الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق/افريقيا .. الماضي منبوذ و المستقبل موعود. (5)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



نورالدين علاك الأسفي.

* دعونا نحرر أنفسنا من هذه الهيمنة الأبوية وغير المسبوقة التي استمرت طويلا. دعونا نتحمل المسؤولية عن أنفسنا. فاتوماتا سيديبي

فهل من معنى للناظر في التاريخ؟ مالي أصبحت نموذجا يحتذى به لأفريقيا. بهذا العنوان عنونت فاتوماتا سيديبي/ Fatoumata Sidibé مداخلتها في المؤتمر العالمي حول التعددية القطبية، 29 أبريل 2023.
لتعلن جهرا :لكل شعب كرامته وعاداته وقيمه التقليدية والثقافية والتراثية التي تشكل أساس إنسانيته. لا تفرض ما يقودنا إلى التيه وتترك لنا ما يميزنا. نحن ما نحن عليه ولكننا لسنا ما أنت عليه، لأنه إذا كنا مثلك فلن نكون ما نحن عليه. لم يعد العالم بحاجة إلى هذه الديمقراطية المهيبة مع القول المأثور: قوة الشعب من قبل الشعب ومن أجل الشعب. ديمقراطية تقتل وتقسم وتنهب لصالح مستبد رئيسي وعشيرته المتغطرسة بأسطورة لا تقهر وعصمة.
و لم يكفها هذا؛ فللدعوة غصة؛ ما انبرت جاثمة على مقدمة حلقها. أيها المواطنون الأعزاء في الدول ذات السيادة و المضطهدة، دعونا نحرر أنفسنا من هذه الهيمنة الأبوية وغير المسبوقة التي استمرت طويلا. دعونا نتحمل المسؤولية عن أنفسنا. دعونا نفهم أن هذه الديمقراطية هي البحث عن الاهتمام، والقدرة على التأثير والسيطرة على الآخرين من خلال القدرة العسكرية على الضرب والخوف.
لتنتهي فاتوماتا مضيفة: دعونا نقاتل اليوم لنكون قادرين على خلق ظروف الحياة والأمن والدفاع الحقيقي في بلداننا. دعونا نقدر لغاتنا وعاداتنا وقيمنا المجتمعية؛ فهذه تشكل معالما؛ تؤسس لرابط محكم؛ غير قابل للكسر ويبقى أبديا.
و التعاون بين دول إفريقيا و روسيا مثال ملموس. فهو تعاون لا يقوم على إملاءات؛ بل يأخذ في الاعتبار المصالح والأولويات الوطنية والخصائص الثقافية والقيم الروحية والدينية والتقليدي،. مع احترام سيادتها و التنويع والاختيار الحر لشركائها. فهي أنجح تجسيد للحظة في النضال من أجل التحرير وسيادة الشعب.
و الحاصل من إشراقة شمس صبيحة كل يوم، أن إفريقيا مجتمعة تبحث في تاريخها. و رهان مصيرها بات إلى حد ما على المحك على أرضها، لذا تجرأت على أخذ مصيرها في متناول يدها.
فمن يرهف السمع لالتقاط صدى ما يمور؟ مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، ما برح يعقد اجتماعاته الطارئة بشأن الوضع في النيجر و قد حررت توا رقبتها من نير الامبريالية الجديدة، فبسبب التغيير الحاد في مواقف قادة السلطة الجدد في البلاد من استعدادهم للتفاوض مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، إذا بهم يعلنون فجأة أنهم يرفضون المطلب الرئيس لهذه المنظمة، وكذلك موقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا: لإعادة السلطة إلى الرئيس المخلوع. بل إن سلطات الأمر الواقع تعتزم محاكمته.
و خالص تصرفها رهان على ما قبل تفعيل المناورة. فإذا لم يحدث تدخل خارجي، فإن الطريقة التالية للضغط على السلطات الجديدة في النيجر ستكون مزيد من العقوبات توعد بها الاتحاد الأوروبي.
فهل ما يزال الغرب يتحرق شوقا إلى بقايا الكعكة على الصحن؟ أكثر ما يقلق الدول الغربية من النيجر، هو السؤال المقلق: ما دور روسيا في الأحداث الجارية هناك؟ تقول الصحافة الأوروبية إن تصريحات المتمردين وتصرفاتهم لا تقدم إجابة مقنعة عن سؤالهم. و تركت أعلام روسيا التي يحملاها المتظاهرون تخبرهم اليقين. و أمريكا شرعت تنأى بالنفس بلهجة استكانة لا تحمل على وعد مأمول. و هي إشارة بليغة من الولايات المتحدة ستضر بالطموحات الفرنسية في غرب إفريقيا؛ و مآل الأحداث شرعت تثير استياء فرنسا مما يجري. و زيارة فيكتوريا نولاند، القائمة بأعمال النائب الأول لوزير الخارجية لنيامي. وطنت بشكل لا يرتفع سبب سخط باريس. حين أعربت في مؤتمر صحفي مشيرة إلى المخاطر في حالة دعيت الشركات العسكرية الخاصة – و في البال فاغنر- إلى النيجر.
فبينما تدعم باريس استعدادات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لعملية عسكرية، دعت واشنطن إلى تسوية سلمية وتوقفت عن المطالبة بإعادة رئيس النيجر السابق إلى منصبه.
و ترك لهمس الأروقة فسحة ليحدث بالمضمر؛ ففرنسا ضمنت منذ فترة طويلة مكانتها الدولية من خلال نفوذها في إفريقيا. و كانت مسؤولة عن توريد الموارد والمواد الخام من القارة إلى أوروبا. نتيجة لذلك، طور الفرنسيون عقلية واضحة: يقع عليهم واجب حل أزمات المنطقة.
و في نفس الآن، تعد إفريقيا بالنسبة للولايات المتحدة أداة إضافية لضمان الهيمنة على العالم. و تجدد إستراتيجيتها على إبقاء الوضع الستاتيكو يرعى الدوران في فلك النفوذ الغربي.
باريس تعد سياسة واشنطن مفرطة الخطورة. فالفرنسيون، وليس الأمريكيين، هم الذين سيتعين عليهم النضال من أجل "الديمقراطية" في القارة. المنافسة بين واشنطن وباريس على النفوذ في المنطقة تتصاعد تدريجيا.
و على هذا المنحى أنهت فرنسا سقف تطلعاتها. فقد أرسلت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسيين رسالة مفتوحة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون حول فشل التعاون مع إفريقيا. وفقا للمشرعين، "أفريقيا الفرنسية" غدت أفريقيا الروسية عسكريا وأفريقيا الصينية اقتصاديا وأفريقيا الأمريكية دبلوماسيا. الرسالة، التي نشرت في صحيفة فيجارو، تقول:" اليوم النيجر، أمس مالي، جمهورية أفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو رفضت فرنسا وكل ما صلة من قوات و شركات. فبعد فشل عملية برخان، تأتي تشكيلات فاغنر شبه العسكرية على حسابنا. في الوقت نفسه، تجري بالفعل مظاهرات وأعمال مناهضة لفرنسا في دول مثل ساحل العاج والسنغال. فما كان من وزير القوات المسلحة، سيباستيان ليكورني إلا الرد على المنشور، معترفا بالحاجة إلى تعلم الدروس، كما في حالة جميع الأزمات وجميع العمليات العسكرية.
و في نهاية المطاف، سوف يتعين على فرنسا الاستسلام للولايات المتحدة. فخيارها بات باهتا و تطلعات الناتو لا تبرح غرفة الموت السريري. إن الوعي الذاتي المتزايد لدى افريقيا يصيب بالدرجة الأولى تلك البلدان التي لم تتخل بعد عن طموحاتها الاستعمارية. مما يجعل بلدان الجنوب العالمي تغتنم فرصتها لإعادة قاطرة تنميتها على سكة أوطانها؛ و عيونها ناظرة بحدق؛ و تتطلع بيقظة ضافية إلى ما استجد على صفحة حاضرها.
فموجب الحال عند النيجر، وهي دولة أفريقية صغيرة وجدت نفسها بشكل غير متوقع في مركز اهتمام العديد من القوى البعيدة عنها، يشي بأن الجيران لا يمكنهم تحديد الخيار الذي يفضلونه. إما أنهم بحاجة إلى التصالح مع حقيقة أن الجيش سيطيح برئيس منتخب ديمقراطيا في دولة من دول الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، و من المحتمل جدا أن يغير السياسة الخارجية للبلاد بشكل جذري من خلال إقامة تعاون مع روسيا. و هذا ما بات عيانا على المحك. فمالي وبوركينا فاسو بالجوار على استعداد للدعم. كما أن غينيا،التي وصل زعيمها الحالي مامادي دومبويا أيضا إلى السلطة قبل عامين نتيجة لانقلاب. ينتظر الإشارة. هنا بدا الصراع أكثر خطورة مما كان متوقعا في فرنسا. و في إفريقيا، على عكس أوروبا، لم ينسوا الصراعات في الكونغو، والتي سميت إحداها، بعد أن أودت بحياة الملايين، بالحرب الأفريقية الكبرى و كانت قد استمرت من 1998 إلى 2003.
و هذا ما يذكرنا به شويغو في افتتاح مؤتمر موسكو الحادي عشر للأمن الدولي: إن الغرب يقوم بإشعال الحروب والصراعات في جميع أنحاء العالم وفرض مصالحه الخاصة، و هذا حاله معنا في تقويض تعاوننا مع إفريقيا، إلا أن المناقشات في القمة الأخيرة أظهرت وجه الاستعمار الجديد.يجب أن تمتلك القارة جيوشا وطنية مجهزة على أعلى المستويات لتحافظ على استقلالها. إن الدور الرائد لتحرير الدول من هيمنة القطب الواحد تأخذه روسيا على عاتقها. لذا تحاول روسيا تعزيز تعاونها مع إفريقيا في القطاع العسكري والعسكري التقني. و معا يمكننا تعزيز الأمن والاستقرار لشعوبنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مجلة المراسل 01-06-2024 • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حزب الله يعلن قصف بلدتين في شمال إسرائيل وسط تصعيد متواصل




.. تصعيد بجنوب لبنان.. مسيّرات وصواريخ حزب الله تشعل حرائق في ا


.. الانقسام الداخلي في إسرائيل يتفاقم.. ماذا تعني تهديدات بن غف




.. تصاعد المعركة المالية بين الحكومة اليمنية والحوثيين يهدد بان