الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( 4 ) وسائل التواصل الاجتماعي و مزدوجية وجه الحقيقة أ - مقدمة الاحلال لوسائل التعبير الاجتماعي

أمين أحمد ثابت

2023 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


بافتراض تقريبي ظني . . أن الانترنيت غزى المنطقة العربية ومنها تحديدا اليمن خلال نهايات العقد التسعيني من القرن الماضي والسنوات الأولى الخمس من العقد الأول للقرن الحالي ، بدءا من الشركات التجارية الكبرى عبر موظف اختصاصي او اكثر للواحدة منها ، ومن ثم في بعض الجامعات والمعاهد العليا للبحوث ، عبر دائرة وظيفية لخدمة النت المقدمة لطلبة الدراسات العليا والباحثين من حملة الشهادات العليا ، حيث تعتمد التسجيل في طابور من المتقدمين مع تحديد ما يطلبه الواحد من المواضيع او الاطاريح او الدراسات او الكتب المرجعية او المصدرية واخذ موعد العودة لاستلامها ، وبعدها عممت غرفة او صالة انترنيت تابعة للمكتبات المركزية للجامعات والمعاهد . . خصصت لطلبة الدراسات العليا والأساتذة والباحثين المختصين ، لتفتح بعدها لعموم الدارسين مع فتح محلات قطاع خاص للأنترنيت ، ابتدأت بتقديم خدمات للباحثين ومن ثم تحولت خدمة عامة مفتوحة لعموم الناس في التعامل الفردي مع الانترنيت – ويبدو ( ظنا ) أن ترافق ذلك التحول الأخير مسالة ربط خدمة الانترنيت – عامة لمن يريد – مع اتصالات الهاتف الحكومي وثم دخول القطاع الخاص في تقديم هذه الخدمة الى المنازل للنخب مع نهايات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، ومن ثم نما الغزو بشكل مطرد لتعم خدمة الانترنيت مختلف فئات المجتمع – نخبة وعامة ، ومختلف الاعمار ونوعي الجنس – بعد ربطها بالتلفون النقال ، ومن بعد 2010م شاعت معرفة التعامل شعبيا مع النت ، ومع نهاية النصف الأول من العقد الثاني بدات موجات التعامل ( النخبوي أولا ومن ثم العامة ) بالولوج فيما يعرف بوسائل التواصل الاجتماعي الفضائي المحلي والخارجي ، لتذهب نحو الصدارة لمستخدمي النت من اليمنيين والعرب و . . ذلك بتزايد عاصف اجتماعيا من بعد 2015م ، لكونها تلبي الغايات المتنوعة والمختلفة للأشخاص ، كوسيلة تواصل بين الأصدقاء ، والتعارف ، والهوايات ، والامزجة . . الخ بدلا ان كان النت محدودا بمنفعة المعرفة والمعلومة ، لتصبح وسائل الاتصال الاجتماعي ( عبر النت ) بعدها الى اليوم تذهب ابعد من مسألتي ( المنفعة والمتعة ) ، لتكون صفحة او صدى فضائيا يمارس فيه الفرد – كل واحد – ما يريد التعبير عنه بحرية شخصية ( غير مقيدة ) ، وبلغته او لهجته واسلوبه الشخصي غير الملزم بقواعد للنشر ، لتكتمل حرية التعبير للفرد بتوسع المساحات المجالية ، أي من الكتابة الى الصورة والصوت والفيديو ، لتنتقل تطورا من التسجيل المبق ثم التحميل للنشر الى النشر المباشر .
وإلحاقا بما سبق ، يمكننا القول – فيما يخص اليمن – بأن حرية التعبير الممارسة كتابة – أي الورقية الصحف والمجلات – قد دخلت مرحلة الاحتضار بعد حرب 1994م. ، حيث منعت الصحف والمجلات اليسارية والمستقلة النقدية والابداعية ، ومثل ما احتكر الحكم لسلطة الشمال سابقا والهيمنة المطلقة على الدولة ، جرى احتواء ذات السلطة عبر حزبها الحاكم وجهازها الأمني للاتحادات والنقابات والمراكز ( الاجتماعية غير الحكومية ) وجعلها تابعة لها ومشيئتها ، حيث قيدت المجلات والنشرات الصادرة عنها من حيث المحتوى والاسماء ، مما افرغت من الكتابات الحرة والشجاعة ، واستبعاد اؤلئك غير التابعين وغير الانتهازيين من نشر آرائهم وافكارهم وابداعاتهم من كامل الصحف والمجلات ، لتتلاشى اخر الصحف الاهلية المستقلة وتنتهي تلك المجلات ( الشكلية ) لتفرد فقط الرسمية والمفرخة بمسميات أهلية ، وترافق ذلك بايصال تلك المؤسسات الاجتماعية المبتلعة الى أن تدخل في وضع تكلس صوري ومن ثم الموت شبه السريري وانحصار كل منها بمسماها واختزالها بشخص الى ثلاثة لنهب المقدرات والظهور قولا او بيانا وفق ما يوجه لهم قوله او إعلانه ، زمن بعد 2011م. انتهت كلها لتفرخ بعدها موهمات ( منظمات المجتمع المدني ) المعممة للانتهازية الطفيلية كواجهة خداعية اشيع تداولها – بتكريس امريكي – غربي أوروبي – بمسمى ( انوية المجتمع المدني ) – ومن هنا ، كان لتلاشي المصادر الحاملة للتعبير عن حرية الرأي والابداع المتحرر ، عم المجتمع حالة فقد معرفي تفاعلي بجمود وعيي وثقافي ، لا يجد المفكر والمثقف والاكاديمي لطرح فكره او نشر رؤيته ، وبالمقابل اصبح أناس المجتمع ( المتلقين ) يفتقرون مطلقا لمصادر المعرفة المحلية العامة غير الرسمية ، وافتقار في الحصول على معرفة لفكر ( وطني ) نوعي يبصرهم لفهم واقعهم وحياتهم دون الزيف المسوق ، لتثخن الحالة المجتمعية روحيا بحالة من ( الذهان ) ، ما جعل النت يحل تدريجيا محل مصادر الثقافة – الخاصة والعامة – ليصل تطور هذا المنتج العصري ليكون فضاء مفتوحا للنشر لكل فرد كان ، حيث تمارس حرية التعبير والرأي دون حدود او قيود مانعة لها تشريعية او اجتماعية او مؤسسية – وهو ما علمت به ما تعرف ب ( وسائل التواصل الاجتماعي ) ، التي تعدت جماهيريا حتى الاعلام الفضائي ، ومثل سحرها ان المتفاعل معها لا يكون متلقيا فقط بل انه معطيا بنفس الوقت ، يمارس حريته في التعبير وطرح الرأي والفكر وما يؤمن به او يعتقد به او حتى عرض المشاعر والتنفيس او ممارسة التعبير عن المزاج الشخصي او الرغبات او أي شيء حتى ما يخطر عنده في نفس اللحظة ويرغب كشفها ومشاركتها مع الاخرين ، بوصول من ممارسة الحرية بسقوط لكل من الرقيب ( الخارجي والداخلي ) الذي علم بنا واقعا نحن العرب طوال القرن العشرين الماضي – تلاشي ليس فقط عند الندرة الحرة من افراد النخب ، بل وصل ليعمل كل انسان من المجتمع . . حتى الاميين وصغار السن وكلا الجنسين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إسرائيلي: حماس -تعرقل- التوصل لاتفاق تهدئة في غزة


.. كيف يمكن تفسير إمكانية تخلي الدوحة عن قيادات حركة حماس في ال




.. حماس: الاحتلال يعرقل التوصل إلى اتفاق بإصراره على استمرار ال


.. النيجر تقترب عسكريا من روسيا وتطلب من القوات الأمريكية مغادر




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال لمسجد نوح في