الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان في العراق أرخص سلعة في العالم في ظل المحاصصة والفساد الإداري

فلاح أمين الرهيمي

2023 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يقول المفكر الكبير كارل ماركس : (إن الإنسان أثمن رأسمال في الوجود لأنه يمتلك العقل المدبر والخالق لجميع مستلزمات الحياة في الوجود) بينما الإنسان في العراق المستباح وشعبه المذبوح أصبح أرخص سلعة تباع وتشترى في العالم ونحن الآن في القرن الواحد والعشرين والدليل على ذلك ما أعلنته وسائل الإعلام عن قيام عصابات ومافيات التجارة بالبشر في التوغل بالعراق وليس هذا فقط وإنما ما تنشره وسائل الإعلام عن مستوى الجريمة والقتل ضد الإنسان في العراق وما نشاهده ونسمعه عن انتشار بيع الأطفال حديثي الولادة وغيرهم وانفلات السلاح وازدحام السجون بالنزلاء واللامبالاة والتسيب والانفلات الخلقي والعنف الأسري وقتل الأطفال لدى العائلة في العراق.
إن الدولة مؤسسة خدمية للشعب لأن الأرض وجدت مشاعة للإنسان وبعد أن تكونت الدولة صارت تستغل الأرض وتقدم خدماتها للشعب لقاء أجور يتقاضاها المنتسب للدولة (الموظف) وأصبحت الأجور (الراتب الشهري) وقد تم ذلك بموجب عقد بين الشعب والدولة أطلق عليه اسم (الدستور).
إن من يتتبع ويلاحظ العلاقة بين الدولة والشعب العراقي يلمس الخلل الكبير والتقصير والإهمال من الدولة العراقية تجاه شعبها.
لقد غمر قلوب العراقيين الفرح والسرور والأمل والرجاء لقوة الدعاية التي رافقت الإطاحة بنظام صدام حسين الفاشي الدموي وسعة باب الأمل الذي فتح أمام يأس وإحباط العراقيين المدجن وقد أتاح لأبناء الشعب العراقي الاسترسال في أحلام وردية على شكل ومحتوى الدولة القادمة وعن ما ستقدمه من إجراءات وما ستخطه من خطوات على طريق معالجة الملفات الستراتيجية العديدة التي ظلت عالقة في السنوات السابقة التي امتد بعضها إلى عقود ماضية وهم يعيشون في خزائن أحلامهم عمن يستطيع أن يقلب لهم ظهر المجن ويغير واقعهم المأساوي الذي يعيشون فيه ويفتح لهم باب الفرج الذي انتظروه طويلاً ولم يخطر ببالهم أبداً أن التي سوف تستلم الحكم إلى عرش السلطة ستفكر في أول ما تفكر فيه مصالحهم الخاصة وسوف تنساهم وتهملهم في قعر المشكلات والأزمات لقد ضاع وانتهى أمل الشعب العراقي في حياة حرة كريمة وأصبحوا كما قال الشاعر الكبير الجواهري :
وكانوا كالزروع شكت محولاً ---- ولما استمطرت مطرت جرادا
لقد سيطر على الحكم في العراق المحاصصة الطائفية التي جعلت الوزارات في الدولة ومؤسساتها المختلفة اقطاعيات حزبية لهذا الحزب أو ذاك يفعل بها ما يشاء ويسخرها لخدمة أغراضه السياسية والانتخابية حتى بالغت العديد من الأحزاب المتنفذة في ذلك حيث جعلت ضمن هيكلها التنظيمي المكاتب الاقتصادية التي تعنى بإدارة العقود في الوزارات التابعة لأحزابها كما أن سياسة غض الطرف عن تسهيل عمليات السلب والنهب لأمول الشعب التي أدت في خلق طبقة من السياسيين أثرت على حساب نهب وسرقة المال العام وقد تمكنت هذه الطبقة السياسية أن تبني علاقات ومصالح مشتركة مع تلك الدول كان لها الأثر الكبير في رسم الكثير من السياسة للحكومات العراقية التي أدت إلى ما يحدث في العراق من ترد وتراجع كبير وفشل في قطاع الصناعة والزراعة والسياحة وفي إنتاج الكهرباء وقطع رقاب الأنهار التي تروي الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والإنسان وأثرت هذه الدول أن يبقى العراق مستهلكاً لما تنتجه هذه الدول إضافة إلى سياسة نهب الموازنات المخصصة لهذا القطاع من الاستيراد الذي بلغ أكثر من أربعين مليار دولار ... كما شاهد العراق في السنوات السابقة عدم وجود موازنات اقتصادية للدولة مقابل هيمنة دولة الأحزاب السياسية ومكاتبها على التخطيط الاقتصادي الفاشل والموازنات السنوية وغياب الحسابات الختامية للدولة مما يشير إلى تلاعب ونهب وسيادة الفساد الإداري داخل مؤسسات الدولة على حساب المصالح الوطنية للعراق وأثر نهج المحاصصة الطائفية والحزبية على الحياة السياسية والاقتصادية وأصبحت علاقتها مع الفساد الإداري علاقة جدلية مترابطة ومتلازمة في التجربة العراقية بعد عام/ 2003 وقد أثبتت جميع الأدلة والوقائع أن المحاصصة نتيجة حتمية لوجود وراعية وحامية للفساد الإداري ومن نتائج وسلبيات المحاصصة الطائفية والحزبية جعلت الوزارات والمناصب الكبيرة في الدولة ومؤسساتها المختلفة قطاعات حزبية لهذا الحزب أو ذاك يفعل بها ما يشاء ويسخرها لخدمة أغراضه السياسية والانتخابية حتى بالغت العديد من الأحزاب المتنفذة في ذلك حيث جعلت ضمن هيكلها التنظيمي ما أسمته (اللجنة الاقتصادية) التي تعنى بإدارة العقود في الوزارات التابعة لها ومن الجهل السياسي والاقتصادي للحكومات التابعة للأحزاب السياسية ومن أجل خلق الظروف التي تساعد وتفسح المجال للفساد الإداري غياب الرؤية والتخطيط الاستراتيجي في مؤسسات الدولة المختلفة وعشوائية إقرار المشاريع وتنفيذها التي تقدر بالمليارات من الدنانير في ظل فقدان وتراجع لدور وزارة التخطيط في عملية البناء والتنمية والدليل على ذلك عدم وجود علاقة ولا تنسيق بين وزارات الدولة المختلفة في المشاريع التي تقرها وتنفذها ... كما لا وجود لمثل هذا التنسيق بين هيئات الإعمار في المحافظات العراقية من أجل الوصول إلى التكامل الاقتصادي المرتجى من تلك المشاريع ومن أهم أسباب هذه الظاهرة لأن إقرار هذه المشاريع تتم استناداً إلى مصالح ضيقة وحسابات سياسية وانتخابية بعيدة عن المصلحة العامة ... كما تتحكم مفاهيم النهب والإثراء السريع في ذهنية أكثرية السياسيين المستثمرين وموظفي الدولة العراقية ومن أسباب تفشي ظاهرة الفساد الإداري تعطيل دور المدعي العام باعتباره المدافع عن الحق العام إضافة إلى تسييس القضاء بمجمله واختراقه من الفاسدين مما يتيح أجواء مناسبة لسيادة وسيطرة الصوت الفاسد واستشراء الفساد الإداري في جميع أجزاء الدولة العراقية والمجتمع بصورة عامة وأصبح اسم العراق العظيم يتصدر إحصائيات والقوائم الدولية بالفساد الإداري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة