الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد شحرور، حول الحاكمية في الفكر الإسلامي المعاصر

رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)

2023 / 8 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


نظر الباحث والمفكر الإسلامي الدكتور محمد شحرور إلى تأسيس الدولة على أنه نتاج اجتهاد انساني بحت يساير التطور التاريخي للإنسانية، وبين في كتابه "الدين والسلطة – قراءة معاصرة للحاكمية" أدوار كل من الشعب والسلطة لضمان استقرار الدولة وتطورها، ووضح أن سلطة أي دولة قد تتخذ قرارات خاطئة، وغير صالحة لمصلحة الجماعة، "كأن تكون متجاوزة زمانا، ومستوردة مكانا، ولا تتماشى مع متطلبات الشعب"، وأشار شحرور إلى ما ورد في التنزيل الحكيم من إشارة إلى عتاب للنبي (ص) عن أخطاء صدرت عنه رغم كونه خاتم الأنبياء والمرسلين، وتم توجيهه إلى تعديلها. وخلص شحرور إلى أن القرارات السلطوية تحتمل الصحة والخطأ ولذلك لا يمكن أن تكون مرتبطة بقدرة لامتناهية الحق والخير
وبين الدكتور شحرور كيفية نشوء المشكلة عندما "تتبنى الدولة أيديولوجية دينية وتعزوها للدين الإسلامي مباشرة، بتقديمها على أن أيديولوجيتها فقط هي التي تمثلها". وحينما تخطئ السلطة، قد تكون أخطاؤها وخيمة العواقب ومدمرة، فإن هذه الأخطاء الخطيرة تلصق بالدين وعند ذاك يُذمّ الدين، ولكن الدين منها براء.

ورأى محمد شحرور أن مصطلحات "إجماع أهل السنة"، و"إجماع الصحابة"، و"عدالة الصحابة، مقولات ولدت منذ زمن الخليفة المتوكـّـل، فمنذ ذلك الوقت أصبح علماء السنة النبوية علماء يعملون تحت إمرة السلطة السياسية. فإذا كانت السنة النبوية تقف عند مستوى الكتاب (القرآن الكريم) من الحقيقة والكمال، وإذا كانت العقيدة لا تكتمل إلا بها، إذا فما معنى الآية الكريمة: “اليوم أكملت لكم دينكم" ؟
وأشار محمد شحرور إلى موضوع الحرية والعدالة بوصفهما من المفاهيم الأساسية الكامنة خلف الثورات الكبرى في التاريخ، حيث قامت ثورات لتحقيق طموحات الحرية والعدالة معاً. ولكن في التاريخ العربي الإسلامي لم ينجز مشروع الحرية، إذ اكتفى الوعي العربي بالسعي لتحقيق العدالة. فحتى في زمن عمر بن الخطاب، كان العبد يباع ويشترى، أما عندما قال: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً» جاء ذلك في سياق تحقيق العدالة بين القبطي وابن عمرو بن العاص حاكم مصر، والدليل على ذلك أن الخليفة عمر بن الخطاب رغم تميزه في الحكم الرشيد والعادل لم يفعل شيئاً لإلغاء الرق.
وفي زمن الرشيد أو المأمون يتذكـّر الوعي العربي عدل الخلفاء عندما كانوا ينزلون متنكرين إلى السوق لتفقد أحوال رعاياهم، ولكنه لا يتساءَل عن أعداد المساجين الذين كانوا يقبعون في السجون آنذاك. وهكذا انتهينا إلى ابتكار مفهوم "المستبد العادل" الذي رفعه في إنجلترا الفيلسوف توماس هوبز في القرن السابع عشر، وتجاوزه في القرن نفسه الفيلسوف والطبيب جون لوك، والذي لازمنا عبر تاريخنا الطويل فلم نتجاوزه، حتى نهض به مجدداً رفاعة رافع الطهطاوي من جديد. ويعلمنا التاريخ أن الحاكم المستبد لم يعزل في تاريخنا، حتى لو لم يكن عادلاً، أو حتى إذا أصابه الفسق أو مسه الجنون.
يطالب محمّد شحرور الإسلام السياسي أن يمتلك الجرأة الكافية لإبداع فقه دستوري خاص به يتجاوز التراث، فالفقهاء عبر تاريخنا كانوا يُعيّنون من قبل السلطة السياسية التي استحوذت على المسجد منذ عهد معاوية بن أبي سفيان، فعلى سبيل المثال كان لزياد بن أبيه، عامل معاوية على العراق، خمسمئة عين في مسجد البصرة. لذلك فإن التجديد ضروري لتأسيس ديمقراطية إسلامية معاصرة مختلفة عن ظروف تنظيم الدولة في ذلك الزمن، لإنها إجراءَات تنظيمية ضرورية سياسية وليست من السُّنة في شيء.
وانتقد محمد شحرور تحول الثقافة السلوكية في حضارة العرب والمسلمين في القرن السابع الميلادي إلى دين دولة مركزية صارمة بحماية وتوجيه المؤسسة الدّينيّة الرسمية. مبينا أن وعي الناس بات أسير سطوة علماء الدين الذين حولوا الأمة إلى قطيع لا يثور، إلا إذا أزيل حجاب المرأة. وهو لباس غير عربي أصلاً، وكان موجوداً قبل الدعوة، وهو ليس لباساً دينياً، أمّا إذا اعتقل آلاف الأشخاص أو قتل ألوف المسلمين فلا يتحرك أحد. ورأى شحرور أن الحجاب عادة اجتماعية جذورها طبقية وليست دينية وهدفها التفريق بين المرأة الحرة والأمَة، وبخاصة في أواخر العصر العباسي حيث انتشر التحرش بالنساء الحرائر، وعم الفساد الأخلاقي. لذلك استوجب على المؤمنة الحرة أن تلبس لباساً خارجياً يستر جسمها، وتخرج إلى المجتمع بلباس يتفق مع الأعراف السائدة في المجتمع بحيث لا تتعرض للسخرية أو الأذى، أمّا الغطاء الكامل فهو خروج عن حدود الرسول وطاعة الله. وفقا لما قاله محمد شحرور رحمه الله
وافترض محمد شحرور وجود منهج بديل يستدعيه منظوره المعاصر للحاكمية، ويقوم على وضع العقل المسلم الواعي، والعاقل لذاته، وغيره، وزمانه ومكانه على بداية طريق واضح المعالم، بالسماح له بالتشريع لنفسه دون الوقوع تحت سيطرة الفقه الإسلامي التقليدي، وأكد شحرور على ضرورة إعادة ترتيب الفقه الإسلامي في الإطار الذي يستحقه، وهو الإطار التاريخي، وضرورة حصر مهام الفقهاء في الإفتاء بشأن الشعائر فقط، وتجريدهم من السلطة التي اكتسبوها تاريخيا، ومكنتهم من التحكم برقاب البشر،، وذلك إذا شئنا أن نبني دولة حديثة قائمة على العدالة و الحرية معا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا