عليه، لتستطيع أن تستوعب مضمون الكتب، وكان لزاما عليها أيضا أن تبتعد عنه تماما، القناعة ضرورية في إقرار القرار، كي لا تلوم نفسها حين تتخذ القرار المناسب، كي لا تضع أمامها مبررات الفشل وملامة الأهل والأصدقاء.
سارت على هذا المنوال تقرأ الكتب بعيداً عن الضغوطات الخارجية، استمرت القطيعة حتى كاد عادل أن يجن بغيابها، ود أن يلتقيها، أن يشبع غرائزه من جمالها الفاتن، هذا الشاب عدّ هذه المدة بالساعات والدقائق، لا بل بالثواني، لكنه لا يود أن يفسد مشروعه، لا يود أن يبغضها ويضع حجر عثرة أمام رغباته، كان قد بحث عنها في ذاته وفي عيون المجتمع وأرجاء الطرق دون أن يشعرها.
فيما كانت هي الأذكى بحيث تجنبته نهائيا، لا بل صارت تتحاشى الأماكن التي طالما كانا يلتقيان بها، صارت تنظر إليه كما ينظر القمر إلينا من خلف ستار السحب، تحاشت لقائه بذكائها وبفكرها حتى أنقضت فترة السبات الطويلة.. حينها خرجت دودة القز من شرنقتها بعد فترة السبات فراشة جميلة، براقة بثوبها الجديد.
لم يلتقيها أنما هي التي التقته بلباس غير التي كانت تلبس، وبشكل يختلف عما تعرف عليها، ما عادت ترتدي القصير، ولا عادت تفرط خصل شعرها الأصهب، صارت ترتدي حجابا بسيطا وثيابا مستورة.
فرح بلقائها، هجس برغبة احتضانها، بتقبيلها، لكنها لم تكن عندها تلك اللهفة ولا تلك الرغبة الجامحة التي كانت تتملكها سابقا، لم تكن لها لهفة إليه كلهفته عليها، كانت عادية وكأنها تلتقيه لأول مرة في حياتها.
في الوهلة الأولى سلمت عليه سلام الإسلام؛ فأصابته بسهم إيمانها في مقتله، غص في فرحٍ وجذلٍ عميقين، انفرجت أساريره، غق بصمت واندهاش، فلت طيور أفكاره من قفص ذاكرته.. وقبل أن ينغمس بألوانها الجديدة؛ أغلقت ظرف الحب بيدها للأبد، أدركته بحقيقتها الجديدة قبل أن يثني عليها، وقبل أن يعد لها وعود الفرح والزواج؛ أفقدته توازنه، لكمته بالضربة القاضية، اختزلت صبره الطويل بالمفاجأة المدوية... كانت قد أخبرته بما اختزنت في داخلها من أفكار صريحة وصادقة، قائلة له:...
- أني قد أسلمت واقتنعت بالإسلام، والإسلام دين حق--- لكنني لن أستطع أن أتزوج منك!! لأنك بالمعنى الحقيقي للإسلام لست مسلماً! إنما متجنٍ على الإسلام. أنا أشكرك لأنك عرفتني عن الحقيقة الضائعة التي كنت أبحث عنها في دهاليز أفكاري منذ زمن، ما كنت أصل اليها لولا وجودك في حياتي. أنت الذي وضح لي السبل وإنارة لي الجانب المظلم من حياتي، قبل الإسلام كنت أعيش في عالم مليء بالكذب والخداع، الله أرسلك إليَّ لتنقذني لأنه يعرف مكنون قلبي الطيب. من اليوم سأعتبرك صديقا لي لا أكثر، ممكن أستعين بك أن واجهتني معضلة ما في المستقبل.

صدمته بواقعها الجديد، وقراراها الجديد، لم يكن ينتظر مأساته أن تحصل على يدها، ضاق الكون به، بات لا يُرسِّي على حجر، لم ينم ليلته، كانت ليلة ليلاء تلك التي أنشغل بها تفكيره دون أن يخطو خطوة جريئة نحو هدفه، بعد أن تجرد من حلمه وهشِمَ صرحه بقوة عصفها، لازم وحدته.
في صباح اليوم التالي التجأ إلى صديقه محمد! ليفرغ همومه في جعبته، كان محمد كعادته يجلس على أريكة في فنار حديقة الجامعة في يوم مشمس، لم يكن قد سحرته امرأة قط، كان همه أن يكمل الجامعة بتفوق كما وعد أبوه، فهو لم ينسى نظرات والدته المليئة بالدعاء حين ودعته وحين رشت خلفه طاسة الماء، تجنبا للشر والعين الحاسدة. كان منهمكا في مذاكرته وتحقيق وعده لوالديه بالتفوق.
- صباح الخير محمد ....
- صباح النور.... ما بك متجهم الوجه، لم هذه الدموع محصورة في مقلتيك؟ ماذا جرى لك يا رجل! هل ممكن أن تخبرني؟ هل أهلك بخير؟....
- أطمأن لا شيء من هذا القبيل.... لقد أخلفت روز وعدها معي بعد أن جعلتني أتعلق بها. لم ترضى بي زوجا لها، بعد أن كانت تتأملني وتتوسل بي من قبل.
- لِمَ كل هذا؟....
- لقد أسلمت!
- عظيم.
- وصارت تعُدَني من غير المسلمين، تغيرت نظرتها عليَّ تماما، تأثرت بالإسلام، فتغيرت زاوية نظرها أتجاهي ب 180ْ، تبدلت النسب في تقديراتها، فوجدتني مخالفا لشرائع الإسلام.
محمد مازحا:...
- هههههههههههه والله لم تقل سوى الحق، لم أنت غاضب يا أخي أليست ما قالته حقيقة؟ هههههه –
- أنا لست فاض للمزاح، أرجوك قدر وضعي.... ما هو الحل لديك؟ أنا مشتت الفكر، أخرجني من أزمتي.
- قلت لك لا تحاول معهن، مقياس ثيابهن لا يليق بنا، ثم لو تزوجتها وهي غير مسلمة، حتما ستتركك يوما ما، إذا ما أسلمت وتعرفت على الاسلام جيدا، لأنها سوف تراك بمنظار الذي اكتشفتك به الآن، فأنت واقف على الحد، بين أن تكون مسلما حقيقيا أو ملحدا، الوجهين ينطبقان عليك. يا أخي؛ أغسل اللون الرمادي من وجهك كي يبيض، البياض رونق القلوب الصافية وهو سيد الألوان.
- لن أنتظر هنا، سأرجع للوطن بمجرد استلام شهادة تخرجي، فأنا بحاجة إلى النسيان.

******
أصبح عادل عبرة له، بقي على حال سبيله خلال السنتين الأخيرتين بعيدا عن عالم النساء والخمر، وهو الذي لا يحتاج لعبر كي يلتزم بأدبه وأخلاقه....لم يتغير طوال مدة دراسته، تجنب النساء وخاصة زميلاته داخل قاعات الدراسة، متحفظا بعلاقاته ومحتفظا بعاداته وتقاليده المشبعة بقيم الدين الإسلامي.
كان أستاذه الدكتور قد قرأ صفحته بعناية، فأحترم رغبته، حاول مرارا أن يبعده عن المواقف المحرجة، لا يجعله يحتك بهنَّ أو يكلمهنَّ، لا بل أنه تفهم وجهة نظره جيدا، حينما بين له محمد الحقيقة التي يقتنع بها، بل هو أحب محمد على حسن أخلاقه وتربيته الفاضلة وصدقه، فصار من المقربين لديه، صار ممن يستعين بهم لمعرفة خفايا الشرق وجوهر الدين..... سارت الأمور على هذا المنوال إلى أن وصل إلى نهاية المرحلة النهائية من الدراسة، حينها أخبره الدكتور المشرف بآلية العمل قبل التخرج. فقال له:..
- أحترم رغبتك في عدم الاختلاط بالفتيات، ولكن هناك عرف لابد منه، وعليك التكيف معه في الفترة المقبلة. ألا وهو الاشتراك كمجموعة في بحث التخرج. العمل سيكون مشتركا.. أي أنكم ستقسمون لمجموعات، وكل مجموعة ستقوم ببحث مشترك، وهذه المجموعات ليس دخل لي في اختيارها أو أنشائها. ستكون مختلطة بين الذكور والإناث حسب التوزيع الإلكتروني.. تتناقشوا، وتكتبوا أبحاثكم الخاص بكم، وهذا البحث سيكون الدليل الوحيد لعبوركم المرحلة، وستكون ضمن كل مجموعة عدد من الفتيات، عليك أن تتعامل معهن وأن تكتبوا بحثا مشتركا يكون سبب عبوركم المرحلة.
- حاضر يا أستاذ.. سأكون عند حسن ضنك.

لم يبدي امتعاضا من الوضع الجديد، استمرت اللقاءات بين أفراد المجموعة على طاولة بحث واحدة، وكانت ضمن مجموعتهم فتاة واحدة أمريكية. كان دائما ما يغض النظر عن الفتاة، إن تكلمت كلمها دون أن يركز بنظره إليها، إذا أعطته ورقة ما أخذها منها دون أن يلتفت إليها، دون أن يبتسم معها أو يلاطفها أو يحتسي شيء معها. كأنه بتصرفه هذا لا يعير إليها أية اهتمام، هذا ما كانت تشعر به مما أغاض مشاعرها كثيرا.
فيما هو كان يجد حرجا من وجودها جالسة بجانبه ،عملا بقوله تعالى{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} صدق الله العظيم.
صبرت الفتاة على مضض، المرارة تلوك في نفسها وفي فمها، يكاد الأمر لا يطاق بعد أن تكدرت الألفة بينهما، شعرت بتصرفه هذا؛ تصرف أهوج فيه إهانة لها، شعرت أنه لا يكن لها احتراما أو قيمة ما، حتى تأودت العلاقة وتنحت نحو الصدام من وجهة نظرها..
أنما للصبر حدود لا يمكن تجاوزه، هذه الاستفزازات التي شعرت بها شنجت أعصابها. طاقتها محدودة.. مرة تلو المرة تراكمت في ذهنها نفايات تلك اللقاءات، وبلادة إجهاضها، فلم تعد تحتمل أعباء قسوة النظرة، وهشاشة الأرضية الرخوة التي تقف عليها دون احترام واضح.
وفي يوم مغبر من حياتها، أتقدت شرارتها، علا صخبها هواجس الظن، هبت بوجه كريح عاصفة، أقلعت وشائج العرف والصمت والصبر من جذورها، حطمت جدار الاحترام الواهي، أقصت الزمالة بعد أن يئست من ترميمها، جعلت الهوة تحيل بينها وبينه، تصحرت، قحلت تلك العلاقة من جانبها تماما. الطامة حلت كالصاعقة على قفا رأسه؛ حتى جعلته متقوقعا بصمته دون أن ينبس بشفة-- صارت تسبه، تشتمه، تسب العرب والإسلام، تنعته بالقبح والتخلف وقلة الذوق....الخ من قبح وذم مما قالته.
- أنتم حثالة، لا تحترمون النساء، لا تعرفون من الحضارة شيء، منحطون، سفلة، أغبياء....الخ...
لم تدع شيئا في قاموس السب إلا وذكرته له، وكنته به...... حلت عليه كالغمامة السوداء، ترعد، تبرق، تمطر مطرا أسودا، زخت عليه غضبها بكل أنواع القسوة.. رغم كل ذلك لم ينبس بشفة، بقي جالسا ينتظر أن تفرغ مخزونها، دون أن يرفع رأسه، دون أن يرفع نظره إليها... حتى وجدت نفسها قد زلت كثيرا، فانكمشت داخل نفسها، أنكشف سترها، فلم تعد تستطع أن تلم قبحها وسخريتها....
أما هو؛ فلم يخرج عن طبع الهدوء الذي تقمصه، تركها على سجيتها تلفظ حمم بركانها من حدقات عينيها، حتى استكانت وهدأت ثورتها، باتت أشبه بالرماد تذرها الريح في العراء، لا تعرف السكينة، أصابها الخجل، أصفر وجهها لعدم رده عليها ولو بنظرة.... ودت أن تعتذر منه دون أن تجد مخرجا من حرجها.
بعد أن هدأت قال لها:..
- أهدئي يا ليما!... أشربي قليلا من الماء، سأجلب لك عصير الليمون ليهدئ أعصابك.
بعد أن جلب لها العصير قال لها:....
- سأوضح لك ما عانيت منه، نحن لسنا مثل ما تصورت وذكرت.... نحن أرقى بكثير مما يخطر في بالك...
حين إذ انتبهت له، وأصغت له مفلجة حدقات عينيها الواجفة، الصمت ملأ فاهها الفاغر، المفتوح بغرابة لما تسمع، وما أصابها من اندهاش، قال لها:........
- لو كان عندك قطعة من الألماس الغالية؛ ماذا ستفعلين بها؟.. ألا تضعينها في قطعة من المخمل بعناية تامة وحرص شديد، ثم تضعينها داخل الخزانة بعيدا عن أعين الغرباء والغرماء؟ إلا تحتفظين بها بعيدا عن الأعين المتلصصة التي تُلتعْ بجمالها؟ خوفا من أن تحيط بها خيوط الشر. ألا تتزينين بها في المناسبات لتزيدك بهجة وإشراقة؟......
- بلا! من الطبيعي أن أفعل ذلك، لأنها جوهرة.
- نحن كذلك ننظر للمرأة كالجوهرة.... فهي غالية جدا، بل أغلى من الماس، أغلى شيء يمكن أن يحتفظ به الرجل في حياته. ومن المفروض أن تحتفظ المرأة بجمالها وجسدها لزوجها فقط. لا علاقات جنسية قبل الزواج ولا صداقات مزيفة، كل طرف يحافظ على الآخر بصدق وثقة تامة، كما يحافظ الشخص على عينيه وجوهرته، يجمعهما الحب والاحترام. لا يجوز للمرأة أن تنظر لغير زوجها، وكذلك الزوج لا ينظر لغير زوجته، مثلما يفتخر بها في المجتمع، وهي كذلك تفتخر به.
- ألهذا السبب تغض النظر عني؟
- نعم .... عندكم المرأة كسيجارة الحشيش، كلٍ يأخذ منها نفسا أو نفسين ثم يمررها إلى صديقه، وصديقه يمررها إلى الآخر حتى تنتهي، ثم ترمى بين الأرجل لـتسحق وتداس بالأقدام. ثم بعد ذلك يبحث عن سيجارة جديدة، وهكذا هلم جرا.
نحن لا نريد المرأة أن تكون سيجارة تحترق بين الأفواه، ومن ثم تسحق بالأقدام، نحن نعشقها كجوهرة الماسة، كلما مر عليها الزمن تزداد بريقا ولمعانا وقيمة، لتبقى محافظة على جمالها وقيمتها ورقتها في البيت وفي المجتمع.

بعد ذلك النقاش؛ انقطعت ليما عن المجموعة مدة أسبوع تقريبا.. فلم يفكر بها، ولم يسأل عنها، وكأنها لا وجود لها..
وذات يوم وخلال محاضرة الأستاذ، جاءت امرأة متحجبة وجلست في آخر الفصل.. استغرب الجميع!! لأنه لم تكن معهم طوال السنة الدراسية في الجامعة امرأة محجبة. وبعد انتهاء المحاضرة؛ تقدمت منه وتحدثت معه، فكانت المفاجئة، أنها لم تكن سوى تلك الفتاة الأمريكية ليما!.... والتي كانت من ضمن مجموعتهم لكتابة بحث التخرج.... تقدمت منه منحنية الرأس وكأنها تود أن تعتذر عما حصل وبدر منها فيما مضى من تهجم بلا مبرر.
- أنا آسفة لم أكن أفهمك....
- لا عليك ياليما.... أنا لم أسمع ما قلتِ، ولم أفكر بكلامك إطلاقا، أنها لحظات قد ولت.
- أود أن أعلمك بأني أود دخول الإسلام على يديك، وأودك أن تساعدني وتعلمني كيف ابدأ وكيف أخطو خطواتي الأولى.
- يا بشراك!.... يا رب! تهدي من تشاء وتظل من تشاء --- ثم علمها الشهادة.. فشهدت أمامه (أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله) ثم صار يتواصل معها يوما بعد يوم، حتى تقوت الوشائج وزادت الألفة.
دخلت في الإسلام لأنها وحسب قولها قد هزتها تلك الكلمات التي قالها لها محمد، فصارت تلتقي به كل يوم، حتى تخضبت روحها بمبادئ الإسلام..
أقتنى لها بعض الكتب الدينية بلغتها، صارت تدرس الدين، وتزداد تعمقا به، أصبح لقاءاتهما شبه يومية، حتى استوعبته تماما.
وبعد التخرج وقبل أن يفترقا عرضت عليه نفسها للزواج منه قائلة:......

- أبعد أن هديتني تتركني؟ – أريد الزواج منك! فأنت سيد الشباب، لقد غيرتني فأعجبني أدبك، ووسامتك وأخلاقك ودينك الحنيف، سأخلص لك ما حييت.
- وكيف لك أن تتركي واقعك وعاداتك وبلدك وأهلك، فأنا لن أمكث هنا سأرجع إلى بلادي بعد التخرج مباشرة.
- سأكون كما ترغب، مثالية، مطيعة، أتبعك أينما ترحل!....
- شرطي الوحيد هو موافقة والديَّ، عليك أن تنتظري ردهم....
أرسل صورتها لوالديه عبر الحاسب الآلي، وذكر لهم تفاصيل قصته معها بالكامل، وبعد مداولة يومين أتصل به أبوه وقال له –
- يا بني على بركة الله، أحرص عليها، فلك أجر إسلامها وأجر زواجها وهدايتها، فتوكل على الله.

لم يتأخر عن قرار أبيه، أتصل بالدكتور وزملاء الدراسة، عمل فرحا صغيرا بمعية أسرة العروسة ليما والزملاء. طوق سواعدها وجيدها بالذهب الخالص. تغيرت مفاهيم زملائه، لم يصدقوا ما حدث، صار شخص جليلا في نظرهم، الكل يكن له الاحترام والتقدير، لقد فرض نفسه واحترامه دون عناء أو تكلف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب