الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعي الى السلطة وأشكال النضال / ترجمة مرتضى العبيدي

مرتضى العبيدي

2023 / 8 / 15
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


السعي الى السلطة وأشكال النضال

إن أحد العناصر الأساسية التي يجب على الأحزاب والمنظمات الثورية أن تأخذها في الاعتبار من أجل الاندماج بشكل إيجابي في النضال الاجتماعي هو الاستخدام والاستغلال الملائمين والمناسبين لمختلف الأشكال التي يكتسيها الصراع الطبقي، والطريقة التي تتفعّل بها هذه الأشكال المختلفة باتجاه الهدف المركزي للثورة، وهو الظفر بالسلطة الشعبية.
إن استخدام أشكال النضال المختلفة، والمزج المناسب بينها، وتسبيق أحدها عن الآخر، وفقًا للظروف واللحظات المختلفة التي تمر بها الحركة الاجتماعية والثورية، هي مشكلة تتعلق بالمفهوم النظري والعملي لتطور الصراع الطبقي الذي يجب أن يتمّ توجيهه نحو الهدف الاستراتيجي. ويعتمد هذا الاستخدام والمزج بين أشكال النضال على مستوى تطور ونضج حركة الطبقة العاملة والقطاعات الشعبية الأخرى، على درجة الوعي السياسي لهذه الحركة، وعلى تنظيمها ووحدتها، وعلى القيادة المتماسكة والقادرة، وعلى توفر الإرادة في النضال، وعلى مدى مقاومة الميول الاشتراكية-الديموقراطية، والتحريفية والانتهازية، المتصالحة مع النظام، وعزلها داخل الحركة، إلخ.
هذا السؤال له آثار عميقة تتعلق بإدارة تكتيكات النضال الاجتماعي والثوري، في لحظة وفضاء ملموسين، وكيف يمكن للثوريين ربطها بالاستراتيجية، بالهدف المركزي لثورة المجتمع الجديد، لبناء الاشتراكية. في الواقع، إن الفهم النظري والتطور العملي للوحدة والعلاقة القائمة بين التكتيكات والاستراتيجية هي مشكلة مطروحة على الثوريين وتتطلب جهودا لتطويرها بشكل أفضل.
وتتعلق أشكال النضال أيضًا بالطريقة التي يتم بها تحديد العدو الطبقي ومواجهته، وسياساته وإجراءاته، ووضعه الراهن؛ ومستوى احتداد التناقضات بين الطبقة العاملة والبرجوازية، بين الجماهير الشعبية والإمبريالية؛ كيف تظهر التناقضات بين مختلف القطاعات المسيطرة، وهذا سؤال يجب حله في سياق النضال الاجتماعي اليومي.

النضال السياسي
بالنسبة للثوريين، فإن المواجهات السياسية للحركة الجماهيرية هي أعلى وأهم شكل من أشكال النضال الذي يجب تأجيجه وإثارته وتنظيمه وتنشيطه. فالهدف الأساسي لهذا النضال هو انتزاع السلطة من قبل العمال والشعوب الذين سيجدون أنفسهم في مواجهة مؤسسات الدولة البرجوازية. إن هذه المناسبات من شأنها أن تحشد الجماهير الكادحة ومختلف قطاعات الشعب الذين سيجدون أنفسهم مباشرة في مواجهة "المؤسسة" الرأسمالية، والحكومة القائمة، والبرلمانات والمحاكم، والسلطة المحلية والمسؤولين الفاسدين، والأعمال التعسفية والقمعية للشرطة والقوات المسلحة.
من خلال هذا النوع من النضال، يمكن للجماهير الكادحة أن تكشف النقاب عن الطبيعة الطبقية الرجعية للنظام وجميع الأدوات التي تجعل الهيمنة ممكنة؛ وتوضيح الروابط الموجودة بين الإمبريالية ووكالائها، والبرجوازية الكبرى وبرلمانها، وجمعياتها وأحزابها السياسية، والقيادة العليا للقوات المسلحة، والمنظومة الكنسية، إلخ. وتحدد هذه المنظومة خصومها الأساسيين في الطبقة العاملة، التي يمكن للقوى الشعبية المختلفة أن تتحد معها، في سلسلة من اللحظات، ضد الإمبريالية والبرجوازية ككل، بمؤسسات سلطتها ومفاهيمها وتفكيرها. لكن إلى جانب العمال، هناك أيضًا قطاعات اجتماعية أخرى، كانت قادرة على خوض نضالات سياسية مهمة، أدت بلا شك إلى زعزعة النظام أو إحداث تصدعات كبيرة في الصرح الرأسمالي.
إنها تتيح للعمال والشعوب أن يفهموا بشكل مباشر أن البرجوازية تمارس السلطة لمصلحتها الخاصة ولتحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية؛ وكيف تسمح لها هذه السلطة بالتحكم والسيطرة على المجالات الرئيسية للحياة الاجتماعية. وبنفس الطريقة، يجب أن نظهر لهم أن تحقيق تطلعاتهم الحقيقية، ورغباتهم في التغيير، لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال حيازة السلطة السياسية، والتي من أجلها يكون الإطاحة العنيفة بالهيمنة الرأسمالية الإمبريالية ضروريًا وليس فقط بحكومة ما، أو بهذا المسؤول أو ذاك، أو بتغيير شكلي للواجهة، داخل نفس المؤسسة البرجوازية.
فيما يتعلق بتطور المواجهات الطبقية في بلادنا، فقد بدأت بعض الإضرابات العامة للعمال تطرح مطالب اقتصادية أو عبرت عن رفضها لبعض الإجراءات المعادية للشعب، لكنها حصلت خلالها على دعم المنظمات الفلاحية، والقطاعات الطلابية، والمؤسسات الصغرى، والمدرسين، إلخ. حتى تحوّلت الى صدامات مهمة مع البرجوازية وحكوماتها.
كما هزت الإضرابات الوطنية للمعلمين البلاد بالمثل، وكشفت طبيعة الأنظمة البرجوازية التي واجهتها، وطوّرت بعض المبادرات والأشكال النضالية المثيرة للاهتمام في هذا السياق: إغلاق الطرقات؛ احتلال مقرات الهيئات العامة: الوزارات والبرلمان والمحافظات ومديريات التربية؛ والتعبئة لمعارك الشوارع.
لعب نضال شباب المدارس الثانوية والجامعات، في شوارع وساحات البلد بأكمله، دورًا رائدًا في معارضة الإجراءات الاقتصادية النيوليبرالية، والإصلاحات المضادة في مجال التعليم، والهيمنة الإمبريالية، والقمع البوليسي والعسكري. في هذه الأعمال، نظّم الشباب مواجهات جريئة وشجاعة مع القوى القمعية، وردوا على العنف الرجعي الذي تستخدمه الدولة البرجوازية لمعارضة التطلعات الشعبية.
كما أنجز الفلاحون والقطاعات الأخرى من الشعب، ضحايا إجراءات الحكومات الحاكمة، إضرابات على مستوى المقاطعات أو الكانتونات؛ تم فيها الاستيلاء على الطرق السريعة والمدن، وتم إغلاق الجسور والمطارات المحلية، وتنفيذ أعمال هزت المجال الوطني والمحلي مرارًا وتكرارًا، مخلفة تجارب مميّزة في النضال من أجل تطوير الحركة الشعبية.
لدينا في بلدنا تجربة الانتفاضات الشعبية، والتي ساهم فيها ملايين الرجال والنساء من شعوبنا، من السكان الأصليين والسود، الذين احتشدوا في الشوارع والطرق السريعة والساحات والممرات، في المدينة والريف، ضد الحكومات الفاسدة والمرفوضة شعبيا. كانت هذه الانتفاضات صراعات مريرة في المجال السياسي، واختبارات أولية للانتفاضة الشعبية، التي انتهى بعضها بإسقاط الحكومات البرجوازية المنتخبة عبر صناديق الاقتراع، كما هو الحال مع " بوكرام" و"محود" وقبل أيام قليلة ضد حكومة "لوسيو جوتيريز" والتي ضربت في نفس الوقت بشدة مؤسسات الدولة البرجوازية.
مثال آخر على أعمال النضال السياسي هو المواجهة التي طورتها المنظمات المختلفة لحركة الشعوب الأصلية، التي تطالب بحقوقها الوطنية، ضد الأنظمة النيوليبرالية. إنهم يحشدون الجماهير، ويقطعون الطرقات السريعة، ويواجهون العنف القمعي، على الرغم من أن هذه النضالات المهمة، قد تلاشت على "موائد الحوار" والتشاور، بسبب طبيعة بعض قادتهم الذين تخلوا عن المطالب الحقيقية واستعاضوا عنها بالمساومة البسيطة على الأموال، أو المطالب الصغيرة، البعيدة كل البعد عن التطلعات الحقيقية للشعوب الأصلية.

النضال ضد الإمبريالية هو شكل من أشكال النضال السياسي
إن النضال ضد الإمبريالية الذي يخوضه عمال وشعوب العالم، والذي استعاد زخمه مؤخرًا واكتسب أبعادًا دولية، هو شكل محدد من النضال السياسي الذي يفضح ويواجه الهيمنة الإمبريالية والبرجوازية ومخططاتها العدوانية، والتي تعبّر عنها اليوم العولمة.
هذا النضال يتخذ أشكالا متنوعة، تبدأ من المطالب الاقتصادية والسياسية للبلدان التابعة، ضد خطط الإصلاح الهيكلي للمؤسسات الإمبريالية الدولية، إلى المطالبة بعدم سداد الديون الخارجية؛ من الحفاظ على السيادة والاستقلال إلى الدفاع عن الثروات الطبيعية وإنقاذ ثقافات شعوبنا. وفي العديد من الأماكن، حيث تتعافى القوى الشعبية من حالة الجزر، يتصاعد هذا النضال بشكل قاطع نحو التحرر الاجتماعي والوطني، والثورة الاجتماعية، والاستيلاء على السلطة الشعبية والاشتراكية، وهي طموحات تتجذر في صفوف الجماهير العاملة بطريقة واعدة. ويتخذ هذا النضال طابع الكفاح متعدد الأطراف، إذ يساهم فيه، الى جانب العمال والشعوب جزء كبير من البشرية - لم يفقد طبيعته التقدمية - ضد العولمة الإمبريالية ، ويكشف مخططاتها المدمّرة والعواقب الوخيمة التي تنجم عن تطبيقها في مختلف بقاع الأرض.

مهمّات الأحزاب والمنظمات الثورية
للحزب الشيوعي والمنظمات الثورية دور كبير في كيفية تشجيع وتوجيه ورفع التطلعات السياسية للجماهير العاملة. في الواقع، لا يمكن بلورة هذا الوعي السياسي الثوري وتطويره إلا على أساس عمل منهجي، واقتراب أكبر من أي وقت مضى من الواقع الملموس - المعقد والمتغير - بعمل دقيق لتوليف وتعميم الخبرات المكتسبة من نضالات الحركة الشعبية، وتحديد التوجه الذي يجب أن يطبع كامل المسار، بالصياغة الدقيقة والمتماسكة للمقترحات البرنامجية التي يجب أن توجه اللحظات المختلفة التي تمر بها هذه المعركة ، إلخ.
لهذه الأسباب ذاتها، نؤكد نحن الماركسيين اللينينيين الحاجة إلى حزب ثوري يتولى هذه المهام بشكل حازم ومسؤول، ويتألف من أفضل العناصر التي تمكنت الحركة العمالية والشعبية بشكل عام من إنتاجها. هم رجال ونساء متمكنين من معرفة الواقع، والقوانين التي تحكم تغييره وتطوره، ومن التطورات التي تعيشها السيرورات التاريخية المختلفة، من منظور نضال العمال والشعوب؛ أشخاص متمرسون ومتماسكون في قيادة الحركة، مرتبطون بشكل طبيعي بجميع منظماتها ومكوناتها.
لهذا السبب، نعتقد أن المهمة الرئيسية للثوريين هي تأكيد وعي العمال والفلاحين والحركة الأهلية والشعبية، من خلال العمل المكثف والدائم لتوضيح وتثقيف وتدريب منظماتهم وقادتهم وقواعدهم، حتى يصل الجميع إلى فهم أفضل لمعنى الصراع الطبقي. وأنه يمكننا المزج بشكل أفضل بين الأشكال المختلفة للنضال، وجعل الحركة ككل تفهم طبيعة الدولة والنظام الرأسمالي، ومسألة السلطة وطريقة الظفر بها، ومضمون ونطاق نضال الحركة الاجتماعية، والسيرورة الثورية وأهدافها، ودور الحزب والمنظمات الثورية، إلخ.
يمكن تحقيق ذلك، في المقام الأول، عندما تعمل الأحزاب والمنظمات من أجل ترقية العناصر الأكثر تماسكًا واستنارة إلى قيادة هذه الحركة، وإزاحة التوافقيين والانتهازيين، والقيام بالنقاش والتوضيح بين القواعد، بحيث يكون لديهم القدرة الحقيقية على تمييز القادة الحقيقيين الذين يحتاجون إليهم لضمان الدفاع عن مصالحهم من منظور النضال من أجل التغيير الاجتماعي.
ومن ناحية أخرى، هذا يعني أنه من الضروري في جميع الأوقات تحديد المواقف السياسية للعمال والشعوب في مواجهة كل إجراء، كل عمل للبرجوازية، وفي مواجهة كل عدوان إمبريالي في المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والعسكرية، والثقافية، إلخ. وهذا يعني بالنسبة للقوى الاجتماعية الثورية التعبير الدائم عن مواقفها واقتراحاتها، لمنع التأثير على الرأي العام فقط من خلال نشر أطروحات البرجوازية والإمبريالية، وحكوماتهم وأحزابهم والصحافة ووسائل الإعلام الرئيسية المجنّدة لخدمتهم.
وهذا يزيد من حاجة الثوريين للتقدم في الآليات التي تسمح لنا بتدريب وتثقيف قادة المنظمات العمالية والشعبية سياسياً، بحيث يكون لديهم وعي واضح بدورهم كقادة لحركة واسعة تناضل من أجل الثورة والسلطة؛ حتى يقودوا منظماتهم بشجاعة وثبات، وحتى يعرفوا كيف يتجنبون الأعمال القمعية والتهديدات والابتزاز، والوعود الكاذبة للمعسكر البرجوازي.
كذلك، فإنه يتطلب منا إنشاء وسائل الإعلام الخاصة بنا، والصحافة العمالية والثورية، والبث البديل، ونشر المواد النظرية حتى يمكن سماع صوتنا حتى من خلال وسائل الإعلام البرجوازية نفسها، الأمر الذي يتطلب أفعالًا، وعملًا منظمًا ودؤوبا لا يمكننا التخلي عنه.
وتجدر الإشارة إلى أن أحد العناصر التي تدعم نضال العمال والشعوب هو وحدة الحركة، التي من الضروري ترسيخها. إنها بلا شك عملية شاقة، لأنها تعتمد على قناعة وحدوية حقيقية وملتزمة تجاه المكونات المختلفة التي تشكل الحركة. وعلاوة على ذلك، من الضروري التغلب على العمل الدؤوب الذي يقوم به العدو الطبقي، والذي يهدد بشكل مباشر بإفساد القادة الجبناء والانتهازيين؛ وكذلك العمل التخريبي أو التصالحي للعناصر الانتهازية، والعملاء وعناصر الشرطة الذين يتسللون داخل الحركة الشعبية نفسها.

حول النضال الانتخابي والنيابي
جزء مهم من النضال السياسي هو النضال الانتخابي والبرلماني. يدرك الشيوعيون في الإكوادور أنه بالنسبة للثوريين، من الضروري المشاركة في العمليات الانتخابية التي تدعو إليها البرجوازية، والتي تقوم بذلك على وجه التحديد بهدف تضليل الجماهير والحفاظ على مصالحها وإضفاء الشرعية على هيمنتها.
نحن نفهم هذه المشاركة بطرق مختلفة: تقديم الترشيحات والبرامج. تشكيل تحالفات واسعة عبر الطيف الديمقراطي واليساري؛ المطالبة بإلغاء التصويت أو المقاطعة المباشرة للانتخابات.
لا يمكننا عزل أنفسنا عن هذه العمليات السياسية، التي تدمج بطريقة أو بأخرى العمال والشباب والنساء والسكان الأصليين والتي، في غياب مشروع يساري وشعبي، تجعل هؤلاء عاجزين أمام المهزلة البرجوازية وقادتها وأحزابها. وإذا كانت بعض الفئات تعارض السيطرة على هذا القطاع أو ذاك من الجماهير، فأن بعض هؤلاء ينقسمون وفقًا للجماعة أو الحزب البرجوازي الذي يدعمونه، بينما البعض الآخر يهمشون أنفسهم تمامًا عن العملية، ليس لأنهم يعرفون أن الانتخابات لن تحل مشاكلهم، ولكن ببساطة لأنهم لا يكترثون بما يحدث للبلد والشعب.
لقد سمحت لنا المشاركة الانتخابية باستخدام الشرعية البرجوازية بطريقة معينة. فأصبحت الحملات الانتخابية منابر لنشر المقترحات البرامجية لليسار الثوري، ومعارضة الفكر الديمقراطي واليساري لقادة البرجوازية، والترويج لأسماء وشخصيات القادة الشعبيين المهمين الذين يكشفون عن الفساد البرجوازي والإمبريالي والاستغلال والقمع وينشرون مقاربة المنظور الثوري كطريقة للخروج من المشاكل التي تواجه البلاد.
في الحقيقة، نحن واضحون بشأن حدود النضال الانتخابي ومعناه الحقيقي. نحن الشيوعيون لا نعتبره وسيلة فعالة لإقامة السلطة الشعبية، لكننا نعلم فائدته كرافد مهم لمراكمة القوى، ونعمل على الاستفادة منه على أفضل وجه. دون خلق أوهام بين العمال حول هذا الموضوع، ولكن الاستفادة من الوصول إلى أبعد مناطق الجغرافيا الوطنية بالرسالة الثورية، التي تسمح لنا بدمج قطاعات جديدة في النضال.
إن تطور النضال الاجتماعي بمختلف حالاته ولحظاته، والنشاط الانتخابي الذي شاركنا فيه بالتحالف مع الأحزاب، مثل M.P.D. (الحركة الشعبية الديمقراطية) وغيرها من المنظمات السياسية وفي نفس الوقت بالاعتماد على مشاركة النقابات العمالية والفلاحين والسكان الأصليين والمدرسين والطلاب والشباب والنساء والمنظمات الأخرى، سمح هذا المشروع السياسي الانتخابي بالحصول على بعض التمثيل البرلماني وفي الحكومات المحلية والبلديات ومجالس المحافظات.
كانت مساحات المشاركة السياسية هذه بمثابة منصات لكشف الحكومات وأنظمة الفساد البرجوازية. إذ سمحت لنا بالدفاع عن الحقوق الاجتماعية والسياسية لشعوب الإكوادور، ونشر مناهج وبرامج المنظمات اليسارية؛ لإظهار، في حالة الحكومات المحلية، كيف يمكن، عندما تتوفر الثقة والشفافية، تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا للشعوب، وهو ما يمكن تنفيذه في إطار دولة تمثل في جميع حالاتها مصالح من هم أسفل.

عن الكفاح المسلح
يؤكد الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني في الإكوادور كمبدأ مكرس في الخط السياسي أن مسار الثورة الإكوادورية هو الكفاح المسلح الثوري. انطلاقا من مبدأ الصراع الطبقي، والتجربة التاريخية الوطنية، فإننا نتصور أنه الطريقة الوحيدة المؤكدة للطبقة العاملة والقطاعات الأخرى للظفر بالسلطة وبناء المجتمع الجديد.
كما نعلم، فإن الكفاح المسلح الثوري هو استمرار للنضال السياسي بوسائل أخرى. من الثورات المظفرة، مثل ثورة أكتوبر 1917 في روسيا، يمكننا أن نستخلص الدرس القائل بأن ضمان انتصار ثورة الشعب، والثورة الاجتماعية للبروليتاريا، هو تدريب الشعب على الكفاح المسلح الثوري وممارسته من طرفه.
للكفاح المسلح خصائص محددة، اعتمادًا على مكان وزمان حدوثه، والقوى التي تحركه، والسيناريو الوطني والدولي. هناك نظرية عسكرية ثورية، تتكون من ثروة من الخبرات التي تم تجميعها من السيرورات المنتصرة والفاشلة، والتي تشكل درسًا صالحًا لمواجهة مهام التحرر الاجتماعي والوطني.
إن فرضية الشكل المسلح للنضال السياسي الثوري تعني بالضرورة وجود شروط محددة تجعله غير قابل للتصرف: مستوى اشتداد ظروف الأزمة وعملية تفاقم التناقضات بين الجماهير الكادحة وأعدائها، البرجوازية الكمبرادورية والإمبريالية؛ العمل التحضيري الذي قامت به المنظمات الثورية داخل الحركة الجماهيرية، إلخ. إذا لم يكن من الممكن تحديد لحظة بدايته طوعًا، فلا يمكن أيضًا تأخير، أو إنكار الاستعدادات لتنظيمه في جميع المجالات، وخاصة في المجالات السياسية والأيديولوجية والعملية.
نحن الماركسيون اللينينيون نعمل من أجل هذا الهدف في المدى القريب ونحن نفهمه كعملية يمكن أن تتخذ أشكالًا مختلفة مثل حرب العصابات الريفية والحضرية؛ والقيام بالانتفاضات والتمردات ذات الطابع المحلي، والحاجة إلى تنظيم جيش نظامي. في سياق الأعمال الثورية، يمكن للإمبريالية أن تشنّ حربًا عدوانية مع القوات اليانكية أو ما يسمى بالجيوش متعددة الجنسيات، وفي هذه الحالة ستكون الحرب ضرورية، حرب وطنية ضد التدخل الإمبريالي وللتحرير الوطني.

النضال من أجل الاحتياجات والمطالب
فيما يتعلق بالنضال الاقتصادي من أجل المطالب، فإنه أكثر أشكال الحياة اليومية التي يجب أن يستخدمها الحزب أو المنظمة الثورية، عندما ترتبط الاحتياجات الفورية للجماهير ومطالبهم المادية والروحية معًا في المواجهة. فالمطالب هي النضال المستمر ضد النظام القائم والمؤسسات المختلفة المرتبطة به، لتحقيق انتصارات صغيرة وحتى انتصارات كبيرة، مما يمنح الجماهير الثقة والضمانة بأن نضالهم فعال.
تؤدي هيمنة الإمبريالية والبرجوازية، وتطبيق السياسات النيوليبرالية، إلى زيادة الفقر، والبطالة، ونقص التعليم، والضمان الاجتماعي، والإسكان، إلخ. والحرمان من الحقوق النقابية وانتهاك الحريات العامة وحقوق الإنسان. وهذا يولد مجموعة واسعة من الاحتياجات والمطالب للعمال والفلاحين والمعلمين والطلاب الشباب والنساء ومنظماتهم ولصغار التجار والحرفيين، إلخ.
إن سياسات النهب البيئي، وتدمير التنوع البيولوجي، الناجم عن الطابع العدواني للاستغلال الرأسمالي، تثير ردود فعل دفاعية بيئية تتضمن مكونات جديدة في النضال ضد الأنظمة السياسية التي تدعمها البرجوازية والإمبريالية.
إن أهمية التحديد الدقيق في كل مكان وفي كل لحظة للمطالب الخاصة بكل قطاع شعبي، وإقناع العمال والقطاعات الأخرى المناضلة هي السبيل الأمثل لتحقيقها، وعدم انتظار الهدايا أو الوعود الكاذبة لمن هم في السلطة. إن اكتساب الثقة في التنظيم والوحدة والنضال، وفي القوة الذاتية، والتعلم في كل مواجهة من هم أصدقاء التطلعات الشعبية ومن هم أعداؤها، وكشف الخيوط التي تربط أرباب العمل بالحكام وهؤلاء بالإمبرياليين. إن معرفة الدور الذي تلعبه مختلف مؤسسات الدولة، من مديرية الشرطة إلى الرئاسة، ومن مركز الشرطة إلى المحكمة، سيجعل جماهير المناضلين مدركين ومقتنعين بضرورة الثورة والاستيلاء على السلطة وبالمجتمع الجديد.
بعبارة أخرى، يعتبر النضال الاقتصادي والمطلبي من أجل الإصلاحات قناة مهمة تسمح للثوريين بإنشاء وتطوير روابط مع العمال والفلاحين والمعلمين، إلخ. وتسمح بكسب دعمهم، وتعاطفهم، ثم انخراطهم دون تحفظ في قضية الثورة. يغذي هذا الشكل من النضال آفاق حياة أفضل للجماهير، ويساعدهم على فهم أهمية التنظيم والوحدة وفعالية النضال من أجل تطلعاتهم ويجعلهم مدركين - إذا كانت القيادة متماسكة - لفائدة الاتحاد مع الحركة الشعبية بأكملها وفق منظورها.

الصراع الأيديولوجي
في مجال الأفكار والمفاهيم والفكر الاجتماعي بشكل عام، هناك أيضًا مواجهة حادة بين الحركة العمالية والشعبية من جهة، والإمبريالية والبرجوازية من جهة أخرى. من الواضح أنه بعد الهزائم التي تعرضت لها البرجوازية ومعسكر الإمبريالية في القرن العشرين، عندما انتصرت بعض الثورات الشعبية في بلدان مختلفة من العالم ووصلت الاشتراكية، وفرضت نفسها كمجتمع جديد، تصور أعداء الحرية والتقدم الاجتماعي لعقود من الزمن محتويات وأشكال دقيقة للغاية لمعارضة التقدم العام للإنسانية ومحاولة إدامة الرأسمالية.
علماء الاجتماع، وعلماء السياسة، وعلماء الاجتماع، والفلاسفة، والكتاب، والاقتصاديون البرجوازيون، والناشرون، إلخ. أخذوا جميعا على عاتقهم مهمة شن ما يسمى بـ "الحرب الثقافية" للإمبريالية ضد العمال والشعوب. وبهذا المعنى، فقد أطلقوا أكثر الأطروحات عبثية، كرجعيين برجوازيين، وكثير منها لم يُزال الغبار عنه إلا من جذوع النظرية القديمة للمثالية الميتافيزيقية ونتاجها المحدد، الوضعية الكانطية الجديدة؛ ومع ذلك، يسعى الفكر ما بعد الحداثي إلى اكتساب شرعيته باعتباره العمل الفكري الأكثر إنجازًا، عندما يتضمن سلسلة كاملة من الأطروحات التي تمجد الرأسمالية كنظام إنساني لا يمكن تجاوزه، وتمجد الديمقراطية الغربية والمجتمع الاستهلاكي.
وهكذا قيل الكثير في الآونة الأخيرة عن "نهاية الأيديولوجيات والتاريخ"، و "موت الشيوعية"، و "انقضاء الثورات"، وصولاً إلى عبثية إنكار الصلات بين الظواهر الداخلية والمتكررة، أي القوانين التي تحكم تطور العمليات الاجتماعية، إلخ. من أجل هذه الحملة، اعتمدوا بوضوح على الهزيمة العابرة التي عانت منها - بسبب الانحطاط التحريفي - للأنظمة الاشتراكية في عملية بنائها، وفي الارتداد الذي عرفته الحركة الثورية العمالية والشعبية خلال العقدين الماضيين.
ولكننا الآن نرى كيف يتم تجاوز حالة الجزر. إننا نشهد عملية انتعاش عامة، وإن كانت متفاوتة، للنضال الاجتماعي وإعادة تنظيم قوى الحركة العمالية والشعبية، والتي وصلت في مناطق أو دول معينة إلى مستوى عالٍ.
للمفاهيم الفلسفية والاقتراحات الاقتصادية وما يسمى بالنظريات الاجتماعية للإمبريالية خصومها، بما أن النظرية الثورية والمقترحات الديمقراطية والتقدمية، في مواجهة الظلم وهيمنة الأقوياء، تتطوّر وتكتسب طاقة جديدة، وتفتح مرحلة يتم فيها نشرها والترحيب بها، من قبل مجموعات جديدة من المناضلين، من أجل التقدم الاجتماعي والعدالة والإنصاف، والتي يمكن أن تغذي المسار الثوري الذي يقترح التغيير. إنه مجال ذو أهمية فائقة لتأكيد الفكر الثوري وتجديده ونشره على أسس علمية، ولدعم المفاهيم المتقدمة ضد البربرية الإمبريالية، وقبل كل شيء، للتأكيد في صفوف الجماهير العاملة على الحاجة إلى الثورة.
أن نظهر لملايين العمال، رجالاً ونساءً في مدننا، أن حياتهم في الحرمان والقمع وانعدام الأمن لها قاسم مشترك يسمى النظام الرأسمالي الذي يتبنى الأشكال الحالية للنيوليبرالية والعولمة، وأنه لا يمكن إنهاء الاستغلال والبؤس دون إنهاء هذه الآفة الإنسانية؛ وأن هذا ممكن بالتنظيم والوحدة والنضال الحازم، بجميع أشكاله وبكل الوسائل، لجميع فقراء العالم ... وهذا يشمل الدفاع عن ثقافة الشعوب وسيادتها واستقلالها وقيمها الوطنية؛ وتوليد وتعزيز هوية محررة، وتطوير التضامن ضد الأنانية وفردية ما بعد الحداثة.
وهو ما يقتضي إبراز الحاجة إلى أن تكون في السلطة، وهو العمل المركزي للأحزاب والمنظمات الثورية. أنه بدون الدولة - الجديدة التي تكون في خدمتهم - لن يتمكن العمال والمستغَلون بشكل عام من التقدم في التحولات التي تتطلبها نهاية الاستغلال والظلم. وأنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا بالنضال الدؤوب والشجاع، الذي تكون الشعوب أبطاله، وصنّاع التاريخ الوحيدين فيه.

الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالاكوادور
مجلة "وحدة وصراع"، العدد 12، ماي 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام