الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل عادت اسبانيا للصيد في المياه الصحراوية المتنازع عليها ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا يجري بالمنطقة من تسارع للأحداث بعد ان انهى الاتحاد الأوربي ومن جانب واحد ، اتفاقية الصيد المبرمة مع النظام المخزني المغربي في 17 من شهر يوليوز الفائت ..
طبعا قرار الاتحاد الأوربي بإنهاء اتفاقية الصيد ، تم تبريره من قبل المفوضية الأوربية ، من جهة بالصعوبات التقنية التي تحول دون تجديد الاتفاق المذكور، والتدرع بالصعوبات التقنية ، كان للتغطية على القرار السياسي للاتحاد الأوربي الداعي الى الغاء الاتفاقيات المبرمة مع النظام المغربي ، وقد تكون فرنسا لعبت الدور الرئيسي في هذا التفسير الغير مقنع ، ومن جهة اعتبرت المفوضية ان قرار الاتحاد الاوربي بإلغاء الاتفاقيات المبرمة مع النظام المخزني ، سببه الالتزام بأحكام وقرارات محكمة العدل الاوربية ، التي ابطلت الاتفاقيات بالنسبة للثروات الوافدة من المناطق المتنازع عليها . والادعاء بالتشبث بقرارات المحكمة الاوربية ، هو مثل التدرع بالصعوبات التقنية التي تواجه تجديد الاتفاقيات ، مع العلم ان لفرنسا الدور الكبير في الدفع بفرضية الغاء الاتفاق ، بتبريرات في اصلها سياسية ، لكنها مغلفة بحججه واهية ، مثل الصعوبات التقنية ، ومثل التدرع بالأحكام القضائية لمحكمة العدل الاوربية ، التي تحمل طابع الالزام عندما يكون أطرافها أوروبيين ، وتحمل الطابع الاستشاري عندما يكون احد أطرافها غير اوربيا .. والاّ كيف نفسر اجماع الاتحاد الأوربي على تجديد اتفاقية الصيد البحري بالخصوص ، رغم صدور قرار للمحكمة الاوربية يبطل الاتفاق في شقه الصحراوي ، بدعوى ، من جهة عدم اعتراف الاتحاد الأوربي بشكل رسمي بالجمهورية الصحراوية ، وعدم اعترافه من جهة بمغربية الصحراء ، وهو نفس موقف الأمم المتحدة / مجلس الامن ، ورغم ذلك واصل الاتحاد تجديد الاتفاقية المبرمة ، دون ان يؤدي هذا الخرق الأوروبي لقرار المحكمة ، الى تنزيل عقوبات بالطرف الذي لم يلتزم بحكم المحكمة الاوربية ، الذي يكون الزاميا عندما تكون اطراف النزاع أطرافا اوربية ..
لذا فان تصرف الاتحاد الأوربي ، سواء في الماضي ، او في الحاضر ، لم يكن شاردا ، بحجة ان احد اطراف الدعوى ليس اوربيا ، ولا حتى مجنسا بالجنسية الاوربية ، فكان تصرف الاتحاد سياسيا تمليه مصالح الاتحاد بدرجة أولى ، قبل ان يكون شكليا ، لأنه غير ملزم بسبب ان احد اطراف الدعوى ليس اوربيا ..
طبعا لا يوجد فرق في التعامل بين الحالتين ، الحالة الأولى الذي صدر فيها قرار للمحكمة في درجتيه الابتدائية والاستئنافية ، حيث حاز على قوة الشيء المقضي به ، وبين الحالة الثانية لعودة المحكمة للنظر في نفس الدعوى ، وصدور نفس الاحكام التي بقيت حبرا على ورق ، وبين الحالة الجديدة الذي ادعت فيها المفوضية الاوربية استحالة تجديد الاتفاق المذكور ، التزاما بقرار المحكمة الاوربية ، ونظرا للصعوبات التقنية التي تواجه تجديد الاتفاق المتعلق بالصيد البحري ..
لكن وفي الحالتين معا ، لا يوجد ما يمنع النظام المخزني من ابرام اتفاقيات جماعية كالاتفاقيات مع الاتحاد الأوربي ، او اتفاقيات ثنائية مع دولة من دول الاتحاد ، او مع دولة من خارج الاتحاد كروسيا او الصين مثلا .. لان التصرف والاجراء هنا ، يبقى داخلا في باب السيادة الذي يعطي لكل دولة حق التصرف بما لا يخالف القانون الدولي ، خاصة عندما يكون الاجراء يخدم مصالح الدولة ..
لكن ما حصل كما تناقلت وسائل الاعلام المختلفة ، ان سفن الصيد الاسبانية وليس الاوربية ، قد عادت تصطاد في المياه الصحراوية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو ، لكن دون ضجيج كالذي صاحب تجديد اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي . فما حصل سيكون بناء على اتفاقيات ثنائية ، خاصة بين اسبانية وبين نظام المخزن المغربي ، تختلف من حيث الحقوق ومن حيث الواجبات لطرفي الاتفاق الجديد ، ربما مع تقديم تسهيلات من النظام المخزني لإسبانية ، كاعتراف لدور رئيس الحكومة الاسبانية السيد Pedro Sanchez من نزاع الصحراء الغربية ، خاصة اعترافه الشخصي بمغربية الصحراء ، من خلال تأييده لحل الحكم الذاتي ، رغم ان موقف Sanchez يخصه لوحده ، ولا يخص الحكومة التي علمت بالاعتراف ، وبرسالة Sanchez الى ديوان الملك محمد السادس ، من خلال رسالة الديوان الملكي التي يشكر فيها Sanchez على مواقفه التي قد تكون قد خلقت إحراجا ، او تكون قد اخلطت بعض الأوراق و المواقف داخل الاتحاد الأوربي ، الذي تعتبر اسبانيا عضوا به وجزءً منه ..
والسؤال . وفي ظل غياب نص الاتفاق الذي قد يكون مبرما ، بين المخزن العلوي ، وبين اسبانية ، سيبقى الاتفاق مجهولا فحواه ، ربما حتى بالنسبة للاتحاد الأوربي ، الذي سيباركه بطريق غير مباشر ،عندما لزم الصمت من رجوع السفن الاسبانية تصطاد في المياه المتنازع عليها .. وكما قلت أعلاه ، أكيد سيكون أي اتفاق ثنائي ، بين النظام المخزني ، وبين الدولة الاسبانية ، مختلفا عن الاتفاق المبرم بين النظام المخزني البوليسي المغربي ، والدولة الاسبانية ، حيث من غير المستبعد ، ان يحتوي على تسهيلات لإسبانية التي جاء رئيس وزراءها يقضي عطلته الصيفية في المغرب ، طبعا على نفقة الرعايا المغاربة التي يؤدونها في شكل ضرائب مختلفة ..
لكن وكما حملت قصاصات الانباء والاخبار ، فالسفن الاسبانية التي عادت تصطاد في المياه الصحراوية المتنازع عليها ، قد حملت على رأسها علم الدولة المغربية ، حتى يسحب من بساط الاحتجاج كل الإجراءات والاحتجاجات التي قد يعبر بها الخصم الذي هو عسكر الجزائر ، وجبهة البوليساريو ، لأنه وباستثناء الأمم المتحدة الحاضنة لنزاع الغربية ، ولها ولوحدها كل الصلاحيات والإجراءات لتنزيل قراراتها التي أصدرتها في موضوع النزاع ، فليس من حق أيا كان ، الاعتراض على رجوع السفن الاسبانية للصيد في المياه الصحراوية المتنازع عليها ، لان النظام المخزني يتصرف من منطلق صاحب سلطة تذبير الإقليم ، مع موريتانية الذي منحته لهما اتفاقية مدريد في سنة 1975 ، بعد الأمم المتحدة التي تملك لوحدها سلطة القرار لفض النزاع ، او لاتخاذ الإجراءات التي تعقبها نتائج ، طبعا تتلون بمستوى النضج الذي بلغه الصراع ، وبمواقف اطراف النزاع المعبر عنها بشكل من الاشكال ، كبيانات ، او رسالات واضحة او مشفرة ، او عنف مسلح ..
وبينما النظام المخزني يتصرف التصرف الذي يخدم مصالحه ، خاصة حاجته الى الدولار الذي يسيل لعابه عليه ، فان غير المفهوم ، هو رد فعل جبهة البوليساريو ، التي بعد ان استنكرت عودة السفن الاسبانية للصيد في المياه الصحراوية المتنازع عليها ، واعتبرت الرجوع هذا بمثابة تحايل على القانون الدولي ، لنهب خيرات الصحراء المتنازع عليها ، ومحاولة لفرض الامر الواقع ، الذي سيصبح حقا من حقوق النظام المخزني الذي يتصرف ليس باسم اتفاقية مدريد ( سلطة إدارة الإقليم ، دون ممارسة السيادة في انتظار تنظيم الاستفتاء الذي وحدها نتائجه ستحدد جنسية الأقاليم المتنازع عليها ) بل باسم السيادة الوطنية التي ستؤكد مغربية الصحراء دون الحاجة الى تنظيم الاستفتاء ، انها ، أي الجبهة ، هددت بطرق أبواب محكمة العدل الاوربية ، للنظر في هذا التصرف الذي تعتبره خرقا ، وتعتبره سرقة لثروات الصحراء ، التي سبق لمحكمة العدل الاوربية ان بثت فيها ، على درجتين ، الدرجة الابتدائية ، والدرجة الاستئنافية .. وبعد مرور البعض من الوقت ، ورغم ان حكم المحكمة الأول ، من المفروض ان يفي بما انتهى له ، بعد عرض الحجج والاذلة ، وبقي مجرد حبر على ورق ، ولم يحُلْ دون تجديد الاتحاد الأوربي لاتفاق الصيد البحري الذي حسمته المحكمة .. ستعود جبهة البوليساريو لترفع دعوى جديدة في نفس الموضوع التي بثت فيه المحكمة سابقا ، وكانت خلاصة دعوى الابطال الثانية ، هي نفسها دعوى الابطال الاولى ، بحيث بقية الأوضاع على حالها ، ولم يتغير أي شيء ... تعود الجبهة من جديد ، امام رجوع سفن الصيد البحري الاسبانية ، وليس سفن الاتحاد الأوربي الذي بسكوته ، يكون بمن برر وساند عودة السفن الاسبانية ، الى التهديد بطرق أبواب محكمة العدل الاوربية ، ضد ما اسمته بالتحايل لسرقة ثروات الصحراء .. ولنا ان نسائل الجبهة . ماذا ربحتم من ربح دعوة الابطال للاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوربي ، وبين النظام المخزني المغربي مرتين ، وفي كل مرة تكون المحكمة قد عالجت النزاع ابتدائيا واستئنافيا ، دون التزام الاتحاد الأوربي بقرارات محكمته ؟
واذا كانت قرارات المحكمة ، مجرد قرارات استشارية و توضيحية ، او جوابا قانونيا عن السؤال المطروح عليها ، دون ان تمتلك المحكمة السلطة الجبرية لفرض احكامها وقراراتها ، فماذا ينتظر البوليساريو من رفع دعوى ثالثة ، لن تخالف ما وصل اليه النزاع بين اطراف النزاع ، اذا كان القرار المقبل للمحكمة ، وفي درجتي التقاضي ، يفتقر الى سلطة الالزام ، والى سلطة الضبط ، والجبر ، والتنفيذ ، لان احد اطراف الدعوى ليس اوربيا ، ومن ثم ، فالقرار الذي ستتخذه المحكمة سيكون استشاريا وليس ملزما ، ولن يكون كذلك حين تكون اطراف الدعوى اوربية / اوربية ..
اليس التهديد مرة ومرات بطرق أبواب محكمة العدل الاوربية ، التي ليس لها سلطة ، ولا آلية لفرض قراراتها ، هو مضيعة للوقت ، وللجهد الذي كان يجب استغلاله في تطوير أساليب المواجهة ، التي وحدها تجعل الهيئة القضائية الاوربية ، تلعب الدور الذي يمليه قانونها الأساسي ..؟
فكيفما كان الاتفاق الجديد بين الدولة الاسبانية ، وبين الدولة المخزنية ، من حيث الشكل والجوهر ، وقد يكون تضمّن تسهيلات ، نكاية في فرنسا التي أصبحت تتزعم المواقف المعارضة للنظام المخزني ، فان التهديد من جبهة البوليساريو بطرق أبواب محكمة العدل الاوربية ، هو حل واجراء فاشل من اوله ، لعدم امتلاك المحكمة لسلطة فرض تنزيل احكامها وقراراتها ، حتى تكون لها مشروعية الفعل المؤثر في الأوضاع القانونية لأطراف النزاع ، عند اصدار المحكمة لقراراتها ولأحكامها ..
ان القول بالتهديد ، وما هو بتهديد لطرق أبواب محكمة العدل الاوربية ، للبث في عدم شرعية السفن الاسبانية الصيد في المياه الصحراوية المتنازع عليها ، قد يتطلب او قد يستغرق اربع او خمس سنين .. فهل الجبهة التي قضت على نفسها بنفسها ، عندما وقعت اتفاق سنة 1991 ، الذي تعطل ، خاصة القرار 690 ، وانخرطت في مسلسل مزيف من المفاوضات التي كانت فخاخا ، جعل الجبهة تدخل في سبات ، فات سبات الذبابة ، وسبات القنافد ، وسبات الافاعي ، حين استمر لأكثر من 31 سنة من الانتظارية القاتلة ، حولت الجبهة عن طابعها التحريري ، لتصبح مجرد منظمة تستهلك الخطابات الرنانة ، وتشد للبروتوكولات المزيفة ، من خلال لقاءات ملغومة ، او حضور مؤتمرات ، او لقاءات ... الخ . فماذا تغير بعد استقبال إبراهيم غالي من رئيس افريقي ، او من لقاء بين الاتحاد الأوربي وبين الجبهة كعضو ضمن الاتحاد الافريقي ... لان الحصيلة بالنتائج المحصلة عن كل تصرف او اجراء جديد ، وليس بالتكرار للقاءات ، او لأحداث لن تؤثر في الوضع القانوني ، لأطراف النزاع .. فهل العودة الى الكفاح المسلح منذ 13 نونبر 2020 ، يكون قد غير شيئا من وضع الجبهة ، او من وضع الدولة المخزنية ، التي تتحكم في الوقت ، وتتحكم في مسرح الاحداث ، بما تريد هي ، لا بما يريد الخصوم والاعداء .
والسؤال . بما ان نزاع الصحراء الغربية ، هو قضية اممية بيد الأمم المتحدة ، فما دخل عسكر الجزائر في هذا النزاع ، اذا كان العسكر يردد ويؤمن حقا ، بان نزاع الصحراء الغربية هو نزاع اممي .. ان ما يسمى بالعودة الى الحرب الخجولة منذ 13 نونبر 2020 ، ليست بعودة لجبهة البوليساريو ، بل هي عودة لعسكر الجزائر في تأجيج نزاع يدعي النظام الجزائري انه ليس طرفا فيه ، لكن الوقائع تبين وتفضح الدور الجزائر الرئيسي في نزاع الصحراء الغربية ، لإبعاد أي مطلب او مطالب للشعب المغربي باسترداد الصحراء الشرقية المغربية ..
وبما ان موريتانية تعترف بالجمهورية الصحراوية ، ومن ثم تعتبر طرفا منحازا وليس طرفا محايدا ، لان الحياد هنا يقضي بوقوف النظام الموريتاني في الوسط ، واخذ نفس المسافة من الجميع ، أي لا يعترف بمغربية الصحراء ، ولا يجب ان يعترف بالدولة الصحراوية التي اعتبر الرئيس الموريتاني ان اعتراف موريتانية بالدولة الصحراوية هو موقف استراتيجي ..
وبما ان عسكر الجزائر اطراف رئيسيين في نزاع الصحراء الغربية ، والوقائع تكذب ما يرددونه ، من ان الجزائر لا علاقة لها بنزاع الصحراء الغربية ، الذي بيد الأمم المتحدة .. أتساءل ما الغاية من الحاح الإدارة الامريكية ، والمبعوث الشخصي للآمين العام للأمم المتحدة بملف الصحراء السيد Stefan de Mistura ، الاتصال بالطرف الموريتاني ، وبالطرف الجزائري التي مواقفهما هي مع جبهة البوليساريو ، وضد مغربية الصحراء .. ماذا سيقولون لمبعوث الأمين العام ، وما سيخرج من فمهم سيكون ضد مغربية الصحراء . لذا يجب ابعاد موريتانية والجزائر عند فحص النزاع من قبل الأمم المتحدة ، على ان يتحدد الحضور في شخص ممثل المغرب ، وممثل البوليساريو المعنيين بالصراع الدائر بالمنطقة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تبدأ من مدينة تبري


.. مقاطعة حفل ممثل هوليودي لدعمه للاحتلال الإسرائيلي




.. حزب الله: استهدفنا مواقع إسرائيلية في الجليل الأعلى ومزارع ش


.. الاتحاد الأوروبي يفعّل نظام كوبرنيكوس لمساعدة إيران.. ماذا ي




.. استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين