الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل قرار السعودية بتعيين سفير في فلسطين مقدمة للتطبيع مع دولة الاحتلال؟

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2023 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


اهتمت وسائل الإعلام بتعيين السفير السعودي لدى الأردن نايف السديري كسفير " فوق العادة مفوضا وغير مقيم " لدى دولة فلسطين وقنصلا عاما بمدينة القدس الشرقية، وأثارت العديد من التساؤلات حول هذه الخطوة المفاجئة بتوقيتها ودلالاتها وتداعياتها، لا سيما أنها جاءت بعد 29 عاما من إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية، وبعد تطبيع الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والمغرب والسودان مع دولة الاحتلال.
الملاحظ هو أن توقيت تعيين السديري جاء بالتزامن مع تصاعد الحديث الأمريكي والإسرائيلي حول قرب توصل السعودية لاتفاق تطبيع مع دولة الاحتلال بضغط ورعاية أمريكية. فقد ذكرت صحيفة " وول ستريت جورنال " الأمريكية في عددها الصادر يوم الأربعاء 9/ 8/ 2023 أن مسؤولين أمريكيين وسعوديين قطعوا شوطا مهما واتفقوا على خطوط عريضة لاتفاق تطبيع محتمل بين الجانين، ويأملون التوصل إليه خلال فترة تتراوح بين بين 9 أشهر إلى 12 شهرا، أي قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يرغب في التوصل لهذا الاتفاق ليكون في حالة اتمامه أهم إنجاز حققه على الصعيد الدولي، ويستطيع استغلاله محليا في حملته الانتخابية للفوز بولاية ثانية في شهر نوفمبر 2024.
والجدير بالذكر هو أن السعودية أعلنت مرارا وتكرارا خلال العقود الماضية عن رفضها إقامة أي علاقات رسمية مع إسرائيل قبل إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وعن تمسكها برؤية المبادرة العربية للسلام وحل الصراع العربي الإسرائيلي التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبدا لله بن عبد العزيز عام 2002، وقبلها القادة الفلسطينيون والعرب لكونها تحتوي على بنود واضحة تنص على انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الجولان السورية وحتى خط الرابع من حزيران 1967 والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة مقابل انهاء النزاع وإقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل والدول العربية. فهل تخلت السعودية عن مبادرتها التي قدمها ملكها الراحل؟ وما الذي ستكسبه من التطبيع؟ وهل سيعجل التطبيع في حالة حدوثه بحل القضية الفلسطينية كما يزعم البعض؟
التقارير الإخبارية تشير إلى أن السعودية تقدمت بشروط لقبول التطبيع مع دولة الاحتلال من أهمها موافقة الولايات المتحدة على إنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية وتزويدها بالتقنية الأمريكية المتطورة اللازمة لذلك، وإقامة تحالف أمني بين البلدين تستطيع الولايات المتحدة بموجبه مشاركة السعودية في الدفاع عن أراضيها إذا تعرضت لعدوان خارجي، وفي الحفاظ على أمن واستقرار نظامها، والسماح لها بشراء طائرات " أف 35 " الأحدث والأكثر تطورا بين الطائرات المقاتلة، وتحسين أوضاع الفلسطينيين، لكن الملاحظ هو أنها لا تشترط إقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل الاتفاق على التطبيع!
إسرائيل أقامت 164 مستوطنة، و 124 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية يسكنها 650 ألف مستوطن، وأعلنت أنها لن تتخلى عن استراتيجيتها الاستيطانية الرامية لتغيير التركيبة الديموغرافية للضفة الغربية وتهويدها؛ وازدادت عنصرية وبطشا ورفضا لحل الدولتين، وأنشأت معظم هذه المستوطنات والبؤر الاستيطانية بعد إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية، وبعد توقيع اتفاقيات التطبيع والسلام مع الدول العربية، مما يعني وبدون شك أنها لا تفكر بالانسحاب من الأراضي المحتلة، ولا تريد سلاما حقيقيا بل استسلاما عربيا بدون مقابل.
ولهذا يبدو أن التطبيع الذي قد يتم التوصل إليه بين السعودية ودولة الاحتلال سيكون دليلا واضحا على أن القضية الفلسطينية، التي مازالت القضية المركزية عند الشعوب العربية، لم تعد كذلك عند النظام السعودي ومعظم الأنظمة العربية، وإن نتائج هذا التطبيع في حالة تمريره ستكون كارثية على القضية الفلسطينية، ومخيبة للآمال كنتائج اتفاقيات السلام والتطبيع مع الأردن ومصر والإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
لا شك أن قرار السعودية بفتح سفارة لها في رام الله وقنصلية في القدس الشرقية يعتبر خطوة هامة سيكون لها تداعيات إيجابية فيما يتعلق بمساعدة الفلسطينيين؛ فالسعودية دولة عربية كبيرة لها تأثيرها على دول العالم الإسلامي خاصة العربية منها، وغنية وقادرة على تقديم المزيد من الدعم الاقتصادي والسياسي للفلسطينيين؛ لكن هناك العديد من الأسئلة التي الذي تطرح نفسها في هذا السياق ومنها: هل ستقدم إسرائيل تنازلات حقيقية للفلسطينيين كما تطالب السعودية؟ وهل سيعني التطبيع تخلي السعودية عن حل الدولتين؟ وهل ستسمح إسرائيل للسعودية بفتح قنصلية في القدس؟
الحكومة اليمينية الإسرائيلية الحالية لن تقدم أي تنازلات حقيقية لحل النزاع العربي الإسرائيلي مقابل التطبيع مع السعودية، ويستمر رفضها لحل الدولتين، ولن تقدم أي تنازلات حقيقية للفلسطينيين، ولن تسمح للسعودية بإعادة فتح قنصليتها في القدس الشرقية؛ فوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أعرب عن رفض حكومته لفتح القنصلية بقوله" يريد السعوديون إيصال رسالة للفلسطينيين بأنهم لم ينسوهم، لكن نحن لا نسمح بفتح قنصليات (في القدس)، هذا لا يتفق مع رؤيتنا ... والقضية الفلسطينية ليست القضية الرئيسية في محادثات التطبيع." مع السعودية!
نأمل ألا تقدم السعودية على التطبيع مع دولة الاحتلال قبل الاتفاق على قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وانهاء الاحتلال، ونطلب من قادتها ألا يتعلموا الدرس من الذين سبقوهم بالهرولة لتل أبيب ولم يحصلوا إلا على خيبة الأمل ورفض شعوبهم لهم ولتطبيعهم الانهزامي المهين للعرب والمسلمين!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح