الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق الإقليم بين بغداد و أنقرة في تشريع قانون النفط و الغاز

محمد رياض حمزة

2023 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


تتواصل المفاوضات بين وفود الإقليم الفنية مع الحكومة الإتحادية على أمل التوصل إلى صياغة قانون إتحادي يعزز إنتاج ثروة النفط و الغاز و ينهي الخلافات مع الإقليم. ربما لم يعد للتفاهمات النفعية الشخصية المتبادلة بين قادة الإقليم والساسة في الحكومة الإتحادية ذات الثِقل القديم للتأثير على الحكومة الإتحادية و البرلمان لقبول واقع إستقلالية الإقليم في ملف النفط و الغاز. عدد غير قليل من المعوقات التي قد تجعل من صياغة و تشريع و إقرار القانون و من ثم تفيذه أمرا غير يسير . الحكومة الإتحادية فَقدت الثقة بالاقليم نتيجة لنهج قادته طوال العقدين الماضيين بالتسويف و المماطلة و إزدراء الحكومة الإتحادية و قضائها . نتج عن ذلك موقف رفض من الحكومة الإتحادية و البرلمان و القضاء لمطالب الإقليم. تساؤل ..... هل من الممكن التفاوض مع وفود الإقليم دون إستحضار نهج الإقليم الإنفصالي في موضوع النفط منذ 2003 ؟.
ـــــــ نهج الإقليم: بتشريع و إقرار دستور 2005 الإتحادي .. و لضعف مؤسسات الحكومة الإتحادية و أزماتها المتلاحقة أتاح ذلك الوضع لقادة الإقليم تفسير العديد من مواد الدستور تفسيرا أحاديا . و تحديدا للمادتين 111 و 112 الخاصة باستثمار الثروات الطبيعية ومنها النفط والغاز. وبإنتهاج سياسة مستقلة وكأن الإقليم دولة أخرى. إستولى قادة الإقليم أولا على القائم من حقول النفط في محافظات الإقليم وواصلوا التوسع في التعاقد مع الشركات الأجنبية لإستغلال حقول جديدة . ومن ثم إنشاء إنبوب خاص لتصدير النفط إلى تركيا .. وإبرام تعاقدات مع تركيا و مع الشركات .. وكل ذلك دون علم و لا حتى إطلاع الحكومة الإتحادية بأي تطور في ملف النفط والغاز ، ذلك بالرغم من تواصل قدوم وفود الإقليم إلى بغداد للتفاوض على ما يسميه قادة الإقليم ب " حقوق شعب كردستان"؟!
ـــــــــ عدد غير قليل من التعهدات قدمها قادة الاقليم الى الحكومة المركزية لحل الخلافات مع الحكومة الإتحادية .... وحنثوا وما نفذوا أياً منها . ملخصها ... أن الاقليم تعهد بتسليم 240 ألف برميل يوميا من النفط المنتج في الاقليم الى شركة ( سومو) . أو أن الاقليم سيسلم وزارة المالية الاتحادية قيمتها نقدا . تكررت تلك التعهدات طيلة 16 عاما ولم تُنفّذ ، فيما واصلت وزارة المالية تحويل مبلغ 200 مليار دينار ( 140 مليون دولار تقريبا ) شهريا، بحسب وسائل إعلام كردية. توالى صرف تلك المبالغ وما نفذ الاقليم أيَّ وعود أو تعهدات. ذلك فضلا عن تسلّم قادة الاقليم أموالا من موازنات الحكومة الاتحادية تجاوزت ( 100 مليار دولار) منذ عام 2003 . مضافا لها الموارد المالية عن صادرات النفط المستخرج من حقول النفط والموارد المالية من جباية الرسوم الكمركية من المنافذ الحدودية البرية والجوية والضرائب ... وغيرها ، ومع ذلك فإن الإقليم غير قادر على الايفاء بتمويل ( رواتب) ملاكات مؤسساته المدنية والعسكرية بسبب الفساد والتخبط الاداي.
ـــــــــ معوقات تشريع القانون : نهج الإقليم المستقل وتبعاته وقائع يمكن أن تجعل من تشريع قانون للنفط والغاز يقبل به الإقليم ويلتزم بتنفيذه أقرب إلى المستحيل. اللجنة المالية في البرلمان الإتحادي تؤكد أن قانون النفط والغاز الإتحادي المزمع تشريعه سيصاغ وفق قرار المحكمة الإتحادية العليا الصادر في 15 شباط / فبراير القاضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، الصادر عام 2007، و مع وجوب إلغائه لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلا عن إلزام الإقليم بتسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.وقال بيان المحكمة، المنشور على موقعها الإلكتروني، إن القرار شمل إلزام حكومة الإقليم بتسليم "كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم والمناطق الأخرى، التي كانت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان تستخرج النفط منها، وتسليمها إلى الحكومة الاتحادية والمتمثلة بوزارة النفط العراقية، وتمكينها من استخدام صلاحياتها الدستورية بخصوص استكشاف النفط واستخراجه وتصديره".
ــــــــ رفض قادة الإقليم القرار واعتبروه " قرارا عدوانيا " وواصل الإقليم يصدر النفط وبأقصى الطاقات بعد 15 شباط 2022 متجاهلا تحذيرات صدرت عن نوّاب في اللجنة المالية الإتحادية من موقف الإقليم بعدم إدراج أي تحويلات مالية للإقليم في موازنة 2023 .
ــــــــ وجاء التطور الآخر الذي أضعف موقف الإقليم في مفاوضاته مع الحكومة الإتحادية عندما قضت محكمة التحكيم الدولية ، في باريس ، بأن تركيا خرقت العقد المبرم مع العراق من خلال التجارة المباشرة للنفط مع حكومة إقليم كردستان العراق اعتبارًا من عام 2013، وطلبت من أنقرة دفع 1.4 مليار دولار للعراق تعويضا عن خسائره . وقيل " أن بغداد أوقفت تصددير النفط الخام ( 450 ألف برميل يوميا) المنتج في الإقليم و من كركوك ". تركيا من جانبها رفضت قرار محكمة التحكيم الدولية مدعية إنها تنقذ العقد المبرم عام 2013 مع " إقليم شمال العراق" حسب تسمية وكالة الإناضول التركية للإقليم . وأن العقد يتيح لتركيا تخزين النفط ونقله، والاستخدام الحصري له والتحميله وإن تلك العمليات ضمنية لتصدير نفط العراق عبر أنبوب كركوك ــ جهان وفق العقد .
ــــــ شروط تركية لإستئناف تصدير النفط : وفق "معلومات خاصة" فإنّ ثمة حزمة كاملة من الشروط التركية، تقول أنقرة إنّها لن تقبل باستئناف تصدير نفط الإقليم قبل تحقيقها. فهي تطالب السلطات العراقية بسحب الدعوى التي رفعتها ضدّ تركيا في محكمة التحكيم التجاري الدولية في العاصمة الفرنسية باريس، والتي غرّمت الجانب التركي 1.5 مليار دولا.كذلك تطالب تركيا بالحصول على خفض دائم للنفط الذي تستورده للاستخدام المحلي من نفط إقليم كردستان، إضافة إلى إلزام العراق بدفع 7 دولارات لكل برميل نفط يُصدّر عبر ميناء جيهان التركي، والتعهد بإصلاح الأنبوب النفطي، ودفع أجور الشركات التركية المُشغّلة للأنبوب، والتي تراكمت طوال الشهور الماضية، وإلى جانبها بعض الشروط السياسية، مثل التعاون بشأن الملف الأمني، والقبول بنفوذ عسكري وسياسي تركي في الداخل العراقي. وكانت الشركات النفطية الأجنبية المستثمرة في إقليم كردستان قد وجّهت دعوة إلى الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان لمراعاة حقوقها في "قانون النفط والغاز"، المزمع إنجازه خلال الشهور المقبلة، مذكّرة بخسائرها المالية جراء توقّف تصدير النفط من إقليم كردستان، وعدم التوافق بين حكومتي السلطة المركزية والإقليم. كذلك كانت هذه الشركات قد ضغطت وطالبت الولايات المتحدة بالتدخّل والوساطة بين الحكومة العراقية ونظيرتها التركية، بغية استئناف تصدير نفط الإقليم، وهو ما وعدت به الإدارة الأميركية أكثر من مرّة." المصدر : جريدة النهار العربي الإلكترونية في 22 آب / أغسطس 2023.
ـــــــــ في ضوء ما تقدم من الشروط التي وضعتها تركيا لإستئناف تصدير النفط فإنها ، كما يبدو ، إبتزاز وإملاءات مرفوضة جملة وتفصيلاً. وبحساب الجدوى فإن بقاء صادرات النفط عبر إنبوب كركوك ــ جهان التركي المتوقفة لأي مدى زمني أقل ضررا من القبول بشروط تركيا لإستئناف التصدير. فقط 75 ألف برميل من النفط الخام المنتج من حقول كركوك ينقله هذا الخط إلى ميناء جهان التركي . و ربما أكثر من 450 ألف برميل من النفط المنتج في الإقليم ينقله الخط . وبذلك فإن الضرر الأكبر واقع على الإقليم من توقف تصدير النفط . ذلك هو المأزق الذي أوقعه الإقليم بالحكومة الإتحادية في تفاوضها مع تركيا لإستئناف تصدير النفط. شروط تركيا مجحفة و مرفوضة و ما كان لتركيا فرضها إلّا بسبب نهج قادة الإقليم الذين أسرفوا و تمادوا في نهجهم المستقل بتوقيعهم عقدا مع تركيا عام 2013 دون علم الحكومة الإتحادية يتيح لتركيا الشروع بعمليات التخزين، والنقل، والاستخدام الحصري والتحميل للنفط المصدر.
ـــــــــ دراسات الجدوى الإقتصادية والفنية في التخطيظ الستراتيجي تمكّن العراق من تصدير النفط من حقول الشمال ، كركوك و محافظات الإقليم ، ليكون بديلا عن أنبوب كركوك ــ جهان الذي كان دائما سببا لتوتر العلاقات مع تركيا. .
البديل : أنبوب تصدير النفط العراقي - السوري الذي نفذته شركة "بريتيش بتروليوم" البريطانية عام 1952 . يبلغ طول الخط 800 كيلو متر ، ويربط بين حقول كركوك وميناء بانياس في سوريا وطرابلس في لبنان . وتبلغ طاقته التصميمية 700 الف برميل يوميا .بين عامي 1982 و2000 تم إغلاق خط الأنابيب من قبل صدام حسين، بسبب الدعم السوري لإيران خلال الحرب . عام 2003، تضرر خط الأنابيب بسبب الضربات الجوية الأمريكية، وبقي معطلا متهالكا.
ـــــــــ بعد عقدين من تفرّد الإقليم بنهجه المستقل عن الحكومة الإتحادية ... وصولا إلى واقع معقد في العلا قة المالية بينهما في العديد من الملفات وأحدها قانون النفط و الغار ، وفي ضوء تأزُّم المواقف بين بغداد وأنقرة ، ورفض تركيا قرار محكمة باريس الدولية ، فإن من غير المتصور أن يرى هذا القانون النور قريبا . و على فرض إقرار القانون وفق تصوّر الحكومة الإتحادية فالمتوقع أن يرفض قادة الاقليم تنفيذ القانون . القانون الذي يريده قادة الإقليم يتيح لهم بقاء الإقليم ينتج النفط ويصدره و يتعاقد على إستثمار الغاز الطبيعي ويصدره على أن تلتزم الحكمومة الإتحادية بتأمين رواتب منتسبي حكومة الاقليم المدنيين والعسكريين ذلك لقاء تعهدات سبق أن طرحت بتسليم جزء من النفط المنتج لشركة تصدير النفط الإتحادية ( سومو) أو ثمنها نقدا لوزارة المالية الاتحادية ..... مع التنسيق بين بغداد وأربيل . إن من غير المتوقع أن تقبل الحكومة الإتحادية وبرلمانها صياغة قانون للنفط والغاز يتضمن قبول ما دأب عليه الإقليم .... يأخذ ولا يعطي و يفسّر مواد الدستور برؤية أُحادية نفعية . المتوقع أن قانون النفط و الغاز الذي يتواصل العمل على إنجازه ، و في ضوء مستجدات التناقضات بين بغداد وأنقرة سيبقى يراوح بين الحكومة و البرلمان وإن صدر وأُقرّ لن يقبل بتنفيذه قادة الإقليم.
ـــــ وأخيرا ... تقول مصادر كردية أن الإقليم مازال ينتج ويصدر النفط ، وإن كان بكمية أقل من قبل توقف التصدير عبر انبوب كركوك ـ جهان ،، وذلك بمئات صهاريج الشاحنات المتجهة شمالا وشرقا من المنافذ الحدودية ، و إنها بالعشرات ، في الوقت الذي يطالب قادة الإقليم من بغداد بما يسمونه " الحقوق الدستورية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس