الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمدللة عالسلامة يا بطل...قصة قصيرة

حنا جرجس

2023 / 8 / 16
الادب والفن


-

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف
الاسكندرية في ‏الاربعاء‏، 16‏اغسطس آب‏، 2023
‏03:57:21 ص

-حمدللة عالسلامة يا بطل
قالها الطبيب الجراح في اول زيارة لة بعد الافاقة والخروج من غرفة العمليات ثم اسهب بابتسام متخفي ذي دلالة لم افهمها كما الغمز
-واللا اقول يا ملك
-ملك اية بس يا دكتور احنا فينا من تريقة دا بدل ما تطمني عالعملية
-العملية تمام وشوية وها تبقي تمام التمام بعد ما نشيل الدرنقة ونفك السلك
شوية صبر.
سكت قليلا وكأنة يديرها في راسة وكأن شيئا يثقل ذهنة وهاجسة فكرلا يسع راسة حبسها
- اما عن الملك فانت اللي تقول لي يا ريس انا مش بتريق
- ملك اية وريس اية بس يادكتور ماتعملش اشاعة الناس تمسكها عليَّ.. انت عارف الناس ما بتسدق حاجة تمسكها وهات يا تريقة ومسك سيرة ويطلعوها علي وتثبت
-الله يخليك بلاش
-انا ييادوب بفوق من البنج

جلس الطبيب بجانبي علي الكرسي المجاور للسرير وهمس في اذني
- طول العملية وانت ملك وبتوزع الادوار واسهب
- دانت اشتريت كل رجال و نساء واطفال المملكة

اطلق الطبيب ضحكة مؤدبة اقرب الي الابتسامة الجهورية واردف
- انا لحقت و قلتلهم يسجلوا اللي انت قلتة
- واستدرك بسرعة
- -علي وعد ان ما حدش يسمعة غيرك دة علشان الود اللي بيننا والعيش والملح ودي كلمة شرف ناهيك عن شرف المهنة
استطرد الطبيب وهو يهم بمغادرة الحجرة
-بكرة هاجيب لك شريط التسجيل يمكن يساعدك تفتكر انا ما سجلتش الا لما حسيت ان الامر مهم وما يتسابش يعدي كدة استطرد وكأنة ينمق الاعذار
-ولاني عارف انك مية في المية هاتنساة تماما .. ويضيع يمكن للابد

اغلق الطبيب الباب بهدوء ولم تفارقة الابتسامة حتي ذوي عن المشهد

ظل الامر كالاحجية بالنسبة لي كأنة دبوس صغير قد سقط وسط كرات مضطربة "الكعبلة| من خيوط لا نهائية ولا امل في استرجاعة او كومة قش.

غلبة الارهاق و تعب المسكنات و غاب في نوم عميق حتي قربت خيوط الفجر في غزل نفسها لتخرج من شرنقتها صباح جميل .. لم يخلوا من الم!

طرق الطبيب بابة في غرفتة المنفصلة البعيدة عن الضوضاء وحركة المستشفي بعد الفجر بقليل كأنة بائع الجرائد الصباحية او بائع اللبن"" قال:
- جئتك مبكرا لنسمع سويا هذا الشريط قبل اية زيارات ولا حتي التمريض و الاطباء
-
استمعنا سويا الي كل الشريط كانت البداية محيرة مبهمة لم افهم لها بداية من نهاية حتما لانة لم يسجل من اول لحظة قال الطبيب:
- انا ما ادركتش الاهمية الا بعدكلام كتير انت قلتة ها احاول افتكرهولك انا كمان نسيتة

بالتأكيد الوعي وسلب الوعي او الوعي الدفين عمل علي نسج الاغلب منها وحجب المزيد لكن خيوطها لم تتجمع
لم اتذكرفي حيرة شيئا قط

قال الطبيب وهو يتركني
– ها تفتكر شوية شوية دي اسمها ميكانيزمات دفاعية اللي بتعطل التذكر في حالة زي دي دة عامل الي حد ما زي فقدان الذاكرة المؤقت
***
اغلق الطبيب الباب وانصرف لكن كلماتة ظلت حولي وحول الشريط وكأنها ماء يروي كل القصة المقطعة الاوصال كمكعبات الرسم الناقصة الترتيب.

في الساعات القليلة التالية استمعت للشريط مرات ومرات دون ملل و كلما استمعت زادت الحيرة الي درجة الانهاك
-ليتة ما قال لي ما قالة وليتة ما القاني الي ذلك التية اللعين الذي هو بداخلي انا الآن ولا مفتاح لمغاليقة او خزانتة العسيرة علي الفتح والتي تخبئ السر... سر الملك بداخلي .
انهكني التعب و انا وسط النهار حتي اتت الممرضة قوية البنية وحركتني في وضع مريح بعد ان غيرت ملاءة الفراش و كسوة السريركلها و نقلوني بالملاءة كانني ريشة وتعادوني الي فراش جيد الرائحة نظيف ومنعش.
بعد قليل اعقبتها ممرضة اخري شاحبة البياض نحيلة دقيقة الملامح رقيقة ترتدي ذيل حصان نحيل اعلي راسها اسود كاحل ازرق في ضوء النافذة الباهر بجوارها عاجلتني بحقنة مسكن قوية غلبني بعدها نوم عميق

في الساحة الفسيحة المحاطة بضباب سرمدي مبهم وفي العمق السحيق كان هناك السرير الذهبي ذي الاعمدة الاربعة وستار قُمع الحرير الواقي من ناموس الصباح والمساء مسدل من قمة السريرالملكي
فوق وسادات الحريررقد هناك الملك بتاجة الذهبي وحولة اطباءعديدين يعلوهم صمت و الملك لا يصدر منة الا حشرجات مسموعة تبكي السامع و تحزن الرائي
قال كبير الاطباء
-سيتعافي الملك بعد ايام او اسابيع لكنليس هذا هو المشكل
قال زميلة الطبيب الكبير
-ماذا اذاً؟
- ما يحدث في المملكة يتطلب شفاؤة عاجلا عاجلا
قال آخر
- وما الضرورة في سرعة التعافي فلندع الشفاء ياخذ مجراة ووقتة
قال كبير الاطباء
-الم تسمع ما فعلة كبير الحراس "ستشر"
-ماذا فعل وماذا قام بة؟

لقد ظن ان الملك علي فراش الموت فاعلن السيطرة علي كل مواطني البلاد الاخطر انة اعطي للناس خيارا من ثلاث
-اما ان يبيع المرء لة ذاتة
واما ان يقتل
او يغادر البلاد دون رجعة قال الطبيب الكبير
- دة حكم قراقوش
- ششش ينبغي الا نصدر احكاما بصوت عال والا اصبحنا نحن اول المعاقبين
- ينبغي ان نتذرع بالحكمة حتي تتضح الامور
- - خفض الرئوس تقصد!
- تماما علي الاقل حتي يتبين امر الملك فلا ولد لة ولا ولي عهد ولا حتي زوجة ملك فليس لدينا حتي ملكة تدير الامور في غيبتة ومن لة ان يدير ولة الحماية انقلب علي سيدة
- -تقصد "سثشر" قائد الجيوش وكاتم اسرار الملك ووزيرة الاول
- قلنا لا اسماء ارجوك
خرج الجميع من القصرالي الساحة الكبري الشبيهة بالدرع المسلوب متسع ناحيتنا وناحية القصر وينتهي في العمق هناك بمثلث تعلوة دائرة سوداء حلكة
حين اقتربنا كثيرا كان في مركزها عرش كبير مغطي هو الآخر بالسواد ولانة مطلي بالسواد فلا يكاد يري ولا يري منة الا عينا الجالس علي هذا العرش حمراء ثاقبة كانها النار المحمية النار الحارقة
كانت الضوضاء واللغط من تلك الناحية هناك عالية فالكل يبكي والكل يئن
كانت الاصوات العالية للحراس هي لزبانية لا ترحم وقد اعطي للناس ان ترحل الي خارج اسوار الدرع الي اللاشئ الي الفراغ فلا حياة هناك ولا ماء ولا ارض او سماء
كان الخيار الثاني هو ان تبيع نفسك الي "ستشر" مقابل ان تعيش فمنذ ان غاب الملك سلب منهم حراس ستشر كل شئ كل شئ

ركع اناس كثيرين تحت وطأة الجوع والخوف ورضخوا
وقفوا صفوفا يوقعون صك البيع والتنازل
كان التنازل اولا عن الحرية كانت اول الصكوك الموقعة واول التنازلات
التنازلات بعدها كانت كثيرة وثالبة لكنها لم تعد تهم
ارتدي الجميع السواد وكان مثلث الجنوب حول العرش المرصع بالسواد يزداد ويكبر
كانت الفرمانات تصدر تباعا كالمطر كانت التعليمات الا يضبط انسانا متلبسا بالضحك فالعار ان تكون ضاحكا ولا مبتسما
كان قرار قد صدر منذ قليل بمنع الالوان وحظر ارتداؤها في الملابس ولا الزينات وتحريم الحلي
قال الرجل الجالس تحت العرش
-ايام ويتم حظر النور وحظر كل سرور
اختبأ تحت العرش حيث لا تعمل العيون هناك ولا تستخدم

صدر فرمان بعد ساعة قال فية يا جماعة صدر الصك واللي كان كان فلن يبقي في المملكة فن ولا فنان ولا ينصح فيكم بالحب..
وحاذروا وحاذروا ان يصبح بين المرء والمرء رحمة وحاذروا ان يكون الرد هينا..

حاذروا ايضا من الود..بينكم.فقد تحسب عاصيا فالود فقط لستشر والحب فقط لستشر والرحمة فقط لستشر لكنة لا يَرحم
اختبأ الطبيب و مساعدة خلف صخرة واحتمي بهاكانت الرجفة تزداد والوجل ما عسي ذلك ان يكون كيف يكون ذلك الانقلاب واين كان كل ذلك مختبئا ايمكن ان يكون داخل شخص واحد كل هذا الظلام ولا نلاحظ...كل ذلك السواد

قال مساعد الطبيب الاول
- هذا يعني ان ة علي الاقل باتت نصف المملكة تذعن لة
- هو ثالب حرية وثالب ارادة ايضا بل ثالب حياة
ولا رادع لة ففي كل لحظة يرضخ آخر جديد اما لجوع اوحاجة او خوف فالانسان لا يخاف علي نفسة قدر خوفة علي ذوية و فلذات كبدة فيصمت ويرضخ لذلك وحدهم الشباب يثورون ولا يرضخون ففي ضلوعهم فلذات اكبادهم مازالت تكمن ولا سالب

لاحظ مساعد الطبيب الاكبر ظلالا من الخلف واضواء مشاعل لعل اجزاءا بقت من الجيوش لم تقسم الولاء لستشر قررت القدوم قال ذلك في تمتمة لنفسة لم يجرؤ البوح بها

كانت الايام قد توترت وتواترت تباعا وهما متشبثان بالصخرة العلوية الكاشفة للامور بالرعب وهما خائفان متوجسان العودة خشية ان يلمحهما رجالات ستشر فيرمقوهما بالسهام او فرسان الشر اذ لن يكون امامهما مناص من ذوبان معهم بالقسر في سواد الظلم والظلمة
ثم لمن يرجعون وصاحب القرار في حال لا يسمح
قالها مساعد الطبيب الاول في سر لا يبوح ووجس
لكن المشاعل اقتربت وهيكل ظل يعرفونة تماما لاح بينها
لم يصدق الطبيب الاول عينية وذهنة اولا وحسبها خيالات الجوع والعطش ممزوجين بالخوف والرعب و اللانوم بل والهلع ايضا لعلها هلاوس الهلع اذا
وخطرفات الساعة
كانت حواف التاج المدببة تشي بالامروسط الظلال والمشاعل لكن الامر برمتة مستحيل مؤكد فالملك بالتأكيد مريض بل و و طريح الفراش وبالاخص في غيبوبة يصعب الافاقة منها الان وبتلك السرعة والطبيب هنا وليس هناك والطبيب انا قال كبير الاطباء
لكن صوت الملك من قريب كسر الوحشة
قال الملك وهو يحتضن الطبيب الاول اولا دعني اشكرك فدواؤك الاخير الذي وافيتني بة كان كالسحرلكن السحر كلة كان من هذا الساحرقائد حرسي الجديد هذا الذي ركع بجانب سريري مذ غادرتما محملا بتعليماتكما من جرعات الدواء لكنة كان يلازمني ويحكي لي كل ما جري ويجري حولي في المملكة ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة سري ذلك في دمائي وذهني كالسحر والساحر واليوم عند الفجر افقت وعندما انسدل الليل من جديد كان قد اعد المشاعل كما وعدني قبل ان افيق وها نحن اتينا

قال الطبيب الاول في توجس
-وماذا انت فاعل جلالتك
قال :
- ساطرق الحديد وهو ساخن ساواجهة في عقر ثكناتة فالخائن جبان وانا كنت ميتا ولا اهاب الموت وسافدي رعاياي
تقدم الملك ناحية الجنوب حيث تلتقي اضلاع المثلث حيث نهاية الدرع وعمقة الحصين لكنة ايضا
نقطة اللا عودة ولا فرار
في الصباح كانت الاضواء باهرة تعمي ستشر كالعادة هذا الذي تزداد قوتة في الظلمة وظلال الموت وتستعر
قال الملك في امر
- ستشر اترك رعيتي واطلقها
- لن اطلقها انا املكها الان فقد باعوا لي انفسهم قال الملك ي امر
- اترك رعيتي واذهب ولن لمسك بضر قال ستشر
- ان زمنك قد ولي وانا الان احكم
- انك مغتصب وخائن ايضا اتركهم والا ستخضع للحكموالمحاكمة ليست بالشئ الهين انا اسامحك وسادعك تذهب بلا عقاب لكن اترك رعاياي قال ستشر هي رعيتي وملكي الان انا اشتريتها
- وانا ساشتريهم منك قال الملك وساطلقهم احرارا
- ما الثمن الذي تريد كم تطلب ايها الخائن الجشع
- روحك يا مولاي
- انت تقول مولاي وانت خائن
- هي اذا روحك
- اذا اطلقهم اولا
- وستفي بالوعد والكلمة
- كلمات الملوك لاترد
غرق شتشر في ضحكات هستيرية هي الانتصار كلة صاح في هستيريا سآخذ روح الملك سآخذ روح الملكوقد رضخ لحكمي انا رضخ لحكمي انا
امر سثشركل الرعايا بالاطلاق خرجوا واحدا فواحدا وهو يمسك بالملك ويربطة في خشبة قوية وقد اخذ منة الرمح والدرع كان الرعايا يعودون بيضا و يعود الدم الي عروقهم فقد فداهم الملك بدمة الذي اراقة سثشر علي الخشبة في غفلة من سثشر كان مع كل من الرعية يعود يسقط مربعا من هيكل السواد وعرشة
خرج الرعايا ..كلهم لم يعد لسثشر رعية ولا مملكة ولا عرش
وعاش الملك في كل قلب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع