الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبو أمل: -الشيعيون- قادمون و العراقيون -الأشقاء- راحلون

مسار عبد المحسن راضي
(Massar Abdelmohsen Rady)

2023 / 8 / 25
السياسة والعلاقات الدولية


السياسي العراقي في تاريخ بلاده المُعاصر، غالباً ما اتخذ من الإيديولوجيات السائدة، ثياب رحلة بحريَّة. أبرزُ قطعة في هذا الدولاب العقائدي ذو المقابض البحريَّة، هو القميص "المْشَجَّر" بحسب اللفظ العراقي. التشجير في هذا القميص، هو كناية عن وجود جميع الأفكار.. قديمة و حديثة، بدون تمحيص الأولى و توطين الثانيَّة في بلاده.
رئيس الوزراء الأسبق، عادل عبد المهدي و كمثال، بدأ قومياً ثُمَّ انتصف شيوعياً لينتهي شيعياً. في محطة المنتصف و النهاية حَمَلَ الاسم الحركي "أبو أمل". عُهدة هذا الاسم تقعُ على صديقه الصحافي التركي جنكيز تشاندار.
هذا الروليت الإيديولوجي جَلَسَ على مقعده معظم السياسيين العراقيين. فاضل الربيعي فسَّر ادمان الجلوس فوقه، بأنه اختزال للصراع الشيعي و السُّني. الأول استخدم الشيوعية و الثاني استخدم القومية.
أبو أمل الماوي – نسبة إلى ماو تسي زيدونغ – نشر في الـ 12 من يوليو الماضي، بحثاً من سبعٍ و خمسين ورقة، يُدافع فيه عن النظام، مفاده أن الدولة و الحكومة بعد 2003، لم تتحوَّل الأولى فيها إلى طائفية، و لم تكُن الثانية بحكوماتها المتعاقبة لصوصيَّة و شوفينيَّة، إنَّما القاعدة حيث النظام و المجتمع.
لَعِبَ رئيس الحكومة الأسبق، دور فردٍ من الحرس القومي، لا لحماية الأمَّة العربيَّة كما فعل سابقاً، و إنَّما لحماية الأمَّة الإسلاميَّة التي يجب أن يرأسها أمير المؤمنين الشيعي، المُشكَّل من أحزابٍ طائفيَّة بحسب الحالة العراقيَّة. قسَّم العراقيين أيضاً، و الذين لم يعُد ممكناً اختزالهم بعد ثورة تشرين 2019 إلى سُّنة و شيعة، إلى صنفين.
الصنف الأول هم "الأصوليون"، المتطامنون مع تاريخهم و تراثهم و المتصدون للهيمنة العالمية. هم أيضاً يمتلكون روابط حقيقية مع المجتمع العراقي. باختصار وباستخدامٍ وصفٍ وظَّفتُه لبيان سبب نجاح الثورة الخُمينية في إيران "رقصوا في عُرس ابن الوزير و ساروا في جنازة ابن الغفير".
الصنف الثاني هم "أشباه التنويرين"/ أو "الأشقاء/ الأعداء"، المتوافقين مع الفكر الغربي و الذين يعملون كخَدَم للإمبريالية من حيثُ يشعرون أو لا يشعرون. هكذا فإنَّ الصنف الأول واقعي لكنه بدون برنامج، و الثاني لديه برنامج يشبهُ باروكة مُستعارة، حوَّل مجتمعه بسببها إلى مُختبرٍ لإجراء التجارب السياسيَّة.
استخدم أبو أمل أسلوب الكذبة الكُبرى..
لمُخاطبة من كان عمرُهم عشرة سنين في 2003. هو اعترف بأن كلامه موجَّه لأُذني هذا الجيل الذي لم يمتلك بعد القُدرة على إجراء حفريات معرفيَّة. سببُ اختيار هذه الفئة العمرية، لإسماعِها الكذبة الكُبرى، يستطيعُ عالم السياسة الأمريكي جوزيف فرانكل، توضيحهُ لنا فهي إن " رددت ترديداً كافياً فسوف تُصدِّقُها الجماهير تصديقاً جُزئياً على الأقل إذ أن أكثر الناس يفتقرون إلى سعة الأفق اللازمة لإدراك أن ترديد تصريحات ما لا يعني صحتها. و فرض رِقابة على مصادر الإعلام الأُخرى أمر ضروري لنجاح هذه التقنية".
الرئيس الأسبق أبو أمل، لم يجِد حرجاً في استخدام الكَذِب السياسي لنفي وجود مجتمع عراقي. هذه اللفظة "المجتمع" رغم إنها اصطلاحٌ غربي بحسب تحليله، هي غير متوفِّرة في العراق الذي يشترك أفراده في حالة "اجتماع" بحسب تعبيره. هم بذلك مجموعات بشرية صلدة، لم تسطع تجربة الدولة الوطنية/ القومية الاصطناعية أن تحفِر فيها شعوراً وطنياً.
هدفُ البحث السياسي لأبو أمل، و المكتوب بأخلاقٍ سياسيَّة فاضِحة، كان دفن كارثة العشرين عاماً بعد 2003 بالتبريرات، و التي سيطرت عليها شخصيات "أصولية" وصولية هو من قشدتِها، و تسويق النظام و شخصه هو تحديداً من جديد، بعد الحصول على كامل الرضى الأمريكي، و الذي ظهر في البيان المشترك بين بغداد و واشنطن، في الثامن من أوغست فيما يخص حوار التعاون الأمني بينهما.
سرَّب أبو أمل بدوره، و عبر تصويره العراق و لحين 2003، كبلدٍ بلا مؤسسات دولة ولا مقومات هوية وطنية، إلى "التنويريين الأعداء" و "أشباه الأشقاء"، إن الحكومة القادمة ستكون حكومة أغلبية شيعية، بعد أن أعطى المكوِّن الأكبر فُرصة عشرين عاماً لبقيَّة المكوِّنات العراقيَّة؛ كي تعرف حجمها وما تستطيع الحصول عليه!
الحقيقة الأساسية في التاريخ العراقي، و التي نالت استحسانه، كانت الإشارة إلى الحدود الطويلة بين العراق و إيران، و روابط المذهب. نسي هذا "المْشَجَّر" السياسي، إنَّ المُرشد الإيراني الأول، و قبل موته "أعطى الحق للدولة بتعطيل حدود الشرع من أجل المصلحة العامة" لا المذهب فقط، بحسب سامي زبيدة.
أهم ما كان يسعى إليه أبو أمل الماوي، و المؤمن بفكرة العُصب المُسلَّحة، في فلسفة الكفاح الثوري الصيني، كان الإعلان عن اتساع عباءته، لاستقبال الفصائل الولائية الغير مقبول بها من قبل الأحزاب الشيعيَّة الأُخرى. هو سيحقق بذلك فائدتين، منها التعويض عن عدم امتلاكه قاعدة جماهيرية لدى "الأشقاء/ الأعداء"، و الثاني تسويق نفسه دولياً كواحد من صُنَّاع الاستقرار، عن طريق ضبط الإيقاع "الأصولي" لهذه الفصائل الولائية.
السيد عادل عبد المهدي، استعان أيضاً بأرقام من "الإحصاءات الرسمية العراقية وبيانات أُممية و تقارير دولية" لكي يُبيَّن بأن أشباه التنويريين و الأشقاء الأعداء، ينطلقون من أحكام مُسبقة، تُعمي أعينهم عن رؤية النجاحات التي تحققت. منها إنَّ أعداد النخيل في العراق، زادت بعد 2003 من 12-20 مليون نخلة. هذا التصوّر الطفولي المنفصل عن وقائع الأشياء، و الذي جعله في رقبة بيانات رسمية غير موجودة، يجعلك تعرف أنك أمام بيان سياسي لا بحثٍ علمي، زَعَمَ بأنَّه سيكون جزءً من كتاب يقوم بتأليفه.
أهم النجاحات التي حققتها تجربة العراق السياسية بعد 2003، كانت زيادة أعداد الشعب العراقي من 23 مليون إلى 42 مليون بحسب أبو أمل، و بالتالي زيادة نسبة الشباب الذين و بحكم أعمارهم لديهم أُذنين مُرهفتين لسماع كل تفسيرات الهُراء و الكذب و الطائفية كعلاجٍ وحيد لالتهاب الوعي السياسي العراقي منذُ 2019.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي