الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كهرباء العراق الكذبة الكبرى والخداع المكشوف

صادق الازرقي

2023 / 8 / 18
الفساد الإداري والمالي


ما ان يتحسن الطقس في العراق وتقل انقطاعات التيار الكهربائي في مدن العراق حتى يسارع المسؤولون السياسيون وكذلك المسؤولون المعنيون بملف الطاقة، الى التسابق على وسائل الاعلام لبث التصريحات بشأن جهودهم الجبارة لتوفير التيار الكهربائي ومضاعفة كمية "ميغاواطات" الكهرباء التي وفروها لينعم السكان بكهرباء مستدامة، فيزعمون بتصريحاتهم الشتائية ان في الصيف المقبل سيزودون الناس بالكهرباء من دون حدود، وبعضهم صرح انه سيصدر الكهرباء الى الدول الاخرى، واحد وزرائهم قال انه بنهاية العام ستنتهي المشكلة.
اما رئيس مجلس الوزراء فحدث ولا حرج بشأن تصريحاته بحل المشكلة الجذري، وهذا طبعا قاله جميع رؤساء الوزراء السابقين، وظلت المشكلة تتفاقم بصورة مضطردة.
وما ان ينتهي الشتاء ويبدأ صيف العراق اللاهب حتى تنكشف اكاذيبهم، فيصبح الصيف الحالي أقسى من الذي سبقه، والمقبل قطعا امرّ من الحالي؛ فيجري حجب الكهرباء في أشهر حزيران وتموز وآب "اللهاب" عن الاطفال وكبار السن في عز لياليهم و"ظهرياتهم" فيقطعون نومهم الذي لن تنفع معه المراوح والمبردات، اذ ليس بمقدورهم تشغيل مكيفات الهواء على مولدات الشارع، التي يشتركون في خطوطها بأموال كبيرة يقتطعونها من معيشة عائلاتهم.
ينعدم ضمير المسؤولين وانسانيتهم فلن يشعروا بآلام الناس ومعاناتها، فهم قطعا يوفرون أرقي انواع الطاقة لمكاتبهم ومنازلهم ويمنعونها عن الناس.
المفارقة هنا ان هذا يجري في بلد صغير بارضه وبسكانه مثل العراق مقارنة بدول اخرى حلت مشكلة الكهرباء بصورة كلية، والمفارقة ايضا، ان الدولتين المعنيتين بإنجاز ملف الكهرباء للعراقيين ونعني بهما اميركا وايران، كل يلقي الكرة في ملعب الآخر، فايران دأبت على القول ان ازمات فنية ومالية تتسبب بقطع الغاز عن محطات التوليد في العراق، واميركا على لسان سفيرتها في العراق تصرح بالقول ان ايران هي من تستعمل ملف الكهرباء في اوقات معينة بهدف تأجيج الشارع العراق وليس العكس، ردا على قول ايران ان اميركا تريد تأزيم الوضع في العراق لعدم موافقتها على دفع مستحقات الغاز الايراني المورد؛ ويبقى الشعب العراقي هو الوحيد الذي يحاول الجميع الضحك والكذب عليه في ظل ديمقراطية مأزومة غير شرعية لم يشارك حتى 18% من السكان في رسمها، كما اعتمدت على تنصيب الخاسرين وليس الفائزين مقاليد السلطة مثلما يتطلب العرف الديمقراطي، الذي من اساسياته التداول السلمي للسلطة، فلم يفعلوا ذلك، وطاب لهم الأمر، لأنه ما من احد سيتحمل عندئذ المسؤولية عن التسبب في معاناة الناس وحرمانهم.
لن تحل مشكلة الكهرباء ولن يجري توفيرها للناس مادام الوضع القائم الحالي متواصلا وسيستمر استغلالها سياسيا وتبقى نهبا للمحاصصة وتقاسم المناصب؛ بل ان مشكلتها برأيي ستتفاقم أكثر فأكثر، وسيجري اعاقة استكمال متطلباتها بأي صورة وليس ادل على ذلك التفجيرات في ابراجها والحرائق، التي تنبثق بين آونة واخرى بمجرد الشعور ببعض التحسن، تلك الحوادث التي تظل لحد الآن غامضة ولا يكشف عن نتائج التحقيقات فيها.
لكل شيء حل، ويظهر ان المسؤولين غير معنيين بحل معضلة الكهرباء فحديثهم عن تهالك شبكات التوزيع لا تتبعه محاولة استبدالها او اصلاحها برغم وصول الفئة السياسية الحاكة الحالية الى الحكم منذ اكثر من عشرين سنة؛ كما ان التوزيع المتناسب على البيوت بوساطة تنظيم الشبكة واعمال الجباية لم يجري حل اشكالاته حتى الآن، فيبقى حديثهم مقصورا على "الميغاواطات" التي يقولون انهم اوصلوا الكهرباء اليها، في حين ان السكان لا تعنيهم تلك المصطلحات او ارقامها، وان الذي يعنيهم حقا هو توفير تلك الخدمة طوال 24 ساعة، فذلك هو الحل الوحيد المنطقي.
وبمقارنة العراق بدولة اخرى، فان مصر مثلا لم تقطع الكهرباء فيها سوى ساعة واحدة في اليوم، وضمن جدول محدد معلن، معللة ذلك بالموجة الحارة الشديدة ما زاد من حجم الاستهلاك وبدوره أثر على زيادة حجم الغاز المستهلك وولد ضغطا شديدا على الشبكات؛ وتعهد المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء المصرية كما أعلن رئيس الوزراء، ان موعد انتهاء الازمة سيجري في غضون ايام.
اما لدينا في العراق فان الانقطاع يحدث بصورة مزاجية ويتواصل لنحو 10 ـ 12 ساعة مقابل ساعة واحدة تجهيز، وفي بعض المناطق يبلغ القطع أكثر من ذلك، كما ان الكهرباء تأتي بصوة متقطعة وضعيفة ولا تشغل كثيرا من الاجهزة الكهربائية، وبخاصة مكيفات الهواء، وبعض المناطق لا تأتيهم الكهرباء، ولا يلتفت الى جميع مناشداتهم بهذا الشأن، في دليل فاضح على الاستهانة بأرواح البشر وفي أبشع مظهر لاحتقار الناس من قبل مؤسسات يفترض انها تعنى بشؤونه، اذ ان منتسبيها يتسلمون الرواتب مقابل عملهم الذي لا يؤدونه بصورة سليمة.
لطالما كتبت عن مشكلة الكهرباء، ففي كل سنة تقريبا لي موضوع بشأنها والسبب لأنها لم تحل، وسأظل اكتب ما دامت المشكلة قائمة؛ وبرأيي الشخصي فان من المستحيل تصليح الكهرباء وتزويد السكان بها في ظل النظام الحالي القائم الذي جل هم المسؤولين فيه حيازة المناصب والاستمرار فيها والاستئثار بأموال البلد ونهبها؛ بتسريبها الى الخارج بوساطة عائلاتهم التي ابقوها في دول اخرى وتفرغوا كليا لمواصلة لعبتهم السياسية، التي حاولوا خداع الناس بها بدواعي الطائفية و"المظلومية" املا بدوام حكمهم المتهرئ وحرمان الناس من ادنى متطلبات حياتهم ومنها الكهرباء، التي لا يمكن العيش بصورة اعتيادية وسليمة في ظل الافتقار اليها؛ فتوفير تلك الخدمة وغيرها، ارى انه رهن بتغيير النظام القائم ومن دون ذلك لن يتحقق أي مكسب للناس، ويتواصل الكذب والخداع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة