الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جماعة فاس- سايس تختار ذروة حرارة غشت لتقليم الأشجار

ادريس الواغيش

2023 / 8 / 24
الادب والفن


بقلم: ادريس الواغيش
........
في غياب بنية تحتية تناسب حجمها الحضاري، لا عجب أن تتحول فاس من مدينة ضاربة في عمق التاريخ إلى بادية كبيرة، بدونتها بدأت منذ مدة، ولم تنته بعد، ولا زالت جارية على قدم وساق، ولا داعي إلى الدهشة، إن تحولت إلى بيداء كبرى، لا جنان فيها ولا أشجار أو خضرة.
لا عجب في زمن العجب، عملية التشجير فيها تتم بشكل بطيء، وما مات من أشجار لا يتم تعويضه، وما يغرسه المواطنون أمام منازلهم من ميزانياتهم، يأتي بعض أشباه المسؤولين، ويجهزون عليه في غفلة. هم لا يعرفون لسذاجتهم أن الشجرة نعمة، شكل من أشكال الحياة، ومصحة من دون أطباء. رغم ذلك، يعادونها دون موجب حق. كثير من المغاربة يختارون أن يصطفوا أعداء للبيئة، ويتركون لك أن تعد فوائدها ووظائفها، وكأنها لا تعنيهم، لأن فكر البدو الرحل في الصحراء لا زال يعشش في رؤوسهم، ولأن لاوعيهم يحن إلى السراب والتصحر، وإلى ظل الخيمة وحليب الناقة والماعز.
هم يعادون الشجرة وظلها، كما لو أنها تزاحمهم في لقمة عيشهم، ولا يكرهون اقتلاعها من الجذور لكي يرتاحوا، ثم يسارعون بعد ذلك إلى الاحتماء بها وبظلها دون حياء، كلما ارتفعت درجة حرارة أجسامهم أو داهمهم لهيب فصل الصيف.
الذي أعرفه، منذ صغري، أن عملية تقليم الأشجار عند الفلاحين والمزارعين لا تكون عشواية، وإنما تخضع لمعايير موضوعية، يختارون توقيتا ملائما ومواعيد دقيقة للقيام بالعملية، ولم تكن يوما بشكل عشوائي. الأكثرية من الفلاحين تفضل أن تكون العملية في أواخر فصل الخريف أو فصل الشتاء، لاعتبارات خاصة، فما بالك بالجهات المختصة بالتشجير من ذوي الاختصاص.
ولكن مصلحة التشجير بجماعة فاس- سايس كان لها رأي آخر، ارتأت أن يكون شهر غشت الحالي، حيث عرفت المدينة هذه السنة أعلى مستويات درجات الحرارة، اقتربت في أحيان كثيرة من الخمسين درجة، لكي تقوم بعملية تقليم الأشجار.
في عز هذا الصيف الذي نكتوي بحرارته، وحاجة الإنسان إلى الظل، وتزامنا مع إطلاق المغاربة هاشتاغ: "معا من أجل الشجرة"، يحمل عمال مصلحة التشجير في بلدية فاس- سايس، التي من المفروض فيها أن تكون هي الحامي الأول للشجرة، آلات التقطيع ومناشيرهم وشاحناتهم، ويسخرون المال العام من ميزانية الجماعة، ويحرمون شجرة نارنج من أغصانها وأوراقها بدعوى "مصلحة" الحي وجماليته، والحفاظ على"حق" الشجرة في الحياة، علما بأنهم لم يغرسوها، ولا يصلون إليها إلا مرة واحدة في السنة، لكي ينكلوا بها وبأغصانها..!!
ولكن لا عجب، الطيبون في الغرب المسيحي- الكافر يحبون الحياة، يغرسون الخضرة ويزرعون الجمال في كل مكان، ومتصحرو الفكر والعقل من الأعراب المسلمين في المغرب الحبيب يحاربون ما يغرسه الطيبون. ويبقى السؤال المعلق مطروحا: متى نصير شعبا يحترم حق الشجرة في الحياة؟، ونصبح بشرا مثل غيرنا من البشر، يعملون على زرع الجمال والخضرة في الكون، لا على إتلافها..؟
ويبقى آخر الكلام: "يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ".
.......
فاس: 22 غشت 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا