الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقرير العربي الثاني حول الفقر المتعدد الأبعاد

فهد المضحكي

2023 / 8 / 19
المساعدة و المقترحات


يقدم التقرير العربي الثاني حول الفقر المتعدد الأبعاد الصادر عن بعض هيئات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في شهر مايو الماضي تحليلًا لنطاق الفقر المتعدد الأبعاد في البلدان العربية ويتناول خصائصه وتطوره عبر الزمن. ويكشف عن الاتجاهات التي سادت في العقد الماضي وآثار الأزمات المتعددة التي شهدتها المنطقة على الفقر، وحسب مقدمة التقرير، فإنه يسلط الضوء على عناصر التقدم والركود في الجهود الرامية إلى الحد من الفقر. ويحدد سبيلًا للمضي قُدمًا من خلال تقديم توصيات في مجال السياسات لا تزال ضرورية وسارية بعد صدور التقرير العربي الأول حول الفقر المتعدد الأبعاد. شهدت المنطقة العربية تغيّرات كثيرة منذ نشر التقرير العربي الأول حول الفقر المتعدد الأبعاد في عام 2017. ويُبرز التقرير الجديد أن البلدان العربية كانت تواجه تحديات جسيمة، حتى قبل ظهور جائحة كوفيد- 19، ومنها الصراعات وعدم الاستقرار، والنزوح، وارتفاع معدلات الحرمان والبطالة، والضغوط المالية المتزايدة التي أثرت جميعها على الفقر والجهود المبذولة للحد منه. وأدت الجائحة والحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الفقر المادي وأوجه الحرمان في العديد من الأبعاد المتصلة بقدرات الأسر، لاسيما وأن العديد من البلدان العربية غير مجهزة للتصدي لهذه الأزمات الإضافية. وبالمقابل يرى، مع أن معظم الدول العربية متوسطة الدخل قد شهدت تقدمًا في الحد من الفقر الأسري المتعدد الأبعاد على مدى العقد الماضي،لايزال الفقر واسع الانتشار، حيث يؤثر على ما يقرب واحد من كل أربعة أفراد في البلدان العربية المتوسطة الدخل. ولا تزال قابلية التعرّض للفقر سائدة، ولاتزال أوجه عدم المساواة، ولاسيما الجغرافية منها، مرتفعة. وكما هو مبين في التقرير العربي الأول حول الفقر المتعدد الأبعاد، فإن نقص التعليم يُسهم على نحو رئيسي في الفقر الأسري المتعدد الأبعاد، ولكن أبعاد الرفاه المادي تُسهم فيه أيضا إلى حد كبير. ويتفاوت انتشار الفقر باختلاف المناطق والفئات الاجتماعية والاقتصادية، ولاتزال المناطق الريفية هي الأكثر تأثرًا، حيث تعاني من مستويات أعلى من الحرمان.

في حين يشير إلى أن فقر الأطفال مازال منتشرًا، إذ طال ربع الأطفال في ستة بلدان عربية متوسطة الدخل في أواخر العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، ولكنه شهد بعض التحسن مقارنة بالفترة السابقة من العقد نفسه، عندما بلغ معدل فقر الأطفال المتعدد الأبعاد حوالي 30 %. ويعاني أكثر من 20 مليون طفل في تلك البلدان من الحرمان في ما لا يقل عن بُعدين أساسيين من أبعاد رفاههم، بما في ذلك الصحة والتغذية والتعليم، وإمكانية الوصول إلى المعلومات وأجهزة الاتصال، والوصول إلى المياه والصرف الصحي والسكن اللائق. ويعاني حوالي ثلث الأطفال البالغين من العمر بين 0 و4 سنوات من الحرمان في التغذية والصحة، ويعاني حوالي خُمس الأطفال البالغين من العمر بين 5 و17 سنة من الحرمان في التعليم. ويعيش أكثر من خُمس الأطفال في مساكن غير متصلة بشبكة مياه، ويعيش ربعهم في مساكن مكتظّة. وتحَجب المعدلات المتوسطة لانتشار الفقر على الصعيد الوطني تتفاوت كبيرًا داخل البلدان حيث يعاني الأطفال في المناطق الريفية وأطفال الأسر المعيشية في الشريحة الخُمسية الأفقر من حرمان شديد.

وفي البلدان العربية الأقل نموًا، فإن معدل انتشار الفقر المتعدد الأبعاد، وفقًا لإطار الدليل العالمي للفقر المتعدد الأبعاد، مرتفع ولكنه آخذ في الانخفاض. ومع ذلك، يجوز أن يكون هذا الانخفاض في الفقر المتعدد الأبعاد قد توقف أو انعكس لأن بيانات البلدان ليست حديثة. وترتبط العوامل التي تسهم على نحو رئيسي في الفقر المتعدد الأبعاد، بأوجه الحرمان في المؤشرات المتعلقة بمستوى المعيشة. وتعاني أيضًا نسبة كبيرة من غير الفقراء من الحرمان في العديد من المؤشرات، ولاسيما المتعلقة بمستوى المعيشة.

هناك مسألة مهمة يذكرها وهي لاتزال الهشاشة والنزاعات تؤثر على نسبة كبيرة من سكان المنطقة، مما يجعل مكافحة الفقر مهمة شاقة. ويذكر أيضًا، ومع أن إنجازاتٍ هامة قد تحققت بعد صدور التقرير العربي الأول حول الفقر المتعدد الأبعاد، لاتزال معظم تلك التوصيات ساريةً، ومنها معالجة ثغرات التعليم، وتوسيع نطاق الحصول على الحماية الاجتماعية وتغطيتها، والاستثمار في الأطفال، وضمان ألأمن الغذائي، وتعزيز التنمية الريفية من خلال إستثمارات جيدة في الهياكل الأساسية الاجتماعية والاقتصادية، وحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز جمع البيانات وإتاحتها على نطاق واسع. وفي هذا السياق فإنه من الأهمية أن نتوقف عند مقترحات التقرير: أولاً، من الضروري تعزيز قدرة النُظُم الصحية على تلبية الطلب في مجال الصحة وعلى التصدي للصدمات غير المتوقعة. وينبغي إعطاء الأولوية لصحة الأم والطفل، إلى جانب الصحة الجنسية والإنجابية، ومن الضروري الاستثمار في المياه والصرف الصحي وتغذية الأطفال. ثانيًا، بما أن نقص التعليم يُسهم في انتشار الفقر في المنطقة وبما أن تحسين نوعية التعليم والتعلّم لم يواكب التحسن الكبير في إمكانية الوصول إلى التعليم في بعض البلدان، فلا بد من التحوّل في مجال التعليم من التركيز على ما هو كميّ إلى العمل على النوعية. وهذا يشمل إصلاح السياسات وإعادة النظر في الممارسات للحد من التدهور، وتعميم نهج التعلّم التى تعطي الأولوية لتعليم المهارات الحياتية، وتنفيذ سياسات شاملة هدفها التحصيل العلمي لجميع الأطفال، بغض النظر عن جنسهم أو خلفيتهم الاجتماعية والاقتصادية أو قدراتهم. ثالثًا، لابد من بناء المنعة والقدرة على إدارة المخاطر وقابلية التعرّض لها لدى جميع فئات المجتمع. فالصراع والجفاف والجفاف والأمراض - والتوزيع غير العادل للثروات - والأزمات الاقتصادية هي أيضًا بعض عوامل الخطر التي تدفع الناس إلى الفقر. وعلى مستوى السياسات، لابد من زيادة التركيز على الدخل والإنفاق والأسواق والأسعار لتحقيق الأمن الغذائي. وينبغي أن تعزز البلدان أيضًا نُظُم إدارة مخاطر الكوارث ونُظُم الإنذار المبكر. وتتطلب إدارة المخاطر وقابلية التعرّض لها الاستثمار في الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاق التغطية الفعالة للحماية. وعلى المدى الطويل، من الضروري تمكين سوق العمل لتصبح سليمة وشاملة للجميع، وتحقيق القدرة الاقتصادية على توفير فرص عمل لائقة.

وإلى جانب هذه المقترحات المحدّدة، يحث التقرير على قيادة التحول الرقمي وتضييق الفجوات الرقمية باعتبار هذه الخطوة أساسية في هذا السياق، ولاسيما في البلدان العربية الأقل نموًا. وتشمل التوصيات الاستثمار في الهياكل الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البلدان الأقل نموًا، وضمان الوصول إلى الخدمات الرقمية (بين المناطق الحضرية والريفية، وبين النساء والرجال وبين المجموعات العرقية المختلفة) من خلال تعزيز الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية ودمج الرقمنة في المدارس، وإعادة النظر في السياسات والبيئة التنظيمية. وبالإضافة إلى ذلك، يرى وبعد أن شهدت معظم بلدان المنطقة تقدمًا في الحدّ من الفقر خلال العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، لاتزال تشهد تفاوتًا شديدًا على مستوى دون الوطني، بين المناطق الحضرية والريفية، إذ تعاني نسبة كبيرة من السكان من الإهمال والإقصاء في الوصول إلى الفرص والموارد المتاحة لغالبية السكان. ويتطلب عدم إهمال أحد معالجة أوجه التفاوت داخل البلدان من خلال تنفيذ عمليات تدخل مستهدفة من أجل الحد من الفقر في بيانات مصنّفة وآنية. وينبغي أن تسعى الدول العربية إلى التعافي من الأزمات الراهنة على نحو أسرع وأكثر مراعاة للبيئة وبمزيد من المنعة والإنصاف. وقد أظهرت الجائحة أن بعض الحلول ممكنة لاستعادة التوازن بين الناس والكوكب من خلال تصميم حلول خضراء كجزء من شبكة جديدة للأمان الاجتماعي في العالم.

وفي إطار بناء القدرات المؤسسية، يقول، لايزال من الضروري تمكين المركز العربي لدراسات السياسات الاجتماعية والقضاء على الفقر في الدول العربية. وينبغي أن تعزز البلدان التنسيق المؤسسي باعتباره أساسًا لتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي أكدت على أهمية توفر إطار مؤسسي متين للتنمية المستدامة على الصعيدين الوطني ودون الوطني يشمل المبادئ ذات الصلة، ويتيح التصدي للتحديات الحالية والمقبلة، ويسد الثغرات في تنفيذ خطط التنمية المستدامة. وبموازاة ذلك، ينبغي أن تسعى البلدان العربية إلى تعزيز الروابط الاقتصادية في ما بينها من خلال تبادل الموارد، بما في ذلك الموارد المائية والحيوانية والزراعية والتكنولوجية والبتروكيماوية، بوصفها ركيزة لسلامة جميع المجتمعات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس