الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا وطن . . ليمن منتج بانتهازيات قادة الأحزاب ( الوطنية ! ) / الجزء ( 2 )

أمين أحمد ثابت

2023 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


عودة للبحث في جوهر عنوان هذه المقالة ، والذي يشبه أن يكون حكما ( صادما ) او فكرة عن استقراء مغاير بالمطلق لموروث الاعتقاد الايماني لمثقفي أحزاب اليسار والقومية – المتعارف عليها توصيفا بأحزاب القوى الوطنية – والتكنوقراط الليبرالي ( بافتراض مجازي ) غير المتحزب ، الذين قد تقر اعداد ليست قليلة منهم بارتكاب القوى الوطنية أخطاء ومنها ما يعد خطأ جسيما خلال مسار نضالاتها من بعد ثورتي سبتمبر واكتوبر وحتى اليوم ، لكنها مع ذلك لا تجرد عن تاريخها الوطني النضالي و . . لا يمكن حتى التخيل أن يوصم ولو حزب واحد من هذه القوى الوطنية بالرجعية او اللاوطنية في أية فترة من تاريخ نضالاتها الموسومة بارتكاب الأخطاء – طبعا غير مثقفي حزب السلطة الحاكم قبلا ومثقفي سلطات الامر الواقع المليشاوية في راهن حرب الوكالات الى جانب مثقفي القوى الدينية السياسية والخلوية الإرهابية والمذهبية ، الذين لا يرون في تلك الأحزاب المدنية غير كونها بثوريتها تعد ركيزة لعدم الاستقرار الاجتماعي ومؤججة لصراعات المواجهة مع أي نظام يوجد ، هذا غير ما تراه قوى الدين السياسي بكونها قوى مارقة وملحدة ومنسلخة عن مجتمعها باعتناق أفكار الكفر وتفسخ القيم بالدعوة للمعاصرة المدمرة لاخلاق المجتمع وتقاليده وتستهدف الإسلام كدين حكم سياسي شرعي في مجتمع غالبية سكانه المطلقة هو مسلمين .
ومما سبق لا يهمنا هنا فقط ( العقل الوطني ) ، فهو الذي يقود اليمن عبر تاريخه الحديث وفق مبادئه الكفاحية ضد الظلم والاستبداد والظلامية ونحو التطور والتقدم والمدنية – وأي نقد كاشف لن يغير في تاريخ النضال الوطني لهذه القوى وطبيعتها التقدمية – ولكنا نذهب في طروحتنا الاستقرائية هنا لكشف مالم تدركه العقول الحزبية والمدنية غير المتحزبة ( عضويا ) من اعورارات جوهرية جسيمة مرافقة تاريخ النضال الوطني – وليست ثانوية او عرضية – والتي ترجع اليها كافة الانتكاسات التي منيت بها خلال السبعين عاما الى اليوم ، حيث مثلت كل انتكاسة منحنى تغير ارتجاعي للوراء على صعيد الواقع والمجتمع وقيم علاقاته الحاكمة وحياة الناس وطابع وطبيعة نظام الحكم ومسلكه الممارس وحياة الناس في تراجع مصادر اشد للحقوق المعيشية والمدنية ومنها حرية الرأي والقول والكتابة والنشاط الاجتماعي المطالب بالحقوق في مختلف موصفاتها المجالية قانونا ودستوريا ، ويترافق مع هذا المسار الارتجاعي بعد كل انتكاس للحركة الوطنية وعقلها النخبوي . . أن تبتلع مختلف المكتسبات المجتمعية التي تحققت من السابق بفعل نضالات القوى الوطنية والنخب المستنيرة المتعلمة ، وهكذا سرى عليه تاريخ اليمن الحديث خلال سبعة عقود الى لحظتنا الراهنة ، فكل انتكاسة تحبل بفترة مسار تشوهي للواقع والقيم للمجتمع ونظام الحكم وطابع الصراع السياسي ودرجة استلاب انسان المجتمع ، مسار ينقاد نحو انسداد مع احتقان درجة المواجهة بين القوى المتصارعة على سلطة الحكم – يندر في تاريخ اليمن المعاصر خلال 7 عقود أن انتصرت الحركة الوطنية التقدمية ، وإن حدث ذلك فإن ذلك الانتصار يتم الاجهاز عليه بمؤامرة من الخارج ، وتبتلع بعدها كل المكتسبات الماضية بموجة من العدائية الانتقامية القاهرة – مثالا توضيحيا سريعا عن واقع حقيقة تلك الندرة بما جرى في اليمن الشمالي ، فقد تم القضاء على طابع الجمهورية الفتية بقادة جمهوريين مدنيين عند انقلاب 1967م. وقبض الملكيين المجمهرين على سلطة الحكم بعدها ، وأيضا القضاء على ارث نظام حكم الرئيس الحمدي بعد حادثة اغتياله في 1978م. - و . . هكذا سرت دورات الانتكاس للقوى الوطنية التقدمية في الجنوب ومن ثم اليمن بعد الوحدة التي قامت في 1990م.
نعم لا توجد حركة او تنظيم سياسي او نقابي تقدمي إلا وحفل تاريخ أي منهم النضالي بفترات من الضعف او الفشل والوقوع في الأخطاء – أحيانا تكتيكية وأخرى استراتيجية – وهو ما علمت به تجارب الشعوب كلها عبر التاريخ – إلا أن ما يطبع المخالفة وبشكل غير مألوف في تاريخ نضال الحركة الوطنية في اليمن ك ( جبهة تقدمية ) عن غيرها المماثل افتراضا لها عند الشعوب الأخرى . . من حيث ( الأثر الناتج عن النضال من حيث بقائه واستمراره ) . . حتى في الفترات اللاحقة لأي حدث انتكاسي او فشل او هزيمة منيت بها تلك القوى – فإشكالية اليمن من ستينيات القرن العشرين الى اليوم ، أن الحداثة والمدنية المعاصرة ومبدئي التطور والتقدم التي رفعتها القوى الوطنية مبادئ أساسية لنضالاتها . . لم تؤصلها اجتماعيا ولا واقعا خلال مسار تاريخها النضالي ، حيث ظلت حبيسة صياغاتها النظرية في الخطاب ، بينما حلت محلها في الممارسة العملية نزعات العداء والكراهية ، كما وحكمت مسار نضالها انشوطة نظرية التآمر التي تجابهها ، تارة من داخلها وغالبا من خارج بناها التنظيمية – ما جعل تاريخ نضالها فاقدا لدور تثبيت القيم التي تنادي بها في كل من الواقع والمجتمع – ومن هنا كان وما زال وسيظل طابع الفقد المتلاشي الدائم للمكتسبات المتخلقة واقعا بفعل نضال القوى الوطنية اليمنية بعد كل انتكاسة تمنى بها – بفعل حقيقة قيمة وجودها الممارس كقوى تصارع من اجل الحكم جوهرا بينما ما تظهر فيه صوريا بخطابها النظري أنها قوى لم تقم وتناضل إلا من اجل تقدم المجتمع وخدمته – ما يعطي حكما استقرائيا ان حقيقة هذه القوى لا ترى في المجتمع بنضالها من اجله ومستقبل أبنائه ومن حيث كونها معبرة عنه في آماله وطموحاته – أي بموصف لها بأنها تمثل ضمير الامة – ليس من خلال التفاعل والتعامل معه والوقوف معه كصفوف تتقدم فيه للدفاع عن حقوقه وطموحاته ، ولكن من حيث الوصول الى سلطة الحكم لا اكثر و . . بقاعدة جماهيرية تساند توجهاتها النظرية ( تأثرا ) بانقياد عاطفي ثوري رومانسي – ويمكن إعادة صياغة التعبير الاستقرائي ل ( الخصوصية المعتورية او الاعاقية خلقا إرثيا ) لحقيقة تاريخ القوى الوطنية اليمنية أنه ممسوس محوريا بمتكرر طابع الانتكاس ، ومع كل انتكاس ينتج التراجع القيمي والتشوهي للواقع والمجتمع ، ويكون مصاحبا بالإنهاء المتلاشي لكل قيم مكتسبية تحققت سابقا ، ومع كل انتكاسة لاحقة تزداد قيم التشوه والتراجع اكثر عن الفترات السابقة ، كما ويطبع المسار الزاحف نحو انسداد اعم واكثر تعقيدا في مختلف الابعاد للواقع والمجتمع وحياة الناس عما كان قبلا . . وهكذا ، حتى علم تاريخ الصراع المجتمعي – حتى بجانبه المعلم بالقوى الوطنية التقدمية منه – كتاريخ مثقوب او مدار في الفراغ ، بقدر ما تسعى القوى الرجعية والظلامية الى إعادة تثبيت القيم الابوية القديمة كمتحكمه على راهن البلد ومستقبله – في الحكم ومن داخل المجتمع ، فإن القوى المضادة لها المستنيرة ب ( طبيعتها المعورة ) الطابعة لوجودها فقدان حقيقتها لجوهر الاصالة ك ( كقوى تغييرية ) ، وهو ما يدمغها بالتناقض التضادي بين ما تعلنه قولا وخطابا نظريا وبين ما تمارسه واقعا في نضالها – أي بين معرفها النظري كقوى من داخل المجتمع تناضل فيه ومعه متقدمة صفوفه كضمير معبر عنه ، وبين حقيقة طابع دورها العملي الممارس كقوى محددة بنفسها ذاتها تصارع من اجل انتزاع سلطة الحكم والاستحواذ عليها . . كهمها الأساسي والجوهري .

ولذا فإن طريقة طروحة استقرائنا المغايرة سابقة الذكر تعد غريبة وغير مقبولة عند العقل النخبوي الوطني اليمني ، خاصة وانها تطرح من عنصر سياسي أساسي ذا تاريخ حزبي من قوى اليسار ، حيث ينظر لقولنا بكونه يمس ( الثوابت الوطنية ) التي لا يجوز التعدي خاصة من عنصر محسوب على الحركة الوطنية اليسارية في اليمن ، وأن مثل هذا الطرح يمكن التأويل لما هو ورائي حوله بعودة لأقاويل الاتهام والتشكيك بالكاتب وتشويه تاريخه النضالي – بينما الحقيقة . . إذا ما ظل العقل الوطني النخبوي – الحزبي وغير الحزبي – غارقا بأوهامه القناعاتية بما يعرفه ب ( الثوابت الوطنية احكاما او مبادئ ) ، فإن هذا البلد سيظل يتحرك بمسار تراجعي بقوة قصور ذاتي الى الوراء ، وبمنتج واقع وانسان ومجتمع وقيم اكثر تخلفا وتشوها . . كلما تحرك الزمن الى الامام .

وبتمثيل مجازي تساؤلي – على العقل اليمني المستنير أن يتبصر في بحث الجواب بتحرر عن اية اعتقادات قبلية تسيطر على عقله وتفكيره – كيف لبلد كاليمن تقوم فيه ( الدولة الحديثة البسيطة ) ، حتى وفي عدم استقرار حكمها ، وضعف الوجود المدني في مكون المجتمع بعد سبتمبر1962 واكتوبر1963م ونوفمبر1967م. في كل من الشمال والجنوب ، أن ينتهي بعد قيام اليمن الموحد في 1990م. وحتى 2010م. بتحولها الى الدولة العميقة الابوية المنفلشة الفاشلة ، وبعد 2011م. لم ينتهي النظام فقط بل انتهت الدولة حتى تلك التي كانت بسيطة قبل سبعين عاما ، وكيف للمجتمع الذي كانت تسود فيه قيم القديم ( المتخلفة والايجابية الاصيلة ) ، وسيره بآلية وجود صراعي قيمي بين التقليدية والحداثة – حتى قبل انقلاب 1967م. وبعد اغتيال الحمدي في 1978م. شمالا ، وجنوبا مع وبعد احداث سالمين في 1974م. و مع وبعد احداث يناير1986م. في الحنوب – وأيضا بعد عامين من قيام الوحدة اليمنية وخاصة بطبيعة مروعة بعد حرب 1994م. – حيث حلت الدولة الفاسدة الفاشلة المنفلشة محل ارث ( الدولة الحديثة البسيطة ) قبل 70 عاما من تجربتي الشمال والجنوب لمكون الدولة وطبيعة عملها ، كما وحل محل صراع القيم المحتدم بين القديم والجديد صراع متشوه القيم الرديئة ، الهجينة بين اسها القديم السلبي واسها المعاصر الردئ والأكثر رخصا – بينما استبدل الواقع القديم الموسوم بالصعب وصراع القوى أيديولوجيا على الحكم . . استبدل بواقع معطوب ومسدود الافاق كليا ، ومطبوع بصراع دموي على الحكم السلطوي بتكوينات مليشاوية مسلحة وانتهازيات تعمل بالوكالة للخارج . . بدلا عن صراع لامتلاك سلطة النفوذ في الحكم على أساس مفهوم مكون الدولة الضامنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس الحرب الحالية.. ما الخطر الذي يهدد وجود دولة إسرائيل؟ |


.. مجلس النواب العراقي يعقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس للمجلس ب




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقف مفاوضات صفقة التبادل مع حماس | #


.. الخارجية الروسية تحذر الغرب من -اللعب بالنار- بتزويد كييف بأ




.. هجوم بـ-جسم مجهول-.. سفينة تتعرض -لأضرار طفيفة- في البحر الأ