الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتساع ظاهرة عمالة الاطفال في اليمن

محمد النعماني
(Mohammed Al Nommany)

2023 / 8 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وصفت وضع الأطفال في اليمن بأنهم "يُسلبون من مستقبلهم"، بسبب أكبر أزمة إنسانية تشهدها بلادهم، حسب بيان صدر عنها في مطلع العام 2023، أكدت فيه أن 23.7 ملايين يمني يحتاجون إلى مساعدة، بينهم 13 مليون طفلفي ألفين وأربعة عشر، قبل اندلاع الحرب، كان الأطفال المنخرطون في سوق العمل بمختلف المهن، يقدر عددهم بنحو مليونين خمسمائة ألف طفل ممن هم تحت سن الثامنة عشرة، هذا العدد تضاعف حاليا أربع مرات، بحسب تقارير منظمات دولية وأخرى محلية. الزيادة ناتجة عن تداعيات خلفتها الحرب على صعيد الاقتصاد والمعيشةواتسعت ظاهرة عمالة الاطفال في اليمن خلال السنوات الاخيرة، حيث افادت تقارير لمنظمات حقوقية محلية أن نسبة عمالة الاطفال اليمنيين تتجاوز حالياً أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب السعودية، بسبب ما أرجعته إلى تداعيات وآثار الحرب والحصار المفروضين وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
الحرب اليمنية التي اندلعت في العام 2014، وتداعياتها التي أشاعت الفقر في أرجاء البلاد التي يسكنها وفق تقديرات غير رسمية ما يربو على 32 مليون نسمة، أسفرت عن تزايد كبير في أعداد الأطفال المنخرطين في شتى الأعمال، والتي يشكل بعضٌ منها خطراً عليهم مثل بيع الوقود، والحدادة، والميكانيك.
يرى الباحث الاجتماعي وأستاذ علم الاجتماع في كلية التربية في جامعة عدن علي زين أن الحرب التي زادت من دائرة الفقر خلقت أيضاً وضعاً جديداً في المجتمع اليمني، لا سيما في الجزء الريفي منه، يتمثل في تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال. ويقول لرصيف22: "الفقر ليس السبب الوحيد، بل ساهمت في ذلك إلى جانبه البيئة الاجتماعية السائدة، وغالباً ما تُرصد هذه الظاهرة في المجتمعات الأقل مدنيةً، لأنها جزء من ثقافتها".

"الحرب نقلت ذلك من الريف وأشاعته في المدن، بسبب عمليات النزوح والفقر المستشري". وأشار إلى أن الوزارة كانت تنظم قبل نشوب الحرب حملات توعية بخصوص عمالة الأطفال في اليوم العالمي لمكافحة هذه الظاهرة، الذي يصادف في 12 حزيران/ يونيو من كل سنة، وإلى أن ممثلين عن الوزارة كانوا يراجعون جهات معنيّة في عدن، بالتعليم والصحة والعمل والجمعيات الأهلية، لمناقشة وضع الأطفال وتشجيع تلك الجهات للعمل على مكافحة عمالة الأطفال، هذا فضلاً "عن إقامة احتفال خاص في عدن بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، وطباعة بوسترات خاصة بالمناسبة، لكن الحرب أوقفت تلك الإجراءات".

وكانت منظمة العمل الدولية قد بدأت، في العام 2000، بمشروع للقضاء على عمالة الأطفال في اليمن، تضمّن مراحل متعددةً أولها توفير الدعم التقني بشأن توعية المجتمع للوزارات والمنظمات والجمعيات المعنية المحلية بغية الوصول إلى شراكاتٍ وتهيئة البيئة قبل الشروع في تنفيذ باقي مراحل المشروع.

وكان من ثمار ذلك توقيع الحكومة اليمنية اتفاقيتين، تحملان الرقمين 138 و182، وتأسيس لجنة ثلاثية لعمل الأطفال، لاعتماد خطة عمل وطنية وتحديد قائمة بأسوأ أشكال عمل الأطفال في البلاد.

المرحلة الثانية بدأت في العام 2005، وقامت منظمة العمل الدولية خلالها بتنفيذ عشرة برامج، تركزت على تطوير الوحدات المختصة بمكافحة عمل الأطفال في كل من وزارة العمل ومنظمات المجتمع المدني، ودعم خطة العمل الوطنية، وتأسيس ثلاثة مراكز تأهيل للأطفال العاملين في صنعاء وعدن وحضرموت، بهدف إعادة الأطفال إلى المدارس أو توفير تعليم بديل لهم وتأهيلهم مهنياً.

البرنامج امتد لغاية العام 2010، وشرعت المؤسسات الحكومية بعدها في حملة لمكافحة عمالة الأطفال، غير أن الحرب وتداعياتها عطلتها، وهذا ما تؤكده مديرة وحدة مكافحة عمالة الأطفال في وزارة الشؤون الاجتماعية في عدن، منى البان.

وتقول البان لرصيف22 إن الوزارة نفّذت في العام 2010، وبتمويل من منظمة العمل الدولية واليونيسيف والصندوق الاجتماعي للتنمية، مسحاً شاملاً للأطفال على مستوى الجمهورية للفئة العمرية من خمس سنوات إلى 17 سنةً، وأعلنت في 2013 النتائج التي أظهرت وجود "مليون و614 ألف طفل عامل للفئة المذكورة"، وهو الرقم الوحيد الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء، وفقاً لمنى البان، التي تتوقع أن يكون الرقم قد تضاعف الآن.

وأضافت أن الوزارة وضعت في تلك الفترة تعليمات وقرارات حددت بموجبها لائحةً بالأعمال المحظورة على الأطفال العاملين تحت سنّ الـ18، وقامت بتوزيعها على الجهات الحكومية كافة، مثل الداخلية والإعلام والمساجد ووزارة الأوقاف ومنظمات المجتمع المدني.

ونجحت تلك الإجراءات، حسب ما تقول، في سحب أكثر من 90 ألف طفل كانوا يعملون في ظروف خطرة وإعادتهم إلى المدارس. واستدركت قائلةً: "كانت الظاهرة تنحسر، وكنا على وشك المضي إلى أبعد من ذلك، غير أن اندلاع الحرب وتهدّم المدارس وكثرة النزوح أدت إلى فقدان الأطفال مقاعد الدراسة وكثيرون منهم فقدوا معيليهم، لتتفاقم ظاهرة عمالة الأطفال".

في مدينة الحديدة غرب اليمن، يعمل الشقيقان محمد وبشير الحسامي (11 سنةً و12 سنةً)، خمس ساعات في اليوم كمعدل وسطي، في محلٍ لحياكة أثواب يمنية تقليدية تُسمّى "المعاوز"، في وسط المدينة، ويتقاضيان معاً أجراً يومياً يصل إلى 1،000 ريال (أقلّ من دولار في مناطق سيطرة الحوثيين)، ومع أنه غير كافٍ لتلبية احتياجات أسرتهما، إلا أن والدتهما تقول إن "الأجر القليل أفضل من مد اليد لسؤال الناس".
ويرى زين أن من حسن الحظ وجود عائلات يمنية تحرص على إبقاء أطفالها ضمن نطاق التعليم، حتى وإنْ كانت قد اضطرت إلى الزجّ بهم في الأعمال، ويرجع ذلك إلى "إيمانها بأن التعليم مقدسٌ في الحياة، لذلك هي ترفض تسرّبهم من المدارس تحت أي ظرف حتى وإنْ كان الفقر المدقع"

في سنٍ لا يتعدى 11 عاماً، وجد "قابيل" نفسه في مواجهة مصاعب الحياة، تاركاً مدرسته ومعها كل أحلام الطفولة، حيث اضطرته الظروف المعيشية الصعبة لقضاء اغلب ساعات يومه في أحد شوارع صنعاء لمحاولة بيع ما تيسر من خضروات، من أجل إعالة أسرته.

ويقول قابيل في صنعاء: انا تركت الدراسة عندما كنت في الصف الثالث وانا اعمل منذ 5 سنوات اعمل بالعربة، لاساعد والدي في المصاريف، لان ليس لدينا راتب ولا اي مدخول آخر.

الظروف نفسها هي من دفعت الطفل "عثمان" ليتحمل المسؤولية مبكراً من خلال العمل في ورشة لصيانة السيارات، وهي مهنة تحتاج إلى الكثير من التعب والجهد.

ويقول عثمان انا اعمل في محل لاصلاح اطارات السيارات لمساعدة ابي في اعالة اسرتي ولدي اربع اخوة، وتركت الدراسة في الصف الاول الثانوي.

هذه النماذج تحكي معاناة وواقع عشرات الآلاف من الأطفال اليمنيين مع اتساع ظاهرة عمالة الأطفال في البلد خلال السنوات الأخيرة.. ظاهرة يعيدها المختصون إلى الحرب الدائرة وتداعياتها وما رافقها من حصار خانق وتردٍ معيشي، ووضع اقتصادي متدهور وارتفاع لمعدلات الفقر، وكذا انقطاع المرتبات، وفقدان الكثير من العائلات لمصادر دخلها، إضافة إلى حالات النزوح والتشرد.

ووفق تقارير حديثة لمنظمات حقوقية، فإن نحو مليون و400 ألف طفل يمني هم أعداد الاطفال المنخرطين في أعمال متعددة، يشكل بعض منها خطراً على حياتهم، ناهيك عن حرمانهم من التعليم وأدنى استحقاقات الطفولة، إضافة إلى ما قد يلحق بهم من صدمات نفسية.

تنامي ظاهرة عمالة الأطفال في اليمن، هي واحدة من دلائل عديدة على الواقع المأساوي لشريحة تُعد من أكثر الفئات تأثراً وتضرراً، في ظل تقارير دولية تتحدث أن نحو 11 مليون طفل يمني باتوا بحاجة ضرورية للحماية والدعم.

وتكشف صحيفة اندبندنت عربيةغن اتساع ظاهرة "عمالة الأطفال" في اليمن، وتتفاقم كل يوم، حتى أصبح من المعتاد مشاهدة الأطفال "باعة متجولين" في الشارع في أوقات الدراسة، حاملين عبوات المياه وأدوات الزينة وما يتوقعون أن يستهوي المسافرين والزوار.


المشاهد من ذلك النوع باتت جزءاً من حياة اليمنيين، فلا تخلو الحدائق والأماكن العامة من الأطفال، أمثال رهيب ووهيب، الشقيقين اللذين يقومان ببيع الماء على قارعة الطريق في أحد شوارع مدينة مأرب، شرق اليمن، من الصباح حتى المساء يومياً، تحت درجات حرارة تفوق 40 مئوية.

وكانت أسرة الطفلين تسكن ريف العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ومع مضايقة الميليشيات والدهما الذي كان أحد منتسبي القوات المسلحة اليمنية وضيق المعيشة وانقطاع الرواتب، قررت العائلة النزوح إلى محافظة مأرب، التي استقبلت معهم ملايين اليمنيين النازحين الفارين والباحثين عن الحياة، وباتت المدينة التي لا ترفض من فر إليها ملجأ اليمنيين الأخير، في تلك الناحية من البلد المنكوب.

ويرافق عديد من الأطفال آباءهم في المتاجر أو بسطات الباعة المتجولين لساعات طويلة من أجل الحصول على بضعة آلاف من الريالات، التي دفعتهم لترك دراستهم ومساعدة آبائهم على أعباء الحياة القاسية.

ظروف "رهيب" و"وهيب"

وأسهم عديد من العوامل في تنامي ظاهرة عمالة الأطفال بفعل الحرب والصراع الدائر في اليمن وانقطاع رواتب الموظفين المدنيين وفقدان الآلاف أعمالهم ووظائفهم، في حين يتمدد الفقر والجوع والبطالة وانهيار الأمن الغذائي ليشمل معظم سكان البلاد.

يقول "رهيب"، البالغ من العمر 10 أعوام، إنه يحصل على 6 آلاف ريال يمني كربح يومي صافٍ، أي ما يقابل (6-10 دولارات)، حسب تقلبات أسعار العملة المحلية، مقابل العمل لأكثر من عشر ساعات، من أجل مساعدة عائلته
ويضيف شقيقه "وهيب"، البالغ من العمر 13 عاماً، "نحن هنا نبيع المياه من أجل مساعدة أبي في مصروفات البيت. كنا ندرس قبل النزوح، لكن الآن نحن متوقفون منذ عام ونصف العام في انتظار ملفات الدراسة ليأتي بها أحد أقاربنا لنتمكن من الالتحاق ومواصلة الدراسة هنا في مأرب".

أما والدهما حسين أحمد، فيقول إن ظروف الحياة والنزوح قاسية وتستدعي التعاون لتجاوز المعاناة، مؤكداً أن "وهيب" و"رهيب" سيعودان إلى مقاعد الدراسة في بداية الفصل الدراسي الجديد.

قصور منظمات الإغاثة

يقول الناشط الحقوقي علي التام رئيس منظمة حماية للتوجه المدني، إن المنظمات الدولية تتحمل مسؤولية قانونية، فضلاً عن مسؤوليتها الأخلاقية تجاه الأطفال بشكل عام، وخصوصاً عمالة الأطفال التي لم تقدم المنظمات العاملة في المجال الإنساني أي إجراء يُذكر للحد منها أو معالجة أسبابها.

وأضاف، "نرى مستقبلاً صعباً يواجه الأطفال هنا، ونتمنى من الجهات المعنية أن تراجع حساباتها مع هذه المنظمات في بروتوكولاتها، وأن تعمل على تفعيل دورها للحد من ظاهرة عمالة الأطفال، ولو نسبياً".
وتكشف تقرير صحفي لقناة الجزيرة عمالة الأطفال ظاهرة منتشرة في الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل، وهي من الظواهر التي تسعى الأمم المتحدة لمكافحتها، وكان من أهداف التنمية المستدامة لعام 2015 القضاء عليها نهائيا.

حددت منظمة الأمم المتحدة يوم 12 يونيو/حزيران من كل عام ليكون اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، وفيه تقام فعاليات حول العالم بمشاركة الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، للتنبيه على ضرورة مكافحة الظاهرة، والتأكيد على إستراتيجيات العمل للقضاء عليها.

تعريف عمالة الأطفال
يقصد بعمالة الأطفال: التحاق الأطفال في كل أنحاء العالم بأعمال روتينية، سواء كانت شاقة أو مقدورا عليها، ولأسباب أبرزها الفقر والعوز، وتكون تلك الأعمال مقابل أجر حينا، وبلا أجر حينا، أو بحد أدنى من الرعاية يكفل لهم الحياة.

وقد لا تكون تلك الأعمال شاقة لكنها تدخل ضمن مفهوم عمالة الأطفال، كأن يكون الأطفال أضعف أو أصغر من أن يمارسوها، أو أن تعرضهم للخطر بشكل يؤثر على نموهم البدني والعقلي والاجتماعي.

ومن شأن هذه الظاهرة أن تفاقم الفقر والحرمان في المجتمعات التي تنتشر فيها. وخلال جائحة كوفيد-19، لوحظ أنها ازدادت بشكل واضح، بسبب الأزمات الاقتصادية في تلك الفترة.

وفي عام 2022، رفعت الأمم المتحدة شعار "الحماية الاجتماعية الشاملة لإنهاء عمالة الأطفال"، بعد أن استنزفت الأزمات الاقتصادية أنظمة الحماية الاجتماعية في الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل، مما جعل من الصعب تحييد الأطفال عن العمل.

ولا يتلقى أكثر من 26.4% من الأطفال في العالم مزايا نقدية للحماية الاجتماعية، ويبلغ إجمالي الإنفاق الوطني على حمايتهم 1.1% من الناتج المحلي في العالم كله.

وفي أفريقيا حيث تنتشر عمالة الأطفال، ينفق ما يعادل 0.4% من الناتج المحلي على الحماية الاجتماعية للطفل.

وتقول منظمة الأمم المتحدة "إن طفلا من بين أربعة أطفال (ممن تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و17 سنة) في البلدان الفقيرة، ملتحق بأعمال تعتبر مضرة بصحته ونموه".
أشكال عمالة الأطفال
ويحظر القانون الدولي ثلاثة أشكال من أنواع عمالة الأطفال، ويعد أسوأ أشكال عمل الأطفال ما يعرف دوليا بالاستعباد والاتجار بالبشر، أو العمل لسداد الدين وكل أنواع العمل الجبري، أو استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة.

ومن أسوأ مجالات عمل الأطفال: الدعارة والاستخدام الجنسي والإباحي بكافة أشكاله. ويعدّ الاستخدام الجنسي للأطفال والمتاجرة بهم ثالث أعلى الأعمال إدرارا للربح، بعد تجارتي الأسلحة والمخدرات.

والنوع الثاني من هذه الأعمال، ما يؤديه الأطفال دون الحد الأدنى من السن الطبيعية للعمل، إضافة إلى الأعمال التي من شأنها إعاقة تعليمهم أو تمام نموهم.

ثم النوع الثالث والأخير، وهو العمل الذي يهدد الصحة الجسدية والفكرية والمعنوية للأطفال، سواء كان ذلك بسبب طبيعة العمل أو البيئة والظروف التي يؤدى فيها، وهو ما يصطلح عليه بـ"العمل الخطر".

اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال
في عام 2002، اختارت منظمة العمل الدولية يوم 12 يونيو/حزيران من كل عام ليكون يوما عالميا لمكافحة عمل الأطفال، من أجل تسليط الضوء على هذه الظاهرة وبذل الجهود اللازمة للقضاء عليها، واتخاذ إجراءات فورية وفعالية لإنهائها.

ويجتمع يوم 12 يونيو/حزيران الحكومات وأرباب الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني لتحقيق أحد أبرز أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدت من قادة دول العالم عام 2015، لتجديد الالتزام بإنهاء عمالة الأطفال.

ويدعو الهدف 8.7 من أهداف التنمية المستدامة إلى "اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر، لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025".
ويناقش الخبراء في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال التقدم الذي أحرزته الهيئات التابعة لمنظمة العمل الدولية، فيما يخص السعي لتحقيق هذا الهدف.

وعُدّ الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال في 2023 لحظة زمنية لإثبات إمكانية التغيير، دعا فيها الملتزمون بإنهاء عمل الأطفال إلى أمرين رئيسين:

الأول: إعادة تنشيط العمل الدولي لتحقيق العدالة الاجتماعية، باعتبار إنهاء عمالة الأطفال من أهم عناصرها.
الثاني: التصديق العالمي على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 (اتفاقية بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام) التي صدرت عام 1919، والتصديق على اتفاقية المنظمة رقم 182 بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال، واتخاذ إجراءات فورية للقضاء عليها.
إحصاءات صادمة
وفي مطلع عام 2020، شارك طفل من بين 10 أطفال بعمر 5 سنوات فأكثر في عمالة الأطفال حول العالم، وهو ما يعادل إجمالا 160 مليون طفل، منهم 63 مليونا من الإناث، و97 مليونا من الذكور.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة، فإن عمالة الأطفال تنتشر في القارة الأفريقية أكثر من غيرها، إذ يصل عدد الأطفال العاملين فيها إلى 72 مليون طفل، تتبعها قارة آسيا والمحيط الهادي، بـ62 مليون طفل عامل.

ويتوزع 11 مليون طفل عامل بين الأميركيتين، وهو ما يعادل 5% من الأطفال. وفي أوروبا وآسيا الوسطى، يعمل 4% من الأطفال، ويبلغ عددهم 6 ملايين طفل.

وفي العالم العربي تصل نسبة عمالة الأطفال إلى 3%، وهو ما يعني أن مليوني طفل عربي منخرطين في الأعمال.

ورغم كون هذه الظاهرة من المفترض أن تبلغ أعلى نسبها في الدول المنخفضة الدخل، إلا أن نسبة الأطفال العاملين في الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض تصل إلى 9%، في حين تبلغ 7% في الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع.

وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن 84 مليون طفل (56% من جميع الأطفال العاملين) يعيشون في بلدان متوسطة الدخل، ويعيش مليونا طفل في البلدان ذات الدخل المرتفع.
وأعلنت منظمة العمل الدولية إحراز تقدم في الحد من عمالة الأطفال خلال العقدين ما بين عام 2000 وعام 2020، من نسبة 26.4% إلى 9.6%.

وتوقعت تقديرات تلك الإحصاءات أن ترتفع عمالة الأطفال بمقدار 8.9 ملايين طفل بحلول نهاية 2022، إذا لم تُتّبع إستراتيجيات للتخفيف منها.

عمالة الأطفال في المنطقة العربية
وفي العالم العربي، يعد طفل واحد من كل 35 طفلا منخرطا في عمالة الأطفال. وتتعدد أشكال عمالة الأطفال في العالم العربي تبعا لتنوع أسبابها في المنطقة.

وبحسب الحكومة المصرية، فإن عمالة الأطفال تتفشى في قطاعات معينة، منها أعمال المناجم والمحاجر وصناعة الطوب، وغيرها من أعمال البناء والزراعة، كما تتساهل الثقافة الشعبية في القاهرة وبعض مناطق الريف مع هذه الظاهرة.

وبحسب مسح مصري، فإن 9.3% من إجمالي الأطفال في مصر يعملون، وتعمل نسبة 82.2% منهم في ظروف سيئة وغير آمنة.

وفي اليمن، ارتبطت هذه الظاهرة بظروف الحرب خلال العقد الأخير، وما ترتب عليها من هجرة داخلية وتدهور في أوضاع الأسر اليمنية واستقرارها، مما دفعها لتشغيل أبنائها في الزراعة الريفية.

ونتاجا لذلك يعاني 192 ألف طفل يمني من العمى أو الربو، بسبب الأعمال الخطرة في القطاع الزراعي، وما فيه من استخدام للسموم والأسمدة والكيمياويات، كما تطورت عند الأطفال أمراض أخرى، مثل الالتهابات الجلدية والأمراض المعوية ونوبات الصرع والتهابات العيون.

وأشارت اليونيسيف إلى أن ثلث أطفال العراق تدفعهم ظروف مادية صعبة للعمل، بغرض مساعدة أسرهم ماديا، مما أدى إلى توسع نطاق عمالة الأطفال غير المنظمة، والتي تغيب عنها السيطرة والمراقبة من قبل الحكومة والنقابات.

وتنشط عمالة أطفال العراق في الأحياء الصناعية، وأنشطة جمع الخردوات من مكبات النفايات، مما يزيد المخاطر الصحية التي يتعرضون لها.

أما في لبنان، فساهمت حركة اللجوء إثر الحرب في سوريا في ازدياد عمالة الأطفال، إذ يعمل كثير من أطفال اللاجئين السوريين في قطاعات اقتصادية مختلفة في لبنان.

وفي العقد الأخير، ساهمت ظروف الحرب في بلدان عربية مختلفة إلى غياب الدور الرقابي في سوق العمل، وزيادة أعداد الأسر التي تشغل أطفالها لتأمين احتياجات أساسية، إضافة إلى نشاطات أكثر خطورة مثل تجنيد الأطفال وإشراكهم في النزاعات العسكرية

أظهرت تقارير حديثة صادرة عن منظمات حقوقية ودولية، عن زيادة هائلة في عمالة الأطفال في اليمن.

وتقول الأمم المتحدة إن الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من ثماني سنوات خلفت أكثر من 20 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة. أكثر من نصف هؤلاء هم من الأطفال.

وأضافت: كما أدت الأوبئة والأمراض التي كان ضمنها “كورونا” إلى تفاقم الوضع السيئ بالفعل، وترك الاقتصاد اليمني وأنظمة التعليم والرعاية الصحية هشة، وأدى انتشار البطالة والنزوح الداخلي وانعدام الأمن الغذائي وعدم القدرة على الوصول إلى المأوى والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم إلى إغراق المزيد من الأسر في أزمة.

ووفقا للأمم المتحدة: هناك أكثر من مليوني طفل خارج المدرسة حاليا، مما يزيد من خطر عمالة الأطفال وتجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، إن اليمن من البلدان التي لديها أعلى معدلات عمالة الأطفال، وهناك 23٪ من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما يعملون في مناطق القمامة الكبيرة لجمع المعادن والأشياء التي يمكن إعادة تدويرها “، بالإضافة إلى العمل في الزراعة وخدمات البناء وشريحة واسعة من أطفال اليمن يتسولون في الشوارع.

تجنيد الأطفال

تجنيد الأطفال في اليمن ظاهرة أخرى تصاعدت وتيرتها منذ اندلاع الحرب في البلاد وخاصة في صفوف جماعة الحوثي، حيث تشير تقارير حقوقية إلى أن الجماعة المسلحة جندت الآلاف من الأطفال وزجت بهم في محارق الموت بمختلف جبهات القتال.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 11 ألف طفل تعرضوا للقتل أو التشويه خلال الحرب، كما أن أكثر من 3995 طفلا تم تجنيدهم وأكثر من مليوني طفل في سن التعليم منقطعين عن الدراسة، وأن 2.2 مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد، وهي عوامل جعلت الأطفال أكثر عرضة للتجنيد الإجباري خلال سنوات الحرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل