الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الحزب أولها استبداد وأخرها فشل -رواية جورج أورويل والحكم الشمولي-

ناهض الرفاتى

2023 / 8 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تقرأ الثورات قراءة تاريخية بعد انتهاءها وتحولها اما الى دول شمولية أو ديمقراطية وفيما يبدو ان الثورات تبدأ بإعلان القيم الاصيلة وتدفع تضحيات كبيرة من أبنائها لكن هذه التضحيات تكون وقودا للمنتفعين الذين يستغلوا هذه التضحيات لمصالحهم لكن الأكيد أن هناك طرقا تتم للسيطرة فيها على الوعي الجمعى للناس والشعوب الذى يمثل ديدن الحكم الشمولى وحكم الفرد أو الحزب , وتقرأ الثورات أيضا من دراسة سلوكيات الافراد التي تتحول الثورة الى حالة من الفساد الاخلاقى والدينى والمالى والادارى, ولقد حاكي الاديب جورجل أورويل في روايته الشيقة 1984 المعاني الذى تتوالد مع فساد الثورة والحكم الأبوى للحزب الذى يستعبدهم جميعا , وتعتبر هذه الرواية من أشهر الروايات في التاريخ وأكثرها تأثيرًا على المجتمعات, استخدم فيها الكاتب مصطلحات مثل “الأخ الأكبر” و"شرطة الفكر" و"التفكير المزدوج" لوصف حالات من الديكتاتورية والرقابة والبروباغندا في العالم الحقيقي, ولقد كانت هذه الرواية بحق ملهمة للعديد من الكتاب والفنانين والنشطاء الذين استندوا إليها لتوجيه انتقاداتهم للأنظمة السياسية التي يرونها ظالمة أو مضللة بالإضافة إلى ذلك تساعد في العمل على تنمية روح النقد والتحليل والمقاومة للأفكار المسبقة والمفروضة بل أكثر من ذلك فقد شكلت الرواية دافعًا للثورات والحركات الشعبية التي تطالب بالتغيير والديمقراطية.
لقد صور الكاتب الحياه داخل الرواية في حكومة شمولية أسماها "أوشينيا
حيث يتم التحكم في كل جوانب الوجود البشري بواسطة الحزب الذي يقوده الأخ الأكبر.
يعمل وينستون سميث في وزارة الحقيقة، حيث يقوم بإعادة كتابة التاريخ ليتوافق مع ما يريده الحزب. يشعر وينستون بالكراهية تجاه النظام ويرغب في التمرد، لكنه يخشى من شرطة الفكر التي تلاحق كل من يخالف التفكير المسموح به. يقع وينستون في حب جوليا، التي تشاركه نفس المشاعر، وينضمان إلى منظمة سرية تدعى الأخوة، التي تزعم أنها تقود ثورة ضد الحزب. لكن سرعان ما يتم اعتقالهما وتعذيبهما من قبل أوبراين، وهو عضو في الحزب الداخلي وعميل لشرطة الفكر. يجبر أوبراين وينستون على التخلي عن معتقداته وحبه لجوليا، ويجعله يقبل بالتفكير المزدوج، وهو مفهوم يعني قبول ما يقوله الحزب حتى لو كان متناقضًا أو غير منطقي. في النهاية، يصبح وينستون مطيعًا للحزب ومخلصًا للأخ الأكبر.
الهدف من رواية 1984 هو تحذير القراء من خطورة الأنظمة الشمولية والتلاعب بالحقائق واللغة ولقد تب أورويل الرواية بعد تجربته مع الفاشية في إسبانيا والستالينية في روسيا، وأراد أن ينتقد كلاهما. كما أراد أورويل أن يظهر كيف يمكن للسلطة أن تفسد الإنسان وتحوله إلى آلة خالية من المشاعر والإبداع. كذلك، أراد أورويل أن يبرز قيمة الحرية والديمقراطية والإنسانية في مواجهة الظلم والقمع أورويل كيف
اظهر أوريل في الفصل الثاني من الجزء الثالث كيف يتم افساد الوعي باستخدام السلطة حين كتب " يتم اصطحاب وينستون إلى غرفة 101، وهي غرفة التعذيب الأسوأ في وزارة الحب. هناك، يواجه أوبراين، الذي يخبره أن هدفه هو إخضاعه للحزب وتدمير شخصيته. يقول أوبراين:
“لا نحبك، وينستون. لا نريدك سعيدًا. لا نريد أن تترك خلفك أثرًا في التاريخ. لا نريد أن تكون بشرًا. نريد فقط أن تكون مملوكًا للحزب. نريد أن تصبح مثلنا. نحن لسنا بشرًا. نحن مجرد آلات تتحرك بالقوة والمخ والعضلات. نحن لسنا مخلوقات حية. نحن مجرد خلايا في جسم الأخ الأكبر” .
ثم يستخدم أوبراين جهازًا يسمى “المفتول”، وهو سلك كهربائي يسبب آلامًا شديدة لضحيته. يستخدم المفتول لإجبار وينستون على قبول ما يقوله الحزب، حتى لو كان غير صحيح أو مستحيل. يقول أوبراين:
“إذا قال الحزب إن 2+2=5، فإن 2+2=5. إذا قال الحزب إن الجاذبية لا توجد، فإن الجاذبية لا توجد. إذا قال الحزب إن الأخ الأكبر هو خالق الكون، فإن الأخ الأكبر هو خالق الكون” .
في هذه المشهد، نرى كيف يمكن للسلطة أن تفسد الإنسان وتجعله يفقد كل ما يميزه عن باقي المخلوقات: عقله وإرادته وشعوره بالذات. نرى كيف يصبح وينستون عبدًا للحزب وعدوًا للحقيقة والمنطق
:والتاريخ البشرى يؤيد ذلك تقريبا في كل الثورات ففي أوروبا، يمكن ذكر ثورة فرنسا عام 1789 كمثال على ثورة تحولت إلى ديكتاتورية. بدأت الثورة بمطالبة الشعب الفرنسي بالحرية والمساواة والأخوة، وإنهاء النظام الملكي والإقطاعي. لكن سرعان ما تحولت الثورة إلى فترة من العنف والإرهاب، حيث قامت الجماعات المتطرفة بقيادة روبسبيير بإعدام آلاف الأبرياء والمعارضين. كما استغل نابليون بونابرت الفراغ السياسي وقام بانقلاب عسكري وأعلن نفسه إمبراطورًا لفرنسا، وشن حروبًا على باقي أوروبا. وهكذا، خانت الثورة أهدافها الأصلية وأصبحت أداة للسلطة والطغيان.
• في شرق آسيا، يمكن ذكر ثورة شينهاي عام 1911 كمثال على ثورة تحولت إلى فوضى. بدأت الثورة بمطالبة الشعب الصيني بإسقاط الحكم الملكي لآلة قينغ، وإقامة جمهورية ديمقراطية في الصين. لكن سرعان ما تفككت الثورة بسبب صراعات بين الجمهوريين والملكيين، وبين المحافظين والإصلاحيين، وبين المركز والأقاليم. كما تدخلت القوى الأجنبية في شؤون الصين، وأجبرتها على التنازل عن سيادتها وأراضيها. وهكذا، فشلت الثورة في تحقيق استقلالها ووحدتها، وأصبحت مسرحًا للصراعات والانقسامات2








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد