الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كن قذرا!

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2023 / 8 / 21
الادب والفن


مرة أخرى، يعود الكلام عن التعصب "ومتى غاب أصلا" مع انطلاق مواسم كرة القدم في دول العالم بالتزامن مع كأس العالم للسيدات، في وقت تزداد فيه شعبية هذه اللعبة بشتى الطرق الجديدة غير المتوقعة. بل أن الحكومات صارت تعبر عن سياساتها بكرة القدم نفسها ليس بطريقة الشجار الذي حدثت بين مصر والجزائر قبل سنوات، لكن بطريقة غسيل السمعة الكروي.
استخدمت جو إليسون المحررة في صحيفة فايننشيال تايمز تعبير "كن قذرا" وهي تكتب عن التعصب في كرة القدم.
هل تتذكرون كارثة ملعب هيسل في بروكسل عام 1985، بين نادي ليفربول ويوفنتوس، حيث لقي 39 شخصا حتفهم وجرح المئات.
خرجت علينا وقتها رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر ووصفت المتسببين بالكارثة بمجرد حفنة من الغوغاء الفاقدين لصوابهم.
هكذا صار لا بد من السياسة بنوعها الناعم عند الحديث عن كرة القدم، عودوا إلى الرسائل المتبادلة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سنوناك قبل مباراة منتخبي البلدين في مونديال قطر، لتعرفوا عن أي نوع من السياسة يتم الإعداد له اليوم مع هذه اللعبة، وأن الحديث عن الدوري السعودي المثقل بالأموال الباهظة أحدث أنواع هذا الاستثمار الناعم. ذلك ما يفتح بابا للتعصب مع الاستثمار السياسي في كرة القدم.
لا يقتصر تعصب الجمهور على التشجيع والهتاف والسباب وحده، بل في ارتداء أزياء الترويج، ورفع شعارات تثير غيض الخصوم، فمن المؤكد أن العصر الجديد للترويج الرياضي يعتمد على فكرة أن ارتداء طقم النادي كتعبير عن نوع من الانحياز يفوق التلويح بالحماس وأن فكرة اللعبة لا تكتفي بكونها تمثل مزاجا جماعيا يشعر المرء بالسعادة.
ذلك ما يعاملنا به علماء السلوك عندما يجمعون على وصفنا بأننا جميعا حزم من التحيز. وقد كشف تقرير نشرته منظمة خيرية بريطانية مؤخرا أن ثلث مشجعي كرة القدم في إنجلترا يقولون إنهم تعرضوا للإساءة على الإنترنت. أما في العالم العربي فأدخل على أي مساحة صوتية على وسائل التواصل الاجتماعي تناقش مباراة ومستوى اللاعبين لتتأكد من ذلك.
وبطبيعة الحال يرتفع منسوب هذا الانحياز عندما يكون المرء جالسا في مدرجات الملاعب أو أمام شاشة التلفاز، فنحن نتأثر بالمعلومة الأولى التي نراها كتعبير عن التحيز الراسخ، ولا نشك في أنفسنا بما فيه الكفاية كتحيز مفرط في الثقة ونفور دائم من الخسارة كما نبالغ في تقدير احتمال تمديد الانتصارات، أو كما يسميه علماء السلوك "مغالطة اليد المحظوظة".
لم يحدث على مر تاريخ هذه اللعبة أن مثلت حلا إنسانيا بالنسبة لنا كمشجعين، مثلما هي اليوم، إذا كنا في زمن ما نرى في المنتخبات الوطنية مثل جيوش الدول واللاعب عندما يرفع علم بلاده بعد الانتصار لا يختلف عن الجندي المنتصر في ميدان القتال، لكن إلى أي حد تراجع هذا الإيمان؟
لدينا إجابات متباينة على هذا السؤال!
العام الماضي في مثل هذا التاريخ كتبت عن رفاهية كرة القدم، ولا زلت أراها كذلك، فتلك الرفاهية في مشاهدة المباريات كانت بمثابة درس عميق، فبدا لي أن التشجيع المتعصب يذهب في نهاية المطاف بمتعة المتابعة، ويجعل من كرة القدم ضارة بالمشاعر.
عندما اتهم المدرب الألماني لنادي ليفربول يورغن كلوب، بالتحيز العنصري، دافع عن نفسه بثقة شدد فيها على أن التصريحات التي تتهمه بـ "كراهية الأجانب" هي بعيدة "بأميال كثيرة" عن شخصيته الحقيقية، وقال "أنا أعرف نفسي... ولو تلفظت بتلك العبارة كره الأجانب لكنت كرهت نفسي".
أنا أصدق هذا المدرب الرائع، لأنني أرى تصريحات المدربين جزءا من فلسفة كرة القدم المتسامحة التي تمنع انهيار اللعبة تحت وابل التعصب، فلماذا يقبل البعض على نفسه أن يكون قذرا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?