الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وَمْضَةُ آلْبِدَايَاااات

عبد الله خطوري

2023 / 8 / 22
الادب والفن


العالم كله موبوء مذموم، وعبثا تحاول السليقة والفطرة السليمة التعايش وأجواءه الملوثة؛ فما العمل لمن لا يستطيع التأقلم والأجواءَ المفروضة .. ما العمل لمن لا يستطيع آرتكاب جرم أو ينتحرْ .. ما العمل لمن يعتقد بوجود شيء آسمه (الأمل) رغم الضغوطات والإكراهات لفعل شيء ما في عالم لا يؤمن لا يعترف لا يقر بأفكار وآراء وعواطف الأطفال .. ما العمل لمن لم يدخلْ مشفى المجانين وينهي القضية بآلتباس لا شفاء لالتباسه في حياة مترعة بمرستانات العَته والحمق لكن بمواصفات مجتمع مَدني مترع بالنفاق والكذب والمجاملات وقواعد التعامل السخيفة ...
بعض الولادات آستثناءات لبيولوجيا تكرار التناسل آلآدمي على وجه هذا الوجود الدنيوي المهيض الجناح .. هي ولاداتٌ نشاز عن ما جرى به العُرف وقانون التواتر، مُنْسَلِتَةٌ عن التقليد، هاربة آبقة من ما يُعرف بالعَادة والطبيعة وما يطلق عليه خطأ فطرة الإنسان .. ومضة ولادة تُحاولُ بناءَ عوالم غَرائبية تَظهرُ للقارئ تدريجيا من خلال تَتبع مَسار تطور نوعية من الشخوص لا تشبه غيرها، ويتم على ضوء مثل ذي الولادات العَجَائبية تفسير وتشكيل فَهْمٍ لسلوك الشُّخوص وطُرُق رؤيتها وتعاملها مع العالم والوقائع والآخرين؛ وأمثلة ذلك كثير في عَوالمنا السردية، ولعل مراودة هذا الانزياح يستلهمه أصحابه في واقع الأزمة الحادَّة التي يعيشونها كعلامو رامزة لولادة موحية تؤشر إلى عمق الإشكال آلمعيش كتلك التي شهدها المسيح نفسه أو كتلك التي دأبنا سماعها وقراءتها في أساطير الشعوب المختلفة، كل الاساطير الإنسانية بما فيها خُرافاتنا الشعبية التي كُنَّا نتلقفُها ونحن بَعْدُ صغار من أثداء وأفواه أمهاتنا المُتجذرة عُروقهنَّ في أعماق تربتنا الآدمية .. هي مَخاضات بدايات مُتَعَسِّرة في واقع يُطَوِّقُ كُلَّ الولادات والنهضات بألف طَوْقٍ وحصار .. طفولة "حي بن يقظان" و "سيف ذي يزن" و "علاء الدين نجيب" و "الزين" و "الأبله" وطفولة "مصطفى سعيد" (١) و "اللاز" الطاهر وطار ما هي إلا إشارات إيحائية لرغبة مُلِحَّة في التمرد والثورة على الوقائع المَعيشة في مُجتمعاتنا المتخلفة .. والأمر على أيٍّ ليس مَقصورا على الرواية العربية، بل إن هذا التوجه العجائبيَّ في رسم صورة الطفولة والولادة بشكل فنطاستيكي، نجده مُنتشرا في الروايات الانسانية بمختلف تصنيفاتها ولعلي أُذَكِّرُ نفسي وأذكركُم اخوتي بصورة "الأبله" التي تَتَنَاصُّ إيجابا _ بطبيعة الحال، مع النصوص السردية التي عانقتْ عوالمَ وحَيواتِ العائشين على ضِفاف العقل الانساني، وما من شك فان روايات دوستويفسكي تلفتُ الانتباه في هذا المجال، هي وروايات "ويليام فوكنر" بمَعتوهه "بينجي" .. أتذكرون "بينجي" الذي يشم رائحة الموت في كينونات آلحياة .. ؟؟.. أتذكرون صَريخَه الحادَّ في وجه كل العالم المليئ بالصَّلفِ .. ؟؟ .. أتذكرون "فئران ورجال" شتاينباك ... وغيرهم كثير .. أتذكرون الطفلَ "أوسكار" (٢) في رواية الألماني "غونتر غراس" ودَرْدَابَهُ الهدار وجُؤارَهُ الذي يصكُّ الآذان الصماء .. ويقولها صراحة : .. لا .. !! .. مُصِرّا كلَّ الإصرار أنْ لا يكْبُرَ قيد أنملة .. لقد قرر التوقف عن المُضي قُدُما والزمن أوْ لمْ يشأ أنْ يَدَعَ للزمن فرصةً وطريقا لأنْ يلجَ الزمن لروحه يغيرها يؤثر فيها سلبا فيكبرَ كما مرغما كما يحصل مع الآخرين .. ليمضِ الزمنُ الى حال سبيله .. ليفعلْ ما يحلو له، أما طفولته الخاصة بالطفل الساكن فيه فقد أصرت أن تظلّ مكانها لا تبرح صفاءه الداخلي الأثيرَ وليكن ما يكون .. ومنذ بلوغه السنة الثالثة، جعل نُمُوه البدني يجمد يثبت في اللحظة المعيشة، ويبدأ مشوار (أوسكار) في الحياة على شكل إنسان بومضة البدايات يختزلُ العمر الانسانِيَّ في عُمْرٍ واحدٍ هو : عُمْرُ الطفولة ... أتذكرون كل تلك الرغبة المُلِحَّة في آستعادة ما لا يستعاد، استعادة زمننا الفطري الهارب منا في ألبوم "بينك فلويد" الغنائي الموسوم بِـ "الجدار" .. أتذكرون ذاكَ الحريق المشتعل في الحنايا ليلَ نهار ..؟؟.. وصورة أطفال المدارس الذين ثاروا تمردوا على أنظمة الضبط والجبروت ... أتذكرون ..؟؟..
هي شذرة طفولة قررتْ ذات لحظةٍ أَنْ لا تَكْبُرَ أو تساير شرك فخاخ بيولوجيا بشرية متاورَتة .. اكتشفت بفطرتها حيلة الحياة في الاستمرار في الحياة .. شكتْ توجستْ ارتابتْ وجعلتْ تحاول آستعادة توازن مفقود عن طريق آستشراف ولادات مغايرة بديلة للولادات المفروضة قهرا .. هي تعلم يقينا أنها في عالم لا يؤمن بولادات جديدة يختارها قصدا مجانينُ هذه الدنيا، ولما أبصرتْ عينا "أوسكار" وحَدَسَتْ بحسها الطفولي ما حدَسَت رنتْ الى تلك الساعة العملاقة الجهنمية التي تشيخُ في عقاربها الأعمارُ .. تسلَّقَ الطفل المصر على طفولته سلمها آرتقى ثم سما صُعودا إلى هناك حيث يحلو الوجيب يحلو الصريخ .. ويُسْمَعُ الجُؤار .. في عالم ضئيل صفيق حقير .. وبطريقة تذكرنا بأجراس وحمائم "كوازيمودو" ذاك المعتوه الآخر في رواية "هيجو" .. طفق أوسكارنا .. يدقُّ يدُقُّ يدقُّ .. يصِيئُ يصْخَبُ يحدو يهتفُ .. لا لا لااااا ..

☆إشارات :

١_"علاء الدين نجيب" : شخصية في رواية (عالم بلا خرائط) لجبرا إبراهيم جبرا وعبدالرحمن منيف
_"الزين" : الطيب صالح
_"الأبله" : دوستويفسكي
_"مصطفى سعيد" : شخصية في رواية (موسم الهجرة للشمال) ل الطيب صالح

٢_(طبل آلصفيح) رواية الألماني الروائي "غنتر غراس" تتحدث عن طفل (أوسكار) قرر ذات لحظة أنْ لا ينموَ أو يكبرَ احتجاجا على الأوضاع المُزرية التي يلاحظها في مجتمع الكبار، ابتداء من أمه وعائلته ومدرسته إلى أكبر مدى يمكن أن يصلَ إليه الرفض والاحتجاج ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د


.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل




.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف


.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس




.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام