الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نحن مغفلون ؟ !

عمرو إمام عمر

2023 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


خلال السنوات الماضية تعرض كوكب الأرض إلى وباء غريب لا احد يعرف أسبابه ، اطلقوا عليه ”كوفيد“ ، خلال فترة الوباء ، تذكر لنا بيانات المؤسسات المالية العالمية أن أغنى عشرة أشخاص ضاعفوا ثروتهم ، بينما فى المقابل 99% من سكان هذا الكوكب المتعوس انخفضت دخولهم بحجم قدرته المؤسسات الدولية بـ 700 مليار دولار ، التى تحولت إلى خزائن هؤلاء العشرة الكبار لتصل إلى 1.5 تريليون دولار خلال العامين الأوائل من عمر الوباء ، أى انهم خلال عامين كان كل منهم يحقق 1.3 مليار دولار يوميا ، أى حوالى 15 ألف دولار فى الثانية الواحدة ، هؤلاء العشرة يملكون أكثر مما يملكه أفقر 4 مليار إنسان على ظهر الكوكب ؛ لا أحد ينكر مدى الكارثة التى تسبب فيها هذا الوباء ، فقد خسر ملايين العاملين وظائفهم بدون أى سابق إنذار ، الغالبية العظمى من سكان هذا الكوكب تأثروا بأشكال مختلفة بسبب هذا الوباء و بسبب الأزمة الاقتصادية المواكبة له ، فى المقابل عدد قليل من الأشخاص اللذين يتمتعون بقوة و سلطة لا يمكن فهمها ، استطاعوا الاستفادة من فوضى الوباء لاكتناز مليارات الدولارات ، التى كان من الممكن أن تغير حياة البشر على ظهر هذا الكوكب ، لا تجذع عزيزى المغفل ، فـ 1.5 تريليون دولار يمكن أن يقضوا على الفقر فى العالم كله …

هل تعلم عزيزى المغفل أن هؤلاء العشرة لو خسروا 99.99% من ثروتهم اليوم سيظلون أغنى من 99% من سكان كوكب الأرض ، إن ما أظهره هذا الوباء المخيف مدى الغفلة التى نحن نعيش فيها ، أن هذا النظام الذى يعمل على تركيز الثروة فى يد حفنة صغيرة من الناس ، و فى المقابل يعانى مليارات البشر من الفقر و المرض و الجوع ليس بنظام ، بل هى عملية خطف و سرقة تحدث فى كل لحظة من حياتنا يجب الخلاص منها ، و لقد عرف بعض البشر مدى الكارثة التى نعيش فيها و حاولوا تحذيرنا ، ففى سنة 1949 كتب البرت آينشتين مقالة نشرت فى مجلة Monthly Review بعنوان ”لماذا الاشتراكية ؟“ فى عددها الافتتاحى قائلا : ”يميل رأس المال الخاص إلى أن يصبح مركّزاً فى أيدى قلة ، و يرجع ذلك جزئياً إلى المنافسة بين الرأسماليين ، و على الجانب الآخر التطور التكنولوجى و التقسيم المتزايد للعمل يشجعان على تكوين وحدات إنتاج أكبر على حساب الوحدات الأصغر ؛ و نتيجة لهذه التطورات هى حكم الأقلية لرأس المال الخاص الذى لا يمكن لجم قوته الهائلة بشكل فعال حتى من قبل مجتمع سياسى منظم ديمقراطياً ...“

و قال أيضا ”… أنا مقتنع بأن هناك طريقة واحدة فقط للقضاء على هذه الشرور الجسيمة ، أى من خلال إنشاء اقتصاد اشتراكى مصحوب بنظام تعليمى موجه نحو أهداف اجتماعية ، فى مثل هذا الاقتصاد ، يمتلك المجتمع نفسه وسائل الإنتاج و يتم استخدامها بطريقة مخططة ، إن الاقتصاد المخطط الذى يكيّف الإنتاج مع احتياجات المجتمع ، من شأنه أن يوزع العمل الذى يتعين القيام به بين جميع القادرين على العمل ويضمن سبل العيش لكل رجل و امرأة و طفل ؛ إن تعليم الفرد ، بالإضافة إلى تعزيز قدراته الفطرية ، سيطور فيه إحساساً بالمسؤولية تجاه زملائه بدلاً من تمجيد القوة و النجاح الفردانية المنتشرة فى مجتمعنا الحالى …“
أننا اليوم نعيش حقبة زمنية يمكننا بسهولة أن نطلق عليها ”مجتمع المغفلين“ ، نعيش على كوكب ينتج ما يكفى و يزيد عن حاجة سكانه ، لكن للأسف أغلبهم فى فقر و مرض و جهل و فى حالة من التغيب المستمر ، و فى المقابل 45% مما ينتجه هذا الكوكب يدخل خزائن شريحة صغيرة لا تمثل حتى 1% من سكانه ، أصحاب رؤس الأموال يربحون 350 ضعف ما يربحه العاملين فى تلك الشركات ، و الغريب أن أجور هؤلاء العاملين باتت أقل مما كانت عليه من 50 عاما عندما نحسب معدلات التضخم السنوية ، الحقيقة التى لا يقولها لك مجموعات المخادعين اللذين يملؤون شبكات التواصل الاجتماعى بالإعلانات و تستقبلهم شاشات التلفزيون يوميا يتحدثون عن ما يطلقوا عليه ”التنمية البشرية و تطوير الذات“ ، ما هو إلا جزء من الخدعة الكبيرة التى تنسج خيوطها طبقة رأس المال ، لتبقى مغيبا و مغفلا ، فلا أحد يعمل 350 مرة ضعف أى شخص آخر ليحقق تلك الأرباح …

أكاذيب ليبرالية
على الجانب الآخر يخرج علينا من يطلقون على أنفسهم ”ليبراليون“ ، تسمعهم دائما يتحدثون عن الديمقراطية ، فهم يختزلون كل شىء فى تلك الكلمة الغامضة ، كأنها تعويذة سحرية فور أطلاقها ستحل كل المشكلات التى نعانى منها ، و عندما تحاول معرفة ما هى الحلول المطروحة للأزمة الاقتصادية و التنمية و العدالة الاجتماعية ، لا ترى منهم إجابات واضحة ، فقط ثرثرات عن الترتيبات المؤسسية و حرية الفرد ، و ضمانها فى الإطار القانونى ، و الالتزامات التعاقدية ، و حرية السوق ، و بالتأكيد حرمة المساس بالملكية الفردية ، لكن لا يوجد أى آلية واضحة لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية ، فهذا المبدأ غائب تماما أمام الحرية الفردية ، و حرية السوق و اكتناز الثروة على حساب الآخرين ...
سأضرب لكم مثالا صغيرا فى دولة عظمى كبيرة هى الولايات المتحدة ، زعيمة العالم الحر ، قبلة الرأسمالية ، هل تعلم إن 28 مليون أمريكى لا يحصلون على أجازات ، هذا لأنهم يعملون فى أكثر من وظيفة فى نفس الوقت حتى يستطيعوا تغطية مصاريفهم الأساسية ، على الرغم انهم لا يحصلون على أجور كافية بل يعملون على إثراء من هم على قمة الهرم الاجتماعى طبقة ألـ 1% ، و من الغريب إننا فعليا نعيش فى أكثر فترات التاريخ إنتاجا نظرا للتطور التكنولوجى الكبير الذى وصل إليه الجنس البشرى ، فمن المفترض أن يعمل الناس أقل و أن يحصلوا على أجور اكثر ، لكن الواقع عكس المأمول ، هذا هو ما نجنيه من هذا النموذج الاقتصادى العبثى المسمى بالرأسمالية …

عزيزى القارئ هل علمت الآن ”لماذا نحن مغفلون ؟ !“








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اننا واعون والبعض مغفلون
منير كريم ( 2023 / 8 / 25 - 12:25 )
السيد عمر امام عمر
من اين اتت هذه المنجزات الحضارية الحديثة في العلوم والتكنلوجيا والطب ؟
انها انتجت في البلدان الديمقراطية الليبرالية
لماذا لاتنتج البلدان الدكتاتورية الشمولية اية اكتشافات حضارية ذات شان ؟
ابدأ من هذه النقطة وستكتشف من هم المغفلون ؟
المغفلون من صدقوا فكرة خاطئة طبقت بكل القارات ولمدة اكثر من مئة عام وفشلت كارثيا
هذه الفكرة هي الشيوعية(الماركسية) ه
وماذا تسمي من هو لم يزل يؤمن بهذه الفكرة الفاشلة؟
انه سوبر مغفل
كلامي عام وليس شخصيا
شكرا لك


2 - الليبرالية و الرأسمالية القذرة (1)
عمرو إمام عمر ( 2023 / 8 / 25 - 21:32 )
الرأسمالية لم تكن هى سبب التقدم الحضارى ، فالإنسان يخترع ما يحتاج ، و التقدم العلمى لا علاقة له بالرأسمالية فكل المخترعات الحديثة التى تراها هى نتاج للتقدم الحضارى فى المجتمعات سواء كانت الرأسمالية موجودة أو لا ، فالتقدم سيستمر و العلم سيتقدم و ستظهر المخترعات ، و من قال لك إن الدول الرأسمالية دول ديمقراطية ، للأسف انت تثبت غفلتك ، فتاريخياًَ و هذا رأى المنظرين و المفكرين حتى فى العالم الرأسمالى إن الديمقراطية لم تكن موجودة و لا هى موجودة بشكلها الحقيقى فى الوقت الحالى ، فقط ما تراه ما هو إلا سيرك ، فالديمقراطية الحقيقية هى مشاركة الشعب فى القرار السياسى ، و كيف يشارك شعب فى أى قرار و هو لا يملك حرية الاختيار التى هى مرهونة ، فكما شرحت فى المقال ، و كما أوضح آلبرت آينشتين إن الرأسمالية بطبيعتها الاحتكارية ، بتصبح اكثر افتراساً و خذت ما رأيناه فى السبعين عاماً الأخيرة ، فمه تركيز الثروة فى يد حفنة قليلة تتركز أيضا القوة و السلطة السياسية و تصبح ما تدعوه ديمقراطية ليس أكثر من وهم بغيض (يتبع)


3 - الليبرالية و الرأسمالية القذرة (2)
عمرو إمام عمر ( 2023 / 8 / 25 - 21:32 )
فتلك الحفنة الصغيرة تتحكم فى كل شىء ، السياسة ، الإعلام ، الثقافة ، الفن ، حتى الرياضة أصبحت سلعة ، و جزء من عملية صناعة الوهم التى تجيده الرأسمالية ، فكيف أذا للاعب كرة مثلا يقبض فى الثانية الواحدة بقدر ما يجنيه عامل فى شهر واحد … ماذا ينتج هذا اللاعب ؟ ! ، ماذا يقدم للبشرية حتى يجنى كل تلك الأموال ؟ ! ، و السؤال الآخر من أين تأتى تلك الأموال ، للأسف الشديد تأتى من نفس هؤلاء المخدوعين ، فالشراكات الراعية للمباريات الرياضية و اللاعبين تُحمّل ما تدفعه لهؤلاء العاطلين من الرياضيين على سعر أى سلعة تطرحها فى الأسواق ، ليدفع هؤلاء الفقراء المغفلين ما يجنيه هذا العاطل الرياضى ، أى نظام هذا الذى يعطى للعاطل و يأخذ من المنتج !!


4 - الليبرالية و الرأسمالية القذرة (3)
عمرو إمام عمر ( 2023 / 8 / 25 - 21:36 )
ثم نأتى للمصيبة الأكبر ، الخدعة الكبيرة المسماة بالديمقراطية ، فالرأسمالية و الليبرالية العالمية هى الممول و المحرض الأول للانقلابات العسكرية و الديكتاتورية ضد الشعوب ، فالتاريخ ملئ بنماذج مرعبة هل ننسى الانقلاب الذى نظمته أمريكا ضد محمد مصدق عام 53 الذى مرت ذكراه منذ أيام قليلة ، أو ننسى عمليات الإبادة الجماعية التى وقعت فى الفترة ما بين 1963 و 1965 فى أندونيسيا و التى راح فيها حسب الأرقام الرسمية نصف مليون ، إلا أن الأرقام غير الرسمية من خلال منظمة العفو الدولية تذكر أن الرقم الحقيقى لا يقل عن 2 مليون بل يزيد بكثير ، و يقول فى هذا بروفيسور جاري جيه باس أستاذ السياسة و العلاقات الدولية بجامعة برينستون الأميركية، فى تحليل نشرته مجلة Foreign Affairs عن المذابح الإندونيسية أن أميركا تلوّثت يداها بدماء ضحايا هذه المذابح التى ارتُكبت باسم القضاء على الشيوعية فى إندونيسيا ، كما ناقش حالة الإنكار التى ما زالت تعيشها إندونيسيا حتى اليوم فيما يخص هذه المذابح و عدم الاعتراف بها ، وسط مجتمع دولى لم تضغط القوى العظمى فيه على الحكومات الإندونيسية المتعاقبة لمحاسبة المسؤولين (يتبع)


5 - الليبرالية و الرأسمالية القذرة (4)
عمرو إمام عمر ( 2023 / 8 / 25 - 21:39 )
أنت تتحدث عن التقدم الذى وصل إليه الغرب ، و لكنك فى المقابل تتجاهل تماما على دماء من وصل الغرب المتقدم الليبرالى إلى كل هذا اليوم ، هل نتحدث عن مذابح الهنود الحمر و 140 مليون إنسان تم إبادتهم ، أم عن استعباد 40 مليون أفريقى للعمل فى خدمة الرأسمالية فى أمريكا ، أم نتحدث عن استعمار أسيادك للشعوب و الدول فى أفريفيا و آسيا و سرقة ثرواتهم على مدار سنوات و حتى تلك اللحظة ، أم نتحدث عن تمويلهم للأنقلابات العسكرية فيها و قتلهم للزعماء مثل الزعيم الكنغولى باتريس لومامبا ، أم ننسى كوامى نكروما و كف مولت الرأسمالية الليبرالية انقلاب عسكرى ضده …

أنت و أمثالك تروجون لنموذج قاتل للشعوب إما عن غفلة أو إنكم حفنة من المستأجرين التافهين


6 - هل تقدم العلوم والتكنلوجيا لاعلاقة له يالنظام
منير كريم ( 2023 / 8 / 25 - 23:00 )
كيف تنفي علاقة تطور العلوم والتكنلوجيا بالنظام السياسي ؟
الم يقل ماركس ان الراسمالية طورت قوى الانتاج ثم اصبحت معيقة لتطورها ؟
والاشتراكية ستطور قوى الانتاج اكثر مما في ظل الراسمالية
يعني حسب مفاهيمكم العلوم والتكنلوجيا غير مستقلة
وانا اقول ان العلوم والتكنلوجيا تتطور افضل بما لايقاس في النظم الديمقراطية الليبرالية
ولا تتطور في ظل الاشتراكية الشيوعية
والشواهد كثيرة
قل ماتشاء عن الراسمالية والليبرالية لكنها هي من وضع الموبايل واللاتوب والواتس بين يديك
وليست الدول الشيوعية
شكرا


7 - ماركس و قوى الاتاج
عمرو إمام عمر ( 2023 / 8 / 25 - 23:33 )
واضح أنك لم تفهم ما يقصده ماركس ، فعندما يتحدث عن قوى الإنتاج ، فهى المنظومة العامة للإنتاج و ليست السلعة المنتجة حد ذاتها ، فالسلعة هى الناتج النهائى ، و مرة ثانية الرأسمالية ليست هى التى تبتكر السلع و لكن المجتمعات هى التى تبتكر منتجاتها حسب أحتياجاتها ، و لدى مقال منشور على صفحات الموقع بعنوان ثورة تكنولوجية تؤسس عالم ما بعد الرأسمالية ، اشرح فيه كيف تنتج المجتمعات احتياجاتها و ليست الرأسمالية


8 - من هم المغفلون اذن ؟
منير كريم ( 2023 / 8 / 25 - 23:53 )
حينما لاتقوى على الحوار العلمي تلجأ للاتهام حتى تهرب
اكثر من 100 مليون انسان ابيدوا في الدول الشيوعية
مجاعات وابادات جماعية وتطهيرات عرقية
انا ادين كل الجرائم السياسية لكنك لاتستطيع ان تفعل
فلا تقول نحن مغفلون لتشمل كل الناس
انت وامثالك فقط المغفلون

ا


9 - المغفلون
عمرو إمام عمر ( 2023 / 8 / 26 - 07:43 )
لا أعرف من اين تأتى بأرقامك الخزعبلية

:)

اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك