الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنف المستوطنين كجزء من منظومة القمع والهيمنة لدولة الاحتلال (2 من 3)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


نهاد أبو غوش
قفزة نوعية مع حكومة اليمين المتطرف
من المؤكد أن تشكيل حكومة نتيناهو من ائتلاف اليمين واليمين المتطرف مع الأحزاب الدينية المتزمتة شكل نقطة تحول نوعية في سياسات الاحتلال تجاه الأراضي المحتلة والشعب الفلسطيني بشكل عام، ولظاهرة عنف المستوطنين بشكل خاص نظرا للمكانة التي بات يحتلها تيار الصهيونية الدينية الممثل الأبرز لجماعات المستوطنين، ثم في الحقائب الوزارية والمسؤوليات التي تسلمها ممثلو هذا التيار وعلاقتها ببرامج تعزيز الاستيطان من جهة، وقمع الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر من جهة أخرى. حيث تولى هؤلاء وزارات المالية، وموقع الوزير المسؤول عن شؤون الاستيطان والإدارة المدنية وشؤون الفلسطينيين تحت الاحتلال في وزارة الدفاع، ووزارة الأمن القومي بعد ضم الإشراف على حرس الحدود لاختصاصها وتكليف وزيرها ايتامار بن جفير الإشراف على تأسيس الحرس الوطني، ووزارة تطوير النقب والجليل التي يمكن دون مبالغة تفسير مهمتها بأنها وزارة تهويد النقب والجليل.
كما شملت الاتفاقيات الائتلافية بين حزبي الليكود وحزبي الصهيوني الدينية، مزيدا من التفاصيل والبنود التي تهدف لتوسيع الاستيطان وشرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية، وكل ما يتعلق بقضايا الأرض ومشاريع التخطيط والبناء وهدم المنازل وشؤون السكان الفلسطينيين في المناطق المصنفة (ج) بالإضافة إلى تسييس جهاز الشرطة وإخضاعه لتوجيهات وزير الأمن القومي والأولويات التي يراها هذا الوزير لعمل الشرطة.
لم تتأخر ثمار هذا التشكيل الحكومي والاتفاقيات الائتلافية، ففي الشهور الستة الأولى من عمر هذه الحكومة جرت المصادقة على مخططات لبناء ثلاثة عشر ألف وحدة جديدة في المستوطنات وهو رقم قياسي لم يسجل في عهد أي من الحكومات الإسرائيلية السابقة. وفي مطلع شهر فبراير جرى شرعنة 9 بؤر استيطانية عشوائية من أصل 77 بؤرة طالب الوزير بن جفير بشرعنتها، ثم وقع الحدث الأبرز في نهاية الشهر وهو محرقة حوارة، التي تخللها استشهاد فلسطيني وإصابة العشرات إلى جانب إحراق عشرات البيوت والمحلات التجارية والسيارات، وقد وصفها عدد من الكتاب الإسرائيليين والعالميين ب"ليلة البلور" (الكريستال) تشبيها لها بالمحارق التي نفذتها الميليشيات النازية ليلة التاسع والعاشر من نوفمبر 1938 ضد اليهود وممتلكاتهم في مدن ألمانيا والنمسا الرئيسية وخاصة في برلين وفيينا.
التغني بمحرقة حوارة
محرقة حوارة شكلت دليل إدانة دامغا ضد حكومة نتنياهو وجيشها وأذرعها الأمنية، التي راقبت على مدى ساعات استعدادات المستوطنين واتصالاتهم للهجوم على حوارة ولم تحرك ساكنا، بل إن نتنياهو لم يتدخل إلا بعد أن اكمل المستوطنون هجومهم، فدان الهجوم الذي نفذه فلسطيني قبل المحرقة وطالب المستوطنين بعدم أخذ القانون بيدهم وألا يعيقوا عمل الجيش، وعلاوة على ذلك قام بتشبيه انفلات المستوطنين وهجومهم الوحشي على حوارة بما أسماه الفوضى والتعرض لرجال الشرطة في مظاهرات تل أبيب الاحتجاجية.
كان يمكن لمحرقة حوارة أن تكون حادثة منفردة ومنقطعة في تاريخ المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية لولا التبني الرسمي لهذه المحرقة من قبل عدد من المسؤولين وابرزهم وزير المالية ورئيس حزب الصهيونية الدينية المسؤول عن الاستيطان وعن الإدارة المدنية للاحتلال، وهو الذي دعا صراحة إلى محو قرية حوارة، واعتبر أن ما قام به المستوطنون يشكل أداة ردع فعالة للفلسطينيين الذين لم تردعهم الأساليب الأخرى، صحيح أن سموتريتش عدّل تصريحه وأعاد صياغته مرتين بعد ذلك بادعاء أنه يقصد دعوة الجيش إلى القيام بهذه المهمة بدل المستوطنين، لكن أقواله شكلت دليل عمل ومرشدا لسلوك مجموعات المستوطنين الذين مجّدوا المحرقة بأغنية ما زالت تتردد على الشبكات، وهم قاموا بتكرار نفس سناريو العدوان في عدد من القرى الفلسطينية أبرزها ترمسعيا في العشرين من حزيران 2023، وشملت هجماتهم عددا كبيرا من القرى الواقعة بين نابلس ورام الله وفي محيطهما ومنها قرى حوارة (مرة أخرى) وبورين واللبّن وعصيرة القبلية وعوريف وكفر الديك وجالود، بالإضافة إلى سلسلة متواصلة من حوادث الاعتداءات الفردية وقطع الطرق في قرى شرق رام الله وخاصة سلواد وبرقة ورمون ودير جرير والمغيّر.
في كثير من حالات الاعتداء سابقا، كان يجري تسويغ هذه الاعتداءات بأنها ممارسات فردية منعزلة وليست سلوكا منهجيا، أو نتيجة لعوامل ظرفية محددة، مثل الانفعالات وهياج الخواطر وانفلات الأعصاب، ثم يجري تمييع هذا الأحداث في الإجراءات القضائية والمحاكم من دون ان يترتب عليها اية إجراءات عملية. الاتجاه الذي بات مألوفا ومعتادا هو الدفاع الصريح عن عنف المستوطنين وتبنيه رسميا أو التقليل من شأنه وتجاهله، وقد ظهر ذلك بشكل فاقع في جريمة استشهاد الشاب الفلسطيني قصي معطان (19 عاما) من قرية برقة شرق رام الله، على يد المستوطن اليشا يارد الذي عمل مساعدا ومتحدثا رسميا باسم عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ من حزب "عوتسما يهوديت" وشريكه في الجريمة يحيئيل اندور، وقد أطلقت الشرطة الإسرائيلية سراحهما بعد خمسة ايام من توقيفهما، واستبدلت وصف جريمتهما من الشروع بالقتل إلى التسبب بالموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا