الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمبراطورية استعمارية و رأسمالية فرنسية؛ قصة فك ارتباط. (1)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 8 / 25
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


على سبيل التقديم:

ليس من الضروري أن يكون المرء من رجال الاقتصاد حتى يعلم أن عالمنا يتوزع بين بلدان "متقدمة" و أخرى "نامية" و أن كلا الفريقين منخرطان جميعا رغم التفاوت الحاصل، في شبكة عالمية من العلاقات التجارية العالمية.. الأمر الذي يحول بيننا و بين النظر إلى كل واحدة على حدة، أي متجردة من هذه العلاقات.
إن موضوع التراكم على الصعيد العالمي و أطروحة التطور اللامتكافئ تتضمنا تحليل مجمل هذه العلاقات من حيث طابعها الأساسي وبديهي أن تكون هذه المشكلة الجوهرية بالنسبة لفهم عالمنا المعاصر مشكلة معقدة، فضلا على أن ميدانها من الاتساع بحيث أن التداخلات ين العلاقات الدولية و البنى الداخلية هي تداخلات حاسمة التأثير المتبادل في كثير من الأحيان.
و إذا كانت البداية الأولى لتناول نظرية الامبريالية قد عرفت صياغتها في الطرح الماركسي من خلال كتاب " رأس المال" فإنها ستحرز تقدما ملحوظا مع لينين في كتابه" الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية".
و هكذا فمنذ نهاية الستينيات من القرن الماضي انفتح حوار واسع حول آليات عمل الامبريالية و ميكانيزمات ظاهرة التخلف، ستتوج بكتاب سمير أمين " التراكم على الصعيد العالمي – نقد نظرية التخلف-" الذي حاول فيه تعميق نظرية الامبريالية على الصعيد العالمي؛ فخلص إلى أن النظام الرأسمالي المركزي الأوربي يلقي على المحيط القيام بوظائف خاصة، في جوهرها تبادل غير متكافئ و تطور للتخلف في الأطراف من جهة و إغناء و تنمية للمركز من جهة أخرى.
لكن الأمور تجاوزت هذا المعطى؛ و بدأت تتردد أصداء لنداءات من قلب الأنظمة الرأسمالية معلنة أن الامبريالية كانت تصرفا غير عقلاني في تطور الرأسمالية مما كبح دينامكيتها في التجديد و المواكبة. كل هذه أسباب كانت مدعاة لتشجيعنا على قراءة كتاب جاك مارساي (JACQUES MARSEILLE: Empire colonial et capitalisme français. Histoire d’un divorce) و الخوض في مضامينه؛ مع لعلم أن معانقة الواقع لا تفسر باعتماد المعرفة بل بنقد الإيديولوجية التي تخفيه.

مدخل:

يطرح الفعل الاستعماري؛ كاستجابة لتحولات نمط الإنتاج الرأسمالي في أعلى مراحله جملة استفهامات. ما زالت الدول التي عاشت مرارة تجربته تعانقها باستمرار.
لكن الأمر تجاوز هذا الحد؛ عندما ارتفعت أصوات من داخل الأنظمة الرأسمالية معلنة أن الامبريالية كانت سوء تقدير للأمور في تطور الرأسمالية. فقد كبح الاستعمار و عطل فيها ذلك التثوير الذي لا يتوقف في الجهاز الإنتاجي و جعله يفقد دينامكية التكيف مع متطلبات النمو المتواصل.
و في إطار عملية المراجعة و التقويم هاته يأتي الكتاب الذي هو محط قراءتنا لمؤلفه جاك مارساي؛ بالإمكان ترجمة عنوانه على النحو التالي: إمبراطورية استعمارية و رأسمالية فرنسية؛ قصة فك ارتباط.
صدر الكتاب في طبعته الأولى عن دار نشر"ألبان ميشيل" (ALBIN MICHEL). سنة 1984 ضمن مجموعة "بوان"(COLLECTION POINTS): سلسلة تاريخ(SERIE HISTOIRE) تحت رقم:126.
صمم غلافه من لوحة تحمل عنوان: العلم الفرنسي بعين صالح(Le drapeau français à IN SALAH) (Archives DT).
تجسد هذه اللوحة تحية للعلم الفرنسي و هو يصعد؛ تحلقت حوله فرقة جنود فرنسيين واقفين في تحية عسكرية . أحاط بهم فرسان جزائريون يركبون جيادا رافعين سيوفا إلى أعلى كدلالة عن التحية، كل هذا مصاغ في شكل دائري منسجم و معبر عن وحدة و تناغم. فهل هي وحدة التنافر أم رغبة التعايش؟
إن صيغة العنوان تكشف عن وحدة ملغومة. توضحها بالملموس كلمتا "إمبراطورية" و "رأسمالية" اللتين جاءتا نكرتين.
ثنائية العنوان و تقديم "الإمبراطورية" عن "الرأسمالية" تحمل أكثر من دلالة تعطي انطباعا عاما على مضمون الكتاب، إذ بإمكانها كشف النقاب عن الثقل و الوزن الذي مثلته المستعمرات كمجال في حركية الرأسمالية الفرنسية و تطورها.
فما هي تجليات هذا التفاعل القائم حيال مخاض فك الارتباط؟
يأتي كتاب جاك مارساي في حوالي 459 صفحة من القطع المتوسط يتضمن ثلاثة أقسام جاءت كالتالي:

*القسم الأول: أوهام و حقائق الحصيلة الاستعمارية: يتوزع على خمسة فصول و خاتمة.

1- إشكالية الامبريالية: نظريات متعارضة و أسس تجريبية هشة.
2- الإمبراطورية حقل مفضل للتجارة الخارجية الفرنسية.
3- تجارة استعمارية و تطور بنية الرأسمالية الفرنسية.
4- الإمبراطورية: حقل مفضل لتصدير الرساميل الفرنسية.
5- أوهام الاستثمار الاستعماري و حقائقه.

*القسم الثاني: " توسع من جديد" أم حمائية: يشمل ستة فصول تتبع في الترتيب القسم السابق مع مخل و خاتمة.
6- أزمة 1929 بفرنسا: رهان التوسع من جديد.
7- إستراتيجية " الاكتفاء الذاتي" : احتكار و سخاء.
8- انضمام خاضع لإستراتيجية " الاكتفاء الذاتي": الاستعماريون.
9- الإستراتيجية الليبرالية.
10- إستراتيجية توقعية: تصنيع المستعمرات.
11- خضوع للوضع الراهن.

*القسم الثالث: بحثا عن الدولة: يشمل أربعة فصول تتلو هي الأخرى فصول القسمين السابقين في الترتيب و مدخل لهذا القسم:
12- منعرجات "قانون عادي": قانون حول النباتات الزيتية ل 6 غشت 1933.
13- الهيئة السياسية: هيئة شاقة.
14- الهيئة السياسية: هيئة مترددة.
15- نحو التحرر.

هذا فضلا عن حضور مقدمة الكتاب و خاتمة عامة إلى جانب تنبيه و لائحة المختصرات التي جاءت كدليل قبل المقدمة. بعد المحتوى نجد الهوامش و لائحة المصادر و المراجع ثم ملحق و تذييل و تبث بأسماء الأشخاص الذين أتى المؤلف على ذكرهم في غضون كتابه ثم ثبت جغرافي . لنحال أخيرا على فهرس مواد الكتاب.
و قبل المضي في عرض مضمون الكتاب نرى من الضروري التعريج على أهم المحطات العلمية في حياة الباحث جاك مارساي:
لا ندعي بهذا الصدد أننا على اطلاع يسمح بذلك لكن سنحاول أن نستقرئ ما تعذر من خلال عرض المقالات الواردة في لائحة المصادر و المراجع في كتابه؛ و في ما يلي قائمة بعناوينها.
• JACQUES MARSEILLE: L’investissement Français dans l’empire colonial. L’enquête du gouvernement de VICHY (1943). Revue historique N°512. Octobre – Décembre 1974.
• JACQUES MARSEILLE: L’industrie cotonnière Français et L impérialisme colonial. Revue d’histoire économique et sociale, 53° Volume 1975 N°2-3
• JACQUES MARSEILLE: La conférence des gouverneurs généraux des colonies (Novembre 1936). Le mouvement sociale N°101. Octobre – Décembre 1977.
• JACQUES MARSEILLE: Les origines "inopportunes" de la crise de 1929 en France. Revue économique et sociale, N°4, Juillet 1980.
• JACQUES MARSEILLE: L’industrialisation des colonies : affaiblissement ou renforcement de la puissance Française? R.F.H.O.M, N°254.1982.
• JACQUES MARSEILLE: L’investissement public en Algérie de 1945 à 1960 :vecteur de L impérialisme ou avatar de la domination --dir--ecte? Colloque Banque et Investissement dans les payés méditerranéens à l’époque contemporaine, Marseille, Février 1982.
• JACQUES MARSEILLE: L’investissement Français dans l’empire colonial: Mythes et Réalités. Dans entreprise et entrepreneurs en Afrique XIX –XX siècle. L’harmattan. 1983.

إن نظرة فاحصة و متأنية في عناوين هذه المقالات و تواريخ نشرها تبرز مدى ارتباطها الوثيق بمواد الكتاب؛ كما تمت بأكثر من صلة إلى مادته الأساسية. فانشغال جاك مارساي بمسالة حقيقة الامبريالية الاستعمارية الفرنسية و استراتيجيات أوساط الأعمال و طبيعة علاقاتها بالسلطات العمومية سيعرف انطلاقته مع السبعينيات، و هذا ما سنجده معلنا عنده بالحرف في مقدمة كتابه: « ففي بداية سنوات السبعينيات بالضبط شرعت في تقدير ما إذا كان لفرنسا مصلحة أم ضرر في الاستعمار » لينتهي إلى كتابه هذا في أواسط الثمانينيات.
هذا الكتاب أصله أطروحة دكتوراه الدولة؛ دافع عنها الباحث بجامعة باريس الأولى - السوربون (SORBONNE)؛ بتاريخ 5 ماي 1984. تصرف فيها المؤلف و ذلك نزولا عند متطلبات النشر، فحذف عددا من الجداول الإحصائية و الاستشهاد و الملاحظات الهامشية؛ و لن يكون هذا على حساب المهم كما وضح في التنبيه ؛ و يحيل المتخصصين و محبي الاطلاع على المكتبة الجامعية للسوربون لمراجعة النص الأصلي و مجلد الملاحق الإحصائية الذي يقع في 283 صفحة.
بهذه الملاحظة و الإشارة الخاطفة إلى هيكلة الكتاب نكون قد فتحنا بابه عل مصراعيه؛ فماذا عن مضمونه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل بنود العرض الإسرائيلي المقدم لحماس من أجل وقف إطلاق ا


.. أمريكا وفرنسا تبحثان عن مدخل جديد لإفريقيا عبر ليبيا لطرد ال




.. طالب أمريكي: مستمرون في حراكنا الداعم لفلسطين حتى تحقيق جميع


.. شاهد | روسيا تنظم معرضا لا?ليات غربية استولى عليها الجيش في




.. متظاهرون بجامعة كاليفورنيا يغلقون الطريق أمام عناصر الشرطة