الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطباء فائضون عن الحاجة

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2023 / 8 / 14
الادب والفن


طالما أقف سعيدا بكل ما يكتبه كاتبي المفضل جون ثورنهيل، لأنه ببساطة يصنع فكرته العميقة ويدافع عنها بثقة منذ أن جالس الروبوت قبل سنوات على دعوة إفطار أقامتها صحيفة فايننشيال تايمز على شرف الإنسان الآلي لاختبار أدائه الصحافي.
لم يتناول ذلك الروبوت حبة بازلاء واحدة وهو يشارك كبار كتّاب الصحيفة الوردية الإفطار، وفشل أيضا في مجاراة كتابها اللامعين. وبقي مع كل التطور الذي حصل على عقله التكنولوجي خلال السنوات الماضية وتغذيته بخوارزميات معقدة، لا يستطيع قبول تحدي مجاراة ما يكتبه ثورنهيل أو تيم هارفورد أو لوسي كيلاوي مثلا.
لم يتراجع ثورنهيل محرر الابتكار في فايننشيال تايمز وكاتب العمود وسبق أن شغل منصب نائب رئيس التحرير، عن تحدي الذكاء الاصطناعي إن كان قادرا على أن يصل إلى ما وصله في التحليل واستنباط الأفكار في الكتابة، بل يزداد ثقة مع الوقت بما ينتج من مقالات، مقابل زيادة ما يبهر الناس في هذه الثورة التكنولوجية الفظيعة.
وأنا أعيد سؤاله الأخير لنا كبشر، عما إذا كنا سنسمح لطبيب الذكاء الاصطناعي بالكشف علينا والقبول بما سيصف لنا من علاج؟ دعوني أعرض عليكم أفكاره التي أصفها باللامعة قبل أن أجد إجابته على سؤال طبيب الذكاء الاصطناعي. فهذا الكاتب يرى أننا ألحقنا بأنفسنا جرحا عميقا، وربما نصل في يوم ما إلى ما إذا كان ينبغي لنا أن نستمر في الحديث عن الإنسان العاقل باعتباره نوعا منفردا بعد مسيرة ناجحة إلى حدّ كبير على مدار 70 ألف عام.
فلو كان أفلاطون على قيد الحياة اليوم، قد يعتبر الكثير من العمل الذي نقوم به من قبيل وقت فراغ، والكثير من وقت الفراغ الذي نتمتع به على أنه عمل! لأننا ببساطة نعمل بجد من دون أجر لدى فيسبوك وأكس “تويتر”!
وتساءل مرة إذا ماتت الأوهام القديمة فأين نجد الخلاص؟ فهو من بين المَعْرفيين الذين يطالبون في كتاباتهم من البشر برفع مستوى أجهزتهم العصبية المهملة، ويحذرنا من كون تطور الذكاء الاصطناعي قد يجعلنا فائضين عن الحاجة على نحو متزايد. مثلما يجادل على الضفة الأخرى لإثبات أن الذكاء الاصطناعي يتفوق على الإنسان في الغباء، لذلك يعمل على تطوير ديناميكيته كي يفوق الذكاء الطبيعي.
لكن مقابل أن الذكاء الاصطناعي سيغير طبيعة الإنتاجية. فإن حاجة الإنسان إلى الرعاية الصحية لن تتراجع، بينما الإنفاق الحكومي يتراجع مع شيخوخة السكان، والطواقم الطبية المنهكة، حتى إن إحدى أشهر الطبيبات في بريطانيا، الدولة المتقدمة في خدمات الرعاية الصحية، ترى أن وظيفة الطبيب العام اليوم غير قابلة للتنفيذ بشكل أساسي، وهذا يعني بشكل لا مفر منه بأن يقبل الإنسان بقناعة أو على مضض، ويتعود على الذكاء الاصطناعي كطبيب شخصي له.
مهلا، يكتب ثورنهيل، علينا ألا ننسى أن التكنولوجيا الطبية قطاع مليء بالغطرسة والخداع والآمال الزائفة. ويُذكّر بالفشل المريع لشركة “أي.بي.أم” عندما زعمت أن كمبيوترها الخارق قادر على علاج السرطان!
في كل الأحوال، سواء وثق البشر أو لم يثقوا بالذكاء الاصطناعي كطبيب، سيعجزون مع المشرعين والحكماء عن إيجاد إجابات للمعضلة الأخلاقية التي تنتظرهم.
وثورنهيل كمعرفي مثل عالم اللغويات نعوم تشومسكي يرى أن مبعث القلق يكمن في أن يمتهن النوع الأكثر شهرة ورواجا من الذكاء الاصطناعي، وهو تعليم الآلة علمنا، وتشويه أخلاقنا من خلال دمج مفهوم معيب بشكل أساسي للغة والمعرفة في التكنولوجيا التي نستخدمها.
ويرون أن تلك الثورة غير قادرة على تحقيق التوازن بين الإبداع والتقييد، فهي إما تبالغ في تضمين حقائق أو أكاذيب، أو دعم قرارات أخلاقية ولا أخلاقية على حد سواء، من دون مبالاة بالعواقب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي