الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق/افريقيا .. الماضي منبوذ و المستقبل موعود. (2)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



نورالدين علاك الأسفي.

* إن الدولة الواقعة في قبضة الاستعمار الجديد ليست سيدة مصيرها. هذا هو العامل الذي يجعل الاستعمار الجديد يمثل تهديدا خطيرا للسلام العالمي .كوامي نكروما

و حتى لا نصادر المطلوب؛ على حد قول المناطقة؛ فالملاحظة تستدعي الإحاطة بأمرين مهمين هما المفتاح لتفسير دواعي هذه النقلة النوعية الجديدة في مجريات العلاقات الروسية الإفريقية. بالأمر الأول؛ القمة الروسية الافريقية هي محاولة من الرئيس بوتين لكسر الحصار الغربي ورد الاعتبار لروسيا، و العمل على إعادة وضع روسيا كقوة دولية كبرى؛ فاعلة ومؤثرة، لديها من القدرات والإمكانات والأدوات ما يجعلها قادرة على التحرك من جديد في دوائر دولية واسعة؛ الغرب ما برح يتصور أنه أغلقها في وجهها؛ ولن يسعها العودة مرة ثانية.
بالأمر الثاني، هذه الدول الإفريقية المجتمعة، وهي دول مدينة بهشاشة اقتصاديا، و عن مصالحها تبحث، و الترحيب بكل ما سوف يصلها من روسيا من مساعدات وتسهيلات ستواصله بالتأكيد و لن تتوانى، ولم يعد يعنيها تفسير الغرب لاقترابها من روسيا بأنه ينطوي على إخلال منها بحيادها في الحرب الروسية الأوكرانية، ولا أن شراكتها المتنامية مع روسيا تشكل ضربة موجعة لسياسات الحصار الغربي المفروض عليها. فكل هذه التفسيرات الغربية السلبية تتواري وتتضاءل أمام دواعي المصالح القومية العليا.
و يبقى القول أن أمريكا وبتحريض منها لحلفائها الأوروبيين والآسيويين، سوف يكون لهم رد فعل انتقامي من الأطراف التي شاركت في هذه القمة الروسية الأفريقية أو مستقبلا تبدي رهانا على هذا التناقض المحوري. وسوف تحاول إفشال مخرجاتها بزرع كافة العوائق والعراقيل في طريقها. فحالهم يبدي المساوئ و لن يتركوا الأمور تمضي في مساراتها الطبيعية لأن ذلك يفسد لهم خططهم ويقطع الطريق أمامهم ويزيد من تكلفة حصارهم لروسيا التي يعتبرونها ألد أعدائهم على الساحة الدولية، وأن استنزافها أو بالأحرى هزيمتها هي أولوية إستراتيجية غير قابلة للتفاوض.
و من حاصل الحدث؛ فإن مجرد انعقاد القمة بزخم لافت من المشاركة الإفريقية، يترك الانطباع الذي لا يرتفع. روسيا حققت مراميها، وأبقت على هامش المناورة لما بعدها.
و الملاحظ أنه و إلى وقت قريب، اعتبر صانعو السياسات؛ الأوروبيون والأمريكيون الصين منافسهم الرئيسي في إفريقيا. واليوم ، يلاحظون بقلق عميق عودة روسيا ، التي يتضح من وجود مرتزقة فاغنر في مالي، وجمهورية أفريقيا الوسطى ، وليبيا ، ولفترة وجيزة ، في شمال موزمبيق. و غزو أوكرانيا سيزيد من عدم ثقة الغرب في طموحات روسيا في العالم.
أهداف روسيا الإستراتيجية و رغبتها المحمومة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كانت عيون آنا بورشفسكايا/ Anna Borshchevskaya قد تابعتها و انتهت إلى قراءة ملاحظاتها أمام "اللجنة الفرعية المعنية بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" التابعة لـ "مجلس النواب الأمريكي". لتخرج من بحثها؛ انه إذا أرادت واشنطن أن تحدّ من نفوذ موسكو وتحسّن الموقف الاستراتيجي للولايات المتحدة تجاه روسيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتعين عليها أن تتبنّى استراتيجية تضمّ الخطوات التالية:
1- الاعتراف بأنّ بوتين ليس شريكاً في محاربة الإرهاب. 2- الانخراط بفعالية في الشرق الأوسط3- تحسين التعاون الأمني. 4- الانخراط عسكرياً في سوريا. 5-استثمار المزيد من الموارد للتصدّي للجهود الدعائية التي يقوم بها الكرملين. 6- التركيز على الدبلوماسية. 7- الاعتراف بعدم وجود حلّ سهل وتسوية سهلة على المدى البعيد.
فالدول الإفريقية شريك أساسي في أكثر القضايا إلحاحا في نظر أمريكا، و كل خطوة تأتيها واشنطن تُكثّف من خلالها تحركها الدبلوماسي في إفريقيا في مواجهة الدبلوماسية الروسية. وكأنه لا يمكن لروسيا أن توطد علاقاتها مع دول مختلفة، و في وسط محاولات الغرب المناهضة لروسيا. و بينما يسعى لعزل موسكو فقد عجز عن جعلها منبوذة. فالدول الإفريقية تكافح ارتفاع أسعار المواد الغذائية و الأسمدة.
و الولايات المتحدة يمكن أن تخسر نفوذها في إفريقيا بالكامل بعد انقلاب النيجر. و تخوّفها بات له ما يبرره. فتصدير اليورانيوم من النيجر لم يكن يذهب إلى روسيا والصين و بعد الانقلاب سيغير وجهته. و نعلم مدى حساسية الولايات المتحدة تجاه الأعضاء الآخرين في نادي القوى النووية. و كم تخشى الولايات المتحدة أن تثير النيجر سلسلة من حركات تمرد مماثلة عبر القارة. وحينها يمكن أن تفقد واشنطن سيطرتها على الدول الإفريقية الأخرى.
و في هذا السياق، يمكن لمزيد من البلدان إعادة التوجه نحو دول كبرى أخرى، على وجه الخصوص، نحو روسيا. بالمناسبة، أكدت القمة الروسية الإفريقية إمكانية مثل هذا السيناريو. اليوم، تتوافر جميع المقدمات لتعزيز التنوع الجيوسياسي في القارة، والتي ستختار الشراكة مع موسكو وبكين، وليس مع الدول الغربية فحسب.
و المثير؛ فقد شرع طلب النفوذ يعيد موضعة الخطوات. فالعلاقات الروسية الإفريقية لما تتوسع تزعج فرنسا. و يا ما أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه إزاء توسيع العلاقات الدبلوماسية والعسكرية لروسيا مع عدد من الدول الإفريقية. و بدا أكثر من موقف منزعجا و هو يعبر عن قلقه بشأن النشاط العسكري والدبلوماسي لروسيا في إفريقيا، و لم يسعه أن يسميه تعاونا، بل يصفه بأنه "دعم للأنظمة و الطغمات غير الشرعية والفاشلة تماما.
و لم يمر كثير وقت على انزعاج ماكرون. حتى اختلط عليه الفصل بين الجيوسياسي و التاريخي. في مارس 2023 أثار المؤتمر الصحفي الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بنظيره الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي جدلا واسعا. بدأ الأمر بسؤال طرحته صحفية من وكالة الأنباء الفرنسية، حول تصريح مثير لوزير الخارجية الفرنسي السابق، جان إيف لودريان، عام 2019 حين أشار إلى أن نتائج انتخابات الرئاسة في الكونغو الديمقراطية كانت نتيجة ترتيب مسبق، بين الرئيس المنتهية ولايته جوزيف كابيلا، وفيليكس تشيسيكيدي، ولا علاقة لهيئة الانتخابات في البلاد بذلك. وتساءل الرئيس الكونغولي، خلال رده، قائلا: لماذا تختلف رؤية الأشياء حين يتعلق الأمر بأفريقيا.
كما كانت الإشارة بليغة من جنوب إفريقيا التي أبقت على موقف محايد بشأن الأزمة في أوكرانيا، إذ رفضت الانضمام إلى الدعوات الغربية لإدانة موسكو. فشركاء الأخيرة في إفريقيا يفهمون أسباب ما يحصل ويعرفون ما يقوم به الغرب للقيام ببناء عالم أحادي القطب. و حضت على ضرورة احترام حق الدول الإفريقية بتقرير مصيرها وحل مشكلاتها دون أي تدخل.و لم لا المشاركة من موقعها في رفض سياسات الإملاءات والهيمنة القطبية الأحادية؛ و هي ترى الولايات المتحدة وحلفاءها تحاول تقويض عملية تشكيل عالم ديمقراطي متعدد الأقطاب.
أما في الوقت الذي تتعزز فيه العلاقات الروسية الصينية. فواشنطن تثار حفيظتها. فالعداء بات بحكم العلاقة المتعدية جليا. فقبل الحرب في أوكرانيا، كانت الدبلوماسية الأمريكية في أفريقيا تتركّز على المنافسة مع الصين، التي وظفت استثمارات مهمة في البنى التحتية بالقارة الأفريقية، بدون أن ترفق استثماراتها بمطالب على صعيد الديمقراطية وحقوق الإنسان كما تفعل الولايات المتحدة. لكن التحركات الجيوسياسية الروسية في القارة الأفريقية في الفترة الأخيرة، دفعت باتجاه تحول في السياسة الأمريكية إلى مواجهة النفوذ الروسي، وفق مراقبين. هذا التحول يشمل إعادة صياغة شاملة لسياسة الولايات المتحدة في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تعتزم مواجهة الوجود الروسي والصيني معا وتطوير أساليب غير عسكرية ضد الإرهاب.
وتأخذ هذه الإستراتيجية الجديدة في الاعتبار الأهمية السكانية المتزايدة لأفريقيا وثقلها في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مواردها الطبيعية الهائلة وفرص الاستثمار في تقدمها.
وتؤكد وثيقة تحمل عنوان "إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه أفريقيا جنوب الصحراء"، على 4 أهداف ، تشمل "دعم المجتمعات المفتوحة وتقديم مكاسب ديموقراطية وأمنية لها، والعمل على الانتعاش بعد الجائحة، وإتاحة الفرص الاقتصادية ودعم الحفاظ على المناخ والتكيف معه، والتحول المنصف للطاقة.
و في طيات هذه الوثيقة هاجمت الأمريكية روسيا بشكل مباشر، وقالت إن موسكو "ترى أن المنطقة تمثل بيئة مستباحة للشركات شبه الحكومية والعسكرية الخاصة، وغالبًا ما تخلق حالة من عدم الاستقرار لكسب مزايا إستراتيجية ومالية"
و الحال بمحصلته؛ فمع نشوب حرب أوكرانيا تغيرت الأولويات الضامنة لتكسير تطويق الغرب لروسيا. لتتجه البوصلة رأسا إلى إفريقيا؛ فقد شرع فيها موسم الانقلابات التحررية يروم رأسا جذور الغرب و تصفير مصادر رفهه؛ الأمر الذي لم يتوافق يوما و ازدهار شعوب إفريقيا؛ و كانت خلف بعثرة أوراق اعتماد تاريخها؛ لذا غدا تجفيف منابعها رغبة ملحة عند الأفارقة و من يواليهم من صناع القرار بموسكو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح