الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعال معي نطور فن الكره رواية ج5

كاظم حسن سعيد

2023 / 8 / 27
الادب والفن


اول ظهور لخيام الاعتصام
سبق ذلك تخطيط متقن وتوزيع ذكي للادوار وتخصيص للاموال , فذهبت جماعة لاستدعاء فرق الاعراس الموسيقية , الابواق والدفوف اخرون اعدوا المهاويل , وتحركت خلايا النحل لناقري الدفوف وطارقي الصنوج وارباب الطبول ومدربي الحمير وللخطاطين وصناع المشانق وبائعي الخيام والخطباء والشعراء والصحافة والاعلام وهيأوا سيارات البيكب واستدعوا مشيدي المنصات اتصلوا باحزاب مؤثرة وظلية وجمعيات خيرية ومؤسسات متنوعة وشيوخ عشائر واخطروا رجال الشرطة لتوفر الحماية وتقاولوا مع معامل الثلج وبائعي قناني الماء والمثلجات واشتروا البسط والوسائد ...
وفي صباح السبت , التاسعة تماما , تدفقت الجموع يتقدمهم مسؤولون ورجال دين معممون , تسبقهم الطبول والصنوج والدفوف , يدبكون ويهزجون , الرجال السود بلكنتهم ورقصهم الشهير (هيوة وغيرها )وعلت اهزوجة تطلقها مجموعة تتحلق وتتقدم متفرقة ثم تلتحم(( ملينة ونريد الزبدة )), قطعوا مسافة كيلو ابتداء من مبنى المحافظة الاقدم المهمل مقابل جسر العشار ..حيث تجمعوا قبل شرارة البدء للتقدم باتجاه مبنى ديوان المحافظة .. وكلما اقتربوا زمجرت الاصوات تحت ظلال من دمى المشانق علقت فيها صور المتنفذين , وحين اقتربوا مسافة مائة متر من المبنى اختلطت الاصوات ودوت الاهازيج وتفنن المهاويل,
تشاهد المعقّلين يمسكون بعقالاتهم وهم يضربون الارض باقدامهم ويبتكرون الاهازيج , كانت الاعلام المتنوعة الالوان مهيبة تخفق معلنة عن الشرارة , لقد طفح الكيل (( لو تطلع لو تسحل كوة )) .. ( اليوم نحطم واويها )...ولم تمض لحظات حتى نصبت عشرات السرادق وسط الشارع امام المبنى ... كانت الحشود تتوالى والحناجر تتفجر . وتوزعت على جانبي الحشود عجلات توزع القناني المبردة والعصائر والسندويشات ونصبت منصة مرتفعة على الرصيف واعتلى المنشدون والشعراء والخطباء وصعد رجل ضخم على سيارة كبيرة مرتفعة ماسكا بمكبرة الصوت وقال (سالقي كلمتي باللغة الانكليزية ليصل الصوت لكل العالم ).. بات عدد كبير في الخيام , وفي صباح اليوم الثاني ..اتى احد بحمار اسود يمسكه بخيط وقد كتب عليه .
انتعش الاعلام المحلي والعالمي , عشرات الكاميرات واجهزة التصوير .. كانت بناية المحافظة ساكنة الا من حرس على سطحها يمسكون بنادق , لا احد يدري ماذا يجري داخلها ...احيانا يطل البعض من النوافذ يلقي نظرة ثم يغلقونها .. انها اول تظاهرة بهذا الحجم والاعداد والاصرار وكمية الحشود منذ سقوط النظام , تذكر ايمن النجدي قول رئيس التحرير فيما بعد (لقد نصحتهم ان لا نشترك فاعدادنا قليلة ).. كان محقا , فلولا وجود جمعيتي مبتوري الاذن والخرسان لكانت فضيحة , لان اكثر المحتشدين اتو من احزاب وجهات لا علاقة لها بالمؤسسه.
وقال مساعد الاستاذ كانون ( تقدموا ) فتقدم عشرون اخرس وخمسة عشر من ( مبتوري الآذان )الى باب المبنى في لحظة الذروة .. الساعة الحادية عشرة ظهرا .. بعد ساعة عادوا للخيام حيث صوت احدهم من مكبرة الصوت (ايها الاخوة حان وقت الصلاة ).
فرشوا السجادات ووضعوا الترب واشتغل جو ايماني ,.فيما تنحى البعض لحظتها من غير المصلين , انتشروا على الرصيف جوار الشط يحتمون بظلال الاشجار .
تمشى ايمن النجدي ماسكا بالقلم والكاميرا والدفتر وعبر الجسر وصل فلكة الزعيم عبد الكريم قاسم فرأى ابتهال هناك تستظل باغصان شجرة .
جلسا على العشب وقد وجد لهما قطعا من الورق المقوى , تناولت رشفة من قنينة الماء .. كان العرق يقطر منها , قال في سره : ( بعد ساعة ستتحرر من اية قطعة ملابس تتمدد على ظهرها مغطاة بشرشف ابيض وسينعشها الهواء المبرد . ).

شرعت بالحديث عن هيامها بشاهين , بالبهذلة التي تعيشها وسط عائلتها , بطرقها وحيلها للحصول على المبالغ لتسمن بطون عائلتها وتغلق افواههم .
ـ امس حين اتى اخي سكران تماما في منصف الليل.. ولم اعطه المبلغ شبعني لكما ونتف شعري وترك بصمات التشويه على وجهي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيوت توابيت (حواسم )
عانى كثيرا كابتا غيضه وهو يتلقى تغزلهم بها , بصوت منخفض او وقاحة وهو يتحمل العيون تنظرهما بريبة وتحدجها بشهوة , مئات الكلمات والنظرات المفترسة , نهر أسن صغير , ليس نهرا , انه مجرى نتن لنقل احشاء المنهولات , لسيل قذر من مئات الانابيب التي تتصل بالحمامات والمراحيض في بيوت متهالكة ,يظهر النهر في بعض مساحاته سجادة من الالوان الترابية الخافتة او الموزية المعفرة , وفي مساحات اخرى تتحرك فيه القمامة وبقايا الجيف والعلب البلاستيكية , تتحرك بكسل وخمول ,حركة ثقيلة ,عبرا جسرا خشبيا صغيرا , كانت بيوت التجاوز تمتد على الضفة الاخرى , ليست بيوتا , توابيت معملقة , صفيح صدىء على مستهلك المجمدات والمبردات المعطلة , كراتين من الورق المقوى , بقايا ابواب مستهلكة , جذوع , اغصان , هياكل حديد مبترة , مشبكات , بسط وسجادات من العهد العثماني ,بطانيات بلوك طابوق , اذرع ومراوح .. ليس بيوتا انها مجمع للمستهلكات استندت وتراكمت على بعضها : موتى الاشياء تؤآز موتى اخرين , وظهر له النهر رجلا مسنا مسجى على سجادة سائلة متحركة , هنا القذارة والنتانة مجسدة , لكن هؤلاء الفقراء سلبوا من حاسة الشم ولم تعد تعنيهم كل هذه القذارة , الاهم لا يدفعون ايجارا ولا يغرقهم المطر , الاهم هنا يتكاثرون , يملأون الازقة بصغار لصوص او اذكياء سيجتازون الجامعات او يتقدمون بدروس الحوزات العلمية .. هنا سينتجون من سيكونون وقودا لحروب لا نهاية لها او مجانين .
هنا ستنمو الاذرع السمر التي ستمسك بالمعاول والمجارف وادوات البناء ويظهر سياسيو الصدفة والاطباء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07


.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب




.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج


.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت




.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال