الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق/افريقيا .. الماضي منبوذ و المستقبل موعود. (4)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



* موقفنا واضح. وفي إطار حركة التحرير الأفريقية، نعرف من يكون، وما يمارسه كل واحد ولماذا، وما هو الدور الذي نقوم به. يوسف موسيفيني

الماضي المريب لإفريقيا بكل تجلياته لم يكن لتنشغل به روسيا لوحدها فقط. الصين لم تعدم حظا هي الاخرى في أن تدلي بدلوها في ها الشأن؛ و راحت من موقعها تندد بإرث الاستعمار الغربي. و ظل يرعاه و لا يريد أن ينكفئ.
بالنسبة للصين، و ان كان الغرب يتهمها بالاستعمار الجديد في إفريقيا وأماكن أخرى، من الواضح أن هذا هجوم مضاد. وتتناول بكين الحجة وتحيلها إلى الأوروبيين والغربيين الذين لديهم ماض استعماري.، واليوم لديها سرد يتماشى و عرضها.
ففي دول غرب إفريقيا، غالبا ما تكون هناك خلفية مناهضة للاستعمار تدين فرنسا أو الغرب. ولذلك فإن أفريقيا لا تحتاج إلى أن تطور الصين مثل هذا الخطاب. و هو ليس جديدا حقا في الصين أيضا؛ فهو يعود إلى مؤتمر باندونغ عام 1955، ثم إلى حركة عدم الانحياز عام 1950، عندما كانت الصين تحيك سياسة خارجية ترعاها ظرفا بوضع نفسها زعيمة العالم الثالث، و انبرت تسلط الضوء على ماضيها كدولة مستعمرة من قبل القوى الغربية.
إن الصين المستعمرة سابقا والتي تضعف مواقف القوى الأوروبية القديمة ينظر إليها القادة الأفارقة بحرص و حذر شديدين. لكونها غير قادرة على أن تغدو المتحدثة باسم الدول المستعمرة مرة أخرى. و تحضر اليوم في أفريقيا كقوة اقتصادية طموحة، و مثل الآخرين من قبلها، مهتمة بشكل خاص بالمواد الخام. و الاستثمارات الصينية لن تغير موقف إفريقيا في التقسيم الدولي للعمل.
واقعا؛ سيجعل التنافس الدولي بين الغرب وروسيا و الصين ؛ كلا حسب موقعه الدول الإفريقية ساحة تتجاذب رقعتها بيادق بين روسيا والصين من جانب، والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا من جانب آخر. وقد يتسبب هذا التدافع الدولي في انقسام الدول الإفريقية إلى محاور متعددة الأقطاب، وهو ما يزيد وتيرة التسليح والتسلح بين الدول الإفريقية المتنافسة التي تدعم مشاريع القوى العظمى.
و من التاريخ القريب تأتي الإجابة عن كل سؤال عالق؛ فالحضور الروسي في القارة الإفريقية شهد تراجعا بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي؛ إذ جرى إغلاق عدد من البعثات الدبلوماسية والمراكز الثقافية الروسية في إفريقيا، كما جرى إلغاء برامج المساعدات والمنح الاقتصادية.
هذا التراجع لم يستمر طويلا، فبعد وصول الرئيس فلاديمير بوتين إلى سدة الحكم أحدث تحولات جذرية في السياسة الخارجية لبلده؛ على رهان روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي و ستعمل على اعادة مكانتها ونفوذها ضمن القوى العظمى الفاعلة والمؤثرة في السياسة الدولية. في هذا الإطار، كانت قمة سوتشي الروسية الإفريقية، في سبتمبر 2019، تحت شعار من أجل السلام والأمن والتنمية معلنة للحضور الروسي الجديد.
و أضحى من المؤمل أن يعد التعاون العسكري بين روسيا والدول الإفريقية عصب الشراكة، إن إستراتيجية روسيا تعتمد على صيغ متعددة الأوجه، وهناك عدد محدود من الدول الإفريقية تربطها علاقات عسكرية متينة بروسيا من خلال عقود توريد الأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك من خلال التدريب والاستشارات واتفاقيات التعاون الأمني و ألاستخباري.
و كما كان منتظرا؛ فبعد قمة "روسيا إفريقيا" و العين على قمم "بريكس".أعلنت الخارجية الأمريكية أن فيكتوريا نولاند، نائبة الوزير بالإنابة وكيلة الوزارة للشؤون السياسية، انطلقت في جولة إفريقية. فقد شرعت الدوائر تنداح على صفحة المياه الراكدة.
فالبريكس تحالف اقتصادي مفتوح؛ و زخمه بات يناور على مكانة اقتصادية تسمع صوتها المناهض للقطبية الواحدة و المناصر لتعدد الأقطاب. و بات عسيرا هضم الولايات المتحدة وفرنسا لما فشلت فيه بسعيها الحثيث لحشد الدول الإفريقية لمواجهة روسيا.
واشنطن وباريس تعرفان أكثر من الدول الإفريقية أين تكمن مصلحتها، وكيف يجب عليها بناء علاقاتِها وتحالفاتِها. وتاريخُ علاقاتهما بالقارة السمراء خيرُ شاهدٍ على ذلك. الواقع الذي تقرأه الدول الإفريقية جيداً هو ما ترفض الولايات المتحدة وباريس التسليمَ به؛ لقد ولَّى زمن الأحادية القطبية، وانتهى زمن الاستعمار إلى غير رجعة. ومن حق الدول الإفريقية تنويعُ علاقاتها بالشرق كما بالغرب، وعلى الأخير أن يسلِّم بالواقع الجيوسياسي الدولي الجديد.
و التحضير الجاري لتقول إفريقيا كلمتها في المستقبل المأمول؛ كانت قد خبرته روسيا و فعلته إجراءا؛ و الحديث عن انتفاضة القارة السمراء. زكاه مشاركة سابقة لقوات جنوب إفريقيا البحرية مع قوات روسية و صينية في مناورات بحرية.
هكذا غدت جنوب افريقية واحدة من زعماء بلدان "بريكس" الذين يجتهدون في توسيع المنظمة. و باتت تطرح نفسها وهي تنتهج سياسة التطوير الشامل للعلاقات مع روسيا كقوة رائدة في الاتحاد الإفريقي. و تجتهد في خلق القدوة لمثيلاتها بالقارة. و في البال؛ أنه و بعد نجاح انعقاد القمة الروسية الإفريقية. بات لبريكس صدى لافت على المستوى الدولي الأوسع. و أضحى الأمل معقودا عليه؛ ليصبح نظيرا أقوى للغرب الموحد؛ بعد عديد تجارب تاريخية متعثرة؛ و خبرات تحررية واعدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة