الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدون ال -شون مي- تقوم الساعة!!

سلامة محمد لمين عبد الله

2023 / 8 / 16
الادب والفن


طريقة تحضير الشاي اﻷخضر التقليدية في المجتمع الحساني معروفة على نطاق واسع و لم يطرأ عليها أيُّ تغيير يذكر منذ زمن طويل. أعتقد أنه آن اﻵوان لكي نسأل أنفسنا و نبحث ما إذا كانت طريقتنا الخاصة بالشاي، التي كانت متبعة عند الأباء و الأجداد، رغم بعض الإختلافات الطفيفة بين طريقة أهل المدينة و أهل البادية، هي طريقة جيدة قادرة على مواكبة العصر، أم أنها أصبحت مُتجاوَزة، و لا تتفق مع المعايير العلمية و المنطق السليم. خاصة إذا ما أخذنا في الحسبان أن الشاي مشروب يتغير مذاقه ولونه و مكوناته الكيميائية بتغير طريقة تحضيره؟ الصينيون و اليابانيون ينتجون الشاي بمختلف أنواعه و يحضرونه حسب طريقتهم و طقوسهم الخاصة بهم. الهنود يزرعون أنواعا كثيرة من الشاي و يحضِّرونه بطريقة مختلفة . و كذلك الأمر بالنسبة للأندونيسيين و الفيتناميين والأوروبيين و سكان الآمريكيتين. كلهم يتناولونه بطريقة تختلف كليا عن الطريقة المألوفة عندنا. في الكثير من مدن العالم توجد متاجر متخصصة في بيع الشاي أين يستطيع الإنسان شراء نوع الشاي الذي يريد. الشاي المشهور في ثقافتنا و الأكثر إستهلاكا، هو الشاي الأخضر، و بالتحديد نوعيات محددة منه يُطلق عليها بشكل عام إسم الشونمي (Chun mee).
الكثيرون منا سيستغربون و تخيب آمالُهم عندما يسافرون إلى الخارج و يذهبون إلى هذه المحلات التجارية بحثا عن الشاي اﻷخضر المفضل. إنها رحلة شاقة لصعوبة العثور على النوعية المطلوبة التي نطلق عليها "أَتَايْ المَعْلُومْ" أو "الوَرْگَة المعلومة". سيكتشفون أنه توجد أنواعٌ كثيرة من "الشاي" لكل منها لونه و مذاقه و رائحته و غيرها من الخصائص التي تميزه عن الانواع الاخرى. بعض هذه الأنواع لا يمكن إعباره "شأيا" لأنه أقرب إلى المشروبات العادية، مثل الأنواع المستخرجة من فواكه و أعشاب معينة. الخلاصة النهائية التي نصل إليها عادة بعد رحلة بحث مضنية في مدينة كبيرة، هي أن الكثير من شعوب العالم الأخرى لا تعرف ما نعتقد نحن أنه "الشاي الحقيقي" لأنها لا تشربه و ﻻ يعتبر جزءا من ثقافتها. فنحن لا نعتقد أن السائل الذي يتناوله الناس في العالم بإنتظام كل يوم و يقدَّمُ في أوان فاخرة خاصة و يسمونه "شأيا" و يفتخرون به، هو بالفعل جدير بكل هذا التقدير و التقديس الذي يضفونه عليه. رغم الإختلافات الموجودة بين الثقافات في طريقة تحضير الشاي و نوعيته المفضلة، إلا أن هناك قواسم مشتركة التي يكاد يتفق عليها الآسيويون و الأوروبيون و الأمريكيون. من هذه القواسم المشتركة، أنه يجب غسل الشاي أولا، و أن نترك الماء المغلي يستريح للحظات قبل أن نسكبه على أوراق الشاي في البراد. بعد ذلك نتركه ينقع لفترة زمنية قصيرة لا تتجاوز الخمس دقائق. بعد ذلك يجب أن يُسكبَ الشاي في الفنجان أو نقوم بعزل الأوراق عنه، إما بإستعمال ماكنة خاصة أو غربال، أو في حالة تكون الأوراق موجودة في كيس ورقي صغير يُعلقُ بخيط داخل البراد، حينها يمكننا إضافة السكر أو العسل، و بعضا من الحليب أو القشدة، حسب ذوق كل إنسان.
ما يثير السؤال و الملاحظة هنا، هو أن كل سكان المعمورة يكادون يجمعون على القيام بهذه الخطوات أثناء تحضيرهم للشاي. فكل هذه الأمم المختلفة لا تضع الشاي على النار. و كل هذه الأمم لا تضيف السكر إلا بعد الإنتهاء من تحضير الشاي و يكون جاهزا لنحتسيه.
مما يلفت الإنتباه أيضا لدى هذه الثقافات، خاصة في البلدان التي تنتج الشاي و يشربه الناس بكثرة، بل يكاد يصل إلى مرتبة المشروب الوطني، هو الكميات الكبيرة التي يتناولها الشخص منه يوميا.
السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام، هو: هل طريقتنا الحالية في إعداد الشاي وتناوله صائبة، خاصة من الناحيتين الصحية و العملية؛ و طريقة العالم الآخر، الذي يضم الهند و الصين و أوروبا و اﻷمريكيتين و أستراليا، خاطئة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل