الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة لمقابلة مسؤول

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2023 / 8 / 23
مقابلات و حوارات


مقابلة المسؤولين في الدولة ،تقتضيها متطلبات الحياة احياناً والمصلحة العامة احياناً أخرى ،ولم يعد الوصول للمسؤول سهل المنال دائمًا، فلكل مسؤول زمرة تحيط به تنظم امور الحماية والمقابلات وتكشف أمامه المظالم وتسهل له محاسبة الظالم .هؤلاء ربما يُبَصّروه بكل صغيرة وكبيرة، وربما يَحجبوا عنه ما لا يراه خارج كرسي المسؤولية وغرفة جلوسه ،وذلك يعتمد على كفاءة العاملين في التشريفات ومخافتهم لله وتنظيم المقابلات بضمير حي ، وحسن ادارة وعدالة .
منذ أن أحلت على التقاعد لم التقي بمسؤول الا مرة واحدة ، .رغم اني كنت مديرًا عامًا وبرتبة لواء وهي رتبة عالية ومحترمة . ورغم اني كنت ولا زلت لم اقطع صلتي بالقضية الأمنية ،ولا زلت متواصلاً في التأليف والنشر والكتابة ،ولي ثلاثة مؤلفات تدرس في كلية الشرطة، وهذا ما يؤهلني ان اكون (عالمًا او مفكرًا بعلوم الشرطة)، ولا يمضي يوما دون ان اكتب وأقرأ عن قضايا الأمن والشرطة شيئا ما .
وكم سالت الله ان يمد في عمري ليس من أجل ان أتزوج النساء او أجمع الاموال او اتلذذ بالطعام والشراب انما من اجل ان انجز كتبًا خططت لتأليفها وقررت كتابتها ولتبقي بعدي "صدقة جارية كعلم ينتفع به".
وبعد ان قدمت نسخًا من كتاب الاحصاء الجنائي والاساليب الارهابية وسجلات الشرطة وداعش والنساء ، وعرضها أحد الاخوان أمام المسؤول فطلب مقابلتي . استبشرت خيرًا وحملت بعضي وتوجهت لمقابلته وفي ذهني مواضيع ومشاريع كثيرة تخدم العمل الامني ،فانا متقاعد، متابع متواجد وليس ميت قاعد.
لست من المطالبين بجاه او منصب او مكافئة .قنوع بما رزقني به ربي من راتب تقاعدي .ولا امد بصري او يدي لما رزق الله به الاخرين من مال وعقار. الموعد كان الساعة العاشرة صباحًا وتمكنت من الوصول في الوقت المحدد. وانا احمل حقيبة فيها ٧ مؤلفات وجهاز لا بتوب رغم كونها ثقيلة علي، وفكرت في عرض عدد من المواضيع التي تخدم الصالح العام ومصلحة المواطن امام انظاره . انتقلت ومضيفي ضابط متقاعد برتبة عالية ،وكُلِفَ بتولي متابعة قضايا المتقاعدين ، انتقلنا الى الطابق الذي يستقبل فيه المواطنيين ممن لديهم شكاوى او مطالب لعرضها عليه .
وبعد ان سلّمنا على جماعة الاستقبال والتشريفات جلسنا في قاعة طويلة مؤثثة تأثيثاً فخماً ، مخصصة لمقابلة المواطنين ،بانتظار دورنا في المقابلة . كان هناك حضورا برتب مختلفة واناسا مدنيين جالسين في القاعة ينتظرون دورهم في المقابلة .
يدخل للقاعة كل حين موظفًا من التشريفات فيطلب من جماعة، المثول امام انظار المسؤول للمقابلة في الغرفة المجاورة للقاعة . كنت انا ومضيفي اكبر الناس سنًا فانا قاربت من الثمانين وكنت قد احلت على التقاعد منذ ١١سنة .ولنا موعد مسبق لذا كنت متهيئا ومنتظراً في كل لحظة بأنا سنستدعى للمقابلة ، وانا اتمتم مع نفسي "رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي " ومرت الثواني ومرت الدقائق ومرت الساعات وخلت القاعة ممن جاءوا قبلنا ومن جاء بعدنا ولم يبقى سوى القهواتي الذي يقدم القهوة الحلوة بين الحين والآخر .وجاء اناس اخرون وتمت مقابلتهم ثم جاء غيرهم وتمت مقابلتهم حتى ادركنا الساعة الرابعة عصراً ونحن جلوس ننتظر المقابلة .كلانا ليست صحته جيدة فتتالت السنين ،وأكل الدهر علينا وشرب . وبعد تجاوز الانتظار ( ٤ )ساعات ،أصبحنا على يقين بانا سوف لن نقابل في هذا اليوم رغم وجود موعد مسبق لنا . استغلينا مرور مسؤول مهم في العلاقات في القاعة الذي قام باجراء مقابلة مع احد القنوات . وبعد ان انتهى اعلمناه بانا منذ الساعة الحادية عشر صباحًا ننتظر ، وَعَدنا خيرًا وذهب ولم نره ثانية .ثم تركنا القاعة وشاهدنا نفس الاشخاص من الشباب الذين ينظمون اللقاءات للذين شاهدناهم عند قدومنا، لم يسالنا احد منهم عن سبب تواجدنا او عن سبب خروجنا رغم إعلامنا لهم عند القدوم بوجود موعد للمقابلة . عندها أدركنا ان المحيطين بالمسؤول هم جماعة ليسوا بمستوى تنظيم آليات المقابلة ، فلم يسالنا احد عن مَنْ نَحنُ وسبب تواجدنا في قاعة استقبال المواطنين ،ولماذا خرجنا . ولنا الحق في العتب انا خدمنا البلد ما يزيد على ٤٠ عاماً، حتى شابت رؤوسنا ، وضعفت قوانا ، في وزارة كان لنا بصمة في عملها ، ثم نخفق في مقابلة مسؤول هو دعانا لمقابلته. وهكذا انتهت محاولة اللقاء بالفشل ،ومضى يوم من ايام حياتي هدراً ، تاركاً أثرًا يحز بالنفس ،ويبقى خجلي من مضيفي الذي جلبت له الاحراج واصبحت مدينا له بالاعتذار . تجربة لن اكررها ما دام لي بقية ايام من الحياة ، فالحياة فانية ، وانما الاعمال بالنيات ، ولكل امرءأ ما نوى، واحمد الله واشكره على كل حال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا